ترانزيت الجحيم

الانتهاكات المروعة التي تطال المهاجرين الأفارقة خلال عبورهم للأراضي اليمنية

الناشر
تاريخ الإصدار
December 18, 2023
عدد الصفحات
164
بيان صحفي
December 18, 2023
"ترانزيت الجحيم"

الملخص التنفيذي 

أشكال عدة من المعاناة، وأنواع مختلفة من التحديات والمخاطر والانتهاكات يواجهها المهاجرون الأفارقة منذ اندلاع النزاع المسلح في اليمن أواخر العام ٢٠١٤، وما فاقم من معاناتهم تلك هو تعدد الأطراف المتحاربة وتدخل أطراف إقليمية ودولية على رأسها التحالف بقيادة السعودية والإمارات في خضم النزاع، بالإضافة إلى توزع الإقليم الجغرافي للجمهورية اليمنية بين أطراف متعددة تنتهج سياسة واحدة لا إنسانية تجاه المهاجرين الأفارقة، حيث ترتكب ضدهم أنواع عدة من الانتهاكات متجاهلة قواعد القانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان بصورة صارخة.

يهدف هذا التقرير إلى الوقوف عند الانتهاكات التي يتعرض لها المهاجرون الأفارقة في اليمن، وتسليط الضوء عليها وبما يمكن من نقل صورة حقيقية عن المعاناة التي تواجهها هذه الفئة وحجم تلك المعاناة والمسؤولين عنها، كواحدة من أكثر الفئات هشاشةً وعجزًا في المجتمع، علاوة على كونها لا تمتلك السبل للتعبير عما تعانيه وتتعرض له، ما يجعلها فئة منسية، ومعاناتها غير مرئية بالنسبة للكثيرين، وبمعنى آخر، فإن هذا التقرير يمثل محاولةً لإيصال صوت المهاجرين ونقل مأساتهم، وتعرية أطراف النزاع وفضح انتهاكاتهم بحق هذه الفئة في ما تطرق له من موضوعات، وما خلص إليه من نتائج، وفي الوقت ذاته يعمل على مناقشة السبل التي من شأنها التخفيف من معاناتهم تلك، والإسهام في حل مشكلاتهم، ومُساءلة المنتهكين ومحاسبتهم من خلال ما يقدمه من توصيات.

يستند هذا التقرير في موضوعاته ونتائجه إلى مقابلات أجرتها مواطنة لحقوق الإنسان مع ضحايا الانتهاكات من المهاجرين الأفارقة، وأفراد أسرهم، وشهود العيان والعاملين الصحيين وغيرهم، حيث أجرت مواطنة قرابة الـ 155 مقابلة حول 112 واقعة انتهاك على الأقل، من خلال فريق البحث الميداني في مختلف محافظات الجمهورية اليمنية، وإلى جلسات النقاش البؤرية التي عقدتها مواطنة بهدف تحديد طرق عبور المهاجرين وعرض أنماط الانتهاكات التي يتعرضون لها في مناطق سيطرة أطراف النزاع المختلفة في الفترة 12-16 مارس/ آذار 2023 في مقرها الرئيسي بأمانة العاصمة صنعاء، بالإضافة إلى الزيارات الميدانية التي نفذها الفريق المركزي إلى عددٍ من المحافظات على رأسها محافظة صعدة، ومحافظات عدن، وشبوة، وأبين وغيرها، التقى الفريق خلالها بعدد من المهاجرين وأجرى العديد من المقابلات وعمل على تتبع طرق العبور المختلفة، ومعاينة نقاط الوصول ومراكز التجمع، وأخيرًا إلى المناقشات التي أجرتها مواطنة لحقوق الإنسان مع منظمات إنسانية كالمنظمة الدولية للهجرة للوقوف عند الصعوبات التي تواجهها في إطار عملها على تقديم المساعدات للمهاجرين وغيرها من المنظمات، وفي جزء من هذا التقرير تم الاعتماد على المصادر الثانوية كبيانات وإحصائيات المنظمات الدولية، والتقارير الصادرة عنها، والاتفاقيات ذات الصلة بموضوع الهجرة وغيرها من المصادر الثانوية التي مكنت من بلورة المنظور العام للهجرة في اليمن، واستعانت مواطنة بخبير قانوني مختص في عمليتي التأطير والتكييف القانوني لموضوع التقرير.

