سبعة مسارات لخدمة قضايا حقوق الإنسان
"المعلومة الدقيقة قوّة"، هذا ما آمنت به مواطنة ، وبناء عليه سارت في طريق التوثيق والبحث الميداني؛ حيث تُجري باحثات وباحثو مواطنة في مختلف مناطق اليمن أبحاثًا ميدانية استقصائية معمقة، في جميع المحافظات اليمنية، من أجل كشف انتهاكات حقوق الإنسان، ورفع أصوات الضحايا، وبناء ذاكرة حقوقية يمنية؛ كأساس للمساءلة والإنصاف.
تخضع نتائج الأبحاث والتحقيقات الميدانية الاستقصائية للمراجعة والتدقيق من قبل مختصين وخبراء، وبناء على تلك الأبحاث والتحقيقات أنتجت مواطنة العديد من التقارير والدراسات والبيانات والمدونات والرسائل والأفلام الحقوقية.
لدقة معلوماتها وبياناتها، مثّلت مواطنة مصدرًا رئيسيًّا فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان لمنصات دولية عديدة، من بينها عدد من آليات الأمم المتحدة، مثل آلية الرصد والإبلاغ عن الانتهاكات الستة الجسيمة ضد الأطفال في النزاعات المسلحة (MRM)، وفريق الخبراء البارزين المشكل من قبل مجلس حقوق الإنسان، ووسائل الإعلام الدولية المختلفة.
تقدّم مواطنة لحقوق الإنسان، من خلال محامياتها ومحامِيها، المساندةَ القانونية لضحايا الاختفاء القسري، والاحتجاز التعسفي، والتعذيب، الذي يطال الأفراد من قبل أيّ سلطة أو جهة أمنيّة أو عسكريّة أو جماعة تمتلك سلطة فعليّة، بالمخالفة للقواعد والأصول والأعراف القانونية والمواثيق والصكوك الدولية ومبادئ العدالة.
تبدأ محامية أو محامي مواطنة بتوثيق واقعة الاحتجاز التعسفي أو الاختفاء القسري أو التعذيب، والتحقّق من معلوماتها وملابساتها، وإعداد التوصيف القانوني لها، وأخذ الموافقة المستنيرة من الضحية أو من يمثّله من ذوي الصفة، كأساس للتحرك القانونيّ جنبًا إلى جنب مع أسر الضحايا أو بالنيابة عنهم.
ثم تقوم/ يقوم بتقديم الدعم القانوني الذي قد يكون على هيئة مشورة القانونية، أو تحريك الشكاوى والمذكرات المطالِبة بالإفراج، والتواصل مع صنّاع القرار والمسؤولين، والمتابعة أمام أجهزة الضبط المختلفة والنيابة العامة والجهات القضائية والسلطات والكيانات ذات العلاقة.
وتركّزت جهود فريق الدعم القانونيّ في مواطنة، على ضمان العدالة الإجرائية لكافة الأفراد الذين يكونون في تماسٍّ مع القانون أو يكونون قيدَ الاحتجاز التعسفي، سعيًا لضمان تمتّعهم بكافة الحقوق منذ لحظة الاحتجاز إلى التحقيق والدفاع، وملاءمة مكان وظروف التوقيف، والتأكّد من وجود مسوّغ قانونيّ للاحتجاز من عدمه، وكفالة التمتّع بحق التظلم، والمعاملة اللائقة في جميع الظروف.
وتعمل محاميات ومحامو مواطنة في الدفاع عن الأفراد لدى دوائر الشرطة والتحقيق والنيابة العامة واللجان القضائية والإدارية، والمسؤولين والشخصيات الاعتبارية (المعنويّين والطبيعيّين)، والجهات والتشكيلات الأخرى التي تباشر عمليات الاحتجاز بمختلف مسمياتها.
ويقدّم محامو ومحاميات مواطنة الدعمَ القانونيّ للضحايا وأسرهم بشكلٍ طوعيّ كخدمة تتحمّل المنظمة كامل تكاليفها، بما في ذلك أتعاب المحامي وأجور التنقل وأيّ كُلَف متعلقة بالمهمة، ولذلك لا يترتّب للمحامي على الضحية أو من ينوبه أيَّ مقابلٍ ماديّ أو عينيّ أو معنويّ.
في مختلف مراحل تقديم الدعم القانونيّ، يلتزم محامو ومحاميات المنظمة بالشفافية مع الضحايا ومن يمثّلهم، وبالالتزام بمصلحة الضحية الفضلى، ويتعيّن عليهم كذلك إحاطة الضحايا ومن يمثّلونهم بتحديثات دورية بمستجدات القضية، وبماهية كل إجراء وجدواه وأثره المتوقع على سير القضية، ويمتلك الضحايا ومن يمثّلهم، في جميع الأوقات، حقَّ تقدير المصلحة من التحرك أو من عدمه.
