أسلحة أمريكية مسؤولة عن وفيات من المدنيين في اليمن

تحقيق جديد يُظهر بقايا الأسلحة التي قامت الولايات المتحدة بتزويدها للتحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات استخدمها التحالف في هجمات طالت مدنيين في اليمن من بينها هجمات بذخائر عنقودية.

September 20, 2018
صورة لقطعة سلاح من بقايا القصف الجوي بقنابل عنقودية على منطقة الشعاب بمدينة حرض في محافظة حجة. التقطت في (4 يوليو 2017) لمواطنة.
صورة لقطعة سلاح من بقايا القصف الجوي بقنابل عنقودية على منطقة الشعاب بمدينة حرض في محافظة حجة. التقطت في (4 يوليو 2017) لمواطنة.

صنعاء – الخميس 20 أيلول/ سبتمبر، 2018

قالت منظمة مواطنة لحقوق الإنسان أن الولايات المتحدة الأمريكية قامت بتزويد التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بأسلحة استخدمها التحالف في ما لا يقل عن 19 هجمة جوية غير قانونية، بما في ذلك هجمات بذخائر عنقودية، في الفترة ما بين نيسان/ أبريل 2015 وتموز/ يوليو 2018. قتلت هذه الهجمات ما لا يقل عن 88 مدنياً، من بينهم 45 طفلاً و18 امرأة، وأصابت 145 مدنياً، من بينهم 64 طفلاً و14 امرأة. وتشير الأدلة بقوة إلى أن الهجمات التي شنّها التحالف تنتهك القانون الدولي.

تؤكد النتائج التي توصلت إليها “مواطنة” لحقوق الإنسان أن الغارة الجوية التي كانت موضع إدانة على نطاق واسع في 9 آب/ أغسطس 2018- والتي استهدفت حافلة تقل 35 طفلاً في ضحيان بمديرية مجز في محافظة صعدة- أنها ليست واقعة معزولة، بل هي الأحدث في سلسلة من هجمات فظيعة ارتكبها التحالف العربي، والتي استخدمت فيها أسلحة أمريكية. أسفر الهجوم في 9 آب/ أغسطس عن مقتل 29 مدنياً على الأقل، من بينهم 21 طفلاً وخمسة أشخاص آخرين لم يتم تأكيد أعمارهم.

و”مواطنة” منظمة مستقلة مقرها في اليمن، تهدف إلى الدفاع عن حقوق الإنسان وتعزيزها. أجرت “مواطنة” تحقيقات ميدانية حول الغارات الجوية التي قامت بها قوات التحالف ضد مدنيين في سبع محافظات هي: “صنعاء، عدن، تعز، إب، حجة، الحديدة وأبين”، وقد أجروا مقابلات مع الضحايا وشهود العيان والمسعفين. وبعد تحليل صور بقايا الأسلحة التي عثر عليها فريق “مواطنة” في مواقع الهجمات، توصل خبراء الأسلحة الذين تعاقدت معهم مواطنة أن الأسلحة المستخدمة في 19 هجوم على الأقل من بين هذه الهجمات، كانت أمريكية الصنع.

تؤكد “مواطنة” أنه لا يمكن لأي هدف عسكري أن يبرر قصف حافلة محملة بالأطفال، وتدعو بشكل عاجل إلى إجراء تحقيق محايد في هذه الواقعة.

وتعتبر “مواطنة” أن حكومة الولايات المتحدة بتصديرها الأسلحة إلى السعودية والإمارات وبقية الدول في التحالف العربي، تضع نفسها في خطر التواطؤ في الهجمات غير القانونية التي ارتكبها التحالف، لا سيما أنه تم اكتشاف أسلحة أمريكية الصنع في عدد من المواقع التي حدثت فيها هذه الهجمات والتي أسفرت عن مقتل عشرات المدنيين. تدعو “مواطنة” الولايات المتحدة إلى الوقف الفوري لمبيعاتها من الأسلحة لهذه الدول.

