تحققت “مواطنة” من حوالي56 واقعة تعذيب، توفي على اثرها اربعة محتجزين على الأقل، في معتقلات وأماكن احتجاز تابعة لقوات الحزام الأمني و قوات تابعة لإدارة أمن محافظة عدن و قوات النخبة الحضرمية.بالإضافة الى معتقلات واماكن احتجاز تابعة لجماعة انصار الله ( الحوثيين )
قالت منظمة مواطنة لحقوق الإنسان، في بيان أصدرته بمناسبة اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب، الذي يوافق الـ26 من يونيو كل عام، إن أطراف النزاع في اليمن اتخذت من التعذيب وسيلة ممنهجة لفرض وتكريس سطوتها على المناطق الخاضعة لها.
وأفادت المنظمة بأنها تحققت من 30 واقعة تعذيب، توفي على إثرها ثلاثة محتجزين على الأقل، جراء تعرضهم للتعذيب في معتقلات ومراكز احتجاز تابعة لجماعة أنصار الله المسلحة (الحوثيين) وحليفها الرئيس السابق علي عبد الله صالح.
كما تحققت “مواطنة” من حوالي 26 واقعة تعذيب، توفي فيها محتجز واحد على الأقل، في معتقلات وأماكن احتجاز تابعة لقوات الحزام الأمني وقوات تابعة لإدارة أمن محافظة عدن، وقوات النخبة الحضرمية.
وتمارس هذه القوات مهام أمنية وضبطية في مناطق جنوب اليمن تسيطر عليها حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي والتحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
وقالت منظمة مواطنة إن على جماعة أنصار الله المسلحة (الحوثيين) وحليفها الرئيس السابق علي عبدالله صالح، وعلى حكومة الرئيس هادي والقوات والجماعات الموالية لها، البدء بإجراء تحقيقات مستقلة وشفافة في وقائع التعذيب في السجون ومراكز الاحتجاز التابعة لكلا الطرفين، بما فيها أماكن الاحتجاز الخاصة وغرف التحقيق التابعة لها.
وشددت “مواطنة” على ضرورة تقديم المسؤولين من جميع الأطراف عن هذه الانتهاكات إلى العدالة، وأن تلتزم جميع الأطراف عند ممارسة مهامها أو أنشطتها مبادئ القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، لإيقاف هذا النمط من الانتهاكات الجسيمة.
وتقول رضية المتوكل، رئيسة منظمة مواطنة: “إن تفشي التعذيب بهذه الصورة المروعة لا يدل على أنها مجرد حالات فردية، وإنما سلوك ممنهج للتعامل مع المحتجزين بضوء أخضر من السلطات المختلفة. ويجب على هذه الأطراف أن تعي بأن التعذيب جريمة لا تسقط بالتقادم”.
وتحدثت “مواطنة” إلى عدد من ضحايا التعذيب وسوء المعاملة، وقد وصفوا صنوفاً من الممارسات التي تعرضوا لها كالحشر في غرف ضيقة، وتقييد اليدين إلى الخلف، والتعرض للركل والضرب بأدوات مختلفة، بما في ذلك الهراوات والقضبان المعدنية. كما ذكروا أيضاً أنهم تعرضوا لشتائم وإهانات على خلفية مزاعم تتهمهم بتأييد أو التخابر لمصلحة خصوم سياسيين وعسكريين، وحرمانهم من الطعام والماء والرعاية الصحية.
وكانت “مواطنة” أطلقت في 30 أغسطس/ آب 2016، فيلماً وثائقياً بعنوان “بلاغ كاذب”، يكشف النقاب عن التعذيب المميت الذي تمارسه جماعة أنصار الله (الحوثيون) في جهاز الأمن السياسي بمحافظة إب وسط اليمن.
