عن حالة جبر الضرر للمدنيين في اليمن
هذا التقرير، “عُدنا إلى الصفر”: عن حالة جبر الضرر للمدنيين في اليمن، دراسةٌ تم بحثها وكتابتها من قبل مواطنة لحقوق الإنسان وعيادة ألارد ك. لوونستين الدولية لحقوق الإنسان في كلية الحقوق بجامعة ييل. وهي أول دراسة مفصَّلة للالتزامات القانونية الدولية للدول الأعضاء في التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات العربية المتحدة، والحكومة اليمنية المعترف بها دوليًّا، وجماعة أنصار الله (الحوثيين) المسلحة؛ لتقديم جبر ضرر عن الأخطاء الدولية التي يتحملون مسؤوليتها في اليمن. لسنوات، سعى المدنيون في اليمن إلى الإبلاغ عن الأثر المدمِّر الذي خلّفته انتهاكات الأطراف المتحاربة عليهم وعلى أسرهم ومجتمعاتهم. ومن خلال هذا التقرير، تسعى مواطنة وعيادة لوونستين إلى تسليط الضوء على حق ضحايا الأخطاء الدولية من الأفراد المدنيين في اليمن في الحصول على جبر ضرر.
هذا التقرير هو نتاج سنوات عديدة من البحث، وتستند نتائجه وتوصياته إلى المعلومات التي جمعتها مواطنة كجزء من جهودها الواسعة لتوثيق انتهاكات القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان أثناء النزاع الدائر. أجرت “مواطنة” مقابلات مع آلاف المدنيين الذين تضرَّروا من التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات، والحكومة اليمنية المعترف بها دوليًّا، وجماعة أنصار الله (الحوثيين) المسلحة، والمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات، والقوات المشتركة المدعومة من الإمارات، والولايات المتحدة، وغيرهم في اليمن.
في القانون الدولي، ينبع الحق في الجبر من الالتزام القانوني للمنتهِك بإعادة الوضع السليم للضحية قدر المستطاع إلى ما كان عليه قبل الانتهاك. وفي هذا التقرير، سعت مواطنة بفاعلية للحصول على معلومات حول أي خطوات اتخذتها الأطراف المتحاربة الرئيسية في اليمن، فيما يتعلق بجبر الضرر. قامت منظمة مواطنة بمراجعة البيانات العامة والتقارير والوثائق الصادرة عن التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات، والحكومة اليمنية المعترف بها دوليًّا، وجماعة أنصار الله (الحوثيين) المسلحة، وحلَّل كاتبو التقرير البياناتِ العامةَ والتقاريرَ والوثائقَ الصادرة عن الهيئات المتعلقة بسبل الإنصاف التي أنشأتها الأطرافُ المتحاربة. بين مايو/ أيار 2020 ويناير/ كانون الثاني 2022، أجرت “مواطنة” 81 مقابلة – تركز على جبر الضرر – مع ضحايا مدنيين وأفراد أسرهم ومحامي حقوق الإنسان في اليمن. ركَّزت مواطنة في هذه المقابلات على أولئك الذين قدّمت لهم وعودًا بنوع من المساعدة أو الجبر من قبل الأطراف المتحاربة أو أولئك الذين طالبوا بالحصول على شكلٍ من أشكال المساعدة أو جبرِ الضرر من الأطراف المتحاربة.
وكجزءٍ من بحثها، أرسلت مواطنة رسائل إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والحكومة اليمنية المعترف بها دوليًّا وقوات التحالف وجماعة أنصار الله المسلحة (الحوثيين) والمجلس الانتقالي الجنوبي، تطلب فيها معلومات عن أي خطوات قاموا باتخاذها لجبر ضرر الضحايا المدنيين، لانتهاكاتهم للقانون الدولي في اليمن. ولم تتلقَّ مواطنة أيَّ ردٍّ من أي منهم.
