الملخص التنفيذي
يدخل اليمنُ عامَه العاشر في ظلّ نزاعٍ دامٍ، نتج عنه واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، ويواجه المدنيّون اليمنيّون على مدى عقدٍ كامل أنواعًا عدّة من التحديات وأشكالًا من المعاناة، وتُرتكب بحقهم العديد من الفظائع والانتهاكات، فلم تراعِ أطرافُ النزاع المختلفة في اليمن أيًّا من القواعد القانونية للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، ولم تعِر المبادئَ الحاكمة للنزاعات المسلحة أيَّ اهتمام، وأظهرت تجاهلًا فاضحًا من خلال ارتكابها الآلاف من الانتهاكات الصارخة.
ويستعرض هذا التقرير، وهو التقرير السنوي السابع الذي تصدره مواطنة لحقوق الإنسان، حالة حقوق الإنسان في اليمن، وأبرز الانتهاكات والأحداث والتحديات التي شهدتها اليمن خلال العام 2023، ويهدف هذا التقرير إلى تسليط الضوء على أبرز الانتهاكات التي ارتكبتها أطرافُ النزاع المختلفة بما فيها جماعة أنصار الله (الحوثيين)، والمجلس الانتقالي الجنوبي بتشكيلاته المختلفة، وقوات الحكومة المعترف بها دوليًّا، وقوات التحالف بقيادة السعودية والإمارات، والقوات المشتركة، خلال العام، بدرجة أساسية، بغرض الوقوف على حجم هذه الانتهاكات وأنواعها، وبما يسهم في نقل صورة واضحة عما يتعرض له اليمنيّون على مدى سنوات من النزاع المسلح، وما تعرضوا له خلال العام 2023 على وجه الخصوص.
تستند نتائج هذا التقرير إلى المقابلات التي أجراها فريق مواطنة الميداني، من باحثات وباحثين ومحاميات ومحامِين في مختلف المحافظات، حيث أجرى الفريق الميداني لمواطنة في مختلف المحافظات والمناطق 2641 مقابلة، حول 1418 واقعة انتهاك، مع مصادر أساسية. وتستند نتائج التقرير أيضًا، إلى الزيارات الميدانية التي نفّذها الفريق المركزي والميداني لمواطنة، والمئات من الوثائق الساندة المختلفة، والتحديثات الدورية لمستجدات الوضع في اليمن، التي أعدّها فريق مواطنة الميداني طوال العام، بالإضافة إلى الإحصائيات والنشرات لمنظمات ووكالات دولية متعلقة بالشأن اليمني.
يتكوّن التقرير من مقدمة وثمانية فصول رئيسية، بالإضافة إلى التوصيات. قُسِّمت فصول التقرير بحسب النوع، إذ تضمّن كلُّ فصل من فصوله مجموعةً من الموضوعات أو الانتهاكات ذات الخصائص المشتركة، حيث خُصِّص الفصل الأول لتناول خمسة موضوعات رئيسية، هي: نشأة ومراحل النزاع المسلح في اليمن، وخارطة سيطرة أطراف النزاع، وأهم الأحداث التي شهدتها اليمن خلال العام 2023، وتصنيف النزاع المسلح في اليمن، بحسب القانون الدولي الإنساني والقوانين التي تنطبق عليه، وخُصص المحور الرابع والخامس من الفصل الأول، على التوالي، لتناول الوضع الإنساني في اليمن خلال العام 2023، وطرق تعاطي المجتمع الدولي مع الملف اليمني وجهود السلام.
وخُصِّصَت الفصول من الثاني وحتى الثامن، لتناول أبرز الانتهاكات التي حدثت خلال العام ووثقتها مواطنة لحقوق الإنسان؛ ففي الفصل الثاني تم استعراض الانتهاكات التي يمثّل القتل والتشويه أضرارًا مباشرة لها، وهي على التوالي: هجمات الطيران المسير، والهجمات البرية، والألغام والأجسام المتفجرة، والرصاص الحي، والدهس بالعربات العسكرية.
وتناول الفصل الثالث الانتهاكات المتعلقة بالتعذيب والحرمان التعسفي من الحرية، وهي: الاحتجاز التعسفي، والاختفاء القسري، والتعذيب، وغيره من ضروب المعاملة اللاإنسانية والعقوبة القاسية والمهينة.
وخصص الفصل الرابع لاستعراض الانتهاكات التي تعرضت لها المنشآت والأعيان المدنية الحيوية التي ارتُكبت خلال العام، المتمثلة بالاعتداءات على المنشآت التعليمية والمدارس والاعتداء على الرعاية الصحية.
في حين خُصصت الفصول من الخامس وحتى الثامن، لتناول انتهاكات تجنيد واستخدام الأطفال، ومنع وصول المساعدات الإنسانية، والعنف الجنسي، وانتهاكات الفضاء المدني وتقييد الحريات.
المحاور الفرعية للفصول من الثاني وحتى الثامن، قُسمت إلى مداخل وإطار قانوني لكل نمط من أنماط الانتهاكات التي تضمنتها المحاور، ومحور خاص لاستعراض عدد من النماذج والأمثلة لكل نمط من الأنماط.
واستعرض التقرير في فصوله ومحاوره المختلفة، تفاصيلَ 1418 واقعة انتهاك ارتكبتها أطراف النزاع المختلفة في اليمن خلال العام 2023 وثقتها مواطنة، أسفرت عن مقتل 190 مدنيًّا، بينهم 107 أطفال و19 امرأة، وجرح 405 مدنيّون، بينهم 208 أطفال، و44 امرأة، بالإضافة إلى ما يقارب 789 مدنيًّا، بينهم 239 طفلًا و26 امرأة وقعوا ضحايا لأنواع أخرى من الانتهاكات؛ كتجنيد الأطفال، والعنف الجنسي، والاحتجاز التعسفي، والاختفاء القسري، والتعذيب. ومن المهم التأكيد أنّ هذه الأرقام تمثل فقط ما توصل إليه فريق مواطنة وتمكن من توثيقه، ولا تشمل كافة الانتهاكات.
وكانت مواطنة في إحاطتها السنوية حول حالة حقوق الإنسان في اليمن 2023، قد نشرت ما وثقته حتى نهاية شهر نوفمبر/ تشرين الثاني من العام 2023، ولم تتضمن ما وثقه الفريق خلال شهر ديسمبر/ كانون الأول، في حين أنّ هذا التقرير يتضمن كافة الوقائع التي حدثت خلال العام 2023 وتمكن الفريق من توثيقها، والأطراف المسؤولة عن هذه الانتهاكات، وبحسب نتائج التقرير، تتحمل جماعة أنصار الله (الحوثيين) مسؤولية 828 واقعة انتهاك من إجمالي الوقائع الموثقة، ويتحمل المجلس الانتقالي الجنوبي المسؤولية عن 247 واقعة انتهاك، وتتحمل قوات الحكومة المعترف بها دوليًّا المسؤولية عن 246 واقعة انتهاك، وتتحمل قوات التحالف بقيادة السعودية والإمارات، بما في ذلك قوات حرس الحدود السعودي، المسؤولية عن 47 واقعة انتهاك، وتتحمل القوات المشتركة المسؤولية عن 17 واقعة انتهاك، ويتحمل تنظيم القاعدة في جزيرة العرب المسؤولية عن 5 وقائع انتهاك، فيما تتحمل أفراد وقوى غير ذات سلطة، على رأسها عصابات التهريب والاتجار بالبشر، المسؤوليةَ عن 28 واقعة انتهاك.