في هذا الوثائقي، يروي خليل الزيدي (28 سنة) وشقيقه أمير (24 سنة) ما تعرضوا له إلى جانب شقيقهما مجاهد (22سنة) والذي توفي جراء التعذيب بعد اعتقالهم بساعات يوم الثلاثاء 22 ديسمبر/ كانون الأول 2015.
يقول خليل: “شاهدتهم يجرُّون أخي مجاهد من زنزانته إلى غرفة التحقيق. كنت حينها متعباً. وبعد ساعتين أو ثلاث ساعات سمعت مجاهد يصرخ: اسعفوني.. اسعفوني!… استمر صراخه لمدة 15 دقيقة تقريباً، وأثناءها كنت اسمع المحقق وهو يقول له: “اعترف”. بعدها توقف صراخه. مجاهد الذي كان يصيح: اسعفوني.. اسعفوني… لم نعد نسمعه. وليلتها كانوا يحلقون رؤوسنا؛ لأنها ليلة المولد النبوي. دخل الحلاق إلى زنزانة مجاهد ووجده ملقىً على الأرض ميتاً”.
التعذيب والقتل في مراكز الإحتجاز:
وثقت مواطنة واقعة تعذيب و قتل تعرض لها وليد الإبي (26 سنة) في إدارة البحث الجنائي بصنعاء، و الذي تسيطر عليه جماعة أنصار الله (الحوثيون) و قوات الرئيس السابق صالح.
و قد تعرض الإبي لإعتقال تعسفي من أمام منزله في صنعاء يوم الخميس 10 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016 عند الساعة 8:00 مساءً.
يقول نبيل الإبي (29 سنة)، شقيق الضحية، لمواطنة: “وصلت سيارتان عسكريتان على متنهما قرابة 12 شخصاً يرتدون الزي التابع لقوات الأمن الخاصة (الأمن المركزي سابقاً)، واعترضتا سيارة وليد. نزل ستة أشخاص من إحدى السيارتين، وقام ثلاثة منهم -وكانوا ملثمين- بتفتيش سيارة وليد، بينما قام البقية بجرّه من إحدى يديه، ولم يُجدِ نفعاً صراخ ومحاولات زوجته التي كانت برفقته، من الإمساك به من اليد الأخرى”.
تم اقتياد وليد في تلك الليلة إلى سجن إدارة البحث الجنائي بصنعاء، بحسب إفادة شقيقه نبيل. و يؤكد شقيق الضحية أنه لم يعرف مكان احتجاز وليد إلا صباح اليوم التالي حين أخبره أحد قيادات جماعة “أنصار الله” (الحوثيين) بأن “وليد معتقل في إدارة البحث الجنائي، وأنهم يقومون بإجراء تحقيقات روتينية معه”.
ظل وليد معزولاً عن العالم الخارجي، وبعد أربعة أيام من تعذُّر مقابلة نبيل لشقيقه، وفي يوم الثلاثاء 15 نوفمبر/ تشرين الثاني2016، أُبلغ من قبل أحد مشرفي جماعة أنصار الله (الحوثيين) في سجن إدارة البحث الجنائي بأنه صار بإمكانه رؤية أخيه وليد، لكن “كجثة في ثلاجة مستشفى الكويت الحكومي”. “أضاف المشرف بأن أخي قد انتحر وأنه كان يعاني من حالة نفسية.” أضاف نبيل بمرارة.
و حصلتْ “مواطنة” على نسخة من تقرير الطبيب الشرعي عن حالة جثة وليد الإبي، حيث يذكر التقرير أن سبب الوفاة “نزيف دموي حاد وتهتك وسحق مادة الدماغ الناتج عن طلق ناري”. كما يشير التقرير إلى أن مدخل الطلق الناري يقع “بين الحاجب الأيمن والأذن اليمني”، ومخرجه من “الصدغ الأيسر”، و بأن مسافة الطلق الناري “لم تتجاوز المتر”. وإضافة لذلك، يشير التقرير إلى أن “ظهر اليد اليمنى تخلو من الرذاذ البارودي والرش الدموي الناتج عن الارتداد العكسي للطلق الناري”، و كان أحد الاستنتاجات (في التقرير) يفيد بأن “كمية الكدمات والسحجات في جميع أجزاء الجسم” تبين أن الإبي قد تعرض “لاعتداء وعنف شديدين”.
