قصتنا

مواطنة لحقوق الإنسان

مجتمع يتمتع فيه كل إنسان بالحقوق والعدالة

نوثّق . نساند . نؤثّر

مفتتح

مع تسليمنا المطلق بحق المهتمين بمجال حقوق الإنسان في قراءة تجربتنا، بما لها وما عليها وفق منظورهم وما يتوفر لديهم من مدخلات وأدوات وقناعات، نقدّم في هذه النافذة أبرز ملامح تجربة مواطنة كما عايشنا خطواتها، ابتداءً من الميلاد ومرورًا بالنشأة والمسار.

التأسيس

مثّلَ إعلان قيام الجمهورية اليمنية في 22 مايو/ أيار 1990، بدستور تضمن مواده الديموقراطية والتعددية السياسية وحرية الصحافة وحرية تشكيل الجمعيات الأهلية، لحظةَ ميلاد محورية أسست لمجال حيوي لنشأة الأحزاب السياسية والصحف ومنظمات المجتمع المدني والاتحادات والنقابات. ورغم الجهود السلطوية الحثيثة للسيطرة على ذلك المجال الناشئ في محاولة للحد من نشاطه وتأثيره بغية سلق تجربة ديموقراطية شكلية، ظلت الكثير من البنى والأصوات تكافح لسنوات لتعزيز هامش الحريات وتذود عن مضامين الديموقراطية وحقوق الإنسان في ظل سلطة غير ديموقراطية.

على بعد 16 سنة من لحظة الميلاد المؤسسة لفكرة الديموقراطية والحريات والمجتمع المدني في اليمن، وأثناء فترة الانتخابات الرئاسية التنافسية عام 2006، وهي إحدى أهم محطات التجربة الديموقراطية اليمنية الناشئة، التقى مؤسسا مواطنة لحقوق الإنسان، عبدالرشيد الفقيه ورضية المتوكل، بما يحمله كل منهما من تجارب ومعارف مختلفة، لتنعقد إرادتهما لتأسيس منظمة حقوقية مدنية تعمل على تعزيز الحقوق والحريات العامة.

ولتحقيق ذلك، تقدما بطلب رسمي لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل حسب الإجراءات القانونية مطلع العام 2007، بعد استيفاء كافة المتطلبات القانونية اللازمة، لكن الوزارة رفضت منح الترخيص بسبب العمل الحقوقي السابق للمؤسسَين، على الانتهاكات التي طالت الحراك الجنوبي السلمي والانتهاكات على خلفية حروب صعدة، وانتهاكات حرية الصحافة؛ في إحدى محاولات إصدار التصريح قال مسؤول حكومي: “حتى لو أنشأتم فرقة رقص، فلن يتم منحكم ترخيصًا، هذه توجيهات عليا”.

رغم ذلك، واصل المؤسسان نشاطهما، من خلال المناصرة والضغط بشأن حالة حقوق الإنسان، حتى بدأت تجربتهما الجديدة مع منظمات دولية، مثل: هيومن رايتس ووتش، ومنظمة العفو الدولية، ومؤسسات المجتمع المفتوح، وتعرفا من خلال التجارب على آليات مختلفة في العمل الحقوقي؛ أهمها منهجية التوثيق في إطار القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.

مع احتكاك المؤسسَين بتجارب دولية رائدة تعمل بوسائل وآليات ومناهج جديدة ومختلفة، تعززت قناعتهما بحاجة اليمن إلى منظمة حقوقية يمنية تعمل بمعايير وآليات ومحددات جديدة، تتمتع بالاستقلالية والكفاءة والالتزام والإيمان تجاه القضايا الحقوقية، متحررة من الرواسب السلبية، المهنية والمؤسسية، التي أضعفت المجتمع المدني وقللت أثره، تعمل وفق إطار مؤسسي لائق بالضحايا والقضايا وبالعاملات والعاملين فيها، وتحتكم لسياسات وإجراءات وقواعد سلوك واضحة، مع التركيز على تحقيق الأثر على المدى القريب والمتوسط والبعيد، وتلتزم بالتخصص بحدود واضحة وصارمة، وتتجنب الخلط بين العمل السياسي وغيره من الأعمال والمجالات وبين العمل والمجال الحقوقي.

