قالت مواطنة لحقوق الإنسان أن على جميع أطراف النزاع في اليمن الإفراج عن جميع المحتجزين تعسفياً والمختفيين قسرياً بشكل فوري وعاجل في ظل المخاطر المترتبة على انتشار وباء كوفيد-19.
صنعاء – قالت مواطنة لحقوق الإنسان أن على جميع أطراف النزاع في اليمن الإفراج عن جميع المحتجزين تعسفياً والمختفيين قسرياً بشكل فوري وعاجل في ظل المخاطر المترتبة على انتشار وباء كوفيد-19 في اليمن. وأكدت “مواطنة” اليوم في بيان أعلنت فيه إطلاق تقرير “في العتمة” بأن جميع أطراف النزاع احتجزت مئات اليمنيين في مراكز احتجاز غير رسمية، وأن محتجزين تعرضوا للاختفاء القسري والتعذيب، وبعض هذه الممارسات قد ترقى إلى جرائم حرب. وجددت “مواطنة” مطالبتها لجماعة أنصار الله (الحوثيين) وحكومة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي والسلطات الموالية لحزب الإصلاح في مأرب وتعز، والقوات الإماراتية والجماعات المتحالفة معها بما في ذلك المجلس الانتقالي الجنوبي الإفراج فوراً عن جميع المحتجزين تعسفياً والكف عن ممارسة التعذيب والكشف عن مصير المختفيين قسرياً.
وقد أصدرت “مواطنة” اليوم تقريراً بعنوان “في العَتمة: وقائع الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري والتعذيب في مراكز الاحتجاز غير الرسمية” الذي يوثق وقائع الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري والتعذيب خلال الفترة مايو/ أيار 2016 – أبريل/ نيسان 2020 من قبل كافة أطراف النزاع. ويتكون التقرير من جزئين: يوثق الجزء الأول 11 مركزاً غير رسمياً ووقائع الاحتجاز التعسفي والتعذيب التي تمت في هذه المراكز بما في ذلك حالات الوفاة، ويسلط الجزء الثاني من التقرير الضوء على وقائع للاختفاء القسري في المناطق التي تقع تحت سيطرة ثلاثة أطراف رئيسية: جماعة أنصار الله (الحوثيين)، وحكومة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي والسلطات الموالية لحزب الإصلاح في مأرب وتعز، والقوات الإماراتية والجماعات المتحالفة معها بما في ذلك المجلس الانتقالي الجنوبي.
ومنذ العام 2016، وثقت “مواطنة” 1605 واقعة احتجاز تعسفي و770 واقعة اختفاء قسري، و344 واقعة تعذيب، منها 66 واقعة وفاة في مكان الاحتجاز.
تتحمل جماعة أنصار الله (الحوثيون) المسؤولية عن 904 واقعة من الاحتجازات التعسفية أو المسيئة، و353 من وقائع الاختفاء القسري، و138 من وقائع التعذيب منها 27 واقعة وفاة في مكان الاحتجاز، بينما تتحمل الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا المسؤولية عن 282 من الاحتجازات التعسفية أو المسيئة، و90 من وقائع الاختفاء القسري، و65 من وقائع التعذيب منها 14 واقعة وفاة في مكان الاحتجاز. وتتحمل القوات الإماراتية وجماعات مسلحة تابعة لها المسؤولية عن 419 من الاحتجازات التعسفية أو المسيئة، و327 من وقائع الاختفاء القسري، و141 من وقائع التعذيب منها 25 واقعة وفاة في مكان الاحتجاز.
لازالت أطراف النزاع تمعن في إهانة كرامة اليمنيين بشكل متواصل من خلال الاستمرار في ممارسة انتهاكاتها بما في ذلك الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري والتعذيب. لقد تعرض العديد من الضحايا إلى أنماط من التعذيب يند لها الجبين. لا بد من التحرك العاجل للإفراج عن جميع المحتجزين تعسفياً كإحدى خطوات الاستجابة لانتشار كوفيد-19 في مراكز الاحتجاز، في ظل المخاطر المحدقة بالمحتجزين
وقد استخدمت جميع أطراف النزاع في اليمن الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري والتعذيب ضد جميع معارضيها أو من تعتقد بأنهم أتباع أو مناصرون لخصومها. كما مارست الأطراف هذه الانتهاكات ضد مدنيين لفرض سطوتها في المناطق التي تسيطر عليها.
