سلطات مأرب مسؤولة عن انتهاكات مروعة تطال النساء

على النائب العام في عدن إعمال ولايته القانونية لحماية الضحايا من المدنيات

August 29, 2023

قالت مواطنة لحقوق الإنسان، أنها وثقت تعرض 18 امرأة، لوقائع اختفاء قسري واحتجاز تعسفي وتعذيب وضروب من المعاملة اللاإنسانية، وحرمان من العدالة الإجرائية، ارتكبتها الأجهزة الأمنية، الموالية لحزب الإصلاح والحكومة المعترف بها دوليًّا، في محافظة مأرب، شمال شرقي العاصمة اليمنية صنعاء.

حيث وثقت مواطنة، خلال الفترة ما بين أبريل 2016، وحتى يوليو 2023، جُملة من وقائع الانتهاكات المروعة التي طالت 18 امرأة، من بينها 9 وقائع احتجاز تعسفي، و3 وقائع اختفاء قسري، وواقعتي تعذيب، و4 وقائع حرمان من العدالة الإجرائية، من أصل 266 واقعة اختفاء قسري واحتجاز تعسفي وتعذيب، وحرمان من الحق في العدالة الإجرائية، طالت مدنيات ومدنيين، في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دوليًّا وحزب الإصلاح من محافظة مأرب، وهي خروقات للقوانين الوطنية النافذة، والقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.


وتعرضت الضحايا من النساء، خلال احتجازهن، لسلسلة من الانتهاكات، بدءًا من التوقيف والاحتجاز، دون مسوغات قانونية، ومرورًا باحتجازهن في مرافق لا تتوفر فيها الحد الأدنى من متطلبات أماكن الاحتجاز القانونية، اللائقة، ومن ناحية أهليّة تلك المرافق، ومستوى نظافتها، وانعدام التهوية المناسبة فيها، وكفاية الطعام والمياه خلال فترات الاحتجاز، علاوة على عدم توفير الحد الأدنى من أدوات النظافة الشخصية، ومراعاة احتياجات النساء، فضلًا عن تعرض المحتجزات لأشكال من التعذيب وغيره من ضروب المعاملة اللاإنسانية والمهينة، وتعرضهن للاختفاء القسري، وانتهاءً بعدم عرضهن على النيابة العامة والقضاء، خلال المدة المحددة، طبقًا للدستور اليمني والقوانين النافذة.

وقال عبدالرشيد الفقيه، نائب رئيسة مواطنة لحقوق الإنسان: "الوقائع التي وثقتها مواطنة، نموذج لما تتعرض له النساء المدنيات على يد الأجهزة الأمنية في مأرب، والتي تتخذ من ظروف الحرب الكارثية على المدنيين في مأرب، ذريعة للتنكيل بالنساء وترويعهن وترويع ذويهن".

وأضاف الفقيه: "مرافق احتجاز الأجهزة الأمنية هي بمعزل عن ولاية النيابة العامة والقضاء؛ ما يجعلها مساحة لجملة من الانتهاكات المشينة بحق النساء، ولا تكتفي الأجهزة الأمنية بارتكاب تلك الانتهاكات، بل تمارس أشكالًا من الترويع لذوي الضحايا والمحاميات والمحامين، لمنعهم من تحريك أي شكاوى قانونية أمام النيابة العامة الممنوعة فعليًّا، من مباشرة ولايتها القانونية على مرافق تلك الأجهزة، بما في ذلك عدم الامتثال لتوجيهات النائب العام، المتفاعلة مع الشكاوى المرفوعة إليه".


وقال الفقيه: "لا تتوقف مسؤولية النائب العام عند إصدار التوجيهات المكتوبة، على أهميتها، بل إن من صميم مسؤولياته إنفاذ القانون، وإنفاذ توجيهاته، على أرض الواقع، وإلزام الأجهزة الأمنية في محافظة مأرب بالامتثال الدائم لها".


قالت هدى عمر (اسم مستعار- ٤٣ سنة)، لمواطنة، حول ما تعرضَت له في السجن المركزي للنساء بمأرب: "طلبت منهم إبلاغ زوجي بأمر احتجازي، ولم يتم إبلاغه ولم تعلم أسرتي بذلك إلا بعد مرور عدة أيام، حيث سُمح لي بالاتصال بوالدتي مقابل مبلغٍ من المال"، وأضافت: "في إحدى جلسات التحقيق، طلب مني المحقق فتح جهاز هاتفي الذي كان لديهم، وقاموا بنقل كل محتوياته إلى جهاز لابتوب، وقاموا بتهديدي بوضعي في الضغاطة وخلع أظافري وبأنه لن يطلق سراحي نهائيًّا، ما لم أعترف بتهم ملفقة وغير حقيقية، وتعرضت لوعكة صحية بسبب ظروف مكان الاحتجاز والضغط الذي تعرضت له، وتورم جسدي. لقد قالت لي مديرة السجن حينها: موتي وسأدفنك هنا".

وقالت هدى في شهادتها لمواطنة: "كنا نسمع أصوات النساء أثناء التعذيب، إذ كن يتعرضن للضرب والصعق بالكهرباء. إحدى المحتجزات اقتادوها وهي ترتدي ملابس صفراء اللون، وعادت وقد تلونت ملابسها بالدم نتيجة تعرضها للضرب في بطنها، ومحتجزة أخرى تعرضت للتعذيب حتى فقدت القدرة على الوقوف والمشي وأصبحت تحبو، وطيلة فترة احتجازنا، لم يسمحوا للجنة الدولية للصليب الأحمر وغيرها من الجهات، بزيارتنا أو الوصول إلينا".