تعلّم المؤسسان، من خلال عملهما مع المنظمات الدولية المختلفة، آليات ومعايير توثيق انتهاكات حقوق الإنسان في إطار القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وأدركا أهمية المعلومة كأساس متين لأي تحرك حقوقي لصالح حماية الضحايا وتحقيق العدالة، ومن هنا أصبح التوثيق الميداني بمعايير مهنية، والعمل على بناء ذاكرة حقوقية هو الأساس الذي قامت عليه مواطنة، وعليه تستند جهودها في المناصرة والمساءلة والتوعية والتدريب، بالإضافة إلى الدعم القانوني.

في لحظة التأسيس برزت الكثير من الأسئلة، كانت أبرزها تدور حول ما الجديد والمختلف الذي يمكن أن تقدمه مواطنة على مستوى العمل الحقوقي. تطلب الوصول إلى صيغة نهائية للإجابة عن هذا السؤال عددًا من السنوات مرّت فيها اليمن بأحداث وتحولات عدة.

أبرز تلك الأحداث كان انطلاق حراك الربيع العربي في اليمن مطلع العام 2011، من أجل إسقاط نظام الرئيس صالح الذي حكم اليمن ما يربو على ثلاثة عقود. واجه المحتجون المنخرطون في التظاهرات انتهاكات واسعة في ظل استقطاب سياسي حاد، فكانت تلك المرحلة بمثابة اختبار وجودي لكفاءة وجدارة واستقلالية العمل الحقوقي والمدني اليمني القائم. وقد أكدت مرحلة الربيع العربي وما أعقبها من تحولات وأحداث، الحاجة المُلحّة لتجارب حقوقية ومدنية وإعلامية جديدة تتأسس على محددات مختلفة، تضمن عدم تلاشيها وسط التحولات والأحداث واحتفاظها بموقعها ومركزها ووظيفتها تحت أي ظرف.

شهادة التسجيل

أدّى حراك الربيع العربي في اليمن خلال العام 2011 إلى اتفاق طوى صفحة الرئيس علي عبدالله صالح الذي حكم اليمن 33 سنة، دُهست خلالها آمال أجيال من اليمنيين المتطلعين لحياة أفضل، ليتسلم نائبه عبده ربه منصور هادي السلطة في 21 فبراير/ شباط 2012، مخوّلًا بإدارة مرحلة انتقالية كان المأمول أن تقود اليمن إلى مرحلة جديدة من الاستقرار والتحديث، تكثفت خلالها نقاشات اليمنيين بشأن المستقبل الذي يرومونه. وسط ذلك التفاعل انتزعت مواطنة لحقوق الإنسان، شهادةَ التسجيل القانونية في 23 أبريل/ نيسان 2013، بعد ست سنوات من التعطيل غير القانوني. لتبدأ مواطنة مرحلة جديدة من مسارها المهني، من بناء فريقها وتعزيز قدرتها المؤسسية، وتوسيع نطاق عملها الموضوعي والجغرافي.

محطتا الكارثة

بالتزامن مع الكثير من الاعتلالات في قيادة وإدارة المرحلة الانتقالية، أجهز اقتحام جماعة الحوثيين المسلحة للعاصمة اليمنية صنعاء في 21 سبتمبر/ أيلول 2014، على فرص اليمن بالتحول الآمن والسلس، ودُفع اليمن بتلك المغامرة إلى فخ احتراب واسع تداخلت فيه التفاعلات المحلية بالإقليمية بالدولية.

ورغم ذلك الوضع الكارثي اللاحق لتلك المغامرة، صمّم فريق مواطنة على مواصلة العمل ومجابهة الانتهاكات تحت أي ظرف، رغم الكلف والمخاطر العالية، مع استمرار العمل والتعاون مع منظمات دولية، مثل منظمة العفو الدولية، ومؤسسات المجتمع المفتوح، وهيومن رايتس ووتش.

وبينما كان فريق مواطنة يعمل بجهود حثيثة للاستجابة للانتهاكات الواسعة التي أعقبت كارثة اقتحام صنعاء تلقت اليمن ضربة أخرى في 26 مارس/ آذار 2015، مع إعلان عملية عسكرية في اليمن لتحالف من تسع دول تقودها السعودية والإمارات، ليأتي مع أول لحظاتها طوفان إضافي وواسع من الانتهاكات، مضيفة معها مسؤوليات كبيرة أخرى على عاتق فريق مواطنة الصغير ذي الإمكانيات المحدودة.

