في العتمة

“بحثت عن ابني حتى في ثلاجات الموتى”

يركز هذا التقرير على أماكن الاحتجاز غير الرسمية. وتثير مواقع الاحتجاز غير الرسمية قلقًا خاصًا نظرًا لأن وصول المراقبين المستقلين والعائلات يكون عادة بين المحدود وغير المتاح، كما أن التعذيب وغيره من أشكال المعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة منتشرة في هذه الأماكن بشكل خاص، وتستخدم العديد من هذه المواقع لإخفاء الأفراد لفترات طويلة.

الناشر
تاريخ الإصدار
June 30, 2020
عدد الصفحات
104
بيان صحفي
June 30, 2020
مواطنة: أطراف النزاع تخفي وتعذب وتحتجز المئات في مراكز احتجاز غير رسمية في اليمن

الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري والتعذيب بأماكن احتجاز غير رسمية في اليمن

ملخص تنفيذي

“بحثت عن ابني حتى في ثلاجات الموتى، اضطررت لرؤية وجوه كل الموتى لكي أعرف مصيره.” [1] أُم اختفى ولدها في 2016.

أدى الصراع في اليمن -والذي يدخل عامه السادس- إلى واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية من صنع البشر في العالم. وكان لحجم وشدة الانتهاكات المرتبطة بممارسات الاعتقالات (الاحتجازات) التعسفية والاختفاءات القسرية والتعذيب، أثر اجتماعي بالغ. فما يزال مئات المدنيين يحلمون بالحصول على حريتهم المسلوبة، وما تزال مئات الأسر اليمنية تتجشم عناء البحث عن ذويها المحتجزين في مناطق مختلفة من اليمن. وتستمر -في الوقت ذاته- جميع أطراف النزاع في اليمن في ممارسة انتهاكات الاحتجاز التعسفي، والتورط في عمليات اختفاءات قسرية، وتعذيب المدنيين أو تعريضهم لضروب من المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. وعلى الرغم من أنهم يمثلون سلطات متعددة، إلا أنهم يشتركون في نفس السلوكيات غير القانونية.

أكدت السلطات الصحية في حضرموت شرقي اليمن في 10 أبريل/نيسان 2020، أول حالة إصابة بفيروس (كوفيد-19) في البلاد، في ظل وضعين صحي واقتصادي منهارين، ومع استمرار الأطراف المتناحرة في عرقلة جهود الاستجابة الإنسانية بشكل متكرر وصارخ؛ ليبقى أولئك المحرمون من حريتهم على ذمة هذه الحرب، الأكثر تضررًا. وقد بدأت المخاوف من وصول الوباء إليهم تتحوّل إلى كوابيس لهم ولأسرهم مع ارتفاع مؤشرات انتشار الفيروس في مختلف المناطق.

خلصت دراسة أجرتها “مواطنة” لحقوق الإنسان حول وضع مرافق الاحتجاز إلى أنها مكتظة وغير صحية، وبدون تهوية كافية، أو دورات مياه، أو مرافق استحمام، ولا يتمكن المحتجزون -غالبًا- من الوصول إلى مواد مثل الصابون. كما لا تتوفر رعاية صحية روتينية، وفي بعض الحالات يتم حرمان جميع المحتجزين من هذه الخدمة. وليس لدى إدارات السجون القدرة على استيعاب كل هذه الأعداد من المحتجزين أو الإمدادات الطبية أو المواد اللازمة لمواجهة جائحة سريعة الانتشار مثل فيروس (كوفيد-19). هذا الأمر يزيد من مخاطر تعرض المحتجزين لمخاطر الإصابة، وما قد يترتب على ذلك من خسائر في الأرواح.

وفي حين أن ظروف الاحتجاز في جميع أنحاء اليمن، بما في ذلك في مواقع الاعتقال الرسمية، غالبًا ما تكون مروعة، يركز هذا التقرير على أماكن الاحتجاز غير الرسمية. وتثير مواقع الاحتجاز غير الرسمية قلقًا خاصًا نظرًا لأن وصول المراقبين المستقلين والعائلات يكون عادة بين المحدود وغير المتاح، كما أن التعذيب وغيره من أشكال المعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة منتشرة في هذه الأماكن بشكل خاص، وتستخدم العديد من هذه المواقع لإخفاء الأفراد لفترات طويلة.

تشمل المواقع التي تم تناولها في هذا التقرير كلًّا من المواقع غير الرسمية المستخدمة من قبل أطراف النزاع الحالي بالإضافة إلى المواقع الجديدة التي تم إنشاؤها على مدى السنوات الخمس الماضية. ومع تصاعد الاحتجاز التعسفي أثناء النزاع، ازداد استخدام أماكن الاحتجاز غير الرسمية. على سبيل المثال، استخدمت الحكومات اليمنية حتى قبل النزاع الحالي، مرافق إدارة جهاز الأمن السياسي، وهو أحد أجهزة الاستخبارات سيئة السمعة، كمراكز احتجاز غير رسمية. وعلى طول النزاع الحالي، سيطرت الأطراف المتحاربة على هذه المواقع في المحافظات التي يسيطرون عليها، بالإضافة إلى إنشاء عدد كبير من المواقع الإضافية لاحتجاز الأفراد وإخفائهم بشكل غير قانوني.