تحث “مواطنة” حكومة الولايات المتحدة إلى الالتزام بمبادئ القانون الدولي، بما في ذلك المبادئ المنصوص عليها في معاهدة تجارة الأسلحة. كما يجب على الولايات المتحدة أن تسارع للانضمام إلى اتفاقية الذخائر العنقودية، وأن تلتزم بالحظر المتعارف عليه دولياً على استخدام هذه الأسلحة.

بموجب المادة 6.3 من معاهدة تجارة الأسلحة[1]، لا تستطيع الولايات المتحدة والدول الموقعة الأخرى نقل الأسلحة إذا كانت تدرك أنه من المحتمل استخدام هذه الأسلحة في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية أو جرائم حرب، بما في ذلك الهجمات على المدنيين أو الأعيان المدنية.

تواصل الولايات المتحدة تزويد السعودية والإمارات بالسلاح، بالرغم من توافر أدلة على استخدام قوات التحالف لتلك الأسلحة في الهجمات التي لم يكن فيها أهداف عسكري أو حيث تضرر المدنيون بشكل غير متناسب. في نيسان/ أبريل 2018، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية صفقة أسلحة بقيمة 1.31 مليار دولار أبرمتها مع السعودية[2]، بعد مرور أيام فقط على الموافقة على عقود الأسلحة الأخرى تبلغ قيمتها أكثر من مليار دولار. وجاءت هذه الصفقات في أعقاب إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في أيار/ مايو 2017، عن بيع أسلحة بقيمة 110 مليارات دولار إلى السعودية[3]– الصفقة التي وُصفت بأنها واحدة من أكبر صفقات تجارة الأسلحة في تاريخ الولايات المتحدة[4].

واعتبرت رئيسة منظمة مواطنة؛ رضية المتوكل، أنه “من خلال بيع الأسلحة إلى الدول التي تنتهك القانون الإنساني الدولي، تتحمل الولايات المتحدة الأمريكية مسؤولية جزئية عن هذه الجرائم. كما أن التدفق المستمر للأسلحة من الولايات المتحدة إلى السعودية والإمارات، يساهم بشكل مباشر في وفيات المدنيين وإصاباتهم ومعاناتهم في اليمن.”

تدعو منظمة مواطنة لحقوق الإنسان الولايات المتحدة إلى احترام حقوق الإنسان والتوقف عن بيع الأسلحة للمنتهكين. كما تدعو “مواطنة” التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات إلى التوقف فوراً عن استهداف المدنيين والأعيان المدنية. وتشدد “مواطنة” على الحاجة الماسة إلى إجراء تحقيق مستقل ومحايد وشامل وفعال في الحوادث التي يتعرض فيها المدنيون والأهداف المدنية للأذى، وتحث على تجديد ولاية فريق الخبراء البارزين بشأن اليمن “GEE”.

تصحيح: تم تحديث هذا البيان الصحفي للأشارة إلى أنه لا يمكن ل “مواطنة” تحدد السلاح المستخدم بصورة قطعية في الهجوم على الحافلة في صعده، والذي وقع في 9 أغسطس/ آب 2018، حيث تعتمد “مواطنة”في جميع تحليلاتها لأنواع الأسلحة المستخدمة في الهجمات، بناء على الصور ومقاطع الفيديو التي التقطها فريق “مواطنة” الميداني في أعقاب الهجمات.

معلومات التواصل للناطقين باسم “مواطنة”:

رضية المتوكل، رئيسة المنظمة

رقم الهاتف: 66666 7741 967+

البريد الإلكتروني:ralmutawakel@mwatana.org

أسامة الفقيه، مدير وحدة البحث

رقم الهاتف: 00967775546904

البريد الإلكتروني: oalfakih@mwatana.org

علي جميل، باحث

رقم الهاتف: 44655 7728 967+

البريد الإلكتروني: ajameel@mwatana.org

ملحق: عدد من الوقائع التي وثقت “مواطنة” استخدام أسلحة أمريكية فيها

  • الهجمات ضد المدنيين ومنازل المدنيين:

يحظر قانون الحرب الهجمات المتعمّدة على المدنيين أو الأعيان المدنية، فضلاً عن الهجمات غير المتناسبة والعشوائية. إذا كانت الهجمات متعمّدة أو متهورة، فتعتبر بمثابة جريمة حرب[5].

