لا تزال الحرب تحصد أرواح المدنيين في اليمن ، على مجلس حقوق الإنسان تجديد ولاية فريق الخبراء البارزين المعني باليمن وتعزيزها، من خلال تحسين آلية الإبلاغ التي يعتمدها، وتشديد اللهجة بشأن المساءلة؛ واعتبار ذلك أولوية الدورة الحالية التاسعة والثلاثين.
قالت “مواطنة” لحقوق الإنسان أن جميع أطراف النزاع في اليمن مستمرة في انتهاكها للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني. وأكدت المنظمة أن على مجلس حقوق الإنسان تجديد ولاية فريق الخبراء البارزين المعني باليمن وتعزيزها، من خلال تحسين آلية الإبلاغ التي يعتمدها، وتشديد اللهجة بشأن المساءلة؛ واعتبار ذلك أولوية الدورة الحالية التاسعة والثلاثين.
وقد اشتعل فتيل النزاع المسلح في اليمن على إثر سيطرة أنصار الله “الحوثيين” على العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر/ أيلول 2014، وزاد من وتيرة هذا النزاع شنّ حملة عسكرية في 26 مارس/ آذار 2015، لمساندة الرئيس عبدربه منصور هادي، من قبل تحالف عربي من تسع دول تقوده المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
وتشهد محافظة الحديدة غربي اليمن منذ يونيو/حزيران 2018، تصاعد للعمليات العسكرية من قبل التحالف بغرض السيطرة عليها. تصاحب هذه العمليات تكثيف للهجمات الجوية، كما تشهد بعض المناطق في المحافظة سلسلة من الهجمات البرية العشوائية. وتقوم جماعة أنصار الله “الحوثيون” بزرع ألغام وبناء متارس وخنادق وسط الأحياء السكنية.
خلال الفترة من 1 سبتمبر/ أيلول 2017، إلى 31 أغسطس/ آب 2018، قامت “مواطنة” لحقوق الإنسان بتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان عبر أبحاث استقصائية ميدانية. وقد أجرى الفريق الميداني لـ”مواطنة” ما لا يقل عن (1319) مقابلة، بما في ذلك مشاهدات لتجنيد الأطفال واستخدامهم. أُجريت هذه المقابلات مع ضحايا وذوي ضحايا، وشهود عيان وعاملين في المجال الطبي.
وقالت رضية المتوكل، رئيسة “مواطنة” لحقوق الإنسان: “على مجلس حقوق الإنسان أن يقف بصورة ثابتة أمام انتهاكات جميع أطراف النزاع في اليمن، وألاّ يرضخ أمام الأصوات الساعية لتقويض عمل فريق الخبراء البارزين بشأن اليمن”. وطالبت المتوكل مجلس حقوق الإنسان بتجديد ولاية فريق الخبراء البارزين، وتعزيز عمله.
وكان المجلس قد شكل فريق الخبراء البارزين في الدورة (36) في سبتمبر/ أيلول 2017. وأصدر الفريق تقريره في 17 أغسطس/ آب 2018، والذي يشير إلى تورط جميع أطراف النزاع في اليمن في انتهاكات حقوق الإنسان.
تدخل الغارات الجوية للتحالف بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات، النصف الثاني من عامها الرابع في اليمن، ولاتزال تحصد أرواح المدنيين وتدمر أعياناً مدنية. وقد تعرّض المدنيون منذ مطلع العام الجاري 2018، لسلسلة من الهجمات الجوية الدامية.
وثقت “مواطنة” لحقوق الإنسان ما لا يقل عن (146) هجمة جوية طالت مدنيين وأعياناً مدنية، خلال الفترة من 1 سبتمبر/ أيلول 2017- 31 أغسطس/ آب 2018. قتلت هذه الهجمات ما لا يقل عن (477) مدنياً، بينهم (231) طفلاً، و (64) امرأة، وجرحت (524)، بينهم (235) طفلاً، و (51) امرأة.
في صباح يوم السبت 27 يناير/ كانون الثاني 2018، عند حوالي الساعة 6:30، ألقت مقاتلات التحالف قنبلة على منزل رياض نعمان بقرية الرّكب، مديرية التعزية، محافظة تعز. أدّت الهجمة إلى مقتل طفلين ووالدتهم، كما جرح طفلان آخران، بالإضافة إلى والدهم.