ويتضمن التقرير قائمة من التوصيات الهامة، بما في ذلك الإفراج عن جميع المحتجزين بشكل عاجل، في ظل التهديدات التي يمثلها انتشار فيروس (كوفيد-19)، وإعطاء الأولوية للاستجابة للفيروس على استمرار النزاع والانتهاكات على خلفيته، والتي يمكن للأطراف المتحاربة اتخاذها على الفور للتخفيف من الأثر المدمر المحتمل للوباء على المحتجزين في اليمن، وعلى عموم السكان.

أماكن الاحتجاز والتعذيب غير الرسمية التي يسلط هذا التقرير الضوء عليها:

عملت “مواطنة” لحقوق الإنسان على إنجاز هذا التقرير “في العتمة” الخاص بوقائع الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري والتعذيب بأماكن الاحتجاز غير الرسمية في اليمن، بالاستناد إلى أبحاث استقصائية في 20 محافظة يمنية خلال الفترة من مايو/ أيار 2016 وحتى أبريل/ نيسان 2020، حيث أجرت “مواطنة” ما لا يقل عن 2566 مقابلة باللغة العربية مع محتجزين سابقين، وشهود على انتهاكات، وذوي محتجزين، وناشطين، ومحامين.

أجرى الفريق الميداني لوحدتي الأبحاث والدراسات والدعم القانوني تلك المقابلات بالإضافة لجمع تقارير طبية وأدلة فوتوغرافية متى ما توفرت. وطُلب من محتجزين سابقين تحديد ووصف مواقع مراكز الاحتجاز التي كانوا محتجزين فيها. واستخدمت “مواطنة” لحقوق الإنسان أسماء مستعارة لبعض الشهود والضحايا، حفاظًا على سلامتهم.

تم جمع ومراجعة وتدقيق المعلومات من قبل الفريق المركزي الذي زار أيضًا عدة محافظات يمنية في زيارات ميدانية متفرقة بغرض جمع المعلومات والتحقق منها. وتمت مراجعة هذا التقرير من قبل خبيرة في القانون الدولي لإجراء التحليل القانوني، ويصدرُ بنسخة إنجليزية تمت ترجمتها من اللغة العربية.

تقدم “مواطنة” في هذا التقرير نماذج من وقائع الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري والتعذيب وحالات الوفاة في أماكن الاحتجاز التي تورطت فيها جميع أطراف النزاع في اليمن خلال الفترة من مايو/أيار 2016 وحتى أبريل/ نيسان 2020. ويعرض التقرير هذه النماذج في جزأين من التقرير.

وينظر الجزء الأول من التقرير عن كثب في نماذج للاعتقالات التعسفية والمسيئة، بما فيها من تعذيب وسوء المعاملة أثناء الاستجواب في 11 موقع احتجاز غير رسمي في جميع أنحاء اليمن تديرها أطراف النزاع المختلفة. ويعرض الجزء الثاني من التقرير أمثلة على حالات الاختفاء القسري للمدنيين في مناطق جغرافية مختلفة في اليمن تقع تحت سيطرة سلطات مختلفة.

مواقع الاحتجاز التي يتفحصها الجزء الأول من التقرير تشمل:

جهاز الأمن والمخابرات “جهزي الأمن القومي والسياسي سابقًا” في العاصمة صنعاء: يعتبر جهاز الأمن والمخابرات (جهازي الأمن القومي والسياسي سابقًا) أحد أكبر مراكز الاحتجاز التي تديرها جماعة أنصار الله (الحوثيون)، وقد تحققت مواطنة مما لا يقل عن 159 واقعة احتجاز تعسفي و32 واقعة تعذيب لمحتجزين في جهاز الأمن والمخابرات بالعاصمة صنعاء. خلال الفترة من مايو/ أيار 2016 إلى أبريل/ نيسان 2020 لاقى محتجزون في جهاز الأمن والمخابرات أنواعًا متعددة من أساليب التعذيب، منها من بين أساليب أخرى قلع الأظافر، والضرب المبرح، والصعق بالكهرباء، بالإضافة إلى ظروف احتجاز غير إنسانية. واتهم مسؤولون في جماعة أنصار الله (الحوثيين) أفرادًا محتجزين في جهاز الأمن والمخابرات بالتخابر مع دول التحالف، ورصد تحركات قيادات جماعة أنصار الله (الحوثيين). ولا يبدو أن جهاز الأمن والمخابرات امتثل لتوجيهاتٍ من النيابة العامة أو المؤسسة القضائية في المناطق التي تسيطر عليها جماعة أنصار الله (الحوثيون).

“قاعة وضاح” في محافظة عدن: يشرف المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات على إدارة أمن عدن المنوط بها تسيير أجهزة الأمن والشرطة في محافظة عدن. استخدمت شعبة مكافحة الإرهاب بإدارة أمن عدن صالتين تحت الأرض بالإضافة لغرف احتجاز انفرادية كمركز احتجاز غير رسمي في مديرية التواهي بمدينة عدن. حققت “مواطنة” في حالات 29 شخصًا احتجزوا تعسفيًا، و18 واقعة تعذيب، وواقعتي وفاة في مركز الاحتجاز في “قاعة وضاح”. ولم تعلم عائلات المحتجزين في “قاعة وضاح” بمكان احتجاز ذويهم إلا بعد الإفراج عنهم أو نقلهم إلى أماكن احتجاز أخرى. ولاقى محتجزون لدى شعبة مكافحة الإرهاب أساليب متعددة من التعذيب والمعاملة غير الإنسانية، منها نزع الأظافر، والإذلال الجنسي، والتهديد باغتصاب المحتجزين أو ذويهم.

