الملخص التنفيذي
أحدثت التحولات السياسية الكبيرة في اليمن منذ عام 2011 تغييرات جذرية في القوى الفاعلة في المشهد اليمني، أدت إلى تراجع العمل السياسي لصالح العمل العسكري. ففي 21 سبتمبر/أيلول 2014، سيطرت جماعة أنصار الله (الحوثيين) على العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات في شمال البلاد بالقوة. وقد ترتب على ذلك تدخل قوى إقليمية ودولية، حيث شُنت عملية عسكرية واسعة بقيادة السعودية والإمارات في 26 مارس/آذار 2015، شملت كافة أرجاء البلاد. أدت هذه العمليات، إلى جانب تبعات النزاع المختلفة، إلى نزوح 4.5 مليون شخص وحدوث أسوأ كارثة إنسانية في بلد يُصنَّف كأحد أفقر شعوب منطقة الشرق الأوسط.
بعد أكثر من عقد من النزاعات والتدخلات المسلحة، لا تزال الأزمة الإنسانية قائمة. ورغم الهدوء النسبي الذي شهدته البلاد منذ أبريل/نيسان 2022، تزامنًا مع انخفاض العمليات العسكرية الكبرى عقب توقيع الهدنة بين أطراف النزاع، إلا أن الاحتياجات الإنسانية تظل كبيرة ومستمرة. ووفقًا لتقديرات وكالات الأمم المتحدة، فإن أكثر من نصف السكان (18.2 مليون شخص) بحاجة إلى المساعدات الإنسانية. ويبرز النازحون كأكثر الفئات ضعفًا واحتياجًا، حيث فقدوا مساكنهم وممتلكاتهم، إلى جانب فقدانهم للأمن الشخصي والاستقرار الأسري، وحرمانهم من الحق المدني في حياة كريمة. بالإضافة إلى ذلك، تعرض العديد منهم لانتهاكات ومخاطر جسيمة قبل النزوح أو خلاله أو بعده.
هدفت الدراسة الحالية التي أعدتها منظمة "مواطنة لحقوق الإنسان" بالتعاون مع خبيرة محلية، والتي تغطي الفترة من سبتمبر/أيلول 2014 إلى أكتوبر/تشرين الأول 2024، إلى التعرف على أوضاع النازحين في مخيمات النزوح، ورصد المخاطر والانتهاكات التي يتعرض لها النازحون سواء في المناطق التي نزحوا منها، أو التي نزحوا إليها، أو تلك التي تعرضوا لها أثناء رحلة النزوح.
كما تسلط الدراسة الضوء على الاعتداءات التي يمارسها المجتمع المضيف بحق النازحين، وتحاول الوقوف على أسباب النزوح، والتعرف على أوضاع مخيمات النزوح، مع رصد الآثار المترتبة على النزوح، بما يشمل علاقة النازحين بالمجتمع المضيف. إضافة إلى ذلك، تهدف الدراسة إلى التعرف على آليات الاستجابة الإنسانية لمساعدة النازحين والتحديات التي تواجهها.
ولتحقيق أهداف الدراسة، تم جمع البيانات الميدانية على مرحلتين:
."المرحلة الأولى: تم جمع البيانات الكمية من خلال "استمارة مقابلة الأسر النازحة"، وهي استمارة شبه مقننة أُعدت لتقصي أوضاع الأسر النازحة، بالإضافة إلى "استمارة الملاحظة
."المرحلة الثانية: تم جمع البيانات النوعية بواسطة "استمارة المقابلات الفردية المعمقة" و"دليل الجلسات البؤرية
وقد صُممت جميع الأدوات المشار إليها بحيث تستجيب لأهداف الدراسة المتعلقة بأسباب النزوح، الانتهاكات والمخاطر، أوضاع المخيمات، آثار النزوح على النازحين والمجتمع المضيف، وآليات الاستجابة المقدمة للنازحين خلال الفترة الممتدة من عام 2014 إلى 2024.