وتدقّق (مواطنة) في مدى امتثال مختلف الجهات والأطراف والتشكيلات بالحدّ اللازم من الإجراءات المقرّرة قانونًا من أول لحظات التعامل مع الأفراد من قبل جهات إنفاذ القانون أو سلطات الأمر الواقع، مرورًا بالنيابة العامة ووصولًا للمحاكم، والذي بتحقّقه تتحقّق العدالة الإجرائية التي تتوخّى أن تتم أيّ عملية حجز حرية من قبل جهة مخولة قانونًا مع افتراض البراءة ابتداءً.
وأن تستند الإجراءات على مسوغ قانوني، وأن تكون وَفقَ مرسومٍ قانونيّ مكتوب صادر عن ذي صفة قانونية، وأن تتم دون مساس بكرامة الشخص، وأن ينقل إلى مكان احتجاز قانونيّ ملائم ولائق، وأن يُمكّن من حقوقه في معرفة التهمة، سبب الاحتجاز، وحق الاتصال بمحامي دفاع وبأسرته، وألّا تتجاوز مدة الاحتجاز المدةَ المنصوص عليها في القانون، وأن يكون ممكَّنًا من حقّ التظلم والشكوى والمثول أمام القضاء الطبيعي مع ضمان محاكمة عادلة .
وبمساعيها لضمان العدالة الإجرائية من خلال اتساق وامتثال ونزاهة الإجراءات في أيّ دعوى جنائية، تسعى (مواطنة) لضمان حماية الأفراد من إساءة استخدام السلطة عند نظر الدعوى الجزائية في مختلف مراحلها.
وساهمت في الإفراج عن (1233) ضحية في 17 محافظة، تحت سلطات مختلف الأطراف.
حسب توصيفات فريق الخبراء البارزين الدوليّين والإقليميّين، المُنشَأ من قبل مجلس حقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة، فإنّ الضحايا المدنيّين في اليمن يعيشون في ظلّ "جائحة الإفلات من العقاب"، مؤكِّدًا أنّ المنظومة العدلية في البلاد "تواجه تحديات هيكليّة وفنيّة وأخرى متعلّقة باستقلاليتها وانقسامها واستشراء الفساد فيها، كما تشوبها أوجه قصور تتعلّق بضمانات المحاكمة العادلة، ما يجعلها غير قادرة على تحقيق العدالة عن الجرائم التي ارتُكِبت خلال النزاع المسلح الجاري".
ومع تفاقُم انتهاكات القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، من قبل كافة أطراف النزاع في اليمن، في ظلّ تكريس حالة الإفلات من العقاب، حيث إنّ اليمن ليست طرفًا في نظام روما الأساسيّ، ولا تقع في إطار ولاية محكمة الجنايات الدولية المختصة بجرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية.
رغم ذلك، صمّمت مواطنة على العمل بشكل دؤوب للمراكمة في مسار يكفل إنصاف جميع الضحايا ومحاسبة جميع المنتهِكين. وللوصول لتلك الرؤية، عملت مواطنة من خلال وحدة المساءلة والمناصرة، حيث تركّزت جهودها في ثلاثة مسارات رئيسية :
- دراسة السُّبل المتاحة: قامت مواطنة بأبحاث مسحيّة وورش عمل ولقاءات متخصصة مع خبراء قانونيّين ومؤسسات أكاديمية و/ أو ذات خبرة لدراسة السبل المتاحة لمساءلة المنتهِكين وإنصاف الضحايا. شملَت الأبحاثُ: المساءلةَ الجنائية، والآليات الدولية والأممية، وتتبّع آليات التحقيق المحدودة التي شكّلتها الأطراف، وسبل الإنصاف للضحايا.
- التقاضي والتدخلات القانونية: كثّفت مواطنة من جهودها مع العديد من الشركاء حول العالم، لخلق فرص مساءلة وَفقَ المتاحات القانونية، سواء في إطار الولاية القضائية الدولية أو غيرها.
- آليات الأمم المتحدة: عملت مواطنة على مجموعة من آليات الأمم المتحدة من بينها الاستعراضات الدورية الشاملة، حيث قدمت استعراضين دوريين شاملين عن اليمن والسعودية وتقارير ظل إلى لجان المعاهدات، من بينها تقديمين إلى لجنة الأمم المتحدة المختصة بالحقوق الاقتصادية الاجتماعية و الثقافية ولجنة مناهضة التعذيب، وتقديمات مكتوبة وإحاطات شفوية لعدد من المقررين الخواص و ولايات الإجراءات الخاصة.