“مدينة الصالح” في محافظة تعز: استخدمت جماعة أنصار الله (الحوثيون) مباني في “مدينة الصالح” السكنية في منطقة الحوبان (شمال المدينة) كمركز احتجاز غير رسمي. وثقت “مواطنة” لحقوق الإنسان خلال الفترة التي يشملها هذا التقرير ما لا يقل عن 63 واقعة احتجاز تعسفي، و4 وقائع تعذيب وواقعتي وفاة في مركز الاحتجاز في “مدينة الصالح”. وخلال فترات طويلة بين العام 2016 والعام 2019، تحفظت إدارة مركز الاحتجاز عن مصير المحتجزين فيه، ولم تسمح لهم بالتواصل مع ذويهم. وتعرض المحتجزون في هذا المركز لأشكال متعددة من التعذيب والمعاملة اللاإنسانية، بما في ذلك الصعق بالكهرباء، والضرب المبرح بالعصي والأسلاك، ونزع الأظافر. وكذلك يتلقون وعودًا بالإفراج عنهم، لكن بدلًا من ذلك يتم أخذهم إلى أماكن أخرى والاعتداء عليهم بالضرب المبرح قبل إعادتهم مجددًا إلى مكان الاحتجاز.

معسكر الجلاء في محافظة عدن: يتبع معسكر الجلاء اللواء الأول دعم وإسناد وهو أحد الألوية التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيًا ويقع في مديرية البريقة بمدينة عدن. وبداخل معسكر الجلاء منطقتان على الأقل يحتجز فيهما المعتقلون، أحدهما مبنى من الصفيح، والآخر يقع في قبوٍ تحت الأرض. وقد تحققت “مواطنة” لحقوق الإنسان مما لا يقل عن 13 واقعة احتجاز تعسفي، 17 واقعة تعذيب في هذا المعسكر، خلال الفترة من مايو/ أيار 2016 إلى أبريل/ نيسان 2020. ونفد اللواء الأول دعم وإسناد حملات اعتقال عبر مداهمة المنازل ليلًا، نقل بعدها محتجزون إلى معسكر الجلاء ونسبت إليهم تهمًا بالانتماء لجماعات دينية مسلحة. وتعرض محتجزون في سجن المعسكر لضروب من التعذيب من بينها الصعق بالكهرباء، والحرمان من النوم، والتعليق في السقف لساعات، في بعض الحالات بشكل مقلوب، والتهديد باغتصابهم أو اغتصاب ذويهم.

معسكر التحالف في محافظة عدن: يسمى أيضًا بمقر القوات الإماراتية وقاعدة التحالف، وهو مركز احتجاز غير رسمي، يدار من قبل القوات الإماراتية (تم استبدالها بقوات سعودية حاليًا)، ويقع في مديرية البريقة بمدينة عدن. وثقت “مواطنة” لحقوق الإنسان في الفترة الذي يشملها التقرير ما لا يقل عن 15 واقعة احتجاز تعسفي، و8 واقعة تعذيب، و3 وقائع وفاة في مكان الاحتجاز في معسكر التحالف. وقال محتجزون سابقون لـ “مواطنة” بأنهم تعرضوا للضرب المبرح، والصعق الكهربائي، والتفتيش الذاتي (تفتيش في تجاويف الجسم)، والتعري القسري والمهين الذي قد يمتد لساعات.

الأمن السياسي بمحافظة مأرب: تدير سجن الأمن السياسي في مأرب قوات حكومية محسوبة على حزب الإصلاح وتابعة للرئيس هادي. وثقت “مواطنة” لحقوق الإنسان في هذا السجن خلال الفترة من مايو/أيار 2016 وحتى أبريل/نيسان 2020، ما لا يقل عن 31 واقعة احتجاز تعسفي، و4 وقائع تعذيب منها على الأقل 3 وقائع وفاة في مكان الاحتجاز. وقال معظم من قابلتهم “مواطنة” من المحتجزين في الأمن السياسي بمأرب أن عملية اعتقالهم تمت في نقطة “الفلج” التي تقع في البوابة الشمالية للمدينة. وتبين أن الاحتجاز كان بناءً على اللقب العائلي للعابرين من النقطة، ويعتبر الاحتجاز بتهمة الانتماء لجماعة أنصار الله (الحوثيين) هو النمط السائد. وتعرض المحتجزون في الأمن السياسي بمأرب للتعذيب بالنار والضرب المبرح، ومنع استخدام دورات المياه. ولم تستجب إدارة الأمن السياسي لمذكرات إطلاق سراح بما في ذلك الصادرة عن وزارة الداخلية والنيابة العامة.