ووفقًا لما توصلت إليه الدراسة خلال مرحلتي جمع البيانات، يمكن تلخيص أسباب النزوح على النحو التالي:
1- القصف العشوائي البري والجوي: شنّت الأطراف المتنازعة عمليات قصف عشوائية على امتداد البلاد، مع تكرار الاشتباكات بالقرب من المناطق والأحياء السكنية وحولها، وأحيانًا داخلها. وقد أسفر ذلك عن حالة متزايدة من انعدام الأمن لدى الأفراد والجماعات، مما دفع المدنيين إلى النزوح بحثًا عن الأمان، تاركين مساكنهم وممتلكاتهم. بعض الأسر نزحت أكثر من ثلاث مرات هربًا من القصف الجوي والبري، والعمليات العسكرية الأخرى، وانتشار عمليات التحشيد والتجنيد القسري.
2- التمييز العنصري: تزامن النزاع المسلح مع تصاعد التمييز العنصري وخطاب الكراهية، مما أدى إلى استهداف الأفراد والجماعات بناءً على انتماءاتهم السياسية أو الدينية أو العرقية أو الجغرافية. كما تعرض بعضهم للتهديد بالتصفية أو الاحتجاز، مما اضطرهم للنزوح إلى مناطق أكثر أمانًا.
3- انتشار الألغام والأجسام المتفجرة: تلوثت العديد من المناطق بالألغام والعبوات الناسفة، بما في ذلك داخل أو حول القرى، المزارع، الطرقات، ومصادر المياه، مما أدى إلى سقوط ضحايا بين قتلى وجرحى. وقد دفع ذلك السكان إلى النزوح بحثًا عن مناطق آمنة.
4- انعدام الخدمات والاحتياجات الأساسية: شملت تبعات النزاع انعدام أو شح الخدمات الأساسية، وتفاقم البطالة، وصعوبة الوصول إلى أماكن العمل في الرعي والزراعة، مما أدى إلى تدهور الأوضاع المعيشية ودفع العديد إلى النزوح.
تشير نتائج المقابلات المعمقة مع أرباب الأسر النازحة والجلسات البؤرية إلى أن النازحين تعرضوا لانتهاكات متعددة من قبل الأطراف المتنازعة، وهم: جماعة أنصار الله (الحوثيين)، المجلس الانتقالي الجنوبي، قوات الحكومة المعترف بها دوليًا، والقوات المشتركة. ومن بين تلك الانتهاكات:
1- التهجير القسري: أجبرت جماعة أنصار الله (الحوثيين) المدنيين على مغادرة مساكنهم ومزارعهم بدعوى الحفاظ على سلامتهم، مستخدمة أساليب تهديد لا إنسانية.
2- استهداف المدنيين والأعيان المدنية: تجاهلت الأطراف المتنازعة مبدأ التمييز بين المدنيين والأعيان المدنية والأهداف العسكرية، خاصة في الهجمات الجوية التي شنها التحالف بقيادة السعودية والإمارات، والهجمات البرية للحكومة المعترف بها دولياً، وجماعة أنصار الله (الحوثيين). وأثناء الاشتباكات المسلحة بمختلف أنواعها.
3- تقييد حرية التنقل والحركة: بحسب نتائج الدراسة مارست جماعة أنصار الله (الحوثيين) والمجلس الانتقالي الجنوبي، قيودًا مشددة على تنقل النازحين، شملت إيقافهم، تفتيشهم، وتفتيش ومصادرة هواتفهم، ومنع حركتهم خارج المخيمات أو في أوقات محددة.
4- نهب الممتلكات: تعرضت ممتلكات النازحين في مناطقهم الأصلية للسرقة والنهب والاستيلاء من قبل الأطراف المتنازعة عقب نزوحهم.