عبده عبدالله (46 سنة)، الذي كان شاهد عيان على تلك الواقعة وتطوع في إسعاف الضحايا، أكّد أن رياض وجميع أفراد أسرته كانوا بداخل المنزل حين سقطت عليه القنبلة. وأضاف: “هرعت برفقة بعض سكان القرية إلى المنزل، فوجدناه كومة من الركام على رؤوس الأطفال. ما حدث أصاب الناس بالذعر، وكل فرد في القرية يشعر بأن منزله هو الهدف القادم للمقاتلات”.
وعن الواقعة ذاتها يقول محمد نعمان (44 سنة)، وهو أحد أقارب رياض: “كانت زوجة رياض، رويدا عبده (30 سنة)، تعد خبز الإفطار لأطفالها، لكن القنبلة لم تدعها تنتهي من ذلك، لقد ناثرت خبزها وأشلاءها على الأرجاء”. ويتساءل محمد: “ما الجرم الذي ارتكبه هؤلاء الأطفال؟! لا أحد يعلم لماذا ارتكب الطيران هذه المجزرة، لكنه بالفعل ارتكب جريمة قذرة”.
وعند حوالي الساعة 12:30 مساء يوم الاثنين 25 يونيو/ حزيران 2018، شنّت مقاتلات التحالف سلسلة من الهجمات الجوية على أحد الأحياء المكتظة بالمنازل في حي الاتصالات وسط مدينة عمران، شمال العاصمة صنعاء.
وفي الساعة 2:30 من مساء ذات الليلة، ألقت مقاتلات التحالف قنبلة على منزل عائلة الجتيم. أدّت الهجمة لتدمير المنزل تماماً، كما ألحقت أضراراً بالغة في خمسة منازل أخرى. وقد راح ضحية هذه الهجمة تسعة قتلى بينهم امرأتين وأربعة أطفال، وجرح 19 آخرين، بينهم خمسة أطفال وخمس نساء.
أحمد محمد الماخذي (48 سنة)، وهو أحد سكان المنازل المجاورة لمنزل الجتيم، قال في شهادته على تلك الواقعة: “كنت في فناء منزلي وشعرت فجأة بأن شيئاً ما قد ضرب رأسي فسقطت على الأرض. سمعت صراخ زوجتي وبناتي فنهضت باتجاه المنزل أتحسس الباب وسط الغبار فلم أجده. لم يعد هناك باب، لقد خلعه الانفجار.” وتابع أحمد: “نقلت زوجتي وبناتي إلى منزل أحد الجيران وعدت باتجاه منزلي، فرأيت منزل الجتيم وقد دمر تماماً. رأيت رأس ابنته الصغرى وقد دفن الركام جسدها، فسارعت مع بعض الجيران لنجدة بيت الجتيم. كان الطيران لا يزال محلقاً، ولكننا لم نكن نأبه به آن ذاك، ماذا يمكن أن يحدث لنا أكثر مما قد حدث؟!”.
أحد أبناء الجتيم (23 سنة)، والذي لم يكن في المنزل حينها، قال: “وصلتني رسالة عبر الواتس آب بأن هجمة استهدفت حيّنا. هاتفت أحد الجيران، فقال لي إن منزلنا كان الهدف، وأن أخي صدام قد قتل، كما قتل أخي عادل، وقتل فلان وفلان… لم أستطع التحمل أكثر. أقفلت الهاتف وتوجهت إلى المنزل، فوجدت الناس حول ركام منزلنا كالحجيج.”
لاتزال الهجمات البرية العشوائية، التي تستخدم فيها أسلحة عديمة التمييز، توقع المدنيين بين قتلى وجرحى في اليمن، خصوصاً في محافظات تعز، الحديدة، الجوف، أبين، صعدة، مآرب ولحج.
وقد وثقت “مواطنة” (84) واقعة لهجمات عشوائية منذ مطلع سبتمبر/ أيلول 2017، وحتى نهاية أغسطس/ آب 2018. تركزت معظم هذه الهجمات في مدينة تعز. قُتل في هذه الوقائع ما لا يقل عن 124 مدنياً بينهم 42 طفلاً و16 إمرأة، وجرح ما لا يقل عن 259 آخرين بينهم 108 أطفال و13 إمرأة. وتتحمل جماعة أنصار الله “الحوثيين” المسؤولية في غالبية هذه الهجمات الدامية، في حين تتحمل القوات التابعة لحكومة هادي والتحالف المسؤولية عن 20 هجمة برية عشوائية.