جهاز الأمن والمخابرات “الأمن السياسي سابقًا” بمحافظة الحديدة: احتجزت جماعة أنصار الله (الحوثيون) مدنيين ومعارضين سياسيين في جهاز الأمن والمخابرات “الأمن السياسي سابقًا” بمدينة الحديدة. تحققت “مواطنة” لحقوق الإنسان مما لا يقل عن 24 واقعة احتجاز تعسفي، و7 وقائع تعذيب خلال الفترة من مايو/أيار 2016 وحتى أبريل/نيسان 2020. وعمدت إدارة جهاز الأمن والمخابرات بالحديدة إلى أساليب تعذيب منها الضرب المبرح، والصعق بالكهرباء. وقال محتجزون سابقون إنهم احتُجِزوا دون أمر بالقبض عليهم، كما لم توجه لهم تهم رسمية، ولم يتم التحقيق معهم إلا بعد فترات طويلة من الاحتجاز، كما أنهم حرموا من حقهم بتوكيل محامٍ. وقال ذوو ضحايا لـ”مواطنة” إنهم منعوا من التواصل مع ذويهم لفترات طويلة.

كلية المجتمع في محافظة ذمار: استخدمت جماعة أنصار الله (الحوثيون) مبنى واحدًا على الأقل من مباني كلية المجتمع بمدينة ذمار كمركز احتجاز، ونقلت إليه محتجزين من مختلف المحافظات التي تقع تحت سيطرتهم. وقد تحققت “مواطنة” لحقوق الإنسان، خلال الفترة التي يشملها التقرير، مما لا يقل عن 36 واقعة احتجاز تعسفي وواقعتيّ تعذيب وواقعة وفاة في مكان الاحتجاز في كلية المجتمع. وقال محتجزون سابقون لـ “مواطنة” إن ظروف الاحتجاز كانت سيئة للغاية وغير متوافقة مع المتطلبات الصحية الأساسية، وأن أمراضًا معدية انتشرت بين المحتجزين كالسل والجرب. واستخدمت الجماعة أساليب تعذيب متنوعة بحق المحتجزين لغرض استجوابهم، منها الضرب المبرح، والحرمان من استخدام دورات المياه، واستخدام مكبرات الصوت لإصدار ضجيج يمنع النوم.

مطار الريان في محافظة حضرموت: جعلت القوات الإماراتية من مطار الريان الدولي بمدينة المكلا، محافظة حضرموت، مركز احتجاز غير رسمي. وتحققت “مواطنة” لحقوق الإنسان مما لا يقل عن 38 واقعة احتجاز تعسفي و10 وقائع تعذيب في هذا المركز. وقال محتجزون سابقون إنهم احتجزوا في مستودعات ضيقة ومظلمة، ولاقوا ضروبًا من التعذيب والمعاملة المسيئة، منها الحرمان من الطعام والماء، والصعق بالكهرباء، والركل، والضرب بالسياط، والحرق بأعقاب السجائر. وقال آخرون إنهم تعرضوا لأشكال مهينة من المعاملة القاسية كالحرمان من أداء الشعائر الدينية، والإجبار على التعري والسجود لعلم دولة الإمارات.

سجن 7 أكتوبر في محافظة أبين: يتولى الحزام الأمني بمحافظة أبين التابع للمجلس الانتقالي الجنوبي والمدعوم من الإمارات إدارة سجن “7 أكتوبر” في منطقة الرواء بمديرية خنفر بمحافظة أبين. وخلال الفترة من يناير/ أيار 2016 وحتى أبريل/نيسان 2020، تحققت “مواطنة” لحقوق الإنسان مما لا يقل عن 50 واقعة احتجاز تعسفي، و29 واقعة تعذيب منها 4 وقائع وفاة في مكان الاحتجاز في هذا السجن. وقامت قوات الحزام الأمني بالقبض واحتجاز مدنيين بشكل تعسفي، ومنع محتجزين من حقهم بالتواصل مع أقاربهم أو محامييهم. كما تعرض المحتجزون لأشكال من التعذيب وضروب أخرى من المعاملة المسيئة، منها الصعق بالكهرباء، وضرب الأطراف بالمطارق، والجلد بالسياط، والضرب بأعقاب الأسلحة، والحرمان من حصص الماء والغذاء، ونزع الأظافر، والإجبار على شرب البول، والتعليق من السقف لفترات طويلة. كما تعرض الضحايا لتعذيب جنسي كحرق الأعضاء التناسلية. وقال شهود عيان إن جثثًا لمحتجزين ألقيت في فناء مستشفى الرازي، بمنطقة جعار بمديرية خنفر.

جهاز الأمن والمخابرات “الأمن السياسي سابقًا” في محافظة إب: تدير جماعة أنصار الله (الحوثيون) جهاز الأمن والمخابرات “الأمن السياسي سابقًا “بمحافظة إب، وأودعت فيه محتجزين يعتقد بأنهم معارضون سياسيون تم القبض عليهم دون أمر بالقبض. وفي الفترة من مايو/ أيار 2016 إلى أبريل/نيسان 2020، تحققت “مواطنة” لحقوق الإنسان مما لا يقل عن 44 واقعة احتجاز تعسفي،  و5 وقائع تعذيب في جهاز الأمن والمخابرات بإب. وتحدث محتجزون سابقون أنهم تعرضوا للتعذيب وضروب أخرى من المعاملة السيئة في غُرف الاحتجاز الانفرادية، مثل الضرب بالسوط وأعقاب البنادق، والصعق بالكهرباء. وقالوا أيضًا إنهم اعتقلوا تعسفًا، وظلوا محتجزين تعسفًا ولم يُسمح لمحامييهم بحضور جلسات الاستجواب.