5- سوء المعاملة وخطاب الكراهية والتعسف اللفظي: واجه النازحون الفارون من مناطق سيطرة جماعة أنصار الله (الحوثيين) التهكم والتنمر وخطاب الكراهية، والألفاظ ذات الدلالة المناطقية، خاصة في المناطق الخاضعة لسيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي، والحكومة المعترف بها دوليًا.
6- الاحتجازات التعسفية، ومداهمة مواقع النزوح وتفتيشها: تعرض النازحون، خاصة في مدينة عدن، لعمليات احتجاز تعسفية ومداهمات متكررة لمواقع نزوحهم دون مبررات قانونية، وبشكل تعسفي.
7- سوء وضعف أداء السلطات الأمنية في بعض المناطق: في بعض المناطق، مثل تلك الخاضعة لسلطة المجلس الانتقالي الجنوبي والحكومة المعترف بها دوليًا، سُجلت انتهاكات تمارسها هذه الأجهزة، شملت التحرش الجنسي أثناء التعامل مع قضايا النازحين.
إلى جانب الانتهاكات التي تُرتكب ضد النازحين من قِبَل أطراف النزاع، هناك العديد من الاعتداءات التي يمارسها أفراد من المجتمع المضيف ضد النازحين، ومنها:
1- المضايقات والاعتداءات الجسدية: تتعدد أشكال الاعتداءات التي يمارسها أفراد من المجتمع المضيف ضد النازحين، وتشمل النظرة الدونية، المضايقات والتهكمات اللفظية، العراك والاعتداء الجسدي أحيانًا، التهديد بالسلاح، التعرض للمخاطر الأمنية وحوادث السرقة، التحرش الجنسي في بعض الحالات، وسوء المعاملة في المؤسسات الرسمية أو عند محاولة النازحين الاستفادة من الخدمات الأساسية.
2- شيوع خطاب الكراهية والتمييز ضد النازحين: يتعرض النازحون في بعض المناطق لسوء المعاملة والتمييز المناطقي من قِبَل أفراد من المجتمع المضيف، وأحيانًا في المؤسسات الرسمية مثل المستشفيات والمدارس وغيرها.
3- تهديدات ملاك الأراضي للمخيمات: في معظم مخيمات النازحين، يتكرر تعرض النازحين لتهديدات من قِبَل ملاك الأراضي، مما يزعجهم ويقلقهم نفسيًا وماديًا. وعلى الرغم من فرض دفع إيجارات شهرية لبعض أصحاب الأراضي في بعض الحالات، إلا أن بعض ملاك أراضي المخيمات ما زالوا يهددون بإخلاء المخيمات أو مداهمتها، مع علم السلطات المحلية بذلك.
فيما يتعلق بأوضاع مخيمات النازحين، أظهرت النتائج أن أكثر من نصف المخيمات مجمعة، ومعظمها قريب من الخدمات العامة. كما تتوفر المياه بنسبة كبيرة، حيث أشارت النتائج إلى توفر مياه الاستخدام لأكثر من نصف المخيمات. ومع ذلك، تواجه المخيمات مشكلات عديدة؛ إذ أُنشئت بنيتها لفترة مؤقتة باستخدام طرابيل متهالكة لا توفر الحماية من حر الصيف أو برد الشتاء. كما أن غالبية المخيمات تعاني من سوء النظافة وخدمات الصرف الصحي.
ومن جهة أخرى، لا تراعي بعض المخيمات خصوصية النازحين، كما هو الحال في مخيمات النزوح في عدن. وتعد المخاوف المرتبطة بالتغيرات المناخية من أبرز التحديات التي يواجهها النازحون، ومنها السيول، الأمطار الغزيرة، موجات البرد والصقيع، وغيرها من الأضرار التي تفاقمت في السنوات الأخيرة.