يتكون التقرير من خلفية عامة تطرقت لسياق النزاع المسلح في اليمن وأوضاع المهاجرين، وخمسة فصول رئيسية خصصت أربعة منها لاستعراض الانتهاكات التي ترتكبها أطراف النزاع المسلح في اليمن بحق المهاجرين الأفارقة في اليمن، وهي الفصول من الأول إلى الرابع وتناولت على التوالي : انتهاكات قوات التحالف بقيادة السعودية والإمارات وحرس الحدود السعودي، وانتهاكات جماعة أنصار الله (الحوثيين)، فانتهاكات قوات المجلس الانتقالي الجنوبي، وأخيرًا انتهاكات قوات الحكومة المعترف بها دوليًا، وخصص الفصل الخامس والأخير لنوع من التـأطير القانوني من خلال الاعتداءات على المهاجرين، والقانون الدولي .

تم تقسيم فصول الانتهاكات الأربعة، وهي الفصول الأهم في هذا التقرير إلى مجموعة موضوعات ناقشت نقاط وصول المهاجرين وتجمعهم في مناطق سيطرة كل طرف من الأطراف الأربعة، وأنماط الانتهاكات التي ترتكبها هذه الأطراف، ثم استعراض نماذج من الانتهاكات التي يتعرض لها المهاجرون الأفارقة في مناطق سيطرة هذه الأطراف سواءٌ تلك التي ترتكبها قواتها بشكل مباشر أو تلك التي ترتكبها عصابات التهريب والاتجار بالبشر التي تنشط في مناطق سيطرتها.

وخلص التقرير إلى مجموعة من النتائج أهمها: 

  1.  يسعى معظم المهاجرين الأفارقة في اليمن للوصول إلى دول الخليج على رأسها المملكة العربية السعودية، بحثًا عن مستوى أفضل من الحياة وفرص عمل مرتفعة الدخل، ويجهل العديد منهم وجود نزاع مسلح في اليمن، ولا يدركون حجم المخاطر التي تنتظرهم أثناء رحلتهم، وتصبح مهمة عودتهم إلى بلدانهم عقب وصولهم اليمن صعبة للغاية.
  2. يسلك المهاجرون الأفارقة طرق متشعبة وغير آمنة ويتم نقلهم من قبل عصابات التهريب والاتجار بالبشر بواسطة وسائل نقل غير صالحة وتفتقد إلى أدنى معايير السلامة، ويواجهون خلال رحلتهم العديد من الصعوبات، ويتعرضون لانتهاكات مباشرة عدة أبرزها القتل، والتشوية، والاحتجازات التعسفية والاختفاء القسري، والتعذيب، والانتهاكات القائمة على النوع الاجتماعي، كالتحرش والاغتصاب، بالإضافة إلى الاستغلال، والتجويع، والنهب، والابتزاز، والعنف بشتى أنواعه، بالإضافة إلى الانتهاكات غير المباشرة كالهجمات الجوية، ووقائع الألغام والأجسام المتفجرة، وتمثل نقاط وصول وتجمُّع المهاجرين في مختلف المحافظات بيئات خصبة لارتكاب تلك الانتهاكات.
  3. يعمل المهاجرون في اليمن، وفي سبيل تغطية احتياجاتهم وتوفير المال اللازم لإكمال رحلتهم نحو دول الخليج في أعمال مختلفة وبأجور زهيدة وشروط عمل مجحفة، ويتم استغلالهم من قبل عصابات التهريب والمجتمع المضيف، ومعظمهم يواجه صعوبة في التواصل بسبب اختلاف اللغة.
  4. تنتهج جميع أطراف النزاع دون استثناء سياسة واحدة تجاه المهاجرين، وترتكب بحقهم انتهاكات عدة حيث وثقت مواطنة لحقوق الإنسان 112واقعة انتهاك بحق المهاجرين الأفارقة، ارتكبتها أطراف النزاع المسلح في اليمن وعصابات التهريب والاتجار بالبشر المنتشرة على امتداد خط عبور المهاجرين البرية والبحرية من دول القرن الأفريقي ومرورًا باليمن، ووصولًا إلى الشريط الحدودي بين اليمن والسعودية، منها 32 واقعة انتهاك ارتكبتها جماعة أنصار الله " الحوثيين"، و 40 واقعة انتهاك ارتكبتها قوات التحالف بقيادة السعودية والإمارات  من بينها 36  واقعة انتهاك ارتكبتها وحدات حرس الحدود السعودي، و 10 وقائع انتهاك ارتكبتها قوات المجلس الانتقالي بتشكيلاته المختلفة ، و6 وقائع انتهاك ارتكبتها قوات الحكومة المعترف بها دوليًا، وتتحمل عصابات التهريب والاتجار بالبشر في مناطق سيطرة أطراف النزاع المختلفة مسؤولية 24 واقعة انتهاك بحق المهاجرين، وما توصلت له مواطنة وتم استعراضه خلال التقرير يمثل النماذج التي تمكنت مواطنة من الوصول لها وتوثيقها، ولا يغطي كافة الانتهاكات بحق المهاجرين، إذ أن الانتهاكات الفعلية تفوق ما توصلت له مواطنة بكثير.