أطراف النزاع تواصل انتهاكاتها بحق المدنيين في اليمن
(صنعاء)
قالت مواطنة لحقوق الإنسان اليوم إن أطراف النزاع المسلح في اليمن لم تلتزم بصورة كاملة بتنفيذ اتفاق الهدنة التي دعمتها الأمم المتحدة وبدأ سريانها مطلع شهر أبريل/ نيسان ولم تمدد خلال شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2022، حيث وثقت (مواطنة) انتهاكات واعتداءات مختلفة سقط على إثرها ضحايا مدنيون خلال مدة سريان الهدنة، والتي كان ينبغي أن تَشهد توقفًا كاملًا للأعمال العسكرية والعدائية.
مثّلت الهدنة في اليمن متنفسًا للمدنيين في مختلف أرجاء البلاد، حيث اُعتبرت بمثابة خطوة أولى نحو تسوية أوسع نطاقاً، لكنها رغم ذلك، لم تُوقف الأضرار التي ألحقتها الأطراف المتنازعة بالمدنيين والمدنيات، ولم تلامس الأعباء التي ما زالوا يكابدونها.
تدعو (مواطنة) أطراف النزاع الى إزالة العقبات وتكثيف الجهود من أجل التوصل لاتفاق يُمدد الهدنة التي انتهت مطلع أكتوبر/ تشرين الأول، ويعمل على الوقف النهائي للعمليات العسكرية والعدائية، وعلى دفع رواتب موظفي وموظفات القطاع العام، وعلى فتح الطُرق للتخفيف من المعاناة التي يعيشها المدنيين والمدنيات في تعز والمحافظات أخرى. كما يجب أيضاً الدفع نحو وقف انتهاكات القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
قالت رضية المتوكل رئيسة مواطنة لحقوق الانسان: “على الرغم من أن الهدنة خطوة مهمة في حياة الناس، إلا أنها ليست اتفاق سلام شامل يضمن حماية كاملة للمدنيين والمدنيات، لأن النزاع المسلح في اليمن أكبر من أن يُحصر في القنابل والصورايخ، لا تزال انتهاكات حقوق الإنسان مستمرة، ولا تزال الحاجة إلى آلية مساءلة جنائية دولية لليمن مُلِحة”.
في مطلع أبريل/ نسيان الماضي، رَعت الأمم المتحدة عبر مبعوثها الخاص إلى اليمن هانس غروندبرغ اتفاقًا للهدنة بين أطراف النزاع في اليمن، وتوصّل الاتفاق- خلال فترة الهدنة القابلة للتمديد- إلى وقف جميع العمليات العسكرية الهجومية البرية والجوية والبحرية داخل اليمن وخارجه وتجميد المواقع العسكرية الحالية على الأرض، والسماح بدخول سفن المشتقات النفطية إلى موانئ الحديدة، وفتح مطار صنعاء الدولي جزئيًا من خلال تشغيل رحلتين جويتين تجاريتين من وإلى الأردن ومصر أسبوعياً. كما شملت الهدنة الدعوة للاتفاق على فتح الطرق في تعز وغيرها من المحافظات لتيسير حركة المدنيين من رجال ونساء وأطفال وتنقلاتهم.
وخلال فترة دخول الهدنة حيز التنفيذ، دعا المبعوث الخاص لليمن الأطراف إلى اجتماع في الأردن للاتفاق على فتح طرق تعز وغيرها من المحافظات لتيسير حركة المدنيين، غير أن هذه الجهود الأممية باءت بالفشل. مع التأكيد على أهمية الهدنة وما حققته من مكاسب بالنسبة لقطاع واسع من المدنيين اليمنيين، وأهمية جهود المبعوث الأممي المتواصلة لتوسيع مدة الهدنة ومكاسبها لصالح المدنيين، يسلط هذا البيان الضوء على انتهاكات الأطراف التي طالت المدنيين خلال فترة سريان الهدنة من أوائل أبريل/ نيسان إلى بداية أكتوبر/ تشرين الأول 2022، إذ ينبغي أن تأخذ جهود السلام والمجتمع الدولي انتهاكات القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان الموثقة في الاعتبار لضمان تعهد الأطراف بعدم تكرارها كالتزام أساسي في التفاهمات أو الاتفاقات قادمة.