وتحت ضغط تفاعلات محطتي قيامة حقوق الإنسان في اليمن؛ 21 سبتمبر/ أيلول 2014، و26 مارس/ آذار 2015، كثّف فريق مواطنة من جهوده الدؤوبة لتوثيق انتهاكات كافة الأطراف ورفع أصوات ضحاياها، في ظل حالة استقطاب حادة، ومخاطر وتهديدات وحملات تحريض هائلة.

وفيما مضت الحرب بإمكانياتها المادية والحربية والبشرية الهائلة ووسائلها الدعائية بالغة الضخامة، تلتهم مناطق أوسع، وضحايا أكثر، وتضيف أنماط انتهاكات جديدة، واصلت مواطنة كفاحها، متسلحة بوعيها بحجم المأساة الهائلة، وحجم المهمة الكبيرة الملقاة على عاتقها إزاء ضحايا هذه المأساة في كل اليمن ومن كل أطراف النزاع. ومن هنا بدأ فصل جديد من قصة مواطنة.

البناء المؤسسي

بالإضافة إلى كل تحديات الحرب وانتهاكاتها المتنوعة، خاضت مواطنة تحدي البناء المؤسسي لتكون قادرة على تحقيق رؤيتها وأهدافها وخطتها الاستراتيجية بحزمة متوازية ومتزامنة ومتسقة من العمليات والأنشطة، من خلال تصميم آليات عمل كفؤة ومؤثرة تتفاعل مع مختلف الآليات المحلية والإقليمية والدولية، رغم تعقيدات الوضع. لم يكن ممكنًا أن تحقق مواطنة أهدافها في المساهمة في كشف انتهاكات حقوق الإنسان والحد منها، والضغط باتجاه إنصاف الضحايا ومساءلة مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان، دون خوض تحدي البناء المؤسسي.

فبقدر حرصها على إنجاز عمل حقوقي دقيق يحتكم لأفضل وأحدث الآليات والمعايير، عملت مواطنة بالتوازي على تطوير نظام مالي وإداري كفؤ وفعال، يقوم على أحدث الأدلة والسياسات والإجراءات وفق محددات الحوكمة والإدارة الرشيدة، ومنع تضارب المصالح ومكافحة الفساد والشفافية والمساءلة.

المساواة بين الجنسين

ومن أهم عوامل قوة مواطنة، تمثيل النساء بنسبة 52 ‎%‎ من قوام فريقها في مختلف الوحدات والإدارات، وعلى جميع المستويات الوظيفية، في المكتب الرئيسي والميدان، تجسيدًا لإيمان راسخ لدى المنظمة بأهمية وكفاءة النساء وحقهن في المساواة، وتنص لائحة المنظمة، من أجل ضمان ذلك، على ألا تقل نسبة تمثيل النساء عن 50‎%‎ من فريق المنظمة.

الوحدات والإدارات

تنفذ مواطنة عملياتها من خلال عشر وحدات وإدارات متخصصة تشكل هيكل المنظمة، وهي:

  • وحدة الأبحاث والدراسات
  • وحدة الدعم القانونيّ
  • وحدة المساءلة والإنصاف
  • وحدة الإعلام والاتصال
  • وحدة التدريب والتأهيل
  • إدارة المشاريع والبرامج
  • إدارة التقييم والمتابعة والتعلم
  • الإدارة الماليّة
  • إدارة الموارد البشريّة والتشغيليّة
  • إدارة البيانات والمعلومات

العمليات والمهام

تسعى مواطنة لتحقيق رؤيتها ورسالتها وأهدافها وخطتها الإستراتيجيّة لخدمة قضايا حقوق الإنسان من خلال حزمة من العمليات التكاملية.

  • الأبحاث والدراسات

“المعلومة الدقيقة قوّة”، هذا ما آمنت به مواطنة، وبناء عليه سارت في طريق التوثيق والبحث الميداني؛ حيث تُجري باحثات وباحثو مواطنة في مختلف مناطق اليمن أبحاثًا ميدانية استقصائية معمقة، في جميع المحافظات اليمنية، من أجل كشف انتهاكات حقوق الإنسان، ورفع أصوات الضحايا، وبناء ذاكرة حقوقية يمنية؛ كأساس للمساءلة والإنصاف.