وأجرت عيادة لوونستين بحوثًا قانونية دولية، ركَّزت فيها على حق الأفراد المتضررين نتيجة لأخطاء وقعت لهم في زمن الحرب في الحصول على جبر ضرر، وعلى التزامات الدول والجماعات المسلحة من غير الدول بتقديم جبر الضرر، وعلى المسائل المتعلقة بإسناد الأخطاء الدولية. كما صاغت عيادة لوونستين التقرير، وساعدت في صياغة الرسائل الموجَّهة إلى الأطراف المتحاربة، وحلّلت استجابة الأطراف المتحاربة للأضرار المدنية في اليمن، بناء على التحقيقات التي أجرتها منظمة مواطنة.
يتناول تقريرُ “عُدنا إلى الصفر” أهمَّ الآليات المخصصة التي أنشأَها التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات العربية المتحدة، والحكومة اليمنية المعترف بها دوليًّا، وجماعة أنصار الله (الحوثيين) المسلحة، للتحقيق في الأضرار المدنية التي تُسبِّبها قواتهم في اليمن، منذُ بَدْء النزاع، والاستجابة لها. ولم تحدِّد مواطنة الآليات المتعلقة بالإنصاف التي أنشأتها الأطرافُ المتحاربة الأخرى، على سبيل المثال: المجلس الانتقالي الجنوبي. كما يقارن التقرير استجابات الأطراف المتحاربة الحاليّة على الأضرار التي لحقت بالمدنيين في اليمن بالمعايير الدولية لجبر الضرر للضحايا المدنيين. ويخلص التقرير إلى أنّ هذه الاستجابات غير كافية إلى حدٍّ كبير، سواء فيما يتعلق بحجم أو فداحة الأضرار التي لحقت بالمدنيين، والالتزامات القانونية الدولية التي تقع على عاتق الأطراف المتحاربة.
مدفوعات التعزية المقدَّمة من التحالف
بذلت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًّا والسعودية والإمارات العربية المتحدة ودول التحالف الأخرى جهودًا محدودة للتحقيق في تقارير الأذى الذي لحق بالمدنيين على أيدي قوّاتها في اليمن والاستجابة لها. وعلى وجه الخصوص، أنشأت هذه الدول هيئات مستقلة، ولكن مرتبطة بها، قامت بتنفيذِ دورٍ ما في عملية معينة أدّت في نهاية المطاف إلى دفع مبالغ تعزية لعدد صغير من الضحايا المدنيين من الهجمات الجوية.
منذ عام 2016، قدّم مسؤولون في الحكومة اليمنية والتحالف بشكل متكرر، وعودًا بتقديم مساعدة للضحايا المدنيين من الهجمات الجوية. وأوصى الفريق المشترك لتقييم الحوادث (JIAT)، وهو هيئة التحقيق التابعة للتحالف، في أول مجموعة من النتائج التي توصل إليها التحالف بتقديم “تعويضات” للمدنيين المتضررين من هجمة جوية تسببت في وقوع أضرار مدنية جماعية. وأشار بيان فريق تقييم الحوادث المشترك إلى “لجنة جبر الأضرار”، والتي يجب على أسر الضحايا تقديم مطالباتها إليها، لكنه لم يقدِّم أي معلومات إضافية حول كيفية تواصل أسر الضحايا في اليمن مع هذه اللجنة أو عن كيفية تواصل هذه اللجنة بأسر الضحايا. وبحلول عام 2017، قال مسؤولو التحالف – علنًا – إنّ التحالف سيستجيب لتوصيات فريق تقييم الحوادث المشترك، بما في ذلك المتعلقة بـ”التعويضات”، وأبلغ فريقُ تقييم الحوادث المشترك اللجنةَ الوطنية لحقوق الإنسان التابعة للحكومة اليمنية بأن “قيادة التحالف مستعدة لتقديم تعويضات مناسبة لأسر الضحايا”. ولكن بحلول عام 2018، قال ضحايا الهجمات الجوية ذات الصلة، إنهم لم يتلقوا أيَّ شيء، ولا حتى مكالمة هاتفية. وعلى الرغم من وعود فريق تقييم الحوادث المشترك – حتى لو أرادوا ذلك – لم يكن لدى الضحايا المدنيين لهذه الهجمات الجوية أي فكرة عن مكان تقديم الشكاوى.