في أغسطس/ آب 2022، أصدرت (مواطنة) و15 منظمة أخرى بياناً مشتركًا لمطالبة أنصار الله (الحوثيين) بفتح الطرق الحيوية في تعز فوراً، ليستعيد المدنيين والمدنيات حرية التنقل، ولمنع المزيد من التدهور في الأزمة الإنسانية الخطيرة أصلًا في تعز. وفي ذات الشهر، شهدت محافظة شبوة اشتباكات مسلحة بين الفصائل الموالية للتحالف بقيادة السعودية والإمارات، ما تسبب في نزوح (313 أسرة)، وكانت جميع حالات النزوح داخل المحافظة بحسب منظمة الهجرة الدولية.
وفي 24 يوليو/ تموز 2022، أدانت (مواطنة) هجومًا بريًا للحوثيين على أحد الأحياء السكنية في مدينة تعز، وفي أواخر أغسطس/آب 2022، أدان المبعوث الأمم الخاص باليمن الهجوم الذي انطلق من مناطق سيطرة أنصار الله (الحوثيين)، في منطقة الضباب في تعز، واصفًا بأنه “يهدد بتفاقم الأوضاع الإنسانية للمدنيين بشكل خطير”.
وبالرغم من الاهتمام الدولي بوقف النزاع المسلح في اليمن، إلا أن الانتهاكات والاعتداءات مازالت مستمرة وأعداد الضحايا المدنيين والمدنيات مستمرة في الوقوع. وقد ارتكبت أطراف النزاع هجمات وانتهاكات مختلفة منها: القصف البري، وهجمات الطائرات المسيرة، والرصاص الحي، والألغام، وأنشطة التعبئة وتجنيد الأطفال، والاعتداء على الأعيان المدنية كالمستشفيات والمدارس.
وثّقـت (مواطنـة) خلال فترة الهدنة الممتدة منذ أوائل أبريل/ نسيان الماضي وحتى أكتوبر/ تشرين الأول، مـا يقـارب 14 هجمـة بريـة عشـوائية، أودت بحيـاة مـا لا يقـل عـن أربعة مدنيين بينهـم امـرأة واحدة وثلاثة أطفال، وجـرح مـا لا يقـل عـن 35 مدنيًا، بينهـم أربع نساء و22 طفلًا. تتحمـل جماعـة أنصـار اللـه (الحوثيـون) مسـؤولية خمس هجمات فـي محافظـات: الحديـدة، وتعـز، والضالـع. فيمــا ارتكبــت القــوات البريــة الســعودية ست هجمات فــي محافظتــي صعــدة، وحجــة، فــي حيــن تتحمــل القــوات الحكوميـة مسـؤولية هجمتين فـي محافظتي مأرب وشـبوة؛ كمـا ارتكبـت قوات دفاع شبوة هجمـة واحدة فـي محافظـة شبوة.
لوحظ مؤخرًا ازديادًا في استخدام أطراف النزاع للطائرات المسيرة المفخخة، التي أوقعت عددًا من الضحايا المدنيين والحقت أضرارًا في الأعيان المدنية.
وثّقـت (مواطنـة) خلال فترة الهدنة الممتدة منذ أوائل أبريل/ نسيان الماضي، مـا يقـارب ست هجمات بطيران مسير، أودت بحيـاة مـا لا يقـل عـن ستة مدنيين بينهم طفلان، وجـرح مـا لا يقـل عـن 13 مدنيـًا، بينهـم ست نساء وستة أطفال. تتحمـل جماعـة أنصـار اللـه (الحوثيـون) مسـؤولية أربع هجمات فـي محافظـات: الحديـدة، وتعـز، ومـأرب، وأمانة العاصمة؛ فــي حيــن تتحمــل القــوات الحكوميـة مسـؤولية هجمـة واحدة فـي محافظة الضالـع، كمـا ارتكبـت القـوات المشـتركة فـي السـاحل الغربـي هجمـة واحدة فـي محافظـة الحديـدة.