مديرية دار سعد، محافظة عدن:

عند الساعة 10:30 من مساء يوم الخميس 30 نيسان/ أبريل 2015، ألقت مقاتلات التحالف بقيادة السعودية والإمارات، قنبلة أمريكية الصنع على حي سكني في منطقة البساتين بمديرية دار سعد في محافظة عدن. استهدفت القنبلة منزل السيدة هيفاء الزوقري التي لاقت حتفها في الهجوم. وأصيب ستة مدنيين آخرين، من بينهم فتاة وامرأتان.

شهدت عائشة يحيى، جارة هيفاء، البالغة من العمر 60 عاماً الواقعة وقالت: “كنت مع بناتي في فناء منزلي عندما سمعنا صوت الطائرة وسبب لي صوتها المرتفع ألماً في أذني. ثم رأيت شعلة نارية أضاءت السماء، وبعد ذلك سقطت قنبلة على منشار الأحجار الذي كان على بعد حوالي 200 متر من منزلي. وبعد حوالي خمس دقائق، ألقت المقاتلة قنبلة أخرى على الطابق الثاني من منزل هيفاء. بعد ذلك، لم أر شيئاً سواء الغبار”.

أصيبت أسهار علي، ابنة هيفاء البالغة من العمر 23 عاماً، بجروح جراء الهجوم. قالت: “اهتز البيت عندما انفجرت القنبلة الأولى. ومع اقتراب صوت القنبلة الثانية، شعرت أن أحدهم رمى غبارًا عليّ. لم أكن أدرك أن المنزل والغرفة التي كنت فيها أنا ووالدتي انهارا على رؤوسنا حتى أخرجوني من تحت الأنقاض.”

ووفقاً لتقرير أعده خبراء تعاقدت معهم لتحليل بقايا الأسلحة الموجودة في الموقع، فقد استخدم التحالف في هذا الهجوم قنبلة أمريكية الصنع (جي بي يو-12 من فئة قنابل بيفواي II GBU-12 Paveway II). تتكون قنابل بيفواي II (Paveway II) من قنبلة (Mk-82) موجهة بالليزر بواسطة جهاز إضافي مثبت على رأس القنبلة. تزن القنبلة ما بين 230-330 كلغ وتحتوي على 87 كلغ من H6 و هي مادة شديد الانفجار.

قطعة سلاح عُثر عليها بعد القصف الجوي باستخدام قنبلة MK-82 على منطقة البساتين-دار سعد في مدينة عدن. التقطت في (15-5-2016) لمواطنة.

مديرية بلاد الروس، محافظة صنعاء:

عند الساعة 10:00 من صباح يوم الأربعاء 14 أيلول/ سبتمبر 2015، هجمت قوات التحالف على مجمّع وعلان الزراعي بخمس قنابل. يتكون المجمّع الكائن في مديرية بلاد الروس في محافظة صنعاء من ستة منازل للمهندسين الزراعيين. دمّر الهجوم المنازل الستة وأسفر عن مقتل ما لا يقل عن ثمانية مدنيين، من بينهم طفلان وأربع نساء؛ وجرح 12 مدنياً معظمهم من الأطفال.

نجا نجيب علي (34 عاماً) وزوجته عبير أحمد (35 عاماً) من الهجوم. أخبرنا نجيب: “سمعت صوت الطائرة تحوم بينما كنت مستلقياً في غرفتي. فجأة، سمعت صوت انفجار قذفني إلى الجانب الآخر من الغرفة. حاولت أن أحتمي تحت أحد الأعمدة حتى لا يقع الحطام علي.” في الوقت نفسه، كانت عبير في المطبخ، وكانت تبحث عن ابنهما أحمد البالغ من العمر عامين ونصف العام. قالت عبير: “وصلت إلى غرفة النوم وكانت جميع النوافذ محطمة ووجدت أحمد في حضن والده. استلقيت بجانبهما وقلت لهما: “سنعيش سوياً، أو سنموت معاً”.