وحسب شهادات الضحايا من النساء، لمواطنة، فقد تم احتجازهن دون أوامر قبض قانونية ومكتوبة صادرة من جهات مختصة، ودون إبلاغهن بأسباب احتجازهن والتهم الموجهة لهن، وعدم إبلاغ أُسَر الضحايا بأماكن احتجازهن، وعدم السماح لهن بالتواصل مع المحاميات والمحامين، والتحقيق معهن خارج الأوقات القانونية، وبدون حضور محامٍ للدفاع عنهن، واستخدام العنف لقسرهن على الاعتراف، وتهديدهن، وتوجيه الإساءات اللفظية لهن، وانتهاك خصوصياتهن وتفتيش هواتفهن واستعراض الصور الخاصة بهن لابتزازهن، ومصادرة وسلب ممتلكاتهن، وعدم عرضهن على النيابات والمحاكم في الأوقات المحددة قانونًا للبت في قضاياهن، وعدم تنفيذ أحكام وقرارات الإفراج لمن صدرت قرارات إفراج لصالحهن، بما في ذلك توجيهات النائب العام في عدن.


قالت وفاء علي (اسم مستعار- ٣٣ سنة)، لمواطنة: "لقد كانوا يقومون بالتحقيق معي في أوقات متأخرة من الليل، وفي إحدى المرات نقلوني إلى غرفة التحقيق الساعة الثانية بعد منتصف الليل، وقاموا باستخراج صور خاصة بي من هاتفي وعرضها عليّ، وعرضوا عليّ صورًا مخلة لنساء لم تكن في هاتفي، وإنما قاموا بوضعها لتلفيق تهم غير أخلاقية لي، وعندما طلبت أن يتحققوا من تاريخ إضافة هذه الصور لهاتفي قام أحدهم برميي بقارورة ماء"، وأضافت: "في إحدى المرات قام المحقق بضربي على صدري حتى وقعت على الأرض، وأنا مصابة بالربو".

ودعت مواطنة لحقوق الإنسان، النائبَ العام في عدن، لإعمال ولايته القانونية، وإخضاع مرافق الاحتجاز التابعة للأجهزة الأمنية وقوات الحكومة المعترف بها دوليًّا، الموالية لحزب الإصلاح، في محافظة مأرب، لسلطة النيابة العامة، وفتح تحقيق شفاف، بشأن وقائع الاختفاء القسري والاحتجاز التعسفي والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة اللاإنسانية والمهينة، التي تطال النساء، بالمخالفة للقانون اليمني النافذ، بما في ذلك ممارسات ترويع المحاميات والمحامين، لحرمان الضحايا، مع حق الدفاع القانوني، والإفراج الفوري عن جميع المحتجزات تعسفيًّا، والكشف عن مصير المختفيات قسريًّا، والإفراج عنهن، والتحقيق في وقائع التعذيب وسوء المعاملة بحق المحتجزات، ومنع تكراره، ووضع حدٍّ لكل الانتهاكات، بما في ذلك حرمان الضحايا من الحق في العدالة الإجرائية، طبقًا للقوانين النافذة، ومحاسبة كافة المتورطين في تلك الانتهاكات المروعة.


وإذ تؤكد مواطنة، على موقفها الثابت، ضد وقائع الاختفاء القسري والاحتجاز التعسفي والتعذيب والحرمان من العدالة الإجرائية التي تطال المدنيات والمدنيين، على حد سواء، تؤكّد كذلك، على فداحة تلك الانتهاكات المضاعفة، حين تطال النساء، وسط انهيار تدابير الحماية القانونية، في ظل ظروف الحرب، باعتبارهن من الفئات الأكثر هشاشة في المجتمع اليمني، وارتفاع مخاطر تعرضهن لأشكال من الانتهاكات القائمة على أساس النوع الاجتماعي، ولما ينتج عن ذلك من آثار سلبية على الضحايا، لا تتوقف عند ما يطالهن أثناء تعرضهن للاختفاء القسري والاحتجاز التعسفي والتعذيب والحرمان من العدالة الإجرائية، بل أبعد من ذلك، فآثار تلك الانتهاكات، ترافقهن حتى عقب إطلاق سراحهن، إذ يصبحن عرضة للأذى، ويفقدن فرصهن في العيش بصورة طبيعية، كغيرهن من النساء، حيث أكدت ضحايا من النساء المُفرج عنهن، في شهاداتهن، لمواطنة، أنهن يواجهن صعوبة في محاولاتهن الاندماج مجددًا، في المجتمع، والعيش بصورة طبيعية، عقب الإفراج عنهن.


وطالبت مواطنة لحقوق الإنسان، النائبَ العام في عدن، والسلطات في مأرب، بإنهاء كافة القيود المفروضة على عمل منظمات المجتمع المدني، المحلية والدولية، وجهات الرقابة، لتتمكن من الوصول إلى مرافق الاحتجاز الخاصة بالنساء، دون عوائق وبشكل منتظم، وعدم السماح لمرتكبي جرائم الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري والتعذيب بحقهن بالإفلات من العقاب.



إن وقائع الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة اللاإنسانية والمهينة، انتهاكات جسيمة تستوجب المحاسبة والعقاب، ولا يجوز وفقًا للقوانين الوطنية، والمواثيق الدولية، التذرع بأي ظرف استثنائي، أو بأي من حالات الطوارئ، كالحرب، لتبرير هذا النوع من الانتهاكات الخطيرة، أو التغاضي عنها.

وتجدد مواطنة لحقوق الانسان، مطالبتها بإنشاء آلية تحقيق دولية مستقلة، ذات بعد جنائي، تُحقِّق في انتهاكات جميع أطراف النزاع، لإنصاف الضحايا وجبر ضررهم، ومساءلة المنتهكين، كأساس لضمان سلام شامل ومستدام.