تخضع نتائج الأبحاث والتحقيقات الميدانية الاستقصائية للمراجعة والتدقيق من قبل مختصين وخبراء، وبناء على تلك الأبحاث والتحقيقات أنتجت مواطنة العديد من التقارير والدراسات والبيانات والمدونات والرسائل والأفلام الحقوقية.

لدقة معلوماتها وبياناتها، مثّلت مواطنة مصدرًا رئيسيًّا فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان لمنصات دولية عديدة، من بينها عدد من آليات الأمم المتحدة، مثل آلية الرصد والإبلاغ عن الانتهاكات الستة الجسيمة ضد الأطفال في النزاعات المسلحة (MRM)، وفريق الخبراء البارزين المشكل من قبل مجلس حقوق الإنسان، ووسائل الإعلام الدولية المختلفة.

  • الدعم القانوني

يمثل ملف الاحتجاز التعسفي، الاختفاء القسري، والتعذيب، أحد أقسى وأثقل الملفات الحقوقية في اليمن، كانتهاكات تورطت في ممارستها جميع أطراف النزاع؛ وسعيًا للإسهام في الحدّ من هذه الانتهاكات ومحاولة إحداث تأثير مباشر لصالح الضحايا، أسّست مواطنة وحدة الدعم القانونيّ.

حيث تقدم مواطنة الدعم القانوني لضحايا الاختفاء القسري والاحتجاز التعسفي والتعذيب، من خلال محاميات ومحامين، يعملون جنبًا إلى جنب مع الضحايا وأسرهم، يوميًّا، في 19 محافظة يمنية من أصل 22 محافظة.

وعلى مدار سنوات، ساهمت محاميات ومحامو مواطنة في الإفراج عن المئات من المحتجزين والمحتجزات في مختلف المناطق، وإنهاء حالة الاختفاء القسري لآخرين. كما أوصلت مواطنة، بجهود ودأب محامياتها ومحاميها، منتهكين وجناة منتمين لأطراف منتهِكة، إلى المحاكم والسجون في تعز وصنعاء وحجة، بعد مواجهة جهود نافذة لإفلاتهم من العقاب.

  • المساءلة والإنصاف

من خلال تجربتها وعملها في الميدان أثناء فترات النزاع المسلح، خلصت مواطنة، إلى أن غياب المساءلة الجنائية الدولية، وثقة أطراف النزاع في الحصانة، كان أحد الأسباب الرئيسية في هذا الكم الهائل من الانتهاكات وجرائم الحرب التي تعرض لها المدنيون والأعيان المدنية. وكانت فجوة المساءلة هي ما أوصل اليمن لتكون أسوأ أزمة إنسانية في العالم. وتؤمن مواطنة بأن المساءلة لا تحمي المدنيين فقط، ولكنها تساهم في خلق سلام مستدام. وبناء على ذلك بدأت رحلتها الشاقّة في طريق المساءلة والإنصاف.

تعمل وحدة المساءلة والإنصاف بجهود حثيثة وبشكل إستراتيجي، لفتح مسار مساءلة جنائية دولية شاملة لجميع المنتهكين، يضمن وصول جميع الضحايا إليه بشكل عادل، مع العمل على خلق فرص مساءلة وإنصاف في الوقت الراهن وفق المتاحات القانونية و القضائية في مختلف البلدان و الآليات الدولية.

وكنماذج لجهود مواطنة في هذ المسار، قدّمت مواطنة مع المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان والشبكة الإيطالية للسلام ونزع الأسلحة، شكوى جنائية أمام المدعي العام الإيطالي في روما، وقدّمت مع المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان ومنظمات دولية أخرى ملفًا لدى مكتب المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية، كما قدّمت تدخلًا قانونيًّا مدعمًا بالأدلة ضمن القضية الإدارية المرفوعة من قبل CAAT بشأن صفقات الأسلحة البريطانية للتحالف بقيادة السعودية، وذلك بالتعاون مع الشبكة الدولية للإجراءات القانونية. وتستمر مواطنة في العمل على ملفات أخرى مرتبطة بالمساءلة.