وبعدها، في أغسطس/ آب 2018، مباشرة قبل أن يبدأ مجلسُ حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة مناقشاتِه السنوية حول الوضع في اليمن، أعلن التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات والحكومة اليمنية المعترف بها دوليًّا أنهما شكّلا لجنة مشتركة لتوزيع “المساعدات الطوعية”، مثل المبالغ المالية، على ضحايا الهجمات الجوية للتحالف في اليمن. ووعد الإعلان بأن “اللجنة المشتركة لمنح المساعدات الإنسانية الطوعية للمتضررين في اليمن” (اللجنة المشتركة)، ستقوم بصرف “مساعدات” للمتضررين من العمليات العسكرية للتحالف. وجاءت الدفعة الأولى من مبالغ المساعدات هذه، والتي تمكّنت مواطنة من التأكد منها، بعد عام تقريبًا من الإعلان.
في يونيو/ حزيران 2019، أعلن المتحدث باسم التحالف، في بيانٍ أطول بكثير من سابقه، أنّ اللجنة المشتركة اختارت ستَّ هجمات جوية مختلفة، قدَّم التحالف المساعدات بشأنها. وبحلول يونيو/ حزيران 2019، كانت منظمة مواطنة وجماعات حقوقية أخرى وخبراء الأمم المتحدة، قد أبلغوا عن مئات الهجمات الجوية التي شنَّها التحالف، والتي بدا الكثير منها غير قانوني، وتسبَّبت في وقوع أضرار جسيمة بالمدنيين. فمن الصادم جدًّا تقديم مساعدات لضحايا ست هجمات جوية فقط، وهو جزء صغير جدًّا من عدد الهجمات الجوية المبلغ عنها.
في هذا التقرير، أجرت منظمة مواطنة مقابلات مع عشرات المدنيين الذين فقدوا ذويهم أو جُرِحوا أو تضررت أو دُمِّرَت ممتلكاتهم في 20 هجمة جوية مختلفة، أوصى فريقُ تقييم الحوادث المشترك التحالفَ بتقديم نوع من المساعدة للضحايا من المدنيين بشأنها، بما في ذلك أربع من الهجمات الجوية قال التحالف والحكومة المعترف بها دوليًّا، إنه تم تقديم مدفوعات تعزية لأسر ضحاياها. وبحلول عام 2021، كانت المبالغ قد دُفعت أخيرًا لبعض الضحايا المدنيين الذين تضرَّروا في الهجمات الجوية الست التي اختارتها اللجنة المشتركة.
ومنذ البداية، كانت عملية الدفع – التي أعقبت تحقيقاتٍ لم تكن مستقلة أو محايدة أو ذات مصداقية – غير شفافة وغير فعالة وبعيدة كل البعد عن الشمولية. فقد تلقَّى بعض المدنيين أموالًا قبل إعلان يونيو/ حزيران 2019، وتلقّى آخرون مبالغ مالية بعدَ ذلك بكثير، والبعض تلقَّوا مبالغ أقل مما كان من المفترض أن يتلقوه، ولم يتلقَّ آخرون – بمن فيهم المدنيون الذين فقدوا ذويهم أو جُرحوا أو تضررت ممتلكاتهم في الهجمات الست – أيَّ مبالغ مالية على الإطلاق. وقيل لآخرين، بعد أن علموا أنّ المدنيين الذين تضرروا في نفس الهجمات تلقوا مساعدات مالية، إنهم غير مؤهلين، على الرغم من ورودهم في قوائم المساعدات المالية. وكانت هناك مخالفات أخرى في هذه العملية، مثل الأسماء المكررة، بما في ذلك إدراج الأشخاص مرتين لنفس النوع من الضرر.
وفي جميع الحالات، كان تقديم المبالغ المالية بدون اعتذار أو إقرار بالخطأ. وبدلًا من ذلك، طلب التحالف والحكومة اليمنية المعترف بها دوليًّا من بعض الذين تلقوا المبالغ المالية التوقيعَ على إيصال يصف هذه المبالغ بأنها “مساعدة طوعية” مقدَّمة لأولئك المتضررين من “أخطاء” التحالف. ويبدو أنه في معظم الحالات هناك رجال يتحكمون بعملية الدفع، وفي حالات قليلة، بدا أنّ المدنيين الذين يتمتعون بشكل من أشكال النفوذ أكثر، هم الأكثر احتمالًا في تلقي المبالغ المالية.
