سقوط المدنيين في اليمن بالضربات الجوية لقوات التحالف العربي بقيادة السعودية
الملخص التنفيذي
في ساعة مبكرة من فجر 26 مارس 2015 شنت مقاتلات حربية غارات على مواقع عسكرية في العاصمة اليمنية صنعاء، شكلت تنفيذاً لإعلان المملكة العربية السعودية بدء عملية عسكرية على رأس تحالف عربي من عشر دول ضد قوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح وجماعة الحوثيين – انصار الله – التي سيطرت على السلطة بالقوة في 21 سبتمبر 2014م.جاء هذا التدخل بعد يومين من طلب قدمه الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إلى مجلس التعاون الخليجي للتدخل وتثبيت شرعيته وإعادة تمكينه من السلطة إثر تقدم قوات الحوثي وصالح إلى مشارف مدينة عدن جنوب اليمن وفرار الرئيس هادي إلى العاصمة السعودية، الرياض.ومنذ 26 مارس 2015، شنت مقاتلات التحالف العربي بقيادة السعودية آلاف الضربات الجوية على أهداف لقوات صالح والحوثي، غير أن عدداً كبيراً منها طال أهدافاً مدنية تسببت بقتل وجرح مئات المدنيين، بينهم عشرات الأطفال والنساء، تركزت معظمها في تسع محافظات يتناول هذا التقرير صنوفاً منها.وعلى الرغم من تصريحات الناطق الرسمي لقوات التحالف، العميد أحمد عسيري، بأن الأولوية في هذه الحملة العسكرية هو أمن وسلامة المواطنين اليمنيين مؤكداً على دقة العمليات العسكرية، إلا ان عدداً كبيراً من الغارات الجوية للتحالف ضربت أهدافاً مدنية تنوعت بين استهدافٍ للمدنيين وتدمير مساكن ومنشآت ومرافق مدنية وبنى تحتية على نحو قد يرقى بها الى جرائم الحرب.يسلط هذا التقرير الضوء على 44 واقعة لضربات جوية شنتها مقاتلات التحالف العربي واصابت مدنيين في تسع محافظات يمنية هيصنعاء، تعز، لحج، إب، الحديدة، صعدة، حجة، البيضاء وذمار خلال الفترة من مارس وحتى اكتوبر 2015م.وقعت هذه الضربات الجوية غالباً والناس يعيشون حياتهم الطبيعية، إما أن يكونوا في الحدائق، أو في الأسواق، أو في منازلهم بعيدين عن المواقع العسكرية.ومن بين هذه الضربات الجوية، قد تغدو مدينة المخاء الساحلية المطلة على البحر الأحمر غرب محافظة تعز أكثر الأمكنة استحضاراً كلما احتاج المعنيون بتوثيق حرب اليمن إلى شاهد على هول ما طال المدنيين جراء أخطاء الحملة العسكرية التي شنتها قوات التحالف العربي بقيادة السعودية في هذه البلاد الفقيرة.فقد شهدت المدينة مساء 24 من يوليو 2015 أشد الهجمات دموية ضد المدنيين، سقط فيها 65 مدنياً بينهم 13 طفلاً و12 امرأة وأصيب 36 آخرين على الأقل بينهم 14 طفلاً و13 امرأة، عندما اغارت مقاتلات التحالف على مجمع سكني يضم نحو 200 شقة مخصصة لأسر موظفي محطة توليد الكهرباء هناك.وفي الوقت الذي سيكون فيه من الصعب على أهالي منطقة سنبان بمحافظة ذمار نسيان يوم السابع من أكتوبر 2015 ففيه خبروا كيف تنقلب مناسبة فرح إلى فاجعة كبيرة خلال ثوان قليلة، فلن يكون من السهل كذلك على سكان قرية واحجة شمال غرب محافظة تعز نسيان الـ 28 من سبتمبر حين تحولت حفلة زفاف نسوية الى مأتم خالص في غضون لحظات.ففي سنبان التابعة لمديرية ميفعة عنس شرق مدينة ذمار أحالت قنبلة أطلقتها مقاتلة للتحالف العربي حفلة زفاف إلى مناسبة حزينة حينما لقي 40 مدنياً بينهم 15 طفلاً و14 امرأة حتفهم، وأصيب 42 مدنياً، بينهم 14 امرأة و13 طفلاً بالضربة التي دمرت منزلاً من ثلاثة طوابق كان بداخله عشرات المدنيين الذين توافدوا من ثلاث قرى مجاورة للاحتفال بعرس أحد الأهالي.أما في قرية واحجة سقط 26 مدنياً بينهم 13 طفلاً و12 امرأة بقصف لمقاتلات التحالف طال مخيم عرس في قرية واحجة يوم 28 سبتمبر 2015، بصاروخين لمقاتلات التحالف وقع الصاروخ الأول بالقرب من مخيم للرجال وأصاب الصاروخ الثاني مخيماً للنساء.وحققت منظمة مواطنة لحقوق الانسان في الوقائع الـ 44 من خلال البحث الميداني وتنفيذ مقابلات مع 155 شخص من الضحايا الناجين، أهالي الضحايا، شهود عيان ومصادر طبية.وتوصلت التحقيقات التي نفذتها منظمة مواطنة لحقوق الانسان الى ان هذه الغارات أودت بحياة 615 مدنياً على الأقل، بينهم 120 امرأة و220 طفلاً، وجرحت 678 آخرين، بينهم 125 امرأة و167 طفلاً، في تسع محافظات يمنية.وبينت نتائج التقرير أن معظم هذه الضربات طالت مناطق بعيدة عن الأهداف العسكرية كالمعسكرات ومناطق تجمع المسلحين.
ولم يقتصر ضرر الهجمات الجوية لقوات التحالف على حياة الضحايا المدنيين وعائلاتهم ومنازلهم فقط، بل امتد ليشمل حياة ساكني المناطق المستهدفة. حيث تتسبب الضربات الجوية بحركة نزوح كبيرة بين الناس في الأحياء السكنية التي استهدفتها، وتتسبب بحالة خوف وهلع لدى سكان المنطقة وخصوصاً عند أولئك الذين لا يتمكنون من مغادرة منازلهم بسبب الفقر وقلة الإمكانيات وعدم توفر أماكن مخصصة للنزوح. في بعض الحالات الموثقة في هذا التقرير، ينزح سكان المنطقة في الليل ليناموا في الوديان أو في الكهوف الجبلية خوفاً من أن تطال منازلهم غارات الطائرات التي تحلق في الأجواء. وتنام النساء مرتديات العباءات في منازلهن استعدادا للهروب من المنزل في أي لحظة من الليل.