في يوم الاثنين 2 أبريل/ نيسان 2018، عند حوالي الساعة 6:30 مساءاً، انفجرت قذيفة على بعد 15 متراً شمال منزل صامد إدريس في قرية العوجاء، مديرية طور الباحة، محافظة لحج. أدت هذه الهجمة إلى جرح طفل وامرأتين.
وقد نزح الكثيرون من سكان هذه المنطقة بسبب تكرار سقوط القذائف عليها. وأفاد شهود عيان بأن القذيفة التي سقطت على منزل صامد، كان مصدرها الجبال المحيطة بمنطقة العوجاء، التي يتواجد فيها مقاتلون من جماعة أنصار الله “الحوثيون”.
وقال والد صامد، إدريس عبدالغني (50 سنة)، وهو يشير إلى مكان سقوط القذيفة: “هناك سقطت القذيفة، ودخلت الشظايا إلى المنزل. أصيب حفيدي مفيد (4 أعوام) بعدة شظايا في قدميه ووركه الأيسر. لم يعد مفيد قادراً على الحركة بشكل طبيعي، وكلما حاول المشي، يسقط على الأرض”.
عند زيارة “مواطنة” لمكان الواقعة، كان أهالي الضحايا متأثرين، ولا يفضلون الحديث عنها. وعندما بدأ والد صامد بالحديث، انفجر حفيده مفيد بالبكاء.
وفي يوم الأحد 24 ديسمبر/ كانون الأول 2017، عند حوالي الساعة 3:00 فجراً، تعرض منزل ضيف الله جابر، المكون من طابقين، لثلاث قذائف مدفعية. دمرت هذه القذائف المنزل وقضت على أسرة كاملة مكونة من سبعة أشخاص، بينهم امرأة وثلاثة أطفال. يقع المنزل في منطقة الشومية، مديرية غمر، محافظة صعدة. وتطل هذه القرية على الحدود السعودية وتتعرض بين الفينة والأخرى إلى قذائف مدفعية حرس الحدود السعودي، حسبما أفاد شهود.
أحد أقارب الضحايا، قال في شهادته على واقعة استهداف منزل ضيف الله: “سقطت القذيفة الأولى في الطابق العلوي وكان فيه فاطمة صالح (28 سنة) وطفلها شفيق علي (ست سنوات)، وتوفيا على الفور. القذيفة الثانية سقطت على خالد حسين (27 سنة) عند بوابة المنزل. أما بقية من كانوا في المنزل، فقد قتلتهم القذيفة الثالثة التي ضربت الغرفة الغربية حيث كانوا مختبئين”.
وفي يوم الأحد 29 يوليو/ تموز 2018، عند حوالي الساعة 10:30صباحاً، سقط مقذوف على أحد الشوارع الفرعية في محوى الخليف، مديرية التحيتا، محافظة الحديدة. أسفر سقوط المقذوف عن مقتل أحد المدنيين وجرح خمسة أطفال كانوا يلعبون أمام منزلهم.
يقول أحد أقارب الضحايا: ” كنت في طريقي لشراء بعض الأغراض من مدينة زبيد، سمعت انفجاراً شعرت أنه في قريتي فعدت إليها فوراً. رأيت شقيقي وقد بترت يداه والدم يتدفق من صدره. حاول أحد أبناء القرية اسعافه إلى المستشفى، لكنه فارق الحياة قبل أن يصل”.
ويعتقد شهود عيان أن المقذوف قادم من الجهة الغربية لمركز مديرية التحيتا حيث تتمركز القوات المشتركة التابعة للتحالف بقيادة السعودية والإمارات.
وثقت مواطنة ما لا يقل عن 35 واقعة انفجار ألغام في 9 محافظات يمنية: الحديدة، صعدة، لحج، أبين، البيضاء، حجة، تعز، شبوة والجوف، خلال الفترة سبتمبر/ أيلول 2017- أغسطس/ آب 2018، وأدت إلى مقتل ما لا يقل عن 31 مدني بينهم ثمانية أطفال وخمس نساء وجرح ما لا يقل عن 48 مدنياً بينهم 32 طفلاً وسبع نساء. زرعت جماعة أنصار الله (الحوثيون) عدد 32 من هذه الألغام.