وتقول رضية المتوكل: “واقعة التعذيب والقتل هذه، إلى جانب وقائع مماثلة وثّقتها “مواطنة” ليست إلا دليلاً آخر يكشف السجل الأسود لانتهاكات حقوق الإنسان التي تمارسها سلطات الحوثي وصالح في المحافظات الخاضعة لسيطرتها، ويجب ألاّ يفلت المتورطون في هذه الانتهاكات الجسيمة من العقاب”.
التعذيب أداة للتحقيق والإستجواب:
لم يكن نمط ممارسة التعذيب في المعتقلات و مراكز الإحتجاز حكراً على جماعة أنصار الله (الحوثيين) و قوات صالح، بل يُمارس هذا النمط أيضاً في المناطق الخاضعة لسلطة الرئيس هادي و قوات التحالف العربي بقيادة السعودية و الإمارات، من قبل قوات الحزام الأمني و قوات النخبة الحضرمية و قوات تابعة لإدارة أمن محافظة عدن.
و تُظهر استقصاءات “مواطنة” أن هذه السلطات تستخدم التعذيب عند إجراء التحقيق والاستجواب بغرض انتزاع اعترافات من المعتقلين أو المحتجزين.
ففي يوم الجمعة 15يناير/ كانون الثاني 2016، قام خمسة مسلحون ملثمون يرتدون زيّاً خاصاً بقوات الحزام الأمني، باعتقال أصيل عبد الله (24 سنة)، والذي يعول أسرته من مهنته كبائع للفحم. وقد تم اعتقال أصيل من أمام منزله في مديرية خنفر بمحافظة أبين جنوب اليمن، واقتياده إلى مبنى إدارة الأمن في مركز مديرية زنجبار، حيث واجه مزاعم بشأن انتمائه لتنظيم القاعدة.
يقول أصيل لـ”مواطنة”: “تم عرضي على قائد الحزام الأمني، الذي أمر أفراده مباشرة بنقلي إلى الساحل دون أن يوجه لي أي سؤال. وضعوا عصابة على عينيّ بعد أن ربطوا يديّ، ونُقلت بعربة عسكرية إلى الساحل عند حوالي8:00 مساءً. أخرجوني من داخل العربة وقاموا بسحبي على الرمال، وانهالوا عليّ ضرباً بأعقاب البنادق. بعدها طرحوني أرضاً على ظهري وبدأوا بوضع كميات من الرمل في فمي وعينيّ وأذني، واستمر ذلك التعذيب لمدة ساعة، قاموا خلالها أيضاً بحشر قطعة قماش مليئة بالماء في فمي حتى كادت تنقطع أنفاسي. وأثناء ذلك كانوا يطلبون مني الاعتراف بانتمائي لتنظيم القاعدة، والتعريف بعناصر التنظيم التي أعمل معها، وما هي صفتي في التنظيم… ولما أجبتهم بأني أعمل في بيع الفحم ولست مع “القاعدة”، زاد غضبهم وشرعوا بإحراقي بنار الولاعة وإطفاء أعقاب السجائر في كامل جسدي. كنت أصرخ وكانوا يقولون لي بأن اعترف وسيتركوني بالمقابل”.
تم إيداع أصيل عبدالله في زنزانة ضيقة وقذرة يقبع بداخلها حوالي 16 شخصاً في ظروف سيئة، وأفرج عنه في 25مارس/ أذار 2017. ويضيف الضحية: “لقد حبسوني وعذبوني بدون أي ذنب. لم أفعل أي شيء… أي شيء”.
