بأسلحة أميركية وأوروبية

جرائم استهداف مدارس إيواء النازحين في غزة تكشف ضعف المجتمع الدولي أمام إسرائيل

August 14, 2024

قالت مواطنة لحقوق الإنسان، في بيان لها اليوم، أن إسرائيل تواصل تحدي الضمير العالمي، وتحدي محكمة العدل الدولية، والمحكمة الجنائية الدولية، من خلال ارتكاب المزيد من المجازر المروعة التي ترتكبها ضد المدنيين الفلسطينيين الباحثين عن ملاذات آمنة في منشآت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، تكشف ضعف المجتمع الدولي أمام إسرائيل، وتكشف التواطؤ مع جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي تطال الشعب الفلسطيني منذ ما يزيد عن تسعة أشهر، وإن أحدث الهجمات الإسرائيلية المروعة وما سبقها من المجازر اليومية التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي ضد المدنيين في قطاع غزة بشكلٍ متعمد، تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك عزم الحكومة الإسرائيلية الحالية -وعلى رأسها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزراء حكومته- على مواصلة حرب الإبادة الجماعية بحق المدنيين الفلسطينيين، بحصيلةٍ قوامها 39 ألف قتيل حتى الآن، معظمهم من النساء والأطفال.

قال عبدالرشيد الفقيه، نائب رئيسة مواطنة لحقوق الانسان: "ان اسرائيل لا تتوقف عن اختلاق الذرائع لارتكاب المزيد من المذابح المروعة بحق الفلسطينيين، وهي تتجاهل بشكل صارخ الحماية الخاصة للوكالات الانسانية ومرافقها وموظفيها وعملياتها"، وأضاف الفقيه: "ان هذا القتل المنفلت يضع إسرائيل ومسؤولييها مباشرة في مواجهة مستقبلية مع منظومة العدالة والمساءلة الدولية"، وقال الفقيه: "ان المواقف الدولية الباهتة، تشجع إسرائيل على مواصلة جرائمها الخطيرة ضد الفلسطينيين، المدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية، وغيرها من الدول الداعمة لإسرائيل وجرائمها، عوضاً عن قيامها بواجبها الأخلاقي والقانوني والسياسي بالتحرك الجاد لإيقاف تلك الجرائم المروعة".

وأشارت مواطنة إلى أن الجيش الإسرائيلي ارتكب أحدث المجازر، بالتزامن مع إعلان إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، الإفراج عن 3.5 مليار دولار لصالح إسرائيل، لإنفاقها في شراء الأسلحة والعتاد لارتكاب مزيدٍ من الجرائم بحق المدنيين من النساء والأطفال الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية، في تحدٍ مستفز للضمير الإنساني والإرادة الدولية والعالم الحر.

وجددت مواطنة تأكيدها على تورط الولايات المتحدة بشكلٍ مباشر في الجرائم التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة، منذ الثامن أكتوبر/ تشرين الأول 2023 حتى الآن، من خلال الدعم المستمر على المستوى العسكري والدبلوماسي والسياسي والمالي للحكومة الإسرائيلية في إبادة مزيد من المدنيين الفلسطينيين، التي ما كان لها أن تستمر لولا تدفق الدعم الأمريكي على كافة المستويات، كما يكشف عدم جدية الولايات المتحدة في الدفع إلى وقف الحرب المستعرة في قطاع غزة منذ نحو تسعة أشهر، جعلت خلالها إسرائيل القطاع المحاصر أشبه بكومة ركام فوق قبرٍ جماعي؛ يستصرخ ضمير العالم ولا مغيث.

الهجوم على مدرسة (التابعين)

فجر يوم السبت، الموافق 10 أغسطس/آب 2024، شنت قوات الإحتلال الإسرائيلي، هجوماً مروعاً، استهدف مدرسة "التابعين" التي تؤوي نازحين فلسطينيين خلال تأديتهم صلاة الفجر، في حي الدرج وسط القطاع، أودى بحياة أكثر من 100 فلسطيني ومئات الإصابات، وبذلك يرتفع عدد المدارس التي تؤوي نازحين وتم استهدافها من جانب الجيش الإسرائيلي إلى ست مدارس خلال أسبوع واحد فقط.

وفي حين زعم الجيش الإسرائيلي في بيانٍ عقب ارتكاب المجزرة، أن غارته قتلت نحو 20 من قيادات الفصائل الفلسطينية، وأن حركتي حماس والجهاد الإسلامي استخدمتا المدرسة كمنشأة عسكرية، الأمر الذي نفته الفصائل وأكدت أن تلك الادعاءات التي يحاول الجيش الإسرائيلي من خلالها تبرير جريمته بحق المدنيين الأبرياء؛ لا أساس لها، حيث وصفت حركة حماس -في بيان لها على تلجرام- الغارة الإسرائيلية على المدرسة، بأنها "جريمة مروّعة، تشكّل تصعيدًا خطيرًا في مسلسل الجرائم والمجازر غير المسبوقة في تاريخ الحروب.."، حد وصف البيان.

