كيف حولت الحرب المزارع إلى حقول ألغام

خرج خليل من قريته برفقة أسرته صباح الأثنين 5 نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، هربا من جحيم الحرب التي خيمت على قريته بشكل مفاجئ، إثر التقدم الخاطف الذي أحرزته قوات الحكومة المعترف بها دولياً والحزام الأمني المدعوم إمارتياً نحو مدينة دمت بهدف السيطرة على المدينة الواقعة تحت سيطرة جماعة أنصارالله (الحوثيين).

April 18, 2021

الأحد، 18 أبريل/ نيسان 2021

محسن فضل

خمسة أشهر قضاها المزارع خليل مسعد صالح الظاهري (28 سنة)، نازحا بعيدا عن منزله، الواقع في قرية الحقب التابعة لمديرية دمت، محافظة الضالع.

خرج خليل من قريته برفقة أسرته صباح الأثنين 5 نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، هربا من جحيم الحرب التي خيمت على قريته بشكل مفاجئ، إثر التقدم الخاطف الذي أحرزته قوات الحكومة المعترف بها دولياً والحزام الأمني المدعوم إمارتياً نحو مدينة دمت بهدف السيطرة على المدينة الواقعة تحت سيطرة جماعة أنصارالله (الحوثيين).

تمكنت  القوات الحكومية من السيطرة على قرية الحقب خلال ساعات الصباح في يوم الأثنين  5 نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، قبل أن تنسحب منها مساء ذلك اليوم، فاستعاد الحوثيون سيطرتهم على القرية بعد ساعات معدودة، وحولوا عدد من منازلها إلى مخازن للأسلحة ومتاريس لقناصيهم،  بعد أن أصبحت خالية من السكان.

ظلت قرية الحقب تمثل خط النسق الأول بالنسبة للحوثيين في مواجهة الطرف الأخر، حتى تمكن الحوثيين من استعادة كامل المناطق التي خسروها قبل خمسة أشهر، خلال تنفيذهم عملية عسكرية واسعة، الخميس 28 مارس/ آذار 2019.

كان لتقدم الحوثيين مجددا إلى مشارف منطقة مريس أثره الكبير بالنسبة للنازحين من أهالي قرية الحقب، الذين اعتقدوا أن الحرب انتهت عند هذا، فعادوا إلى قريتهم جماعات متتالية، في الوقت الذي كانت آثار الحرب على القرية لاتزال تعكس في تفاصيلها مدى بشاعتها على كل مناحي الحياة.

شعر الأهالي بقيمة السعادة لعودتهم إلى منازلهم، إلا أن الخوف لايزال يسكن أفئدتهم، خوف من مخلفات الحرب الكامنة التي تترصدهم في الأزقة والطرقات والأودية المحيطة بالقرية.

يومها، لم يكن المزارع خليل الظاهري يشعر بأنه عاد بالفعل.. وهو يرى حقوله الزراعية المهجورة أمام عينيه، لا يستطيع حرثها أو زراعتها، رغم مرور أكثر من عام على عودته، وذلك بسبب شكوك غير مؤكدة تشير إلى أن تلك الحقول الواقعة غرب القرية ربما تكون ملوثة بالألغام والمتفجرات.

يوم الأحد التاسع من أغسطس/ آب 2020، وبينما كانت الساعة تشير إلى الثانية ظهرا، خرج خليل يقود جرارته الزراعية متوجها إلى حقله المهجور الواقع غرب القرية ، من أجل حراثته.

بدأ  خليل في حراثة الحقل إلا أنه سرعان ما تعرض لانفجار لغم مضاد للدروع من مخلفات الحوثيين،  أسفر عن تدمير الجرارة الزراعية بشكل كبير، فيما أصيب خليل إصابة بليغة في ساقه الأيسر.

نقل المزارع خليل إلى إحدى مستشفيات العاصمة صنعاء، حيث قرر الأطباء بتر ساقه الأيسر من فوق الركبة، وبعد أن مكث نحو أكثر من شهر يتلقى العلاج، عادإلى منزله، ولكنه هذه المرة يستند إلى عكازين خشبيين يتكئ عليهما كلما أراد المشي بخطوات بطيئة.

تواصل الألغام التي تزرعها جماعة أنصار الله (الحوثيون) منذ اندلاع النزاع حصد أرواح اليمنيين وأطرافهم، وباتت تمثل حالة هلع ورعب يومي للمدنيين في المناطق الريفية بصورة أكبر، حيث تزرع في مناطق سكانية، وطرق عامة وشوارع رئيسة ومنازل ومزارع.