وفي يوم الجمعة 9 فبراير/ شباط 2018، عند حوالي الساعة 7:00 صباحاً، انفجر لغم أرضي في منطقة البيضاء، مديرية المصلوب، محافظة الجوف. وقد أدى انفجار اللغم إلى مقتل طفل وامرأتين، وجرح امرأة أخرى، أثناء رعيهم لمواشيهم وجمعهم للأعلاف. وبعد ما يقارب 20 دقيقة قام أحد أقارب الضحايا بإسعاف المرأة الجريحة على متن سيارة تويوتا بيك أب (شاص)، فانفجر بهم لغم آخر أدى إلى مقتله وتدمير سيارته.
وتقع منطقة البيضاء تحت سيطرة مسلحي المقاومة الشعبية منذ يناير/ كانون الثاني 2016. وبحسب إفادات أهالي المنطقة، فإن جماعة أنصار الله ” الحوثيين” زرعت العديد من الألغام قبيل انسحابها من المنطقة.
وفي يوم الثلاثاء 31 يوليو/ تموز 2018، عند حوالي الساعة 9:00 صباحاً، انفجر لغم بحافلة متوسطة كانت تقل ثمان نساء وطفلين في أحد الطرق الفرعية لمنطقة الجلّة شرقي مديرية التحيتا، محافظة الحديدة. أدى الانفجار إلى مقتل أحد الأطفال وبتر ساق الطفل الآخر. وبحسب شهود عيان، فإن اللغم تمت زراعته في الليلة السابقة ليوم الواقعة من قبل جماعة أنصار الله “الحوثيين”.
وثقت “مواطنة” لحقوق الإنسان منذ سبتمبر/ أيلول 2017 حتى أغسطس/ آب 2018، ما لا يقل عن 601 واقعة تجنيد أو استخدام للأطفال. تورطت أطراف النزاع في هذه الوقائع بتجنيد 1100طفل. وجندت جماعة أنصار الله (الحوثيون) نسبة 54% من هؤلاء الأطفال، وتركزت هذه النسبة في محافظات صعدة، تعز وصنعاء، فيما جندت قوات الحزام الأمني وقوات النخبة الحضرمية والشبوانية، المدعومة من دولة الإمارات العربية المتحدة، ما نسبته 26% من هذا العدد. تركزت وقائع تجنيد هذه النسبة في محافظتي أبين ولحج. كما بلغت نسبة الأطفال الذين جُنّدوا من قبل القوات الموالية للرئيس هادي ومجموعات المقاومة الشعبية 19%، وتركزت هذه النسبة في محافظتي أبين والبيضاء. فيما تم توثيق نسبة 1% من وقائع التجنيد لجماعات جهادية أو جماعات لم يتم التعرف عليها.
وثقت “مواطنة” لحقوق الإنسان ما لا يقل عن (27) واقعة احتجاز تعسفي، و(43) واقعة اختفاء قسري، وخمس وقائع تعذيب، خلال الفترة سبتمبر/ أيلول 2017– أغسطس/ آب 2018. تتحمل جماعة أنصارالله (الحوثيون) المسؤولية في جميع هذه الوقائع.
وفي نفس الفترة أيضاً، وثقت “مواطنة” ما لا يقل عن (23) واقعة احتجاز تعسفي، (12) واقعة اختفاء قسري، و(21) واقعة تعذيب. وتتحمل المسؤولية في هذه الوقائع، قوات موالية للرئيس عبدربه منصور هادي، وقوات الأحزمة الأمنية، والنخبة الحضرمية والنخبة الشبوانية، ومقاتلون ضمن المجموعات السلفية المدعومين من دولة الإمارات.
وفي يوم الجمعة الموافق 15 يونيو/ حزيران 2018، عند حوالي الساعة 3:00 فجراً، تم توقيف عبدالملك علي النهاري (33 سنة) في نقطة الفلَج، محافظة مأرب. تم احتجاز عبدالملك على الفور ونقله إلى إدارة أمن مأرب، ولا يزال محتجزاً حتى وقت كتابة هذا البيان.