في حين أنّ مدفوعات التعزية لا تعتبر وحدها جبرًا للضرر، إلا أنّها يمكن أن توفر شكلًا من أشكال المساعدة المادية الفورية للأسر والأفراد المحتاجين بعد الهجمات. ذكر العديد من المدنيين الذين تحدثَتْ معهم “مواطنة” التكاليفَ المادية والاجتماعية والنفسية والاقتصادية، المباشرة وغير المباشرة، التي تحملوها نتيجة للهجمات الجوية للتحالف. وبالرغم من وصفهم بأنّ المال لن يعوضهم أبدًا عن أحبائهم الذين فقدوهم في الهجمات، إلا أنّهم شدّدوا على حاجتهم المستمرة للعلاج الطبي، وفقدانهم لمساكنهم، وبحثهم عن مساعدات تعوضهم ما فقدوه، على سبيل المثال: رواتب المعيلين لأسرهم، والتي كانت أسرهم تعتمد عليها. وفي الوقت نفسه، حتى المدنيون الذين تلقّوا مساعدة مالية كانوا يميزون بين مدفوعات التعزية التي تدفع لمرة واحدة وبين سبل جبر الضرر والعدالة.
لم تقدِّم الهيئات التي أنشأتها دولُ التحالف والحكومة اليمنية المعترف بها دوليًّا، أيَّ شكلٍ من أشكال المساعدة – المالية أو غير المالية – للغالبية العظمى من الضحايا المدنيين لهجماتها في اليمن. ولم يتلقَّ سوى جزءٍ ضئيل من الضحايا المدنيين للهجمات الجوية مدفوعات تعزية، وتم تجاهل الضحايا المدنيين لأنواع أخرى من السلوك غير القانوني التي ارتكبها التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات، والحكومة اليمنية المعترف بها دوليًّا، والقوات التابعة لهما – على سبيل المثال: الانتهاكات المتعلقة بالاعتقال – إلى حدٍّ كبير.
يجب على لجان أنصار الله الاستماع لطلبات التماس الإنصاف
أنشأت جماعة أنصار الله المسلحة (الحوثيين) أيضًا هيئات متعلقة بسبل الإنصاف. وعلى وجه الخصوص، أنشأت الجماعة هيئة رفع المظالم ولجنة الإنصاف، وكلاهما مكلف – علنًا – بالاستماع إلى الشكاوَى المقدَّمة ضد أعضاء من جماعة أنصار الله ومطالبات التماس المساعدة والإنصاف. وقامت منظمة مواطنة بإجراء مقابلات مع 16 شخصًا من المدنيين والمحامِين الحقوقيّين الذين تفاعلوا مع هذه الهيئات المتعلقة بالإنصاف التابعة لجماعة أنصار الله. وكان جميعهم قد سعوا في التماس المساعدة أو الإنصاف في القضايا المتعلقة بالاحتجاز التعسفي وحالات الاختفاء.
وفي معظم الحالات، لم يتلقَّ أولئك الذين تقدموا بطلبات إلى الهيئات التابعة لأنصار الله، أيَّ شكل من أشكال المساعدة التي يمكن التحقق منها. قال أحد المحامين: “على الرغم من أنّ اللجنة تُسمى لجنة الإنصاف، إلا أننا لم نجد إنصافًا منها إلا لأولئك الذين لديهم سلطة شخصية عليها. فالإنصاف لا يُمنح إلا للأشخاص ذوي السلطة”. وقال محامٍ آخر: “كلُّ ما تلقيناه [من لجنة الإنصاف] كان وعودًا لم تتحقق قطّ، فالأمر لم يختلف عن اللجان السابقة”.