خلال فترة سريان الهدنة، تحققت (مواطنة) من ثمان وقائع اعتداء طالت منشآت وطواقم طبية. وكانت معظم هذه الوقائع عبارة عن اقتحام مسلح لمرافق وتهديد واعتداء على الكوادر الطبية العاملة فيها. وتسببت ثلاث وقائع رصاص حي بمقتل بالغين اثنين، وجرح اثنين آخرين بينهما امرأة.
تتحمل قوات الحكومة المعترف بها ودليًا مسؤولية سبع من هذه الوقائع في محافظات تعز، وشبوة، ولحج، في حين تقع مسؤولية مشتركة على القوات الحكومية وجماعة أنصار الله (الحوثيون) في واقعة واحدة في محافظة تعز، حيث قصفت جماعة أنصار الله (الحوثيين) مستشفى محتلًا من قبل القوات الحكومية.
وثّقت (مواطنة) خلال الفترة سريان الهدنة، عدد 21 واقعة هجوم على مدارس ومرافق تعليمية أو أثرت عليها، منها 20 واقعة احتلال واستخدام لأغراض عسكرية، وواقعة قصف بري واحدة.
تتحمل جماعة أنصار الله (الحوثيون) المسؤولية عن جميع هذه الوقائع في محافظات: تعز، وريمة، وأمانة العاصمة (صنعاء)، وإب، وعمران، وصعدة.
وثّقت (مواطنة) خلال الفترة الهدنة، ما لا يقل عن تجنيد واستخدام 14 طفلًا بينهم طفلة واحدة. تتحمل جماعة أنصار الله المسلحة (الحوثيين) المسؤولية عن النسبة الأكبر من تجنيد أولئك الأطفال والتي تقدر بـ 84 في المئة، حيث تركزت عمليات التجنيد في محافظة صعدة. ويتحمل المجلس الانتقالي المدعوم اماراتياً مسؤولية تجنيد ثمانية في المئة من الأطفال، وقوات التحالف بقيادة السعودية والإمارات ثمانية في المئة.
وثّقت (مواطنة) خلال فترة الهدنة، ما لا يقل عن 32 واقعة منع وصول مساعدات إنسانية ارتكبتها أطراف النزاع، تمثلت أغلبها في عرقلة وصول المساعدات الإنسانية والعاملين عليها، إلى جانب التدخل في عملية تنفيذ الأنشطة الإنسانية أو نهب مواد إغاثية.
تتحمل جماعة أنصار الله (الحوثيين) مسؤولية 15 واقعة. وتتحمل القوات الحكومية المسؤولية عن ثمان وقائع، في حين تقع مسؤولية سبع وقائع على عاتق القوات المشتركة، ويتحمل المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيًا مسؤولية واقعتين.
وثّقت مواطنة لحقوق الإنسان خلال فترة الهدنة، احتجازًا تعسفيًا لـ 126 مدنيًا، واختفاءً قسريًا لـ 72 مدنيًا، وتعذيب 25 آخرين، وأفضى التعذيب إلى وفاة 10 مدنيين من بينهم سبعة مهاجرين.
تتحمل جماعة أنصار الله (الحوثيين)، مسؤولية الاحتجاز التعسفي لـ73 مدنيًا، من بينهم طفل وامرأة، فيما يتحمل المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيًا مسؤولية الاحتجاز التعسفي لـ24 مدنيًا، من بينهم تسعة أطفال. وتلقى المسؤولية على القوات الحكومية في احتجاز 19 مدنيًا بشكل تعسفي، من بينهم طفل، بينما تتحمل القوات المشتركة المسؤولية عن احتجاز تسعة مدنيين، وقوات العمالقة في محافظة شبوة مدني واحد على الأقل.