يقول أحمد (اسم مستعار): “كان عبد الملك عائداً من المملكة العربية السعودية إلى قريته لقضاء إجازة عيد الفطر. حين وصل إلى نقطة الفلج، تم إيقافه تحت مبرر وجود بلاغ ضده. احتُجز عبدالملك لعشرة أيام في إدارة أمن المحافظة دون أن يتم التحقيق معه، ولم يُسمح لنا بزيارته إلاّ بعد أن تم نقله لاحقاً إلى مبنى الأمن السياسي”.
وبحسب إفادة أحمد، فقد عرضت سلطات الأمن السياسي بمحافظة مأرب على أسرة عبدالملك أن يتم الإفراج عنه عن طريق تبادل أسرى مع الحوثيين. رفضت الأسرة هذا العرض كون عبدالملك ليس له أية علاقة بجماعة أنصار الله “الحوثيين”.
وفي يوم الأحد 3 ديسمبر/ كانون الأول 2017، عند حوالي الساعة 3:00 فجراً، اقتحمت مجموعة من المسلحين منزل جمال عبدربه (23 سنة) الواقع في مديرية البريقة، محافظة عدن، واقتادته برفقه أخيه، القاصر، إلى جهة مجهولة. ما يزال الضحيتين رهن الاختفاء القسري حتى تاريخ كتابة هذا البيان.
أيمن (اسم مستعار) قال في شهادته على تلك الواقعة: “تملكني الرعب حين رأيت ظلالاً سوداء تمسك بالبنادق وتقتاد جمال وأخيه. كان أحد أهالي الحي يسأل: من أنتم؟ فصرخ أحد المسلحين الذي كان يرتدي ملابس سوداء وقناعاً أسوداً: اخرس. إياك أن تنطق بكلمة”.
نفى مسؤولون في الحزام الأمني وجود الضحيتين في سجونهم، بينما حصلت أسرتهما لاحقاً على معلومات من أحد المعتقلين السابقين، أنه رأى جمال وأخيه في سجن بئر أحمد التابع لقوات الحزام الأمني.
وفي يوم الثلاثاء 1 أكتوبر/ تشرين الأول 2017، عند حوالي الساعة 5:30 مساءاً، اقتحم مسلحون منزل أحد أقارب عدنان عبده مجذر (54 سنة)، بمدينة ذمار. عصب المسلحون عيني عدنان واقتادوه إلى مكان مجهول، ومكث مدة 50 يوماً في المعتقل تعرض خلالها لضروب من التعذيب وسوء المعاملة والإكراه على تسجيل اعترافات. وقد تم الإفراج عنه بعد انقضاء تلك المدة في صفقة تبادل أسرى.
قال عدنان في شهادته على ما تعرّض له: “أُخذوني إلى مكان لا أعلم أين موقعه، وتم إيداعي في دورة مياه لما يقارب الشهر. كانوا يخرجوني من الحمام إلى غرفة التحقيق ويعذبوني لمدة تقارب السبع ساعات لإجباري على الاعتراف بتهم لم أرتكبها. وبعد أربعة أيام من التعذيب، قلت لهم كل الاعترافات التي يريدونها وبالطريقة التي يريدونها”. وأضاف عدنان واصفاً التعذيب الذي تعرض له: “كانوا يعلقونني على عمود حديدي مدة سبع ساعات، وكانوا خلالها يقوموا بركلي وضربي بالهراوات ويصعقوني بسلك كهربائي موصل إلى يدي”.
كما أفاد عدنان بأنه تم إيداعه بعد ذلك في غرفة تحت الأرض تسمى “الضغاطة” لمدة 13 يوماً، وهي غرفة صغيرة الحجم بارتفاع متر واحد وعرض 80 سنتيمتر وطول 120 سنتيميتر. كان يجبر على قضاء كل وقته بداخلها وعلى الأكل والشرب وقضاء الحاجة بداخلها. بعد ذلك تم نقله لبقية المدة في سجن جماعي مساحته أربعة في أربعة أمتار وبداخله (43) معتقلاً.
وثقت مواطنة لحقوق الإنسان ما لا يقل عن سبع وقائع انتهاكات بحق صحفيين وجهات اعلامية خلال الفترة من سبتمبر/أيلول 2017-أغسطس/آب 2018، وقعت أربع منها في مناطق سيطرة قوات الرئيس هادي والتحالف بينما تتحمل جماعة أنصار الله “الحوثيون” مسؤولية ثلاث وقائع أخريات.