وحول آثار النزوح أشارت الدراسة إلى أن معظم النازحين يشعرون بالإحباط نتيجة التغيرات الكبيرة والسلبية التي أحدثها النزوح في حياتهم. وقد تمثلت أبرز أشكال المعاناة الناتجة عن النزوح فيما يلي:
1- تقلب العلاقة مع المجتمع المضيف: في بداية النزوح، واجه العديد من النازحين مشاكل مع المجتمع المضيف. ومع ذلك، بدأت هذه الإشكاليات في التراجع مع طول فترة النزوح واندماج النازحين في المجتمع المضيف. يُستثنى من ذلك بعض المناطق القبلية مثل الجوف وأبين، حيث لم يواجه النازحون مشكلات تُذكر.
2- التوتر بسبب مشاركة الموارد: يُعزى التوتر بين النازحين والمجتمع المضيف إلى مشاركة النازحين لموارد المجتمع المحدودة، واستهدافهم بالمساعدات الإنسانية، واستخدامهم للخدمات الأساسية مثل المياه والوقود. ومع ذلك، لم تُسجل مشكلات من هذا النوع في بعض المناطق مثل حيس والخوخة بمحافظة الحديدة، حيث اندمج النازحون بسهولة مع المجتمع المضيف.
3- انعدام وشُح مصادر الدخل: يعاني معظم النازحين من انعدام أو قلة مصادر الدخل، خاصة مع تراجع المساعدات الإنسانية المقدمة لهم في السنوات الأخيرة.
4- التسول وعمالة الأطفال: تنتشر ظاهرتا التسول وعمالة الأطفال بشكل واسع بين النازحين، حيث تعتمد العديد من الأسر على عمل أطفالها، مما يحرمهم من التعليم ويؤدي أحيانًا إلى تجنيد الأطفال من قبل أطراف النزاع لتأمين دخل للأسر.
5- التشتت الأسري: أظهرت الدراسة وجود حالات تشتت أسرية بسبب النزوح إلى مناطق بعيدة، أو بسبب الانقسامات في الرؤى والانتماءات الدينية، السياسية، أو الطائفية.
وبخصوص آليات الاستجابة المقدمة للنازحين، فمع بدء النزوح، تلقى معظم النازحين مساعدات غذائية ومستلزمات مأوى ومساعدات نقدية، وأبدوا رضاهم عن مستوى الاستجابة في ذلك الوقت. ومع ذلك، شهدت السنوات الأخيرة انخفاضًا كبيرًا في المساعدات المقدمة، حيث لم يتلقَ العديد منهم أي مساعدات لفترة تتراوح بين 6 إلى 7 أشهر. كما تهالكت الخيام والطرابيل دون تعويضها، ولم تُقدم خدمات دعم نفسي تُذكر.
وأشارت الدراسة إلى وجود جوانب قصور واضحة في المساعدات الإنسانية، حيث تتسم بالعشوائية وتركز على الاستجابة الآنية للاحتياجات الطارئة بدلًا من التمكين الاقتصادي وبناء القدرات، مما يُبقي النازحين معتمدين على المساعدات لفترة طويلة. كما شكى النازحون في سيئون بمحافظة حضرموت من عدم حصولهم على المساعدات الإنسانية كأقرانهم في المحافظات الأخرى.
أما ما يتعلق بنوايا العودة والتوطين، فقد أظهرت الدراسة أن قرار العودة أمر شخصي يعتمد على ظروف كل نازح. ومع ذلك، توجد عوامل مشتركة تؤثر في قرار العودة، منها: زوال المخاطر والتهديدات التي تهدد حياة النازحين، مثل الألغام المزروعة، وانتهاء الاشتباكات المسلحة، وضمان التعويض عن الممتلكات المدمرة، وخصوصًا المنازل التي طالتها العمليات القتالية وغير ذلك.