تناوب نجيب وعبير في وصف اللحظات التي تلت الهجوم. قالت عبير: “سمعنا بنات جارنا علي مقبل يصرخن، لكنهن صمتن بعد القنبلة الثانية. قررنا مغادرة المنزل بعد سماع القنبلة الثانية. غادرنا المنزل عبر الباب الخلفي ورأينا أن منزل علي مقبل تدمر كلياً. أدركت أن القنبلة الثانية أسكتت بناته إلى الأبد”.

وتابع نجيب: “أمسكت يد زوجتي وحاولت الهروب، ثم سقطت قنبلة ثالثة في مكان قريب، وأصاب جزء منها أقدام زوجتي. تعرضت عبير لجروح سطحية وواجهت صعوبات في المشي نتيجة لذلك. فيما كنا نهرب، سمعت بكاء جارتنا البالغة من العمر سبعين عامًا. كانت امرأة مقعدة. اتفقت مع عبير أن أذهب لمساعدة جارتنا، بينما تمشي هي مع أحمد نحو الجبل. عدت إلى زوجتي وقد اتخذت طريقاً مغايراً للطريق الذي اتفقنا عليه. لم تكن بكامل وعيها نتيجة للفظائع التي رأيناها.” وأكد نجيب وشهود عيان آخرون أن قنبلتين أخريين سقطتا على المجمّع بعدما فرّ نجيب وعبير وابنهما إلى الجبل.

وصل فريق بحث من “مواطنة” إلى الموقع ووجد بقايا الأسلحة المستخدمة في هذا الهجوم . خلُص خبراء الأسلحة الذين تعاقدت معهم “مواطنة” إلى أن البقايا  تعود لقنبلة موجهة بالليزر من صنع الولايات المتحدة (جي بي يو- 24 من فئة قنابل بيفواي GBU-24 Paveway III III) تصنّعها شركة رايثيون.

بعد مرور شهرين على هذا الهجوم، في 13 تشرين الثاني/ نوفمبر 2015، أصدرت وكالة تنسيق الأمن الدفاعي الأمريكية بيان صحفي عن بيع محتمل لقنابل موجهة بالليزر من طراز جي بي يو -24 من فئة قنابل بيفواي III (GBU-24 Paveway III) إلى السعودية. بعد ذلك، وافقت وزارة الخارجية الأمريكية على هذه الصفقة[6].

تشير الأدلة بقوة إلى أن التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات لم يميز في هذا الهجوم بين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية، وهو ينتهك بذلك مبدأ التمييز بموجب القانون الدولي الإنساني. يتطلب مبدأ التمييز من الأطراف المتحاربة التمييز بين الأعيان المدنية والعسكرية واتخاذ التدابير اللازمة لضمان حماية المدنيين من الهجمات المسلحة. ويعتبر نفس القانون أيضاً الهجمات العشوائية التي ترتكب نتيجة الإهمال كجريمة حرب.

مديرية التعزية، محافظة تعز:

في 6 شباط/ فبراير 2016، بين الساعة 1:00 و2:00 من بعد الظهر، استهدفت طائرة مقاتلة تابعة للتحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات، منزلاً سكنياً في وادي المأثول، قرية القصاص بمديرية التعزية في محافظة تعز. أسفر الهجوم عن مقتل امرأة وابنتها وإلحاق أضرار بالغة بالمنزل.

تقول إحدى الجيران الذين شهدوا الهجمة الجوية، أوروبا عبدالحكيم (25 عاماً): “كانت الطائرة تحوم في تلك الليلة بشدة، ثم استهدفت منزلاً فيه نساء وأطفال، بينما بقية العائلة يعملون خارج اليمن”. وأضافت: “منطقتنا بعيدة كل البعد عن خطوط الاشتباك. لم تحصل مواجهات هنا وما من تجمعات عسكرية، ولا حتى منازل للقادة العسكريين أو المشتبه بهم.”