  • المناصرة والضغط

بالتزامن مع العمل الميداني لوحدة الأبحاث والدراسات ووحدة الدعم القانوني، كانت إدارة المنظمة وفريق وحدة المناصرة وفريق وحدة المساءلة والإنصاف، يعملون بشكل حثيث على إيصال صوت الضحايا، وكشف وضع حقوق الإنسان في اليمن، وحقيقة الانتهاكات والأطراف المنتهكة للمجتمع الدولي، من خلال مختلف الآليات والمنصات الدولية.

قدّمت مواطنة إحاطات أمام مجلس الأمن للتابع للأمم المتحدة، ومجلس حقوق الإنسان، والبرلمان الأوروبي، والكونجرس الأمريكي، والبرلمان البريطاني، واجتمعت بمختلف الممثليات والبعثات الدبلوماسية والمسؤولين الحكوميين وصناع القرار والمشرّعين في مختلف العواصم حول العالم، كما كان لها دور بارز في الدفع باتجاه تشكيل آليات تحقيق دولية مستقلة لاسيما تشكيل فريق الخبراء البارزين بشأن اليمن في سبتمبر/ أيلول 2017، وكل ذلك بمساندة مخلصة من شركاء مواطنة من المنظمات والمؤسسات الحقوقية والمدنية والإنسانية الدولية والإقليمية.

وبالإضافة إلى مشاركتها في عشرات الفعاليات والمؤتمرات رفيعة المستوى في مختلف أنحاء العالم، تفاعلت مواطنة مع طلاب وأساتذة جامعات وأكاديميات مرموقة من مختلف أنحاء العالم، سواء بالفعاليات والأنشطة، أو بالعمل المشترك، أو بالاستجابة لطلبات وأسئلة واستشارات الباحثات والباحثين فيها.

ساهمت جهود مواطنة مع منصات مدنيّة مختلفة حول العالم، حقوقيّة وإنسانيّة وإعلاميّة، في ضبط صياغة سردية الحرب من خلال إبراز معاناة المدنيين، وكشف تورط جميع الأطراف في هذه المعاناة، وإنهاء حالة التجاهل المتعمدة، والدفع باتجاه تشكيل آلية تحقيق دولية عبر مجلس حقوق الإنسان، بالإضافة إلى رفع المطالب الإنسانية العاجلة التي يمكن من خلالها تخفيف معاناة المدنيين، والدفع باتجاه السلام والمساءلة.

  • الإعلام والاتصال

من خلال موقع المنظمة، وصفحاتها وحساباتها على منصات وسائل التواصل الاجتماعيّ، باللُّغتين العربية والإنجليزية، عملت وحدة الإعلام والاتصال على رفع أصوات الضحايا للجمهور والفاعلين داخل اليمن وخارجها، حيث عملت على تصميم ونشر التقارير والدراسات والبيانات والرسائل والمدونات والأفلام وحملات المناصرة الإلكترونية، لكشف الانتهاكات ورفع الوعي بقضايا حقوق الإنسان.

فمع ما راكمته مواطنة من سمعة وثقة حول منهجيتها ودقة معلوماتها، تفاعلت كبريات الصحف والقنوات والإذاعات ووسائل الإعلام في جميع أنحاء العالم مع عمل مواطنة بطرق متنوعة، منها: الأخبار حول تقارير المنظمة، تصريحات صحفية، مقابلات، الاستدلال بمعلومات مواطنة في تقاريرها وتغطياتها حول اليمن، نشر مقالات فريق مواطنة.

ومن أبرز المنصات الإعلامية التي تفاعلت مع مواطنة: واشنطن بوست، الغارديان، نيويورك تايمز، بي بي سي، سي إن إن، فرانس 24، سكاي نيوز، إندبندنت، فورين بوليسي، أمريكا اليوم، المونيتور، درج، رصيف 22، خيوط، الجزيرة، يمن فيوتشر.

  • نقاشات مجتمعية

بالإضافة إلى الدفع باتجاه حماية المدنيين ومساءلة المنتهكين، فإن تراكم جهود وأنشطة مواطنة تساهم في عملية إنعاش مبكر لمنظومة سيادة القانون، التي قوّضتها الحرب.

لا تكتفي مواطنة في أنشطتها ومساعيها بتوثيق الانتهاكات أو تقديم الدعم القانوني في الميدان والمناصرة والضغط في مختلف المحافل الدولية، بل فتحت نقاشات معمقة داخل اليمن حول حقوق الإنسان وسيادة القانون والعدالة، عبر سلسلة من اللقاءات المجتمعية التي عقدتها مواطنة مع فئات متنوعة ذات صلة بقضايا حقوق الإنسان.