أما النازحون الذين لا يملكون ممتلكات ذات قيمة في موطنهم الأصلي، فيميلون إلى البقاء في المجتمع المضيف. ومع ذلك، فإن بعضهم ما زال متعلقًا بأرضه ويأمل في العودة. بناءً على ذلك، يمكن تقسيم النازحين حسب نواياهم إلى ثلاث مجموعات:
1- مجموعة ترى أن حياتها بعد النزوح أفضل، ولا تفضل العودة حتى في حال زوال أسباب النزوح.
2- مجموعة تنوي العودة بشوق رغم استمرار الأسباب التي أدت إلى نزوحها، مثل الألغام وتجدد الاشتباكات، والخشية من التعرض للاحتجازات التعسفية حال عودتهم إلى مناطقهم الأصلية.
3- مجموعة تربط العودة بانتهاء النزاع وتوفر الأمان في مناطقهم الأصلية، مع ضمان تعويضهم عن ممتلكاتهم ومنازلهم التي تم تدميرها.
توصيات الدراسة
في ضوء النتائج المشار إليها في الدراسة، توصي الدراسة بالآتي:
أولًا: توصيات إلى جميع أطراف النزاع:
1- على جميع أطراف النزاع الالتزام بقواعد القانون الدولي الإنساني ومبادئه المختلفة، والتوقف عن ارتكاب الانتهاكات ضد المدنيين بمختلف فئاتهم، بما في ذلك النازحين من المدنيين.
2- على جميع أطراف النزاع الالتزام بقواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان في التعامل مع المدنيين، وعلى رأسهم النازحين، لا سيما القواعد المتعلقة بضمان الحريات الأساسية كالتنقل والحركة، والحق في الحصول على فرص عمل لائقة، إضافة إلى الامتثال للمبادئ التوجيهية الخاصة بالأمم المتحدة بشأن النزوح أو التشرد الداخلي.
3- على جميع أطراف النزاع التوقف الفوري عن ممارسة كافة أشكال التمييز العنصري على أساس اللون أو العرق أو الانتماء الجغرافي أو العائلي أو أي أسس تمييزية أخرى، واتخاذ إجراءات فعّالة للحد من خطاب الكراهية والسلوكيات التمييزية ضد المدنيين، وعلى رأسهم النازحين، وضمان المعاملة الإنسانية لهم في مختلف الحالات.
4- على جميع أطراف النزاع، وفي مقدمتها جماعة أنصار الله (الحوثيين) والمجلس الانتقالي الجنوبي، التوقف الفوري عن كافة أشكال التهديد والتعسف والانتهاكات التي تدفع السكان المدنيين إلى النزوح والتشرد الداخلي.
5- على جميع أطراف النزاع الإفراج الفوري عن كافة المحتجزين تعسفيًا والكشف عن مصير المختفيين قسريًا من المدنيين، على رأسهم المحتجزين تعسفيًا والمختفين قسريًا من النازحين.
6- على جميع أطراف النزاع تسهيل الوصول الآمن والسريع للمساعدات الإنسانية المختلفة إلى النازحين، واتخاذ كافة الإجراءات اللازمة للحد من العوائق التي تمنع أو تحد من وصول المساعدات الإنسانية للنازحين المستهدفين، ومساعدة المنظمات الإنسانية والمانحين في تخطيط وتنفيذ عمليات الاستجابة الإنسانية دون أي عوائق.
7- على جميع أطراف النزاع توفير خدمات المساعدة والحماية اللازمة للنازحين، وتحسين ظروف مخيمات النزوح بما في ذلك توفير أسيجة حماية للمخيمات وإزالة مصادر الخطر، كالتجمعات العسكرية، القريبة من مواقع النزوح لضمان أمن وسلامة النازحين.
8- على جميع أطراف النزاع توفير آليات إبلاغ فعّالة عن الانتهاكات أو الاعتداءات التي ترتكب ضد النازحين في مخيمات ومواقع النزوح، وبما يكفل الحد من تلك الانتهاكات ومحاسبة مرتكبيها.