في الأثناء، تداعت ردود الفعل الدولية المنددة بالجريمة المروعة التي ارتكبتها إسرائيل بحق المدنيين الفلسطينيين؛ حيث وصف وزير خارجية الإتحاد الأوروبي "جوزيب بوريل" الضربة التي شنتها إسرائيل على مدرسة تؤوي نازحين في غزة بأنها "مروعة"، وقال في تدوينة على حسابه بمنصة "إكس"، إن "الصور التي التُقطت لمدرسة تؤوي نازحين في غزة تعرضت لغارة إسرائيلية مروِّعة، مع ورود أنباء عن سقوط عشرات الضحايا الفلسطينيين.. تم استهداف ما لا يقل عن 10 مدارس في الأسابيع الأخيرة، ولا يوجد ما يبرر هذه المجازر؛ نشعر بالفزع إزاء العدد الإجمالي الرهيب للقتلى".

من جانبها قالت فرانشيسكا ألبانيز (مُقررة الأمم المتحدة الخاصة بالأراضي الفلسطينية المحتلة)، في تدوينة على منصة "إكس": "في أكبر معسكرات الاعتقال في القرن الحادي والعشرين وأشدها خزيًا، تواصل إسرائيل إبادة الفلسطينيين في حي تلو الآخر، وفي مستشفى تلو الآخر، ومدرسة تلو الأخرى، ومخيم نازحين تلو الآخر، ومنطقة آمنة تلو الأخرى"، لافتةً إلى أن ذلك يحدث "بأسلحة أميركية وأوروبية دون مبالاة من كل الدول المتحضرة".

الهجوم على مدرسة الجاعوني

يوم السبت 6 يوليو/تموز، أسفر هجوما إسرائيلياً على مدرسة الجاعوني التابعة لوكالة "الأونروا"، والتي تأوي نازحين في مخيم النصيرات وسط غزة، عن مقتل 16 فلسطينيا على الأقل، وإصابة 50 آخرين، ليضاف الهجوم الى قائمة طويلة من الانتهاكات التي طالت نحو 190 منشأة من منشآت الأونروا، بعضها تعرض للقصف عدة مرات، وبعضها بشكل مباشر. ونتيجة لهذا النمط من الهجمات، قُتل 520 شخصا وأُصيب ما يقرب من 1600 أثناء سعيهم للبحث عن الأمان.

قال فيليب لازاريني، المفوض العام للأونروا: "لقد طفح الكيل ، إن ما لا يقل عن 193 من موظفي الوكالة قتلوا في غزة. وتعرض ما يقارب 190 مبنى للأونروا للأضرار أو للتدمير، كما تعرضت مدارس الوكالة للهدم، وقُتل ما لا يقل عن 500 نازح أثناء إيوائهم في مدارس الأونروا وغيرها من المباني، ومنذ السابع من أكتوبر، قامت القوات الإسرائيلية باعتقال موظفي الأونروا في غزة، وقد أفادوا بتعرضهم للتعذيب وسوء المعاملة أثناء احتجازهم في قطاع غزة أو في إسرائيل"، وأكدت من جانبها، مديرة الاتصالات في وكالة (الأونروا)، جولييت توما: "قتل المئات من النساء والأطفال الذين كانوا يحتمون في مرافق (الأونروا) منذ بداية الحرب.

وقالت مواطنة لحقوق الإنسان، إن التمادي المفرط في الإجرام الذي يقوم به الجيش الإسرائيلي ضد المدنيين في قطاع غزة يبرهن ما سبق أن أكدت عليه مواطنة في مناسبات عديدة، بشأن غياب آلية دولية للعقاب والمساءلة عن جرائم الحرب، التي ترتكب على نطاق واسع في غير منطقة من العالم، وفي القلب منها الحربُ الدائرة راهنًا في قطاع غزة، والتي كشفت هشاشة النظام الدولي في ردع مجرمي الحرب، وحماية المدنيين.

وطالبت مواطنة من المجتمع الدولي التحرك لاجتراح آلية فعّالة لإيقاف إسرائيل عند حدها، وكبح تماديها في ارتكاب مزيد من الإبادة الجماعية بحق المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، وحملها على إيقاف الحرب الوحشية وسرعة السماح للمساعدات الإنسانية بالدخول إلى القطاع، خصوصًا أن إسرائيل تمارس التجويع كسلاح حرب ضد المدنيين من الأطفال والنساء وكبار السن، وهي جريمة حرب أخرى في سجلها الدموي. لافتةً إلى أنه في حال فشل المجتمع الدولي في توفير حماية دولية لسكان غزة، فإن الوضع قد يستمر على ما هو عليه من استمرار المجازر والانتهاكات التي لا تستثني أحدًا.

ودعت مواطنة المجتمع الدولي الى القيام بدوره في منع تكرار مثل هذه الجرائم ومحاسبة المتورطين، وإيقاف المعاناة الرهيبة للسكان في غزة, وجددت مواطنة دعوة المُجتمع الدولي، والحكومات، والأمم المتحدة، والمنظمات الدولية، وحركة حقوق الإنسان، في مختلف أنحاء العالم، مساندة جهود مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، في جهود ملاحقة المسؤولين عن جرائم الإبادة الجماعية، وجرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، المُرتكَبة في نطاق ولاية المحكمة النافذة على دولة فلسطين، منذ 2 أبريل/ نيسان 2015.