أدارت مواطنة حلقات نقاشية في صنعاء وعدن وتعز وإب وحضرموت وشبوة ومأرب وذمار والضالع، وهي محافظات تحت سيطرة مختلف الأطراف. حضر تلك الفعاليات عاملون وعاملات في الأمن والنيابة والقضاء، وطلاب وطالبات جامعات، وأكاديميون وأكاديميات، ومعلمون ومعلمات، وناشطون وناشطات في المجتمع المدني، وتمت مشاركة الأفكار والمقترحات والاعتراضات والأسئلة والخبرة، بجدية وحيوية ومسؤولية.

  • التقييم والمتابعة والتعلم

مع إدراك مواطنة لعناصر قوتها، فإنها تضع عملها وجهودها تحت التقييم الدائم، لإدراك نقاط الضعف والعمل على تجاوزها، وتبني لذلك آليات رقابة وتقييم ومتابعة مصاحبة، يوميّة، وأسبوعيّة، وشهريّة، ونصف سنويّة؛ ولذلك أنشأت إدارة التقييم والمتابعة والتعلم، وتطور من خلالها آليات متابعة وتقييم فعالة ومؤثرة.

  • بناء القدرات

لسنوات، بذلت مواطنة جهودًا حثيثة لإعداد وبناء فريق مهني يعمل بمعايير دولية عالية في مجال حقوق الإنسان، وتحاول بذلك الإسهام في تأسيس أجيال حقوقية قادرة على العمل الحقوقي المهني المؤثر باقتدار وكفاءة.

صممت مواطنة مساقات عملها لتكون ورشة مفتوحة للتعلم وبناء القدرات لعشرات الشابّات والشباب، الذين تتطور مهاراتهم وقدراتهم ومعارفهم بشكل متواصل، ويشكلون بالضرورة رافدًا نوعيًّا للعمل الحقوقي والمدني في المستقبل، في إطار مواطنة وخارجها.

  • نطاق العمل جغرافياً وموضوعياً

جغرافيًّا، تعمل مواطنة لحقوق الإنسان في جميع المناطق اليمنية، وتحرص باستمرار على تعزيز وصول ميدانيّ أوسع داخل كل منطقة.

موضوعيًّا تعمل مواطنة على عدد من أنماط الانتهاكات؛ أبرزها: الهجمات على مدنيين أو أعيان مدنية في هجمات جوية أو برية، الألغام، الاختفاء القسري، الاحتجاز التعسفي، الحريات الصحفية، التعذيب، الهجوم على المدارس واستخدامها، الهجوم على المستشفيات واستخدامها، تجنيد الأطفال واستخدامهم في النزاع المسلح، العنف الجنسي، منع وصول المساعدات الإنسانية، هجمات الطائرات بدون طيار والعمليات العسكرية البرية الأمريكية، حرية المعتقد، حرية التنقل، التجويع، الأسلحة، المساءلة والإنصاف، المحاكمة العادلة، حقوق النساء، المهاجرين، النازحين، الآثار والممتلكات الثقافية.

وثّقت مواطنة انتهاكات كافة الأطراف في اليمن، وهي: التحالف بقيادة السعودية والإمارات، جماعة أنصار الله (الحوثيين) المدعومة إيرانياً، الحكومة اليمنيّة المعترف بها دوليًّا والجماعات الموالية لها، المجلس الانتقاليّ الجنوبيّ المدعوم إماراتيًّا، القوات المشتركة في الساحل الغربي المدعومة إماراتيًّا، الولايات المتحدة الأمريكية، تنظيم القاعدة في جزيرة العرب. كما وثّقت بقايا الأسلحة التي استُخدمت في هجماتٍ انتهكت القانون الدولي الإنساني، ومن ضمنها أسلحة أمريكية وبريطانية وإيطالية.