تطوع عبدالإله محمود (38 عاماً) في إخلاء المنزل بعد تعرضه للقصف، وقال: “كان صوت الانفجار مرعباً وكان صوت بكاء الأطفال والصراخ يملأ القرية. لقد كان هجومًا وحشيًا وشنيعاً بالفعل”.

وجد باحثون من “مواطنة” بقايا قنبلة أمريكية الصنع في موقع الهجمة الجوية. كانت الكلمات التالية “منظومات ذخائر بركان” (BURKAN MUNITIONS SYSTEMS) مطبوعة على بقايا غلاف قنبلة فارغة متعددة الأغراض حرة الإسقاط غير موجهة من طراز Mk-82 LDGP)) و عليها الرقم ( (P/N B1 32-5-07-04-005، ما يُشير إلى شركة حكومية إماراتية. ويقدّر خبراء الأسلحة أنه ربما تم تعبئة القنبلة أمريكية الصنع بالمتفجرات في مصنع ذخائر بركان في الإمارات العربية المتحدة.

تؤكد “مواطنة” أنه لا يمكن لأي هدف عسكري أن يبرر قصف منزل مدني يقطن فيه نساء وأطفال فقط. وتشير الأدلة بقوة إلى أن هذا الهجوم الذي يبدو عشوائياً يعتبر بمثابة جريمة حرب.

  • استخدام الذخائر العنقودية:

أدان المجتمع الدولي على نطاق واسع استخدام الذخائر العنقودية لما تسببه من معاناة بشرية لا مبرر لها. تقوم “مواطنة” منذ العام 2015 بتوثيق استخدام الذخائر العنقودية الأمريكية الصنع، من قبل التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات في هجمات غير  قانونية في اليمن.

مديرية حرض، محافظة حجة:

عند الساعة 1:30 من بعد ظهر يوم السبت 15 آب/ أغسطس 2015، هجمت مقاتلات التحالف العربي على منزل ماجد علي (28 عاماً)، وهو مزارع في قرية بني حداد، في مديرية حرض في محافظة حجة. و القت المقاتلات ثلاث قنابل، بما في ذلك قنبلة عنقودية، منزل ماجد، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 10 مدنيين، من بينهم ستة أطفال وثلاث نساء. وأصيب ستة مدنيين آخرين في الحادث.

ووفقاً لباحث من “مواطنة” زار الموقع، كان منزل ماجد في قرية صغيرة تفتقر إلى الخدمات الأساسية. ولم تكن هناك مواقع عسكرية بالقرب من القرية. فيما عدا نقطة تفتيش تقع على بعد 500 متر شمالي القرية تابعة لجماعة أنصار الله (الحوثيين).

قال شقيق ماجد، يحيى علي (35 عاماً): “سقطت القنبلة على ماجد وهو يجلس مع أولاده على الأريكة فحولتهم إلى أشلاء متفحمة”.

وصفت شقيقة ماجد، عائشة علي (31 عامًا)، الانفجارين الأولين: “سمعت صوت القنبلة أثناء إعداد الطعام. هرعت إلى أخي وأبنائه لمساعدتهم عندما سقطت قنبلة أخرى في ساحة المنزل. وبسبب الحريق الناتج عن انفجار القنبلة، تعرضت لحروق في وجهي وكُسرت يدي وأصابتني شظايا في كل ظهري. نحن لسنا من الحوثيين ولسنا بالقرب من موقع عسكري، ولكن تم استهدافنا بلا سبب وتم قتل عائلتي وتدمير منزلنا.” سقطت بعد ذلك قنبلة ثالثة على بوابة المنزل مباشرة.

قطعة سلاح من نوع CBU-58A\B من بقايا القصف الجوي استخدمت فيه قنابل عنقودية على منطقة بني حداد بمدينة حرض بمحافظة حجة. التقطت في (20 مارس 2017) لمواطنة.

