قاتل مستتر

سقوط المدنيين بالألغام الأرضية المزروعة من قبل جماعة أنصار الله (الحوثيين) وقوات صالح.

سقط ضحية الألغام الأرضية عشرات المدنيين قتلى وجرحى. و قد اقتصر استخدامها في كل الحالات الموثقة على جماعة أنصار الله والقوات الموالية لصالح. مقابلات مع الضحايا أو ذويهم من الناجين من الألغام الأرضية في هذا التقرير الذي يوثق وقائع استخدام ألغام أرضية خلال الفترة الواقعة بين يوليو 2015 حتى أكتوبر 2016.

الناشر
تاريخ الإصدار
August 7, 2017
عدد الصفحات
40
بيان صحفي
September 25, 2017
مواطنة: عشرات من المدنيين ضحايا ألغام زرعتها جماعة أنصار الله (الحوثيون) وقوات صالح في اليمن

سقوط المدنيين بالألغام الأرضية المزروعة من قبل جماعة أنصار الله (الحوثيين) وقوات صالح.

الملخص التنفيذي

رافق النزاع العنيف في اليمن منذ سبتمبر 2014 تدهور مريع على المستويات الأمنية والاقتصادية والحقوقية، وارتكبت الأطراف المتنازعة سلسلة من انتهاكات حقوق الإنسان.
شملت تلك الانتهاكات، قتل أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين وإصابة آخرين نتيجة للقصف الجوي لطيران التحالف العربي وكذلك القصف الأرضي وزرع الألغام الأرضية من أطراف النزاع الداخلي.
وبين الانتهاكات أيضاً، الهجوم على المدارس والمستشفيات ومراكز وطواقم الخدمة الطبية، والهجوم على منظمات إغاثية ومخازن لمساعدات إنسانية والإعدام خارج القانون واستخدام المدارس لأغراض عسكرية وحصار المدن ومنع دخول المساعدات الغذائية والطبية، إضافة إلى الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب وتجنيد الأطفال.
أسفرت انفجارات الألغام الأرضية عن سقوط عشرات المدنيين قتلى وجرحى في عدد من المحافظات.
واقتصر استخدام الألغام الأرضية في كل الحالات الموثقة على جماعة أنصار الله والقوات الموالية لصالح، إذ ظهرت هذه الألغام والعبوات الأرضية في مناطق مختلفة كانت تنسحب منها قوات صالح والحوثي لاسيما في محافظتي عدن ولحج جنوباً، وفي المناطق الوسطى كتعز والبيضاء وشمالا في محافظات مثل صنعاء، وإلى الشمال الشرقي في مارب.
زاد من فداحة أضرار تلك الألغام أنها زُرعت في مناطق سكانية، وطرق عامة وشوارع رئيسة ومنازل ومزارع وأماكن عبور يسلكها المدنيون يومياً. وإضافة إلى معدلات القتل والتشويه نتيجة هذه الألغام، أدت كذلك إلى حالات اعاقات دائمة في أوساط المدنيين الذين تعرضوا لها خصوصاً الأطفال.
وأظهرت أبحاث منظمة مواطنة أن عمليات زراعة الألغام في الاحياء السكانية كانت تتم اثناء نزوح المدنيين بسبب المواجهات، لكنها تنفجر بهم خلال عودتهم إلى أماكنهم من مناطق النزوح. وطالت عمليات زراعة الألغام مزارع ومنازل المواطنين، دون أن تجد مواطنة في أي حالة أن الطرف المسؤول عن زراعة هذه الألغام قد لفت انتباه المدنيين أـو ترك إشارة تحذيرية تحول دون تضرر المدنيين منها.
وشكا مدنيون لمنظمة مواطنة أن الالغام زُرعت في مداخل بيوتهم وهو ما عدًوه استهدافاً لهم من جماعة أنصار الله المسلحة وقوات صالح بسبب رفضهم الانضمام لها أو مساندتها في القتال. وفي حالات أخرى جرفت الأمطار والسيول الطبقة السطحية من الأرض وكشفت الألغام لعبث الأطفال أو المارة، كما جرفت السيول ألغاماً من مناطق المواجهات المسلحة إلى مناطق مأهولة بالسكان.
وقد تحققت منظمة مواطنة لحقوق الانسان من 33 حادثة انفجار الغام سقط فيها 57 مدنياً قتلى بينهم 24 طفلاً وأربع نساء، كما سقط 47 مدنياً جرحى بينهم 21 طفلاً وست نساء في ست محافظات يمنية.
في 23 ابريل 2016، وبينما كان 16 مدنياً مسافرين داخل حافلة أجرة في الطريق من ريف تعز إلى صنعاء، انفجر لغم أرضي بحافلتهم فقتل ثمانية منهم بينهم طفل وأصاب الثمانية الآخرين الذين بينهم أربعة أطفال وامرأتان.
وقعت هذه الحادثة في الطريق العام الذي يمر بمنطقة الربيعي في مديرية التعزية جنوب غرب مدينة تعز.