  • مؤشرات إحصائية

بين عامي 2014 و2021 أصدرت مواطنة لحقوق الإنسان 23 تقريراً حقوقياً، بينها 4 تقارير سنوية، و3 تقارير ظل، كما أصدرت 4 دراسات حقوقية، و114 بيان صحفي، و44 مدونة، و25 مقالة، و23 رسالة، 20 فيلم وثائقي وتوعوي، و4 كتيبات حقوقية. وثقت “مواطنة” من خلال تلك الإصدارات 22 نمطاً من أنماط انتهاكات حقوق الإنسان تورطت بارتكابها 7 أطراف رئيسية في 22 محافظة يمنية. كما نفذت مواطنة 637 زيارة ميدانية استقصائية، وجمعت 11113 شهادة وإفادة، ووثقت 7362 واقعة انتهاك طالت 13433 ضحية بينهم 3784 طفلاً و1016 امرأة.

وخلال هذه الفترة، أقامت “مواطنة” ما يزيد عن 23 فعالية عامة، وقدمت ما يزيد عن 12 إحاطة أمام برلمانات ومحافل دولية، وقامت بما يزيد عن 32 جولة مناصرة لعدة عواصم حول العالم، ونظمت ما يزيد عن 14 حملة إلكترونية، وأقامت نحو 53 لقاء مجتمعي، ونحو 35 دورة تدريبية لقرابة 624 متدربة ومتدرب، كما نظمت مواطنة ما يقارب 3,460 جلسة توعية.

بالإضافة لذلك، أعدت وقدمت “مواطنة” 3 ملفات مساءلة أمام جهات قضائية دولية، وقدمت المساندة القانونية لما لا يقل عن 2324 ضحية اختفاء قسري واحتجاز تعسفي ساهمت خلالها في الإفراج عن 852 ضحية.

  • حملات التحريض والتشهير

منذ بداية عملها، لم تتوقف حملات التحريض والتشهير عقب كل بيان أو تقرير أو دراسة أو موقف، تناوبت فيها مختلف الأطراف في شن حملات منظّمة ونشر معلومات كاذبة ضد مواطنة ومؤسسيها وأعمالها.

استُخدمت في تلك الحملات القنوات التلفزيونيّة، والمواقع الإلكترونية، وشبكات التواصل الاجتماعي، وبثّت فيها تلفيقات واتهامات، ركّزت في الأغلب منها على رئيسة المنظمة وإدارتها، في مساعٍ متواصلة لتشويه السمعة وإلصاق مواطنة بأحد أطراف النزاع؛ وبالتالي تحريض مجال العمل وتقليص مساحة التحرك، لتصميت المنظمة، ومعاقبتها على كشفها للانتهاكات.

عمدت مواطنة في مواجهة كل تلك الحملات إلى مزيد من الجهد والإنجاز، بالإضافة إلى نشر بعض التوضيحات للرأي العام، إن لزم الأمر.

  • الانتهاكات والمخاطر

مع التزام مواطنة الصارم بالاستقلاليّة والمهنيّة والشفافيّة، وما رتبه ذلك الالتزام من سمعة دولية ومحلية واسعة، تخلّقت حماية نسبية مكّنت فريق المنظمة من العمل في جميع المناطق وفي ظل مختلف الظروف.

ورغم ذلك تعرض فريق مواطنة لحقوق الإنسان لانتهاكات ومضايقات وتهديدات مباشرة، خلال السنوات الماضية من العمل في الميدان، فحتى أواخر العام 2020 وثّقت المنظمة 16 واقعة احتجاز لمُدَد متفاوتة؛ على سبيل المثال ظل أحد باحثي المنظمة طيلة 45 يومًا رهن الاختفاء القسري، وتعرض باحث آخر للاختفاء القسري 18 يومًا، وظلت إحدى الباحثات رهن الاختفاء القسري لخمسة أيام، لدى جماعة الحوثيين.

بين العامين 2015 و2020، تعرضت رئيسة المنظمة للاحتجاز مرتين، مرة في صنعاء من قبل جماعة أنصار الله (الحوثيين) ، ومرة أخرى من قبل التحالف بقيادة السعودية والإمارات في مطار سيئون، كما تعرض المدير التنفيذي للمنظمة للاحتجاز خمس مرات؛ ثلاثًا منها في صنعاء على يد جماعة أنصار الله (الحوثيين)، صادرت في إحداها جواز سفره، ومرة في مأرب على يد القوات الحكومية المحسوبة على حزب الإصلاح، ومرة في مطار سيئون من قبل التحالف بقيادة السعودية والإمارات.

