الضحايا في انتظار العدالة

عشر سنوات على إعلان عمليات التحالف بقيادة السعودية والإمارات في اليمن

اﻷربعاء, 26 مارس/آذار, 2025
Tweet
Share on Facebook
Share on Facebook
Share on Facebook

قالت "مواطنة لحقوق الإنسان" في بيان أصدرته بالتزامن مع مرور عشر سنوات على إعلان بدء العمليات العسكرية للتحالف بقيادة السعودية والإمارات في اليمن، في 26 مارس/آذار 2015، إن آلاف الضحايا المدنيين للانتهاكات التي ارتكبتها قوات التحالف على مدى سنوات الحرب لا يزالون في انتظار بدء خطوات الإنصاف وجبر الضرر وتحقيق العدالة، ويأملون أن يتحمل التحالف بقيادة السعودية والإمارات المسؤولية عن طيف واسع من الانتهاكات والفظائع التي استهدفت السكان المدنيين، والتي أدت إلى مقتل وإصابة آلاف المدنيين، بمن فيهم النساء والأطفال، كما تسببت في دمار واسع للبنية التحتية المدنية والمنشآت الحيوية.

وثقت "مواطنة لحقوق الإنسان"، على امتداد سنوات الحرب، ما لا يقل عن 1526 واقعة انتهاك ارتكبتها قوات التحالف بقيادة السعودية والإمارات في مختلف مناطق اليمن، من بينها ما لا يقل عن 1070 هجمة جوية و137 هجمة برية طالت أهدافًا مدنية، و13 هجمة لطائرات بدون طيار، و61 واقعة إطلاق رصاص حي، و31 واقعة استخدام أجسام متفجرة.

كما تحققت "مواطنة" من مسؤولية التحالف بقيادة السعودية والإمارات عن مقتل ما لا يقل عن 3859 مدنيًا، بينهم 1294 طفلًا و492 امرأة، وإصابة 4336 آخرين، بينهم 1217 طفلًا و517 امرأة. في حين وقع 319 مدنيًا، بينهم 88 طفلًا و4 نساء، ضحايا لأنواع أخرى من الانتهاكات، على رأسها الاحتجاز التعسفي، والاختفاء القسري، وتجنيد واستخدام الأطفال، والتعذيب، والعنف الجنسي، وغيرها من الانتهاكات.

وقالت رضية المتوكل، رئيسة "مواطنة لحقوق الإنسان": "للعام العاشر، لا يزال الضحايا المدنيون ينتظرون قيام التحالف بقيادة السعودية والإمارات بتحمل المسؤولية القانونية والجنائية والأخلاقية والإنسانية العالقة، المتمثلة في إنصاف الضحايا المدنيين، وجبر ضررهم، وإعادة الإعمار، وتحقيق العدالة، ومعالجة آثار الحرب المدمرة؛ كخطوات ضرورية لا تحتمل المزيد من التأجيل، ولا تسقط بالتقادم، وهي خطوات ذات أولوية قصوى من أجل العبور الآمن إلى المستقبل دون عبء تركة الحرب وانتهاكاتها الثقيلة، وذلك على طريق وقف الحرب وبناء سلام شامل وعادل ومستدام في اليمن والمنطقة".

وأضافت المتوكل: "رغم أهمية توقف العمليات العسكرية المباشرة منذ عامين، بما فيها الهجمات الجوية، لا يزال ملايين المدنيين في مختلف مناطق اليمن يعانون من تفاقم الأزمات الإنسانية الخانقة، الناجمة عن سلوك أطراف الحرب على مدار سنوات، وعن عدم التوصل إلى اتفاق سلام شامل، واستمرار حالة الحرب وشروطها".

وتابعت: "بما أن التحالف بقيادة السعودية والإمارات لا يزال فعليًا لاعبًا رئيسيًا في المشهد اليمني، فإنه يتحمل، مع كافة الأطراف اليمنية، بدرجة رئيسية، مسؤولية إنهاء كافة الأزمات التي لا تزال تتوالى على اليمن، ومسؤولية إنهاء معاناة ملايين اليمنيين، ومعالجة آثار الحرب. وستبقى تلك المسؤولية قائمة حتى انتهاء الحرب واستتباب السلام والاستقرار في عموم اليمن".