ولا يزال 12 صحفياً رهن الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري من قبل جماعة أنصار الله “الحوثيون” تم اعتقالهم في أوقات متفرقة خلال العامين 2015-2016. كما أن الجماعة لا تزال تمارس الحجب على العديد من المواقع الصحفية والإخبارية وذلك لسيطرتها على شركة تزويد الإنترنت في اليمن “يمن نت”.
وفي وقت سابق من العام 2018، أصدرت نقابة الصحفيين اليمنيين تقريراً عن الحريات الصحفية للنصف الأول من العام 2018، يتضمن التقرير 100 واقعة انتهاك بحق الحريات الصحفية كان من بينها القتل والاعتقال والاعتداء وأنماط أخرى.
وثقت مواطنة لحقوق الإنسان اعتقال جماعة أنصار الله “الحوثيون” سبعة من أفراد الأقلية البهائية بينهم أربعة مختفين قسرياً في وقائع متعددة خلال العام 2017، وقد طالبت مواطنة في وقت سابق من العام 2018، إلغاء حكم المحكمة الجزائية المتخصصة الصادر في 2 يناير/كانون الأول 2018 بحق حامد حيدرة (53سنة) والقاضي بإعدامه تعزيراً ومصادرة أمواله. وفي يوم 15 سبتمبر/أيلول 2018، عقدت المحكمة الجزائية المتخصصة أول جلسات المحاكمة بحق قائمة مكونة من 23 من الأقلية البهائية بينهم طفلة وثمان نساء بشكل سري دون إعلام محاميهم أو أهاليهم أو حتى بعض من شملتهم القائمة. ووُجهت لهم نفس التهم التي وجهت لحامد حيدرة مع إضافة تهمة الردة لليمنيين منهم.
كما قامت سلطات مطار عدن الدولي التابعة لحكومة الرئيس هادي والتحالف باعتقال اثنين من البهائيين في 11 يناير/كانون الأول 2017، وسلمتهم للإمارات العربية المتحدة، التي قامت بالإفراج عنهم قبيل انعقاد الدورة 36 لمجلس حقوق الإنسان في سبتمبر/أيلول 2017.
وتتعرض المدارس في اليمن لعدد من الاعتداءات التي تطالها، كالقصف الجوي والقصف البري والاحتلال والاستخدام لأغراض عسكرية.
وقد تحققت “مواطنة” لحقوق الإنسان من (39) واقعة اعتداء على مدارس ومنشآت تعليمية، منها (10) وقائع هجوم جوي، و(7) وقائع لهجمات برية، و(26) واقعة احتلال أو استخدام لأغراض عسكرية. وتتحمل جماعة أنصار الله “الحوثيون” المسؤولية عن (21) واقعة، فيما تتحمل قوات موالية للرئيس هادي وقوات مدعومة من دولة الإمارات، المسؤولية عن (14) واقعة. ويتحمل الطرفان المسؤولية المشتركة في أربع وقائع أخرى.
تحققت “مواطنة” من ما لا يقل عن (17) واقعة اعتداء على مستشفيات. يتحمل التحالف والقوات الموالية لدولة لإمارات المسؤولية في (10) من هذه الوقائع، بينما تتحمل جماعة أنصار الله (الحوثيون) المسؤولية في واقعتين منها. كما تتحمل المقاومة الشعبية والقوات الموالية للرئيس عبدربه منصور هادي مسؤولية واقعتين على الأقل.
وفي حوالي الساعة 1:00 من ظهر يوم الأربعاء 8 أغسطس/ آب 2018، قامت مجاميع مسلحة تابعة لكتائب أبي العباس في مدينة تعز، وهي جماعة سلفية مدعومة من الإمارات، بهجوم مسلح على المستشفى الجمهوري التعليمي بمديرية القاهرة، محافظة تعز. قال شهود عيان إن مسلحي أبو العباس قدموا إلى المستشفى تحت مبرر إسعاف جرحى تابعين لهم أصيبوا خلال المواجهات التي دارت بينهم وبين وحدات من الجيش الموالي للرئيس هادي. وبعد دخولهم إلى حرم المستشفى، قام مسلحو كتائب أبي العباس بالتمركز على أسطح مرافق المستشفى، ثم قاموا بإطلاق النيران على أبواب وأقفال المخازن وغرف الأطباء، ونهب محتوياتها من أجهزة ومعدات طبية وأدوية وأغراض تخص الأطباء. وقد تسببت هذه الواقعة بحالة ذعر وهلع في أوساط المرضى ومرافقيهم والأطباء والممرضين، ما دفعهم للهروب وسط تهديدات المجاميع المسلحة. كما تسببت الواقعة بتوقف العمل في المستشفى بشكل كامل، ولم يعد المستشفى إلى العمل إلا صباح السبت 11 أغسطس/ آب2018.