ويعرض الجزء الثاني من التقرير نماذج من الاختفاءات القسرية التي تعرض لها مدنيون في مناطق جغرافية مختلفة من الأراضي اليمنية تخضع لسلطات مختلفة، وهي:

اختفاءات قسرية في مناطق سيطرة الإمارات وقوات موالية لها: أنشأت القوات الإماراتية بعد سيطرتها على مناطق في جنوب اليمن سجونًا غير رسمية، أخفي فيها قسرا مدنيون يعتقد أنهم مناوئون لها، بحجة محاربة الإرهاب غالبًا، ودعمت الإمارات جماعات مسلحة محلية تدين لها بالولاء تحت مسميات مختلفة كالحزام الأمني، والنخبة الحضرمية، والنخبة الشبوانية، والتي ساهمت في إدارة تلك السجون. ووثقت “مواطنة” لحقوق الإنسان ما لا يقل عن 326 واقعة اختفاء قسري في مناطق سيطرة القوات الإماراتية والجماعات المسلحة التابعة لها خلال الفترة من مايو/أيار 2016 وحتى أبريل/نيسان 2020. وتعرض محتجزون في تلك السجون غير الرسمية للاختفاء القسري ولم تعلم أسرهم بمصيرهم أو مكان احتجازهم. ورغم مساعي أسر المختفين قسريًا في التواصل مع المسؤولين عن إدارة تلك السجون، والتنقل بين عدة سجون في محافظات مختلفة، إلا أن المسؤولين عن تلك السجون لم يفصحوا لهذه الأسر عن مصير ذويهم المختفين أو مكان احتجازهم.

اختفاءات قسرية في مناطق سيطرة قوات موالية للرئيس هادي: وثّقت “مواطنة” لحقوق الإنسان، خلال الفترة من مايو/أيار 2016 وحتى أبريل/نيسان 2020ما لا يقل عن 90 حالة اختفاء قسري، في مناطق سيطرة قوات موالية لهادي في محافظات: (مأرب، وتعز، والجوف، وشبوة، وحضرموت). وتعرض محتجزون في نقطة الفلج للاختفاء القسري. ولم تسمح السلطات في محافظة مأرب، غالبًا، بزيارة بعض المحتجزين، ولم تفصح عن مصيرهم أو مكان احتجازهم.

اختفاءات قسرية في مناطق جماعة أنصار الله (الحوثيون): ما يزال الكثير من المحتجزين لدى جماعة أنصار الله (الحوثيين) مختفين قسرًا ولم يسمح لهم بالتواصل مع ذويهم أو السماح لذويهم بمعرفة مصيرهم. وخلال الفترة التي يشملها التقرير، وثقت “مواطنة” لحقوق الإنسان ما لا يقل عن 353 حالة اختفاء قسري، في مناطق سيطرة جماعة أنصار الله (الحوثيين) في محافظات: (أمانة العاصمة، وصنعاء، وإب، وعمران، وريمة، وذمار)، وأجزاء من محافظات: (تعز، والبيضاء، وحجة، والحديدة، وصعدة، والضالع). كما أن الهجمات الجوية التي شنتها مقاتلات التحالف بقيادة السعودية والإمارات على ما لا يقل عن أربعة سجون ومراكز احتجاز في مناطق سيطرة الحوثيين، زادت من مخاوف ذوي المختفين قسرًا حول مصير أبنائهم المحتجزين، في ظل رفض سلطات جماعة أنصار الله (الحوثيين) مشاركة معلومات عن مصيرهم وأماكن احتجازهم.

الانتهاكات المتعلقة بالاحتجاز في النزاع اليمني

يعتبر ملف الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري والتعذيب أحد أقسى ملفات الحرب في اليمن بتأثيره الكبير على المجتمع، وتشاركت جميع أطراف النزاع في هذا الملف على امتداد اليمن، لتؤكد من خلاله وجودها كسلطات متعددة لكن بسلوك غير قانوني واحد.

منذ العام 2016، وثقت “مواطنة” لحقوق الإنسان 1605 واقعة احتجاز تعسفي و770 واقعة اختفاء قسري ، و344 واقعة تعذيب، و66 واقعة وفاة في مكان الاحتجاز. وتتحمل الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا المسؤولية عن 282 من الاحتجازات التعسفية أو المسيئة، و90 من وقائع الاختفاء القسري ، و65 من وقائع التعذيب، و14 واقعة وفاة في مكان الاحتجاز، بينما تتحمل جماعة أنصار الله (الحوثيون) المسؤولية عن 904 واقعة من الاحتجازات التعسفية أو المسيئة، و353 من وقائع الاختفاء القسري، و138 من وقائع التعذيب، و27 واقعة وفاة في مكان الاحتجاز، وتتحمل القوات الإماراتية وجماعات مسلحة تابعة لها المسؤولية عن 419 من الاحتجازات التعسفية أو المسيئة،  و327 من وقائع الاختفاء القسري،  و141 من وقائع التعذيب،  و25 واقعة وفاة في مكان الاحتجاز.