وجد باحثون من “مواطنة” في الموقع، غلافاً خارجياً لوحدة قنابل عنقودية من طراز (CBU-58A/B Rockeye) أميركية الصنع. ووفقاً لمحللي الأسلحة، يحتوي الغلاف الخارجي عادةً على 630 وحدة قنابل فرعية من طراز BLU-63 تتفرق على نطاق واسع وبلا تمييز. هذه القنابل الكروية المصنوعة من الألمنيوم، و المبطنة بطبقة فولاذية قابلة للتشظي لتزيد من إلحاق الضرر بالهدف وتدمره. وفقاً لاستطلاع هيومن رايتس ووتش الخاص بالسياسات والممارسات المرتبطة بالذخائر العنقودية[7]، فقد قامت الولايات المتحدة بتصدير 1000 قنبلة عنقودية من هذا النوع إلى السعودية بين العام 1970 والعام 1995.

على الرغم من أن السعودية لم تحضر مؤتمر التوقيع على اتفاقية الذخائر العنقودية في أوسلو في كانون الأول/ ديسمبر 2008، فقد صوتت بالإدانة على استخدام الذخائر العنقودية مرات عدة. ومؤخراً، صوتت السعودية لصالح قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان التي تدين استخدام الذخائر العنقودية في سوريا. من الواضح أن المملكة العربية السعودية لا تطبق المعايير نفسها على أفعالها في اليمن.

مديرية الخوخة، محافظة الحديدة:

في حوالى الساعة 3:00 من بعد ظهر يوم الأربعاء 5 تشرين الأول/ أكتوبر 2016، قام التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات ، بإلقاء قنبلة عنقودية أمريكية الصنع على قرية الحيمة الساحلية لمديرية الخوخة في محافظة الحديدة. استهدفت القنبلة قارب صيد راسٍ ودمّرته، ما أسفر عن مقتل علي مقرن (40 عامًا) بينما كان نائماً في ظل القارب.

شهد صاحب القارب، يحيى قاسم (60 عامًا) الهجمة الجوية وقال: “أطلقت المقاتلة قنبلة تشبه مظلة هبوط، مع قنابل مربوطة بحبال، حيث كان طول كل حبل حوالي مترين. كنت أتوجه نحو قاربي، لكن عندما رأيت القنبلة، هربت كما فعل الصيادون الآخرون.”

قال والد علي، مقرن مدارج (55 عاماً): “سمعت صوت القنبلة، فأرسلت ابني أحمد للبحث عن أخيه علي. وجد علي جثة هامدة على الساحل، وقد اخترقت رأسه أحد الشظايا”.

صوّر باحثون من “مواطنة” بقايا السلاح المستخدم في هذا الهجوم. تحمل البقايا العلامة “ASSY 8562837-5”. وفقاً لخبير الأسلحة الذي ساعد “مواطنة” في التحليل، كانت البقايا جزءًا من ذخيرة عنقودية مضادة للدروع– واحدة من أربع ذخائر صغيرة تم إطلاقها بواسطة قنبلة عنقودية أمريكية الصنع من طرازBLU- 108. بعد إطلاقها من القنبلة العنقودية، تنحدر الذخائر العنقودية بالمظلة. وتقوم كل ذخيرة صغيرة بالهبوط باستقلالية وتقوم بفحص الأهداف المحتملة باستخدام جهاز الأشعة تحت الحمراء المدمج ثم تنفجر عندما تحدد الهدف أو تصطدم بالأرض.

وفقاً لسياسة وكالة تنسيق الأمن الدفاعي الأمريكية (DSCA) رقم 11-33[8]، لا تسمح الولايات المتحدة بنقل الأسلحة العنقودية بنسبة خطأ 1٪، وفي العام 2016، علقت الولايات المتحدة نقل الذخائر العنقودية إلى السعودية. للأسف، أزالت إدارة ترامب الحظر على استخدام الذخائر العنقودية.

  • الهجمات على المصانع:

تحمي قوانين الحرب الممتلكات والأهداف المدنية، مثل المصانع والمتاجر والمؤسسات التجارية الأخرى من الهجوم ما لم تُستخدم لأغراض عسكرية أو يتم تحويلها إلى أهداف عسكرية. طوال فترة النزاع، وثّقت “مواطنة” هجمات التحالف بقيادة السعودية و الإمارات التي ألحقت أضراراً أو دمرت مصانع مدنية.