9- على جميع أطراف النزاع العمل وبشكل عاجل وفعّال على معالجة وحل الإشكالات المتعلقة بالأراضي التي أقيمت عليها مخيمات النزوح، والتي تعود ملكيتها لمدنيين من المجتمع المضيف، وبما يضمن عدم تعرض النازحين لأي أذى أو تعسف، ويحول دون نزوحهم أو تشردهم مرة أخرى.
10- على جميع أطراف النزاع تحسين بنى مخيمات النزوح وتوفير الخدمات الضرورية فيها، وتحسين وصول النازحين إليها، بما في ذلك تحسين نوع الوحدات السكنية، وتوفير خدمات الصرف الصحي، والمياه وخدمات الكهرباء والتعليم والصحة.
11- على جميع أطراف النزاع معالجة الإشكالات المتعلقة بفقدان النازحين للأوراق الثبوتية والوثائق الرسمية وبما يضمن ممارستهم أنشطتهم حياتهم بشكل طبيعي، ويتيح لهم الحصول على كافة حقوقهم.
12- على جميع أطراف النزاع توفير فرص عمل لائقة للنازحين تمكنهم من العيش الكريم، وبناء قدرات الأفراد منهم وتأهيلهم للحصول على فرص عمل لائقة، ودعم المبادرات التي تعزز الاندماج المجتمعي والمشاركة للنازحين.
13- على جميع أطراف النزاع، وفي مقدمتها جماعة أنصار الله (الحوثيين)، العمل على تطهير وإزالة الألغام وتسليم الخرائط الخاصة بها، وتسهيل عمليات الإزالة التي تنفذها المنظمات الإنسانية، بما يكفل إزالة المخاطر وتمهيد العودة الطوعية للنازحين إلى مناطقهم الأصلية.
14- على جميع أطراف النزاع العمل على تطهير وإزالة الأجسام المتفجرة ومخلفات الحرب الأخرى، وتسهيل عمليات الإزالة التي تنفذها المنظمات الإنسانية، بما يكفل إزالة المخاطر وتمهيد العودة الطوعية للنازحين إلى مناطقهم الأصلية بأمان.
15- دمج النازحين في المجتمعات المضيفة وضمان وصولهم للخدمات الضرورية دون تمييز ضار.
ثانيًا: توصيات إلى المانحين والمنظمات الإنسانية:
وفقًا لما توصلت إليه نتائج الدراسة، ومع طول فترة النزوح، وتداخل أبعاده السياسية والأمنية والاقتصادية، أصبح أكثر تعقيدًا، وعليه توصي الدراسة المانحين والمنظمات الإنسانية بما يلي:
1- دراسة الاحتياجات الخاصة بالنازحين، والمستجدات المرتبطة بهذه الاحتياجات والعمل على تخطيط عمليات الاستجابة لها بشكل مدروس وبما يحقق تغطية هذه الاحتياجات.
2- العمل على تنفيذ عمليات استجابة مخططة ومدروسة للحد من الاستجابات العشوائية التي لا تلبي الاحتياجات الملحة للنازحين، مع الأخذ في الاعتبار الظروف المناخية في مخيمات ومواقع النزوح، وتخطيط الاستجابة بما يضمن استفادة النازحين منها بالشكل الأمثل.
3- دعم البرامج والأنشطة التي تسهم في تحقيق دخول مستدامة للنازحين، بما في ذلك أنشطة وبرامج التمكين الاقتصادي، وإعطاء هذا النوع من الأنشطة والبرامج أولوية، وعدم الاكتفاء بالمساعدات والتدخلات الإنسانية الآنية مثل تقديم المساعدات العينية أو النقدية.
4- العمل على دعم البرامج والأنشطة المتعلقة ببناء قدرات الأفراد من النازحين وتأهيلهم، بما يمكنهم من الالتحاق بسوق العمل والحصول على مصادر دخل وفرص عمل لائقة.