قدّمت مواطنة والمركز الأوروبيّ للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان وشركاء آخرون، ملفًا إلى مكتب المدعي العام في محكمة الجنايات الدولية.
كما قدّمت مواطنة بالشراكة مع المركز الأوروبيّ للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان والشبكة الإيطالية لنزع الأسلحة، شكوى إلى المدعي العام الإيطالي.
وبالشراكة مع المركز الأوروبيّ للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان وشيربا، وبمساندة من منظمة العفو الدولية، قدّمت (مواطنة) ملف إلى المدعي العام الفرنسيّ.
كما قدّمت مواطنة تدخُّلًا بالشراكة مع جلان، في الاستعراض القضائيّ الذي قدّمته كات أمام القضاء البريطاني.
كما تعمل مواطنة مع شركائها، على بناء ملفات أخرى في بلدان أخرى.
- جهود تأسيسية للعدالة الانتقالية: تعمل (مواطنة) من خلال مجموعة متنوعة ومتكاملة من الأنشطة التي تهدف إلى أن تكون ذات آثارٍ متعدّدة الأبعاد، فورية ومباشرة من خلال الضغط المباشر على الأطراف المنتهِكة والأطراف ذات العلاقة، واستراتيجية وبعيدة المدى، بحيث تمثّل تلك العمليات والأنشطة أيضًا مُدخلات لمسارات العدالة الانتقالية وجهود المساءلة وجبر الضرر.
أقامت (مواطنة) سلسلةً من ورش العمل المكثّفة مع خبراء وممارسين ذوي خبرة في مجال العدالة الانتقالية بمختلف أركانها، في مستهلّ نقاشات تمهيديّة متخصصة في مجال المساءلة وجبر الضرر وقول الحقيقة، قاربت تجارب العديد من البلدان، سعيًا لبناء أسس واعية لتصوّرات العدالة الانتقالية المستقبلية وجهود المساءلة وجبر الضرر في اليمن.
وللمراكمة في إطار المساءلة وجبر الضرر والعدالة الانتقالية، أصدرت (مواطنة) تقريرًا متخصصًا يُدقّق في الآليات التي زعمت الأطراف المنتهِكة تشكيلها لجبر الضرر، وتخطط لإطلاق تقرير حول خيارات المُساءلة خلال النصف الأول من العام 2023، والذي سيمثّل خارطة طريق لخيارات المساءلة الجنائية المتاحة والممكنة للوضع في اليمن.
بالتزامن مع العمل الميداني لوحدة الأبحاث والدراسات ووحدة الدعم القانوني، كانت إدارة المنظمة وفريق المساءلة والمناصرة ، يعملون بشكل حثيث على إيصال صوت الضحايا، وكشف وضع حقوق الإنسان في اليمن، وحقيقة الانتهاكات والأطراف المنتهكة للمجتمع الدولي، من خلال مختلف الآليات والمنصات الدولية.
قدّمت مواطنة إحاطات متعددة أمام مجلس الأمن للتابع للأمم المتحدة، ومجلس حقوق الإنسان، والبرلمان الأوروبي، والكونجرس الأمريكي، والبرلمان البريطاني، واجتمعت بمختلف الممثليات والبعثات الدبلوماسية والمسؤولين الحكوميين وصناع القرار والمشرّعين في مختلف العواصم حول العالم، كما كان لها دور ريادي في الدفع باتجاه تشكيل آليات تحقيق دولية مستقلة لاسيما تشكيل فريق الخبراء البارزين بشأن اليمن في سبتمبر/ أيلول 2017، وكل ذلك بمساندة مخلصة من شركاء مواطنة من المنظمات والمؤسسات الحقوقية والمدنية والإنسانية الدولية والإقليمية.
وبالإضافة إلى مشاركتها في عشرات الفعاليات والمؤتمرات رفيعة المستوى في مختلف أنحاء العالم، تفاعلت مواطنة مع طلاب وأساتذة جامعات وأكاديميات مرموقة من مختلف أنحاء العالم، سواء بالفعاليات والأنشطة، أو بالعمل المشترك، أو بالاستجابة لطلبات وأسئلة واستشارات الباحثات والباحثين فيها.
ساهمت جهود مواطنة مع منصات مدنيّة مختلفة حول العالم، حقوقيّة وإنسانيّة وإعلاميّة، في ضبط صياغة سردية الحرب من خلال إبراز معاناة المدنيين، وكشف تورط جميع الأطراف في هذه المعاناة، وإنهاء حالة التجاهل المتعمدة، والدفع باتجاه تشكيل آلية تحقيق دولية عبر مجلس حقوق الإنسان، بالإضافة إلى المساهمة في تصدير المطالب الإنسانية العاجلة التي يمكن من خلالها تخفيف معاناة المدنيين، والدفع باتجاه السلام والمساءلة.
