
قبل خمس سنوات، أي في عام 2019، تلقى العاملون في المدارس ضغطًا وممارسة جديدة في القمع.
بداية كل عام دراسي لا بد من اجتماع تعريفي يحضره شخص يقدّم نفسه باعتباره المشرف.
في المدرسة، يفرض هذا المشرف قوانينه أو تلك التي تُملَى عليه، مهددًا بتصوير حافظة الدوام الرسمي يوميًا، أي أن على الجميع الحضور بشكل يومي والتوقيع على حافظة الدوام، وعدم التعذر بقول "نسيت أن أوقع".
تراه يجول ويصول في المكان، يدخل الفصول بشكل مفاجئ، حتى تلك التي تُدرَّس فيها الفتيات، يدخلها بدون استئذان.
يجيز لنفسه معاقبة من يشاء من المعلمين في أي وقت يشاء، بل يصل الأمر إلى شطب اسم المعلم من حافظة الدوام دون استشارة مدير المدرسة أو الرجوع إليه.
وفي بعض الأحيان، يكلف المعلمين بمهام لا تمت للتعليم بصلة، مثل تنظيم الفعاليات والأنشطة التابعة لجماعة أنصار الله(الحوثيين).
في مديرية عبس بمحافظة حجة، المشرف التربوي التابع لجماعة أنصار الله" الحوثيين"، هو المسؤول عن كل شيء في إدارة التربية بجانب مدير التربية. يتولى إنزال جدول الفعاليات وتحديد المدارس والأيام التي يجب أن تُقام فيها الفعالية، والتي لا تُقام إلا بحضوره.
يُجبر الطلاب والطالبات على الانتظار في الطابور الصباحي تحت حرارة الشمس حتى يصل المشرف، الذي يلتقط الصور ويلقي كلمته.
تُنظم الوقفات على الطريق بشكل مفاجئ عن طريق الاتصال من قبل المشرف التربوي العام إلى المشرف التربوي المقيم في المدرسة. يقتحم الفصول بشكل مفاجئ ويُخرج الطلاب إلى الساحة دون استشارة المعلمين أو مدير المدرسة، ثم يوجه الجميع بترك الدراسة والخروج إلى الساحة أو الشارع للتوجه إلى الموقع المحدد لتنفيذ الوقفة.
كل ذلك يتم على مرأى من أولياء الأمور المغلوبين على أمرهم، الذين يشاهدون أبناءهم يسيرون تحت حرارة الشمس في الطريق العام الذي يُغلق لساعات.
يظل الأطفال والمعلمون في الشمس، بينما يجتمع المشرفون تحت أقرب ظل، ويوجهون مديري المدارس والمعلمين بتنظيم الصفوف والوقوف بشكل منتظم.
للمشرف التربوي مهام كثيرة، بما في ذلك أدوار يبتكرها لنفسه في ظل غياب المحاسبة أو المناقشة، مثل فرض الجبايات وطلب الأموال من الطلاب بحجة تنظيم فعاليات مركزية، سواء داخل المدرسة أو في فعاليات مركزية كبرى مثل المولد النبوي الشريف أو فعالية 21 سبتمبر.
بجانب الرسوم الدراسية والمساهمات المجتمعية المفروضة على الطلاب لصالح المعلمين والرسوم الامتحانية، تأتي الجباية للفعاليات.
يُطلب من الطلاب تقديم التبرعات في مظاريف غير مغلقة، تحت ذرائع مثل دعم فلسطين أو مساعدة شخص مريض من المشرفين.
ولا تغيب العقوبات الجسدية عن المشهد؛ إذ يتعرض الطلاب والطالبات للضرب العنيف أو الطرد من المدارس من قبل المشرفين، دون مبررات تُذكر.
ربما تظهر أدوار جديدة وغير متوقعة للمشرفين التربويين التابعين لجماعة أنصار الله (الحوثيين)، الذين أصبحوا أعلى سلطة في المدارس، رغم أن أغلبهم يحمل شهادات أساسية أو يفتقر إلى أي خبرة إدارية أو خلفية تربوية. ومع ذلك، قد يصبحون هم مديري المدارس في يوم من الأيام.
يوم ما
كان المعلمون اليمنيون يقومون بعملهم في المدارس بكل هدوء.
كانوا كالعائلة الواحدة، يتعاونون لمواجهة الصعوبات مثل تأخر الرواتب أو ضعفها، ومع ذلك كانوا يشعرون بالاستقرار ويؤدون عملهم بإخلاص.
كانت الرواتب المنتظمة تُتيح لهم الاقتراض من التجار والباعة. وفي حالات الغياب أو المرض، يتولى الزملاء العمل عن زملائهم.
كان مدير المدرسة متعاونًا مع الجميع، وكانت روح التآخي تسود بين الجميع.
كانوا يساندون ويؤازرون زميلهم في المرض أو عند وقوع الكوارث.
لكن في عام 2015، جاءت الحرب وقلبت أوضاعهم رأسًا على عقب. باتوا يعانون من انقطاع الرواتب، وأُجبروا على العمل مجانًا رغمًا عنهم، خوفًا على درجاتهم الوظيفية.
ومع تصاعد مثل هذه التدخلات والاعتداءات على المؤسسة التعليمية، تجدد منظمة "مواطنة" دعوتها لجماعة أنصار الله (الحوثيين) لتحييد العملية التعليمية، والتوقف عن استخدام المدارس والمرافق التعليمية، ومغادرة تلك التي لاتزال مستخدمة، مع تمكين الطلاب من الحصول على تعليم متكامل في بيئة آمنة.