5- العمل على تعزيز خدمات الحماية للنازحين، بما في ذلك خدمات الدعم النفسي، وتوفير المساحات الصديقة للأطفال، وغيرها من الخدمات ذات الصلة التي تفتقر إليها معظم مخيمات ومواقع النزوح التي غطتها الدراسة.
6- التنسيق والعمل مع السلطات المحلية لتعزيز صحة البيئة في مواقع النزوح، من خلال دعم برامج نشر الوعي والتثقيف الصحي، للحد من انتشار الأمراض السارية والمعدية.
7- التنسيق والعمل مع السلطات المحلية لإيجاد الحلول المتعلقة بخدمات الصرف الصحي وعمليات الإصحاح البيئي، بما يسهم في تحسين ظروف النزوح في مواقع ومخيمات النزوح المختلفة.
8- العمل على دعم الأنشطة والبرامج الخاصة بدمج النازحين مع المجتمع المضيف، بما في ذلك التحاق أطفال النازحين بالمدارس الخاصة بأطفال المجتمع المضيف، وتمكين النازحين من الوصول إلى الخدمات الصحية والنفسية وغيرها على قدم المساواة مع سكان المجتمع المضيف.
9- العمل على رفع الوعي لدى المجتمع المضيف بطرق التعامل السليم مع النازحين، وتعريف المجتمع المضيف بحقوقهم وأهمية دعمهم، بما يساهم في الحد من الاتجاهات والممارسات السلبية ضدهم.
10- العمل على تنفيذ أنشطة وبرامج تهدف إلى دمج النازحين مع المجتمع المضيف، بما في ذلك تنظيم فعاليات مشتركة بين النازحين والمجتمع المضيف، وإقامة ورش عمل مشتركة، وغيرها من الأنشطة التي تسهم في تحقيق التعايش والاندماج بين النازحين والمجتمع المضيف.
11- إجراء دراسات دورية لتقييم أثر التدخلات الإنسانية، بما يضمن جودتها وقدرتها على تلبية الاحتياجات الأشد إلحاحًا للنازحين.
ثالثًا: توصيات إلى المجتمع الدولي
على المجتمع الدولي، بما في ذلك الأمم المتحدة بأجهزتها المختلفة، والدول الفاعلة على المستوى الدولي، والمنظمات والهيئات الدولية، العمل على:
1. العمل على تطوير صكوك دولية وقواعد قانونية تنظم حالة النزوح الداخلي، وتحدد حقوق النازحين والتزامات الدول والسلطات المحلية تجاههم كفئة ذات وضع خاص، بما يكفل سن تشريعات واضحة وصارمة تحمي حقوق النازحين وتصون كرامتهم في مختلف الظروف.
2. دعم وتشجيع جهود السلام في اليمن، والدفع نحو التوصل إلى وقف نهائي لإطلاق النار، بما يسهم في إزالة مصادر الخطر التي كانت سببًا رئيسيًا في موجات النزوح التي شهدتها اليمن، ويمهد للعودة الطوعية للنازحين إلى بيئاتهم ومناطقهم الأصلية.
3. إعطاء مسائل حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية والمساءلة أولوية في جهود السلام، بما يكفل جبر الضرر للضحايا المدنيين، وفي مقدمتهم النازحون، وتحقيق الإنصاف لهم.
4. دعم جهود المنظمات الإنسانية والحقوقية وأنشطة المجتمع المدني في اليمن، بما يتيح دراسة الاحتياجات المختلفة للنازحين وغيرهم من الفئات الضعيفة، والاستجابة لهذه الاحتياجات بجودة عالية.
5. الدفع نحو إحالة الملف اليمني إلى المحكمة الجنائية الدولية، والعمل على تحقيق آليات تحقيق ذات طابع جنائي للتحقيق في الانتهاكات والجرائم الدولية التي ارتُكبت بحق المدنيين في اليمن، بما في ذلك النازحون.