مع تطوير تدريبات السلامة والأمان الدورية لفريقها لمواجهة مختلف المخاطر، تعمل مواطنة على تعزيز قدراتها المؤسسية ذات الصلة بالتعامل مع المخاطر الجسديّة والنفسيّة المصاحبة لعمل فريقها.

  • التمويل والموازنة

يتم تمويل أنشطة مواطنة لحقوق الإنسان من خلال التبرعات والهبات غير المشروطة من قبل الأفراد في مختلف أنحاء العالم، بالإضافة إلى مشاريع مؤسسات وجهات داعمة لحقوق الإنسان، تثبت كافة موارد مواطنة المالية في سجلاتها وحساباتها وتكون خاضعة للتدقيق. ترفض مواطنة أيَّ تبرعات أو مشاريع مع أي جهات متهمة بالتورط في انتهاكات حقوق الإنسان أو شكل من أشكال العنف والتحريض على الكراهية.

تسعى مواطنة باستمرار لتعزيز مواردها المالية؛ لتعزيز استدامة جهودها في توثيق وكشف انتهاكات حقوق الإنسان والدعم القانوني والمساءلة والإنصاف.

  • الحوكمة والمساءلة

تستند العمليات الحقوقية النوعية لمواطنة على بُنية مؤسسية تتمثل بوحدات وإدارات مالية وإدارية تعمل بكفاءة وفاعلية وشفافية، حيث تتكفل هذه الإدارات والوحدات بكافة العمليات المالية والإدارية واللوجستية لإدارة كافة الموارد بنزاهة وفاعلية وشفافية وَفْق أفضل المعايير والممارسات، في إطار سياسات وإجراءات ولوائح محكومة بمحددات الحوكمة والإدارة الرشيدة والشفافية ومكافحة الفساد ومنع تضارب المصالح والمساءلة، وتلتزم مواطنة بإخضاع كافة عملياتها المالية والإدارية لجهات تدقيق خارجية دولية معتبرة، على مستوى كل مشروع، وعلى مستوى كلِّ عامٍّ ماليّ، وهي تقارير متاحة لكافة الشركاء، وتطمح مواطنة لإتاحة كافة تقاريرها عبر موقعها الإلكتروني في المستقبل.

العضوية

خلال فترة وجيزة، حازت مواطنة على عضوية شبكات وتحالفات وكيانات حقوقية بارزة؛ هي:

  • الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان.
  • الشبكة العالمية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
  • كونترول آرمز.
  • منتدى الحقوقيين العرب.
  • الشبكة الدولية بشأن الأسلحة المتفجرة.
  • التحالف الدولي للمسؤولية في الحماية.

المانحون

بقدر ما كان النهج الجديد الذي اختارته مواطنة يتطلب تصوّرًا ناضجًا وكفاءات، وبناءً مؤسسيًّا وجهدًا دؤوبًا، فإنه كان يتطلب أيضًا شركاء وداعمين يمتلكون الرؤية والإيمان والالتزام بمنظومة حقوق الإنسان وآليات العمل عليها، وعلى محدودية وندرة هؤلاء الشركاء، حالف الحظ مواطنة ونهجها المختلف بفَهم ودعم وشراكة عدد منهم، وتبذل مواطنة جهودًا حثيثة لتعزيز تلك الشراكات وإدامتها بالشفافية والنزاهة والعمل المؤسسي والحقوقي المؤثِّر والمثمر بأفضل المعايير. تلتزم مواطنة بمدونة السلوك التي تحظر على المنظمة تلقي أيّ دعم من أيّ جهة متورطة في انتهاكات حقوق الإنسان.

خاتمة

مهما بلغ ما حقّقناه ونحقّقه في مواطنة لحقوق الإنسان بجهود كامل فريقنا ودعم جميع حلفائنا وشركائنا مؤسساتٍ وأفرادًا داخل اليمن وفي مختلف أنحاء العالم، فإننا نعي وندرك أنه جزء يسير مما يستحقه الضحايا اليمنيّون واليمنيات، ومما يتوجب علينا الإسهام في تحقيقه وفق رؤيتنا ورسالتنا وأهدافنا وخطتنا الاستراتيجية، وعلى ضوء ذلك سنواصل كفاحنا دون كلل، في ظل دعم ومساندة جميع المؤمنات والمؤمنين بحقوق الإنسان.