حالة حقوق الإنسان في اليمن 2020
تدخل الحرب في اليمن عامها السابع، بمزيد من الخراب والتدمير والفرقة والانتهاكات المروعة وتعميق الصدوع الاجتماعية، محدثة بعد هذه المدة عزلًا يكاد يكون شاملًا بين اليمنيين واليمنيات وحقهم الأصيل في الحياة والكرامة والحرية، حيث يشهد البلد كارثة إنسانية من صنع البشر هي الأكثر فداحة في الوقت الراهن.
تُقدّم مواطنة لحقوق الإنسان في متن هذا التقرير السنوي استعراضًا موسعًا للانتهاكات وحالة حقوق الإنسان في اليمن خلال العام 2020، حيث وثقت مواطنة التي تغطي كافة المحافظات اليمنية، مئات الوقائع التي تمثل خرقًا للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، عبر عملية تقصٍ للحقائق وفحص الأدلة والبحث التفصيلي. كما خلصت إلى أن بعض الانتهاكات قد ترقى إلى جرائم حرب.
ويعرض التقرير بعض الوقائع المختلفة كنماذج من شأنها تسليط الضوء على الاعتداءات المرتكبة من قبل جميع أطراف النزاع.واصلت أطراف النزاع في اليمن ارتكاب الانتهاكات الجسيمة ما قلص قدرة اليمنيين على العيش، في تجاهل فاضح للقواعد الأساسية للقانون الدولي والمعايير الإنسانية. ولجأت الأطراف المتنازعة، بما فيها قوات التحالف بقيادة السعودية والإمارات، والكيانات المسلحة على الأرض كجماعة أنصار الله (الحوثيين) على نحو متزايد إلى اتخاذ إجراءات بيروقراطية وقيود حالت دون وصول المواد الأساسية الضرورية للبقاء على قيد الحياة إلى الفئات الهشة.
بينما تسببت الغارات الجوية التي شنتها قوات التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في خسائر فادحة في الأرواح وفي البنية التحتية الحيوية في البلاد.وكما هو موثق في هذا التقرير، ألحقت الهجمات البرية العشوائية على المناطق الآهلة بالسكان التي نفذتها جماعة أنصار الله (الحوثيون) والقوات الحكومية والجماعات المسلحة الموالية للتحالف بقيادة السعودية والإمارات، أضرارًا مادية وخسائر بشرية بالغة، مستخدمة الأسلحة ذات الطبيعة العشوائية العالية، بما في ذلك قذائف الهاون. كما أودت الألغام والشراك الخداعية التي خلفتها جماعة أنصار الله (الحوثيون) بحياة العشرات من المدنيين، من بينهم نساء وأطفال.
كما يتناول التقرير وقائع تُظهر بشاعة ظروف الاحتجاز وفظاعة ممارسات التعذيب وغيرها من صنوف المعاملة اللاإنسانية التي اقترفتها قوات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيًا، وجماعة أنصار الله (الحوثيون)، وكذلك القوات الحكومية. وقد سجل العام 2020 ازديادًا ملحوظًا في عدد الوقائع الموثقة من قبل مواطنة لمدنيين ذاقوا صنوفًا مختلفة من التعذيب في مراكز الاحتجاز التي تديرها قوات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيًا.
فيما لا تزال السجون ومراكز الاحتجاز غير الرسمية تكتظ بالمحتجزين المدنيين والمقاتلين.خلال العام 2020 عملت مواطنة لحقوق الإنسان على تقديم الدعم القانوني لضحايا الاحتجاز التعسفي في 19 محافظة يمنية عبر 23 محاميًا ميدانيًا يقدمون العون والاستشارة القانونية في 541 قضية. وتهدف متابعة الفريق المستمرة إلى الإفراج عن ضحايا الاحتجاز التعسفي، أو تحسين ظروف الاحتجاز مثل: «بيئة المحتجز، والتطبيب، إلخ»، وكذلك الدفع نحو مضي إجراءات الاحتجاز طبقًا للقوانين الوطنية والدولية.
وخلال العام 2020 أُطلق سراح 277 محتجزًا تعسفًا ممن وثقت مواطنة وقائعهم طيلة فترة النزاع، من بينهم محتجزون قدمت لهم مواطنة الدعم القانوني، بينما لا يزال العديد من الضحايا قيد الاحتجاز.دأبت جماعة أنصار الله (الحوثيون) والقوات الحكومية والكيانات المسلحة الموالية للتحالف بقيادة السعودية والإمارات على تجنيد واستخدام الأطفال في عمليات قتالية وأمنية ولوجستية. بالإضافة إلى ذلك، خلصت مواطنة استنادًا إلى الوقائع الموثقة إلى ارتفاع عدد وقائع وضحايا العنف الجنسي مقارنة بالعام 2019.ويشمل التقرير كذلك وقائع اعتداء على مستشفيات وطواقم طبية إلا أن اللافت هذا العام هو ارتفاع عدد الوقائع التي ارتكبتها أطراف النزاع أكثر من الضعف مقارنة بالعام 2019، ما يعني تحمل أطراف الحرب مسؤولية الاستهداف المستمر للقطاع الطبي المتهالك في ظل ظروف إنسانية غاية في الخطورة جراء انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19).
كما تتضمن فصول التقرير اعتداءات على المدارس والمرافق التعليمية بأشكال مختلفة من الانتهاكات والاعتداءات كالقصف الجوي، والبري، والاحتلال، والاستخدام لأغراض عسكرية.
كما يتضمن التقرير بين دفتيه، لأول مرة، فصلًا خُصص لإبراز أشكال الاعتداءات الأخرى التي تلحق الأطراف المتحاربة من خلالها الأذى بالمدنيين، بما في ذلك استخدام الذخيرة الحية ودهس المدنيين بالمركبات العسكرية، حيث يستمر قتل وجرح المدنيين على أيدي الأطراف المتحاربة بطرق مختلفة.
ويسعى التقرير إلى تسليط الضوء على بعض هذه الأنماط التي تلحق الأذى بالمدنيين.وأفردت مواطنة في تقريرها السنوي مساحة لتبيان اعتداءات نالت من الحقوق والحريات المدنية لليمنيين خلال العام 2020، حيث واصلت الأطراف المتنازعة انتهاكاتها بحق الصحفيين والعاملين في وسائل الإعلام.
كما حدت أطراف الحرب من حرية التنقل وأخضعت المدنيين لقيود تعسفية إضافية تفاقم من معاناتهم الإنسانية. وعمدت قوات المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيًا والقوات الحكومية إلى استخدام القوة لفض التجمعات السلمية.
وفي الأخير، يلقي التقرير الضوء على مستجد الوضع الحقوقي المرتبط بحرية المعتقد في اليمن. كما خصصت مواطنة جانبًا من التقرير يتناول الاعتداءات على الحريات الشخصية من قبل أطراف النزاع خلال العام 2020.