كيلو 16، محافظة الحديدة:

في حوالى الساعة 10:30 من مساء يوم الخميس 31 كانون الأول/ ديسمبر 2015، أسقطت مقاتلة تابعة للتحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات، قنبلتين على مصنع الكهلاني لمستحضرات التجميل في كيلو 16 في محافظة الحديدة. ألحقت التفجيرات أضرارًا بالغة بالبنية التحتية للمصنع ودمرت المعدات والمواد الأخرى المخزنة في المستودع، ما تسبب في تكبد خسائر في المصنع بأكثر من مليون دولار.

حدد أحد خبراء الأسلحة أن بقايا أسلحة عثرت عليها “مواطنة” في موقع الهجوم، هي جزء من قنبلة موجهة بالليزر صنعتها الولايات المتحدة (جي بي يو – 16 بيفواي II GBU-16 Paveway II)، تتكون من قنبلة موجهة للأغراض العامة (مارك – 83 Mk-83)، الماسح الضوئي الموجه بالليزر وأجنحة التوجيه.

ما لم يتم استخدامها لأغراض عسكرية أو تحويلها إلى أهداف عسكرية، فإن المصانع والمتاجر والمؤسسات التجارية الأخرى، هي أهداف مدنية بموجب القانون الإنساني الدولي. إن الهجوم المتعمّد أو المهمل على مصنع مدني، هو جريمة حرب.

  • الهجمات على حفلات الزفاف:

مديرية بني قيس، محافظة حجة:

في الساعة 9:30 من مساء يوم الأحد 22 نيسان/ أبريل 2018، استهدف التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، حفل زفاف في منطقة الراقة بمديرية بني قيس في محافظة حجة. أسفر الهجوم عن مقتل ما لا يقل عن 21 مدنياً، من بينهم 11 طفلاً، وإصابة 97 مدنياً آخرين، من بينهم 48 طفلاً.

زار فريق بحث من “مواطنة” منطقة الراقة ووجد أن أقرب موقع عسكري (نقطة تفتيش) يقع على بعد 25 كيلومترًا من موقع القصف.

شهدت هاجر المصعبي (40 عامًا) الهجوم وقالت: “كنا في بيت العروس على التل المقابل لمنزل العريس. سمعت صوت الطائرة ثم سمعت انفجارًا قويًا في اتجاه الشمال الغربي. ثم رأيت المكان الذي يحتفل فيه الرجال بالزفاف؛ لقد كان مزراباً، لكنه مزراب من النار”.

أحد الباحثين في “مواطنة” وصف الوضع: “عندما وصلنا إلى مكان الحادث، أمسكت والدة العريس يدي وقادتني إلى المنزل لتريني حجم الدمار، أشارت إلى الأبواب والنوافذ المحطمة كليًا، والأثاث البسيط الذي تعرض للتلف وأدوات المطبخ التي لم تعد صالحة لأي شيء”.

وتحدثت والدة العريس، أمينة يحيى (50 عاماً) عن الدقائق التي سبقت الهجوم: “كان أصوات الطبول و الأهازيج والهتافات تملأ القرية عندما اقترب موعد وصول عروس ابني من القرية المجاورة. كنت أحضّر العشاء للعروسين وأحسب المال الذي أعطاه الحاضرون لهما. وفي غمضة عين، رأيت النار تجتاح المكان. كانت الأرض تهتز، وسكتت أصوات الطبول وعلت أصوات البكاء والصراخ.” عندما وصلت أمينة إلى المكان، رأت “الرجال الذين كانوا يرقصون بسعادة قد تحولوا إلى جثث مغطاة بالدماء وأجزاء متناثرة. لم يستطع الظلام إخفاء رائحتها”.