أما في محافظة مارب شرقي اليمن، فما زال المواطن اليمني يحيي عبد الله صكلع الشريف مصدوماً جراء فقد طفليه اللذين ذهبا مع شقيقهما الثالث وأمهما للاحتطاب في أحد الوديان حيث انفجر لغم كانوا يحاولون انتزاعه فقتل اثنين وسبب إعاقة دائمة للثالث.
ففي فجر السبت الموافق 21 مايو 2016 في منطقة شعب الحشفاء التابعة لمديرية حريب بمحافظة مارب انفجر لغم أرضي بثلاثة من يحيى صكلع ما تسبب بمقتل اثنين من الأطفال وفقد الثالث عينه اليمنى.
والد الأطفال الضحايا يروي الحادثة:
«كالعادة خرجت زوجتي وأولادي أحمد ورويدا ونشمي لجمع الحطب من منطقة تسمى شعب الحشفاء حيث توجد هناك أشجار يمكن الاحتطاب منها، وعند الساعة 7:00صباحاً سمعنا صوت انفجار كبير، هرعت باتجاه الدخان في الوادي، ولما وصلت وجدت زوجتي تبكي وهي تحتضن ولديً نشمي ورويدا اللذين كانا مصابين لكنهما مازالا على قيد الحياة، في حين جوارها جسد أحمد الملطخ بالدماء والجروح والتشوه على وجهه وقد فارق الحياة. أسعفناهم إلى مستشفى مارب العام بمدينة مأرب، وهناك فارقت بنتي رويدا الحياة، وتم نقل ولدي نشمي للعلاج في السعودية حيث كانت حالته خطيرة، والآن هو في تحسن لكنه فقد عينه اليمنى».
يوثق هذا التقرير « قاتل مستتر»، وقائع استخدام ألغام أرضية سقط فيها عشرات من الضحايا المدنيين قتلى وجرحى، وثقتها فرق مواطنة خلال الفترة الوا قعة بين يوليو 2015 حتى أكتوبر 2016.
يظهر الرصد والتوثيق الذي أجراه الفريق الميداني لمنظمة مواطنة لحقوق الإنسان، بواسطة إجراء مقابلات مع الضحايا أو ذويهم من الناجين من الألغام الأرضية أنه خلال الفترة الزمنية التي يغطيها التقرير قد سقط جراء استخدام جماعة أنصار الله وقوات صالح للألغام الأرضية 57 ضحية، بينهم 24 طفلاً و أربع نساء، قتلوا دون أي يشاركوا إطلاقاً في النزاع المسلح الدائر في اليمن.
خلال إعداد هذا التقرير، اعتمدت منظمة مواطنة منهجية البحث الميداني الاستقصائي عبر زيارات التحقق والمقابلات المباشرة مع مصادر رئيسة للمعلومات المتعلقة بالوقائع وجمع الوثائق المساندة لها، واستمر البحث الميداني والعمل على التحقق من بيانات الحالات الواردة في هذا التقرير منذ يوليو 2015 حتى أكتوبر 2016.
أجرت «مواطنة» ما لا يقل عن 40 مقابلة باللغة العربية مع ضحايا ناجين وأهالي ضحايا وشهود عيان وطواقم طبية ومسعفين وجهات مختصة في البرنامج الوطني للتعامل مع الألغام في مناطق النزاع. واستعانت المنظمة في تحليل التقرير بخبراء دوليين في مجال القانون الدولي الإنساني والقانون الإنساني العرفي، إلى جانب خبراء نزع الغام محليين عملوا في مناطق النزاع.
تفرض المادة الأولى من اتفاقية حظر الألغام المضادة للأفراد (اتفاقية أوتاوا) الموقعة في سبتمبر 1997، وصادقت عليها اليمن في سبتمبر 1998 حظرا شاملاً على الألغام المضادة للأفراد. كذلك تحظر استعمال وتخزين وإنتاج وتطوير ونقل الألغام المضادة للأفراد، وتقضي بتدمير هذه الألغام، سواء أكانت مخزنة أم مزروعة في الأرض.
وتعرف اتفاقية الألغام المضادة للأفراد بأنها الأجهزة المتفجرة (« تفجرها الضحية»). وهي مصممة لتزرع تحت الأرض أو عليها أو بالقرب منها وتنفجر بمجرد وجود شخص أو اقترابه منها، أو ملامسته لها. ويعرف البروتوكول الثاني الخاص بالأسلحة التقليدية والمتعلق بحظر أو تقييد استعمال الألغام والأشراك الخداعية والنبائط الأخرى مصطلح «لغم» بأنه ذخيرة موضوعة تحت أو على أو قرب الأرض أو منطقة سطحية أخرى، ومصممة بحيث يفجرها وجود أو قرب أو مس شخص أو مركبة.

وطبقاً للفقرة السابعة من المادة الثالثة في البروتوكول الخاص بأسلحة تقليدية معينة فانه يحظر في كافة الظروف توجيه الأسلحة التي نصت عليها المادة وتشمل الألغام الأرضية والاشراك الخداعية ضد السكان المدنيين بصفتهم هذه أو ضد مدنيين فرادى أو أعيان مدنية، سواء في الهجوم أو الدفاع أو على سبيل الرد الانتقامي.
وفي كل الحالات التي حققت فيها منظمة مواطنة ، تبين خلو تلك الحالات من ضوابط القانون الدولي الإنساني والقانون الإنساني العرفي، التي تقتضي اتخاذ عناية خاصة للتقليل من الآثار العشوائية للألغام الأرضية.
على سبيل المثال، زرعت الألغام في مناطق سكن وعيش المدنيين دون الالتزام بمبادئ وضوابط التمييز والتناسب المتعارف عليها في القانون الدولي الإنساني والقانون الإنساني العرفي، كما لم توضع أي إشارات لوجود الألغام في قرى وبيوت المدنيين وغيرها من الأعيان المدنية لتجنب تضرر المدنيين.
وفي بعض الحالات، بدا أن زراعة الألغام في قرى المدنيين ومنازلهم كان استهدافاً مقصوداً لهم بسبب مواقفهم ضد طرف حربي معين، فكانت النتيجة مزيدا من القتل والضحايا من المدنيين بما فيهم عدد من الأطفال.