مناطق تحت سيطرة جماعة أنصار الله (الحوثيين)

تقول والدة أحد الشباب المحتجزين تعسفيًا في سجون جماعة أنصار الله (الحوثيين) وهي تتحدث عن المتاعب التي واجهتها في سبيل أن ينال ولدها حريته: “لقد تعرضنا لأشكال من الإذلال”.

وزادت وقائع الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري منذ سيطرة جماعة (أنصار الله) الحوثيين على العاصمة اليمنية صنعاء في 21 سبتمبر/أيلول 2014 ومد نفوذها جنوبًا وغربًا، وتدخل التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في 26 مارس 2015، فوسع الحوثيون من حملتهم في ملاحقة المعارضين السياسيين والصحفيين والناشطين الحقوقيين والأقليات الدينية وحتى المسافرين المدنيين واحتجازهم تعسفيًا أو إخفائهم قسريا وتعذيبهم، وانسحب الأمر أيضًا على كل من يشتبه صلته بالتحالف، أو مثل تهديدًا مفترضًا لوجودها.

لم يُمنح الأفراد الذين يتم احتجازهم حقوقهم الأساسية، وتم القبض عليهم دون أمر قضائي، وخضعوا للاحتجاز دون سبب محدد، ومنعوا من الحق في المثول أمام قاضٍ، أو استشارة محامٍ، أو الطعن في احتجازهم. وخضع بعض المحتجزين لمحاكمات شكلية، لا ترقى إلى مستوى العدالة، إلى جانب تعرضهم لكل ضروب الممارسات القاسية واللاإنسانية في السجون والمحتجزات.

ويقول لـ”مواطنة” أحد القانونيين إن المحاكمات التي تمت، وتحديدًا في صنعاء، تفتقر لأبسط الضمانات، “فمحامي المتهمين لا يسمح له بلقاء موكله إلا مرة أو مرتين فقط، وتقوم النيابة بالتحقيق مع المحتجزين في أوقات ليلية لا يسمح بها القانون اليمني، ويكون تحقيقا طويلا يتم خلاله عصب عيني المحتجز وأخذ أقواله تحت التهديد والضغط النفسي. وأمام النيابة العامة أو في قاعة المحكمة في الغالب لا يسمح للمحامي بالترافع، أو أخذ نسخة من ملف القضية”.

وتعمد جماعة أنصار الله (الحوثيون) إلى استخدام الاحتجاز والاختفاء القسري والتعذيب أسلوبًا للهيمنة وبث الرعب في أوساط المجتمع. فعادة ما تلجأ إلى تسجيل المحتجزين وأخذ اعترافات منهم بالإكراه، ليتم بث هذه الاعترافات على القنوات الحكومية التي يفرضون سيطرة عليها، بالإضافة إلى قناة “المسيرة” التابعة لهم، وقنوات أخرى موالية. كما أجبرت الجماعة أفرادًا على الاعتراف بتهم ملفقة قبل الإفراج عنهم، وكذلك تقديم تعهدات تشترط فيها إعادة المحتجز السابق إلى السجن في حال نكث بما تعهد به، وغالبًا ما كانت هذه التهم عبثية.

إلى جانب ظروف الاحتجاز المروعة والمحطة للكرامة، واحتجاز العشرات في مقار وزنازين ضيقة، تتعرض هذه المقار للقصف الجوي من قبل طائرات التحالف، وهو ما حدث بالفعل، لأربعة أماكن احتجاز على الأقل، في ذمار والحديدة وصنعاء.

ويتحكم بجهاز الحجز والاحتجاز لدى الجماعة، شبكة معقدة من المسؤولين الأمنيين، والذين يقومون بوظيفة عرقلة أي مساعٍ لإطلاق سراح من احتجزوهم، إلى درجة أن أوامر زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، تصطدم أحيانًا بهذه الشبكة، ويتم عرقلة إنفاذها. وترافق هذا الانتهاك انتهاكات أخرى موازية بحق أهالي وذوي الضحايا، ابتداء من الابتزاز النفسي وانتهاء بالابتزاز المالي أثناء اختفاء ذويهم، كما أن بعض المضبوطات التي تصادرها جهات الضبط لحظة القبض على المحتجز أو مداهمة منزله، لا يتم إعادتها، ومن ذلك أجهزة الكترونية وسيارات وذهب ونقود. ووثقت “مواطنة” لحقوق الإنسان أيضًا حالات تم فيها تبادل محتجزين مدنيين من قبل جماعة أنصار الله (الحوثيين) ضمن صفقة تبادل للمحتجزين من العسكريين مع قوات الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا.

وترفض الجماعة أي شكل من أشكال الرقابة على أماكن الاحتجاز والتي تمارس فيها الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري وأشكال التعذيب، وضروب المعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة، وتتجاهل عادةً تقارير حقوق الإنسان التي تلقي الضوء على جانب طفيف من هذه الممارسات، على بشاعتها.

وإلى جانب ظروف الاحتجاز المروعة والمحطة للكرامة، واحتجاز العشرات في مقار وزنازين ضيقة، تتعرض هذه المقار للقصف الجوي من قبل طائرات التحالف، وهو ما حدث بالفعل، لأربعة أماكن احتجاز على الأقل، في ذمار والحديدة وصنعاء.