تتألف كلٌّ من لجنة الإنصاف وهيئة رفع المظالم من أعضاء ينتمون إلى جماعة أنصار الله، بمن فيهم أولئك الذين يحتمل أن يكونوا متورطين في الشكاوى التي ستعرض على الهيئتين. وهذا يخلق مخاوف موثوقة من الأعمال الانتقامية. ووجدت مواطنة أنّ الهيئات المتعلقة بالإنصاف التابعة لجماعة أنصار الله عرّضت في بعض الأحيان ملتمسين للخطر، بما في ذلك الانتهاكات المتعلقة بما استند إليه الالتماس الأصلي؛ على سبيل المثال: تعريض شخص تم احتجازه بشكل مسيء لمزيد من المعاملة القاسية أثناء الاحتجاز. كما أنّ جماعة أنصار الله قامت بأعمال انتقامية ضد الأشخاص الذين قبلوا تلقي مدفوعات تعزية من التحالف.
لا تعمل أيٌّ من الهيئات المتعلقة بالإنصاف التابعة لجماعة أنصار الله بشفافية، حيث لا يوجد أساس واضح لكيفية قيام لجنة الإنصاف أو هيئة رفع المظالم بتحديد الحالات التي يجب النظر فيها، وما إذا كانت ستتخذ إجراءات بشأنها أم لا، وما إذا كانت ستقدم توصيات إلى كيانات أخرى تابعة لجماعة أنصار الله ومتى. كما أنّ عمل هاتين الهيئتين يختلف من محافظة إلى أخرى. ففي بعض المحافظات، قال محامون إنّ الهيئتين كانتا تقبلان القضايا التي لا علاقة لها بانتهاكات أنصار الله، بما في ذلك الحالات التي أتاحت إمكانية التربُّح للوسطاء. ولا يوجد أساس شفاف لتحديد من قد يكون مؤهَّلًا للحصول على المساعدة من هاتين الهيئتين، ولا تحديد ما هي أنواع المساعدة أو الإنصاف التي يمكن أن تُقدِّمَه هاتان الهيئتان.
فشلت الهيئات المتعلقة بالإنصاف التابعة لجماعة أنصار الله ، في إجراء تحقيقات حقيقية، بحسب إفادة الأشخاص الذين قدّموا التماساتهم إلى الهيئتين، فهي – عمومًا – هيئات غير فعّالة، وعاجزة أمام الجهات الفاعلة الأخرى التابعة لجماعة أنصار الله، مثل قوات الأمن والاستخبارات. وبينما يبدو أنّ هاتين الهيئتين تدخَّلَتا في عدد ضئيل من حالات الانتهاكات المتعلقة بالاحتجاز، فإنّ الغالبية العظمى من الضحايا المدنيين لسلوك أنصار الله في اليمن، بمن فيهم – على سبيل المثال – أولئك الذين تشوّهوا جرّاء انفجارات الألغام الأرضية أو الذين فقدوا ذويهم في هجمات القصف العشوائي، قد تم تجاهلهم إلى حد كبير. وقد أجرت مواطنة 11 مقابلة متخصصة بجبر الضرر خلال العام 2021، مع متضررين من انفجار ألغام زرَعتْها جماعة أنصار الله أو هجمات برية شنّتها جماعة أنصار الله، قال جميعهم إنهم لم يتلقّوا أيَّ إنصاف ولم يسبق لهم التواصل مع أي هيئات متعلقة بالإنصاف ولم يكونوا على دراية بأي سبل أو إجراءات يمكنهم من خلالها تقديم الشكاوى. وزعمت جماعة أنصار الله أنّ التحالف ملزَمٌ بتقديم جبرٍ للأضرار في اليمن، لكنها لم تعترف بعدُ بمسؤولياتها الخاصة في جبر الضرر الواسع الذي ألحقته بالمدنيين.
بعد أيام قليلة من قيام أنصار الله بإشعال حريق مميت في مركز احتجاز مكتظ بالمهاجرين الأفارقة أسفر عن مقتل وإصابة عشرات الأشخاص، وَعَدت جماعة أنصار الله بإجراء تحقيق في الواقعة وتعويض المتضررين. وبدلًا من ذلك، قام أنصار الله بالاعتداء على المهاجرين الذين كانوا في وقفة احتجاجية على الحريق في صنعاء. قال “عفة” (اسم مستعار)، الذي أصيب في الحريق: “إنهم، جميعًا، لا يعاملوننا كبشر. وهذا هو السبب في أننا لا نتوقع أيَّ جبر ضرر منهم”.