من خلال موقع المنظمة، وصفحاتها وحساباتها على منصات وسائل التواصل الاجتماعيّ، باللُّغتين العربية والإنجليزية، عملت وحدة الإعلام والاتصال على رفع أصوات الضحايا للجمهور والفاعلين داخل اليمن وخارجها، حيث عملت على تصميم ونشر التقارير والدراسات والبيانات والرسائل والمدونات والأفلام وحملات المناصرة الإلكترونية ، باللغتين ، العربية والإنجليزية ،، لكشف الانتهاكات ورفع الوعي بقضايا حقوق الإنسان.
فمع ما راكمته مواطنة من سمعة وثقة حول منهجيتها ودقة معلوماتها، تفاعلت كبريات الصحف والقنوات والإذاعات ووسائل الإعلام في جميع أنحاء العالم مع عمل مواطنة بطرق متنوعة، منها: الأخبار حول تقارير المنظمة، تصريحات صحفية، مقابلات وحوارات ، الاستدلال بمعلومات مواطنة في تقاريرها وتغطياتها حول اليمن، نشر مقالات فريق مواطنة .
ومن أبرز المنصات الإعلامية التي تفاعلت مع مواطنة: واشنطن بوست، الغارديان، نيويورك تايمز، بي بي سي، سي إن إن، فرانس 24، سكاي نيوز، إندبندنت، فورين بوليسي، أمريكا اليوم، المونيتور، درج، رصيف 22، خيوط، الجزيرة، يمن فيوتشر.
بالإضافة إلى الدفع باتجاه حماية المدنيين ومساءلة المنتهكين، فإن تراكم جهود وأنشطة مواطنة تساهم في عملية إنعاش مبكر لمنظومة سيادة القانون، التي قوّضتها الحرب.
لا تكتفي مواطنة في أنشطتها ومساعيها بتوثيق الانتهاكات أو تقديم الدعم القانوني في الميدان والمناصرة والضغط في مختلف المحافل الدولية، بل فتحت نقاشات معمقة داخل اليمن حول حقوق الإنسان وسيادة القانون والعدالة، عبر سلسلة من اللقاءات المجتمعية التي عقدتها مواطنة مع فئات متنوعة ذات صلة بقضايا حقوق الإنسان.
أدارت مواطنة حلقات نقاشية في صنعاء وعدن وتعز وإب وحضرموت وشبوة ومأرب وذمار والضالع، وهي محافظات تحت سيطرة مختلف الأطراف. حضر تلك الفعاليات عاملون وعاملات في الأمن والنيابة والقضاء، وطلاب وطالبات جامعات، وأكاديميون وأكاديميات، ومعلمون ومعلمات، وناشطون وناشطات في المجتمع المدني، وتمت مشاركة الأفكار والمقترحات والاعتراضات والأسئلة والخبرة، بجدية وحيوية ومسؤولية.
لسنوات، بذلت مواطنة جهودًا حثيثة لإعداد وبناء فريق مهني يعمل بمعايير دولية عالية في مجال حقوق الإنسان، وتحاول بذلك الإسهام في تأسيس أجيال حقوقية قادرة على العمل الحقوقي المهني المؤثر باقتدار وكفاءة.
صممت مواطنة مساقات عملها لتكون ورشة مفتوحة للتعلم وبناء وتطوير القدرات لعشرات الشابّات والشباب، الذين تتطور مهاراتهم وقدراتهم ومعارفهم بشكل متواصل، ويشكلون بالضرورة رافدًا نوعيًّا للعمل الحقوقي والمدني في المستقبل، في إطار مواطنة وخارجها.
ولتحقيق أهدافها في مسار بناء وتطوير القدرات للعاملات والعاملين فيها ، وكذلك للعاملات والعاملين في مؤسسات أخرى ، أنشأت مواطنة وحدة التدريب والتطوير ، كنواة لأكايمية مواطنة لحقوق الإنسان ، وبدأت بإعداد وبناء أدلة تدريبية متخصصة .
مع إدراك مواطنة لعناصر قوتها، فإنها تضع عملها وجهودها تحت التقييم الدائم، لإدراك نقاط الضعف والعمل على تجاوزها، وتبني لذلك آليات رقابة وتقييم ومتابعة مصاحبة، يوميّة، وأسبوعيّة، وشهريّة، ونصف سنويّة؛ ولذلك أنشأت إدارة التقييم والمتابعة والتعلم، وتطور من خلالها آليات متابعة وتقييم فعالة ومؤثرة.
وتعمل على تصميم مساقات تقييم خارجي مستقل لمختلف عملياتها وتدخلاتها وتتبع أثرها وجودتها والإضاءة على مكامن الضعف فيها.