قالت رضية المتوكل، رئيسة مواطنة لحقوق الإنسان: “لازالت أطراف النزاع تمعن في إهانة كرامة اليمنيين بشكل متواصل من خلال الاستمرار في ممارسة انتهاكاتها بما في ذلك الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري والتعذيب. لقد تعرض العديد من الضحايا إلى أنماط من التعذيب يند لها الجبين. لا بد من التحرك العاجل للإفراج عن جميع المحتجزين تعسفياً كإحدى خطوات الاستجابة لانتشار كوفيد-19 في مراكز الاحتجاز، في ظل المخاطر المحدقة بالمحتجزين”.
ويتضمن التقرير أيضاً توصيات لأطراف النزاع والسلطات في اليمن، وإلى بعض الدول والأطراف ذات الصلة كالإمارات والسعودية والولايات المتحدة ومجلس الأمن. من بين أهم التوصيات الموجهة إلى جميع أطراف النزاع والسلطات في اليمن الإفراج الفوري عن جميع المحتجزين بشكل تعسفي بصورة عاجلة، في ظل التهديدات التي يمثلها انتشار فيروس (كوفيد-19).
يوثق التقرير عن كثب نماذج للاعتقالات التعسفية والمسيئة، بما فيها من تعذيب وسوء المعاملة أثناء الاستجواب في 11 موقع احتجاز غير رسمي في جميع أنحاء اليمن تديرها أطراف النزاع المختلفة. وتقع هذه المراكز في العاصمة صنعاء، عدن، تعز، مأرب، الحديدة، ذمار، حضرموت، أبين، وإب.
في حين أن ظروف الاحتجاز في جميع أنحاء اليمن، بما في ذلك في مواقع الاحتجاز الرسمية، مروعة في كثير من الأحيان، فإن الوصول لمواقع الاحتجاز غير الرسمية بالنسبة للمراقبين المستقلين والأسر يكون عادة بين المحدود وغير المتاح. وفي هذه المواقع بشكل خاص ينتشر التعذيب وأشكال أخرى من المعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة، كما تستخدم لإخفاء الناس لفترات طويلة.
وقد استخدمت أطراف النزاع أنماط مختلفة للتعذيب وغيرها من أشكال المعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة من بينها الحرمان من الطعام والماء، والحرمان من النوم، والصعق بالكهرباء، والركل، والضرب بالسياط، والضرب بأعقاب الأسلحة، وضرب الأطراف بالمطارق، والضرب المبرح، والحرق بأعقاب السجائر، والجلد بالسياط، ونزع الأظافر، والإجبار على شرب البول، والتعليق من السقف لفترات طويلة. كما تعرض بعضهم إلى حرق أعضائهم التناسلية، والإذلال الجنسي، والتهديد باغتصابهم أو باغتصاب ذويهم. وقال آخرون أنهم تعرضوا لأشكال مهينة من المعاملة القاسية كالحرمان من أداء الشعائر الدينية، والإجبار على التعري.
وإلى جانب ظروف الاحتجاز المروعة والمحطة للكرامة، واحتجاز العشرات في مقار وزنازين ضيقة، تتعرض هذه المقار للقصف الجوي من قبل طائرات التحالف، وهو ما حدث بالفعل، لأربعة أماكن احتجاز على الأقل، في ذمار والحديدة وصنعاء.