وكانت آخر هذه الهجمات، في مساء السبت 31 أغسطس/آب 2019، عندما قصف التحالف بقيادة السعودية والإمارات أربعة مبانٍ تابعة لكلية المجتمع، والتي يتخذ الحوثيون من مبنىً واحد فيها على الأقل مركزًا للاحتجاز، ما أدى إلى قتل وجرح ما يقارب من 170 من المدنيين والأسرى المحميين بالقانون الدولي الإنساني. وأوضحت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن في بيان عقب الهجمة، أنها كانت على اطلاع بالمكان، وقامت بزيارته بشكل دوري في أوقات سابقة.

مناطق تحت سيطرة الإمارات وجماعات مدعومة منها

أما في جنوب اليمن، وبعد إخراج جماعة أنصار الله (الحوثيين) من عدن وبعض المحافظات الجنوبية الأخرى، حدثت انشقاقات بين الأطراف التي قامت بمواجهة جماعة أنصار الله (الحوثيين)، وسط حالة من الاستقطاب والتعبئة.

وتخضع مدينة عدن حاليًا، لسيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات، وتنتشر في العاصمة المؤقتة عدن، قوات الحزام الأمني، فيما تسود قوات ما تسمى بـ “النخبة” في محافظة حضرموت، وتشرف هذه القوات على محتجزات بعضها غير رسمية، إلى جانب أخرى تشرف عليها قوات من التحالف العربي.

ويبدو أن قوات التحالف، وبالتحديد الإمارات والأطراف المتحالفة معها، تستخدم الاحتجازات لتصفية حسابات مع الإصلاح (حزب التجمع اليمني للإصلاح) ضمن حملة قمع وإرهاب من شأنها إنهاء أي تواجد سياسي للحزب في المحافظات الجنوبية. وسبق هذه الحملات، تحريض إعلامي واسع لمسؤولين إماراتيين على من يسمونهم “الإخوان المسلمين”، وجدت لها تجاوبًا وصدى لدى قيادات في المجلس الانتقالي الجنوبي.

يتعرض المحتجزون في أقبية السجون وأماكن الاحتجاز لصنوف من التعذيب، وضروب من المعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة، كاللطم، والركل، والحرق، والإيهام بالغرق، والتعليق، ومنع الماء والحصص الغذائية عنهم، ومنعهم من أداء الشعائر الدينية، وممارسات أخرى محطة للكرامة تصل إلى الاغتصاب أو التلويح به.

وساد خلال الأزمة شكل آخر من الاحتجازات، حيث يتم أخذ الناس عنوة، وإخفائهم وتعذيبهم، بتهم الانتماء إلى تنظيم القاعدة، أو تنظيمات متطرفة أخرى مثل تنظيم الدولة الإسلامية. ولأن التحالف يقوم بدفع مبالغ مالية نظير قيام متعاونين بالتبليغ عن أي عناصر مشتبهة، شجّع هذا الأمر في توسيع دائرة الانتهاكات، حيث أُبلغ عن بعض الأشخاص بدوافع أخرى من بينها تصفية حسابات شخصية، أو التكسب المالي.

كما تستخدم الإمارات وحلفائها الاحتجازات لإخضاع أي معارضة اجتماعية لأنشطتها أو انتهاكاتها، ووثقت “مواطنة” لحقوق الإنسان احتجاز ناشطين على خلفية انتقادهم لممارسات قوات التحالف، والأجهزة العسكرية والأمنية المنضوية تحتها أو المدعومة منها. وبعد أغسطس/آب 2019، أصبحت تهمتي العمل مع “القوات الحكومية” أو “التعاون معها” كافيتين لإيقاع أشد الممارسات من قبل الحزام الأمني وقوات النخبة التابعتين للمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات.

ويتعرض المحتجزون في أقبية السجون وأماكن الاحتجاز لصنوف من التعذيب، وضروب من المعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة، كاللطم، والركل، والحرق، والإيهام بالغرق، والتعليق، ومنع الماء والحصص الغذائية عنهم، ومنعهم من أداء الشعائر الدينية، وممارسات أخرى محطة للكرامة تصل إلى الاغتصاب أو التلويح به.

وقدمت الولايات المتحدة الأمريكية دعمًا عسكريًا للتحالف بقيادة السعودية والإمارات، حيث واصلت الولايات المتحدة هجمات الطائرات بدون طيار، وعملت كذلك مع الإمارات العربية المتحدة في عمليات مكافحة الإرهاب، بما في ذلك شن هجمات مشتركة، وطلب نسخ من محاضر استجواب المحتجزين. في تقرير إلى الكونجرس أواخر العام 2018، اعترفت وزارة الدفاع بأن القوات الأمريكية كانت في اليمن منذ مايو 2016 لدعم العمليات ضد القاعدة في شبة الجزيرة العربية والدولة الإسلامية في اليمن، و”إجراء استجواب استخباراتي للمحتجزين في أماكن احتجاز تابعة للشريك”. وعلى الرغم من التقارير المتعددة والموثوقة الصادرة عن الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية اليمنية والدولية، زعم التقرير أن الوزارة لم تتوصل بعد لـ “أي معلومات موثوقة مستقلة تشير إلى أن حلفاء الولايات المتحدة أو شركاءها أساءوا معاملة محتجزين في اليمن”.[2]

مناطق تحت سيطرة قوات موالية للرئيس هادي

تسيطر قوات حكومية محسوبة على حزب “الإصلاح” وموالية للرئيس هادي على سجون في محافظة مأرب، منها سجن شعبة الاستخبارات العسكرية بالمنطقة العسكرية الثالثة [3]، وسجن الأمن السياسي الذي يحتجز فيها إلى جانب العسكريين أشخاص مدنيون. واستخدمت السلطات في مأرب العديد من التهم غير الرسمية التي توجه للمحتجزين، بينها التخابر لصالح الإمارات، أو العمل لصالح جماعة أنصار الله (الحوثيين)، إلى جانب اتهامات أخرى.