وفي ظهر ذات اليوم 11 أغسطس/ آب 2018، عادت الجماعة من جديد إلى المستشفى واقتحمته وأطلقت الأعيرة النارية في قسم الطوارئ والنساء والولادة وقسم الغسيل الكلوي. وأدى هذا الهجوم إلى مقتل أحد مرافقي المرضى وأحد حراسة المستشفى، وجرح ثلاثة آخرين من أفراد الحراسة. بعد ذلك، لم يعد المستشفى للعمل إلاّ بصورة جزئية في 27 أغسطس/ آب 2018، ولا تزال معظم الأقسام خارج الخدمة حتى تاريخ كتابة هذا البيان.
وفي يوم الخميس 16 أغسطس/ آب 2018، عند حوالي الساعة 11:30 صباحاً، أصاب مقذوف مضاد للطيران مبنى العناية المركزة لمستشفى الثورة العام بمديرية صالة، محافظة تعز. أصابت شظايا من المقذوف أحد المرافقين للمرضى وإحدى الممرضات وأحد أفراد حراسة المستشفى. ويعتقد شهود عيان بأن مصدر المقذوف من اتجاه تلة السلاّل، التي تسيطر عليها جماعة أنصار الله “الحوثيون”.
جعلت الحرب الوضع الإنساني في اليمن أكبر أزمة إنسانية في العالم. وفي 21 سبتمبر/ أيلول 2018، قال مارك لوكوك وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في احاطته لمجلس الأمن: “إننا نخسر الحرب ضد المجاعة. الوضع قد تدهور بشكل مثير للقلق خلال الأسابيع الأخيرة. قد نقترب الآن من نقطة اللاعودة، سيكون من المستحيل بعدها منع وقوع خسارة هائلة في الأرواح نتيجة انتشار المجاعة بأنحاء اليمن.”
كما أن تصاعد العمليات العسكرية التي تشهدها محافظة الحديدة مؤخراً لن تأثر على حياة المدنيين في المحافظة فحسب، ولكنها أيضاً ستشكل خطراً حياة ملايين اليمنيين، إذ قد تؤثر على عملية وصول المساعدات الإنسانية والمواد الغذائية إلى البلاد عبر ميناء الحديدة.
يفاقم هذه الكارثة، إلى جانب القتال المستمر، فرض التحالف إجراءات مشددة على المنافذ البرية والبحرية مما يشكل عائق أمام تدفق المواد الإغاثية والمواد الأساسية. وبعد فرض التحالف سيطرة جوية كاملة على المجال الجوي في مارس/آذار 2015، أغلق التحالف مطار صنعاء الدولي أمام الرحلات التجارية منذ أغسطس/آب 2016 وحتى تأريخ كتابة هذه البيان. الأمر الذي يجعل اليمنيين، وخصوصاً ممن هم بحاجة لتلقي العلاج في الخارج، يتجشمون عناء السفر إلى مطاري عدن وسيئون 350-860 كيلومتراً يتخللها المرور بالعديد من نقاط التفتيش والخطوط الأمامية.
وتحققت “مواطنة” لحقوق الإنسان من عدد (33) واقعة منع وصول للمساعدات الإنسانية في ست محافظات يمنية: صعدة، تعز، الحديدة، المحويت، أمانة العاصمة وذمار. وتتحمل جماعة أنصار الله “الحوثيون” المسؤولية في غالبية هذه الوقائع.
وهذه الوقائع تتمثل في استهداف مشاريع إغاثية بهجمات مباشرة، وعرقلة وصول المساعدات في نقاط التفتيش الأمنية، إلى جانب منع تنفيذ منظمات إغاثية من تنفيذ مشاريعها أو التدخل في عملية تنفيذها أو نهب مواد إغاثية.
وأضافت المتوكل: “إن أعداد انتهاكات حقوق الإنسان وأعداد الضحايا ارتفعت مؤخراً بصورة مروعة، ولا يجب على مجلس حقوق الإنسان أن يقف مكتوف اليدين”.