ووثّقت (مواطنة) 30 حالة اختفاء قسري لمدنيين تتحمل المسؤولية فيها جماعة أنصار الله (الحوثيين) بينهم طفل، كما وثّقت مسؤولية القوات الحكومية عن اختفاء 16 مدنياً، في حين يتحمل المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيًا 14 حالة اختفاء لمدنيين، فيما تلقى المسؤولية على القوات المشتركة عن اختفاء ستة مدنيين قسريًا. وتتحمل قوات دفاع شبوة مسؤولية اختفاء خمسة مدنيين، كما تتحمل قوات النخبة الحضرمية مسؤولية اختفاء مدني واحد.
وفيما يخص حالات التعذيب، يتحمل المجلس الانتقالي الجنوبي المسؤولية عن ثمان وقائع تعذيب، تسببت بوفاة ثلاثة مدنيين، فيما تتحمل قوات حرس الحدود السعودي مسؤولية تعذيب وقتل سبعة مهاجرين مدنيين؛ تعرضوا للضرب والصعق بالتيار الكهربائي والتعذيب المفضي الى الموت. بينما تتحمل القوات الحكومية المسؤولية عن تعذيب ستة مدنيين، ويلقى على عاتق جماعة أنصار الله (الحوثيين) المسؤولية عن تعذيب ثلاثة، مدنيين. في حين تلقى المسؤولية عن تعذيب مدني واحد على قوات التحالف بقيادة السعودية والإمارات.
ارتفعت وقائع انفجار الألغام بشكل متزايد مقارنة بما وثقته (مواطنة) في العام الماضي، وخاصة مع بدء سريان الهدنة حيث فُتحت بعض المناطق أمام عودة المدنيين إلى مساكنهم القريبة من جبهات الاقتتال دون تنفيذ حملات لنزع الألغام في تلك المناطق.
ووثّقت (مواطنة) خلال الفترة الهدنة، ما لا يقل عن 46 واقعة انفجار ألغام، حصدت محافظة الحديدة النصيب الأكبر من تلك الوقائع الموثقة، حيث أودت جميع وقائع الألغام المتفجرة بحياة ما لا يقل عن 31 مدنيًا، بينهم 12 طفلًا وامرأة واحدة، وجرحت ما لا يقل عن 78 مدنيًا، بينهم 50 طفلًا وامرأتان. تتحمل جماعة أنصار الله (الحوثيين) مسؤولية جميع الوقائع.
خلال فترة الهدنة، وثّقت مواطنة لحقوق الإنسان ست وقائع دهس بالعربات العسكرية، تسببت في مقتل ثلاثة مدنيين بينهم طفل واحد، وإصابة سبعة مدنيين آخرين بينهم ثلاثة أطفال وامرأة واحدة. تتحمل قوات المجلس الانتقالي الجنوبي المسؤولية عن أربع وقائع في محافظة أبين؛ بينما ارتكبت جماعة أنصار الله (الحوثيون) واقعة واحدة في محافظة إب. وتتحمل القوات السودانية التي تعمل تحت مظلة التحالف مسؤولية واقعة واحدة في محافظة حجة.
كما وثّقت (مواطنة)، خلال فترة الهدنة، 27 واقعة تسببت بمقتل 7 مدنيين بالرصاص الحي، بينهم ثلاثة أطفال وامرأة واحدة، وجرح 24 مدنياً من بينهم 12 طفلاً وخمس نساء، في محافظات: تعز، وأبين، وصعدة، وشبوة، ولحج، والحديدة، وإب، والضالع.
يعتبر انعدام الأمن الغذائي التحدي الأكبر الذي يواجه الأزمة الإنسانية في اليمن. وقد تتفاقم هذه الأزمة وتصل إلى مستويات كارثية في ظل ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية، بسبب تداعيات الحرب الروسية- الأوكرانية على امدادات الغذاء.
ويعتمد اليمن بصورة كلية على واردات الغذاء من الخارج، كما ساهمت الحرب الأوكرانية في حرف أنظار المجتمع الدولي عن النزاع الدائر في اليمن، والذي يعد أسواء أزمة إنسانية على الصعيد الدولي منذ عقود.