وبالإضافة إلى الهجمات الجوية لمقاتلات التحالف على المدنيين في مختلف مناطق اليمن، فقد وثقت "مواطنة لحقوق الإنسان" هجمات التحالف التي طالت مرافق البنية التحتية والمنشآت الحيوية المدنية والأعيان المدنية، بما في ذلك تدمير البنية التحتية لقطاعي التعليم والصحة، والجسور والطرقات، والسجون ومراكز الاحتجاز، والأسواق والمراكز التجارية، ومحطات توليد الطاقة والوقود، والمصانع والمنازل والأحياء السكنية والمزارع ومحطات المياه، والمطارات والموانئ، والمنشآت التاريخية، والمساجد ودور العبادة، وغيرها من الأعيان المدنية.

وأكدت "مواطنة" أن قوات التحالف ارتكبت خروقات واسعة ومتكررة لمبادئ وقواعد القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، خلال العمليات والهجمات التي نفذتها في اليمن على امتداد سنوات الحرب، حيث اتسمت عمليات التحالف بنمطية استهداف المدنيين، والمناطق السكنية، والبنية التحتية، والأهداف الاقتصادية التي تعتبر حيوية وضرورية لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة. ورغم ذلك، لم تتخذ قيادة التحالف أي خطوات لإنصاف الضحايا وتعويضهم أو مساءلة الجناة، متخليةً عن مسؤولياتها القانونية والأخلاقية تجاه الضحايا المدنيين في اليمن.

ورغم انتهاكات التحالف التي طالت المدنيين على نطاق واسع، فقد لعبت الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة ودول أوروبية دورًا أساسيًا في دعم عمليات التحالف في اليمن، من خلال تقديم خدمات لوجستية وعملياتية، وبيع أسلحة وثقت "مواطنة" استخدامها في قتل وتشويه ضحايا مدنيين وتدمير بنى تحتية حيوية. ويُعد هذا النوع من الإسهام بمثابة انخراط في الأعمال القتالية، ومشاركة في العمليات العسكرية، وتورط في جانب من مسؤوليات انتهاكات قوات التحالف، القانونية والأخلاقية.

وبالإضافة إلى الانتهاكات المباشرة لقوات التحالف، تواصل كل من السعودية والإمارات، منذ إعلان بدء العمليات العسكرية للتحالف، دعم تشكيلات مسلحة يمنية محلية، تتوزع السيطرة على مختلف المناطق اليمنية غير الخاضعة لسيطرة جماعة أنصار الله (الحوثيين). وقد تورطت هذه التشكيلات في ارتكاب انتهاكات واسعة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، على رأسها الهجمات العشوائية ضد المدنيين، والقتل خارج إطار القانون، والاحتجاز التعسفي، والاختفاء القسري، وتجنيد واستخدام الأطفال، والتعذيب، والعنف الجنسي، وفرض قيود على حرية التنقل، وغيرها من الانتهاكات.

ودعت "مواطنة" التحالف بقيادة السعودية والإمارات إلى الإفراج عن المختفين قسريًا والمحتجزين تعسفيًا لديه، وإنصاف الضحايا وجبر ضررهم، وإلزام قواته بالتوقف عن ارتكاب الانتهاكات في المناطق الخاضعة لسيطرته في غير منطقة يمنية، بما في ذلك وقائع الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري والتعذيب. كما دعت إلى النهوض بمسؤولياته في التحقيق في تلك الانتهاكات ومساءلة المسؤولين عنها.

كما حثت "مواطنة" المجتمع الدولي على مواصلة العمل من أجل التوصل إلى اتفاق سلام شامل وعادل ومستدام، يضع حدًا لمعاناة اليمنيين، والعمل على أن تكون مسائِل حقوق الضحايا المدنيين، في جبر الضرر والإنصاف والعدالة الانتقالية وإعادة الإعمار، على رأس أولويات جهود السلام، بما يكفل تحقيق العدالة والمساءلة وإنهاء سياسة الإفلات من العقاب.