وكانت آخر هذه الهجمات، في مساء السبت 31 أغسطس/آب 2019، عندما قصف التحالف بقيادة السعودية والإمارات أربعة مبانٍ تابعة لكلية المجتمع في ذمار، والتي يتخذ الحوثيون من مبنىً واحد فيها على الأقل مركزًا للاحتجاز. أدى الهجوم إلى قتل وجرح ما يقارب من 170 من المدنيين والأسرى المحميين بالقانون الدولي الإنساني. وأوضحت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن في بيان عقب الهجمة، أنها كانت على اطلاع بالمكان، وقامت بزيارته بشكل دوري في أوقات سابقة.
في 10 أبريل / نيسان الماضي، أعلنت السلطات في حضرموت عن أول حالة مؤكدة لفيروس كوفيد-19 في اليمن. نظراً لمحدودية القدرة للاختبار في اليمن، ورفض الأطراف المتحاربة لا سيما جماعة أنصار الله (الحوثيين) تقديم معلومات شفافة تتعلق بتفشي الوباء في المناطق الخاضعة لسيطرتها، فمن المستحيل قياس المدى الحقيقي لمدى انتشار الفيروس في اليمن. أصبحت صفحات وسائل التواصل الاجتماعي مليئة بالتعازي، وقد امتلأت المقابر بالجثث، وأكدت المنظمات الإنسانية أن فيروس كوفيد-19 ينتشر على مستوى المجتمع مع وجود تداعيات جسيمة.
تأتي أهمية هذه الخطوات مع الظروف السيئة في مراكز الاحتجاز عموماً في اليمن. أصدرت مواطنة في ديسمبر/ كانون الأول 2019 دراسة متعلقة بوضع مراكز الاحتجاز حيث تشير الدراسة إلى أنها مكتظة وغير صحية، وبدون تهوية كافية، أو دورات مياه، أو مرافق استحمام، ولا يتمكن المحتجزون -غالبًا- من الوصول إلى مواد مثل الصابون. كما لا تتوفر رعاية صحية روتينية، وفي بعض الحالات يتم حرمان جميع المحتجزين من هذه الخدمة.
وفي فبراير/ شباط الماضي، أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومكتب المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن جريفيث بأنه تم الاتفاق على خطة لأول عملية تبادل رسمية واسعة النطاق للأسرى والمحتجزين منذ بداية النزاع. ومن ذلك الحين، لم يتم تنفيذ هذه الخطة بعد. بالمقابل، شهدت عدة مناطق يمنية مؤخراً عمليات إفراج عن عدد من المحتجزين بشكل تعسفي من مختلف الأطراف، وإذ تعد هذه الخطوة إيجابية إلى أنها غير كافية مقارنة بأعداد ضحايا الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري منذ بدء النزاع في اليمن مع سيطرة أنصار الله (الحوثيين) والقوات الموالية للرئيس علي عبد الله صالح على العاصمة صنعاء بالقوة في سبتمبر/ أيلول 2014 وتفاقمه في مارس/ آذار 2015 مع بدء العمليات العسكرية للتحالف بقيادة السعودية والإمارات.
تضيف المتوكل: “يجب على المجتمع الدولي دعم جهود المساءلة عن هذه الانتهاكات المروعة، ويجب تجديد وتعزيز ولاية فريق الخبراء البارزين في اليمن لحفظ وجمع الأدلة للانتهاكات والجرائم المرتبطة بها. يجب أن يعي المجتمع الدولي بأن المساءلة إحدى العوامل المساهمة في تحقيق سلام مستدام في اليمن”.
لمزيد من المعلومات:
علي جميل، باحث في مواطنة، ajameel@mwatana.org، +967772844655واتس آب وسيغنال، صنعاء، اليمن.
كريستين بيكرلي، المديرة القانونية (المساءلة والإنصاف) في مواطنة kbeckerle@mwatana.org، +961 78 971 959 واتس آب وسيغنال، تويتر: @K_beckerle، نيويورك، الولايات المتحدة.
أسامة الفقيه، مدير الإعلام والاتصال والمناصرة في مواطنة oalfakih@mwatana.org ، +967775546904 سيغنال، +967711404790 واتس آب، تويتر: @osamahfakih، صنعاء، اليمن