وطالت الاحتجازات واحدة من أكثر الشرائح اضطهادا، المهمشين، وعددًا آخر من المسافرين القادمين من محافظات شمالية، احتجز غالبيتهم في طريق ذهابهم أو عودتهم من مطار سيئون الذي يمر بمأرب. وتعد نقطة الفلج مصيدة كبيرةً للمدنيين  اللذين تم إيقافهم لأوقات طويلة، ومساءلتهم، واحتجازهم. ووثقت “مواطنة” لحقوق الإنسان وقائع كثيرة، تشير إلى أن العديد من الناس تم احتجازهم على أساس ألقابهم.

وتعرض المحتجزون للضرب بالكابل، واللكم والركل في أجزاء مختلفة من الجسد وخاصة منطقة الكلى. ويصف أحد المحتجزين زنزانة في شعبة الاستخبارات العسكرية قائلًا: “وضعونا في غرفة صغيرة لا تتعدى مساحتها ثلاثة أمتار مربعة، وفيها ما يقارب 12 شخصًا، ولا توجد فيها نوافذ للتهوية، وأغلب الوقت نجلس فيها جميعًا ولا يتمكن أحدنا من مد رجليه أو التمدد على ظهره لضيق الغرفة وكثرة المسجونين فيها، وتملأ أجواء الغرفة رائحة الحمام النتنة، ولا يأت الماء إلا كل يومين”.

لإنهاء الانتهاكات المتعلقة بالاحتجاز في اليمن، ووضع حد للإفلات من العقاب

إن الممارسات التي تفصلها العديد من الوقائع في هذا التقرير، بما في ذلك التعذيب، وأخذ الرهائن، والعنف الجنسي، والاعتداء على الكرامة الشخصية؛ ترقى إلى جرائم حرب، ويمكن على أساسها مقاضاة العسكريين والقادة المدنيين بتهمة ارتكاب جرائم حرب باعتبارهم “مسؤولي قيادة” يعلمون أو كان يجب أن يعلموا بارتكاب جرائم حرب ولم يتخذوا إجراءات كافية لمعنها أو معاقبة المسؤولين عنها.

إن المساءلة والتعويض عن مثل هذه الانتهاكات الخطيرة هي جزء حاسم لإنهاء دائرة العنف وضمان العدالة للضحايا وتمهيد الطريق نحو اليمن الآمن. وعلى الرغم من أن منظمات حقوق الإنسان كشفت الكثير من الانتهاكات التي ارتكبتها الأطراف المتحاربة في جميع أنحاء اليمن، إلا أن الإفلات من العقاب لا يزال قائمًا.

لقد أظهرت جميع الأطراف المتحاربة في اليمن أنها غير راغبة في اتخاذ خطوات جادة نحو المساءلة والتعويض الحقيقيين. وبالتالي، تدعو “مواطنة” لحقوق الإنسان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى تجديد وتعزيز ولاية فريق الخبراء البارزين، ودعمه لمواصلة التحقيقات. كما تطالب “مواطنة” مجلس الأمن الدولي -الذي فشل حتى الآن في دفع الأطراف للامتثال للقانون الدولي في اليمن بشكل كاف- بأن يعلن بوضوح أن مساءلة مرتكبي جرائم الحرب والإنصاف للضحايا هي الحد الأدنى لأي عملية انتقالية في اليمن، وإظهار جدية المجلس بإحالة الوضع في اليمن إلى المحكمة الجنائية الدولية.

وتدعو “مواطنة” لحقوق الإنسان جميع الدول إلى ممارسة الولاية القضائية ذات الاختصاص العالمي أو أي أشكال أخرى من الولاية القضائية على النحو المنصوص عليه في القانون الدولي والمحلي للتحقيق مع المسؤولين العسكريين والمدنيين الذين يُزعم تورطهم في جرائم جنائية في اليمن في انتهاك للقانون الدولي، ومقاضاتهم، إذا سمحت الأدلة بذلك.

[1] من مقابلة أجرتها منظمة “مواطنة” لحقوق الإنسان مع والدة أحد المحتجزين، بتاريخ 21 يناير/كانون الثاني 2018.

[2] راجع، أليكس إيمونس، “Pentagon Issues Blanket Denial That It Knows Anything About Detainee Abuse in Yemen,” . 7 يناير/ كانون الثاني 2019. https://theintercept.com/2019/01/07/yemen-prison-torture-uae-dod/;  وهيومن رايتس واتش:“Yemen: UAE Backs Abusive Local Forces,”، يونيو 2017. https://www.hrw.org/news/2017/06/22/yemen-uae-backs-abusive-local-forces.

[3] ينقسم الجيش اليمني إلى 7 مناطق عسكرية، وتملك كل منطقة عسكرية شعبة استخبارات خاصة بها.