تطلق مواطنة لحقوق الإنسان تقريرها (تجريف التاريخ) بالتزامن مع الذكرى الثالثة و السبعين لتأسيس منظمة (اليونيسكو)، و الذي توثق فيه تورط كافة أطراف النزاع في تنفيذ هجمات واعتداءات طالت العديد من الممتلكات الثقافية، بما فيها مواقع أثرية ومعالم تاريخية تعود لما قبل ألفي سنة وأكثر.
بالتزامن مع الذكرى 73 لتأسيس منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو)، تطلق “مواطَنة” لحقوق الإنسان اليوم تقريرها “تجريف التاريخ… انتهاكات أطراف النزاع للممتلكات الثقافية في اليمن”.
خلال الثلاث سنوات الفائتة، تورطت كافة أطراف النزاع في تنفيذ هجمات واعتداءات طالت العديد من الممتلكات الثقافية، بما فيها مواقع أثرية ومعالم تاريخية تعود لما قبل ألفي سنة وأكثر. لقد كان للتدمير الذي طال آثار الحضارة اليمنية القديمة والحديثة والمباني التاريخية والدينية، حضوراً لافتاً بوصفه أبرز مظاهر انزلاق البلاد إلى هاوية حرب بلا قرار.
وقالت رضية المتوكل، رئيسة مواطنة لحقوق الإنسان: “إن الحرب الدائرة في اليمن أتت على كل شيء و لم تدخر بعيداً، حياة اليمنيين وممتلكاتهم الثقافية، بما في ذلك ماضيهم التليد، ومتّحدهم الثقافي، وذاكرتهم الجمعية. ليس ذلك خسارة لليمنيين فحسب، بل للتراث الثقافي لجميع الشعوب”.
يوثق تقرير “تجريف التاريخ” أنماطاً مختلفة ومتعددة من الانتهاكات والاعتداءات التي نفذتها كافة أطراف النزاع في اليمن كالقصف الجوي الذي يشنه التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات. ويوثق التقرير أيضاً الهجمات البرية، التفجير، التخريب والهدم، وإلحاق أضرار متفاوتة الجسامة، علاوة على تدبير أعمال عدائية من جوار هذه الأعيان الثقافية، بما في ذلك الاستخدام المتعمّد لها لأغراض عسكرية مباشرة. وتتحمل مسؤولية هذه الوقائع جماعة أنصار الله المسلحة (الحوثيين)، والقوات التابعة للرئيس عبد ربه منصور هادي ومجموعات المقاومة، والمجموعات المسلحة الموالية له وللتحالف، إلى جانب جماعة أنصار الشريعة وتنظيم القاعدة.
وبينما كانت “مواطنة” تضع اللمسات الاخيرة على هذا التقرير، كان مسلحون سلفيون تدعمهم الإمارات العربية المتحدة يهدمون بجرافة مسجداً أثرياً عمره 1200 سنة في منطقة الفازة بمديرية التحيتا في محافظة الحديدة، بحجة أن به ضريح يزوره الناس.
ومع تصاعد وتيرة النزاع المسلح في اليمن، سيطرت مجموعة مسلحة تابعة للإمارات على منطقة الفازة بعد أن كانت في قبضة جماعة أنصار الله المسلحة (الحوثيين). وحتى صباح الاثنين 22 أكتوبر/ تشرين الأول 2018، كان المسجد الأثري المطل على الساحل الغربي ما يزال قائماً ، لكنه في نفس اليوم عند الساعة 1:00 ظهراً تحول الى كومة من التراب، ليفقد بذلك اليمن أثراً من آثاره الثقافية إلى الأبد.
يستند تقرير “تجريف التاريخ” إلى بحوث ميدانية استقصائية، أجرى خلالها فريق من وحدة البحث في “مواطنة” ، تحقيقاً مستفيضاً في تسع محافظات يمنية. وتمّ توثيق وقائع هذا التقرير في سياقات مختلفة ممتدة منذ النصف الثاني من العام 2014، ولمدة ثلاث سنوات. كانت الوقائع في هذه السياقات نتاج أنواع مختلفة وأنماط مركبة من الانتهاكات والاعتداءات التي طالت العديد من الأعيان الثقافية في اليمن. ويعرض التقرير 28 واقعة انتهاك من بين 34 واقعة وثقتها “مواطنة”، عن تعرض المعالم الأثرية والدينية لأنواع مختلفة من الاعتداءات والانتهاكات المباشرة وغير المباشرة.
وقدمت “مواطنة” لحقوق الإنسان في تقريرها “تجريف التاريخ”، توصيات إلى أطراف النزاع تطالبها باحترام آثار اليمنيين وممتلكاتهم الثقافية. كما قدمت توصيات إلى المجتمع الدولي والأطراف الفاعلة من أجل الضغط باتجاه صون تاريخ اليمن وحضارته. وتدعو “مواطنة” مجلس الأمن لاتخاذ التدابير التي بشأنها وقف معاناة اليمن واليمنيين.