وتابعت أمينة: “كان هناك 11 شخصاً من المهمشين يحيون العرس بطبولهم، انتهوا جميعهم وانتهت طبولهم معهم” وتضيف أمينة: “لا دخل لنا بأي طرف، لم يكن الرجال يحملون سلاحاً، بل أطواقاً من الفُل تلطخت لاحقاً بالدماء”.

وجد فريق “مواطنة” بقايا ذيل قنبلة في موقع القصف. ووفقاً لخبراء الأسلحة المكلفين من قبل “مواطنة”، تنتمي البقايا إلى قنبلة مصنّعة في الولايات المتحدة (من طراز جي بي يو 12 GBU-12 أو طراز جي بي يو GBU آخر). وشملت صفقة الأسلحة التي أبرمتها السعودية بقيمة 1.29 مليار دولار مع الحكومة الأمريكية في العام[9]2015 هذا النوع من القنابل.

[1] مكتب شؤون نزع السلاح (UNODA)، معاهدة تجارة الأسلحة، 2 نيسان/ أبريل، 2013، تاريخ الإطلاع 4 أيلول/ سبتمبر 2018،

https://unoda-web.s3-accelerate.amazonaws.com/wp-content/uploads/2013/06/English7.pdf

[2]وكالة تنسيق الأمن الدفاعي الأمريكية، بيان صحفي رقم 16-48، 5 نيسان/ أبريل، 2018، تاريخ الإطلاع 2 آب/أغسطس 2018 http://www.dsca.mil/sites/default/files/mas/saudi_arabia_16-48.pdf

[3] “الرئيس ترامب والملك سلمان يوقعان على صفقة للأسلحة”، البيت الأبيض، 20 أيار/ مايو 2015، تاريخ الإطلاع 2 آب/ أغسطس 2018 https://www.whitehouse.gov/articles/president-trump-king-salman-sign-arms-deal/

[4]ميثيلي سامبثكومار” (Mythili Sampthkumar) دونالد ترامب سيعلن عن صفقة أسلحة بقيمة 350 مليار دولار مع المملكة العربية السعودية – صفقة من أكبر الصفقات في التاريخ”، The Independent، 17 أيار/ مايو، 2018، تاريخ الاطلاع 2 آب/ أغسطس 2018 https://www.independent.co.uk/news/world/americas/us-politics/trump-saudi-arabia-arms-deal-sale-arab-nato-gulf-states-a7741836.html

[5]اللجنة الدولية للصليب الأحمر (1977)، البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف، الجزء الرابع، السكان المدنيون والفصل الثالث، الأهداف المدنية، تاريخ الإطلاع 2 آب/ أغسطس 2018 https://www.icrc.org/ara/resources/documents/misc/5ntce2.htm

[6]وكالة تنسيق الأمن الدفاعي الأمريكية، نشر بيان صحفي رقم 15-57، 16 تشرين الثاني/ نوفمبر 2015، تاريخ الإطلاع 2 آب/ أغسطس 2018 http://www.dsca.mil/sites/default/files/mas/saudi_arabia_15-57_0.pdf

[7]هيومن رايتس واتش، استطلاع خاص بالسياسات والممارسات المرتبطة بالذخائر العنقودية، 1 شباط/ فبراير 2007، تاريخ الإطلاع 4 أيلول/ سبتمبر 2018https://www.hrw.org/legacy/backgrounder/arms/cluster0207/cluster0207web.pdf

[8] وكالة تنسيق الأمن الدفاعي الأمريكية، الإرشادات حول بيع الذخائر العنقودية، سياسة وكالة التنسيق الأمن الدفاعي رقم 11-33، 19 أيار/ مايو 2011، تاريخ الإطلاع 4 أيلول/ سبتمبر، 2018 http://www.samm.dsca.mil/sites/default/files/DSCA%2011-33.pdf

[9]وكالة تنسيق الأمن الدفاعي الأمريكية، نشر بيان صحفي رقم15-57، 16 تشرين الثاني/ نوفمبر، 2015، تاريخ الإطلاع 5 أيلول/ سبتمبر 2018 http://www.dsca.mil/sites/default/files/mas/saudi_arabia_15-57_0.pdf