كما وثّقت “مواطنة” استخدام قوات الحزام الأمني التعذيب بحق طفل من أجل إجباره على إدانة نفسه. حيث أقدمت نقطة تفتيش تابعة للحزام الأمني على اعتقال الطفل سعيد عوض (15 سنة) في منطقة حسان بمديرية زنجبار في محافظة أبين، في 12 ديسمبر/ كانون الأول 2016 عند الساعة 10:00مساءً.
كان سعيد يحاول الاستعانة بأفراد نقطة التفتيش الأمنية بعد أن ضلّ طريقه إلى منطقة شقرة، حيث يقع منزل عمه الذي كان يقصده خائفاً من توبيخ والده. وقد سوّغ عناصر النقطة الأمنية اعتقال الطفل بأنه يعمل جاسوساً لمصلحة تنظيم القاعدة.
و تحدث أحمد عوض (50 سنة)، والد الطفل سعيد، لـ”مواطنة” عن تعرض ابنه للاعتقال من قبل نقطة تفتيش تابعة للحزام الأمني، وحبسه في زنزانة بداخل إدارة أمن محافظة أبين، حيث تعرض الولد للتعذيب هناك.
يقول أحمد: “تأخر سعيد في عودته إلى المنزل تلك الليلة، ما دفعني لتوبيخه وضربه، وبعدها خرج من البيت فحسبت أنه قد يذهب لمكان قريب. لم أعرف أنه سيهرب إلى شقرة حيث يعيش عمه. وبعدما تأخر أكثر، خرجت للبحث عنه في منازل الجيران والأقارب ولم أجده”.
بعد منتصف الليل، في الساعة 2:00 فجراً، تلقى عوض اتصالاً من إدارة الأمن في محافظة أبين يخبره بأن ولده سعيد محتجز لديهم، وأنهم اعتقلوه بتهمة تعاطيه للمخدرات وتورطه في مهام جاسوسية لمصلحة تنظيم القاعدة.
ويضيف أحمد: “توجهت إلى مركز الشرطة في إدارة أمن المحافظة، وسُمح لي بلقاء سعيد ووجدته يبكي. فقد تم ضربه وفرك أذنيه بقوة، كما أخبرني بأنهم هددوه بوضعه في زنزانة فيها رجلٌ مجنون. وحين طلبت منهم الإفراج عنه، قالوا بأن مسؤول الحزام الأمني غير موجود، وأنه لا يمكنهم الإفراج عنه إلا حين عودة المسؤول من إجازة نهاية الأسبوع. وتابع عوض حديثه بأسى: “عُدت بعد يومين، ووجدت ابني سعيد وقد تم تعذيبه بالحرق. أضرموا النار بأكياس بلاستيكية وجعلوها تقطر على يديه.. لقد أحرقوا ولدي”.
وتعلّق رضية المتوكل على هذه الانتهاكات بالقول: “لم يكن سجلّ القوات والجماعات المسلحة التابعة للرئيس هادي في احترام حقوق الإنسان، بأفضل من خصومها. ممارسة هذه القوات والجماعات للتعذيب دلالة على عدم احترامها للقانون الدولي وللكرامة الإنسانية. يجب التوقف فوراً عن ممارسة هذا الانتهاك الوحشي وعدم التبرير له تحت أي ظرف.”
يحظر القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان التعذيب وغيره من ضروب المعاملة اللانسانية والمهينة ولا يبرره تحت أي ظرف. وقد كرست المادة (5) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان حظر التعذيب، كما يحظره القانون الدولي العرفي، وهو ملزِم حتى للدول غير المنضمّة إلى معاهدات حقوق الإنسان ذات الصلة.
وتنص المادة (11) من اتفاقية مناهضة التعذيب على وجوب التزام كل دولة بالقواعد المنظمة للاستجواب وتعليماته وأساليبه وممارساته، وكذلك الترتيبات المتعلقة بحجز ومعاملة الأشخاص الذين تعرضوا لأي شكل من أشكال التوقيف أو الاعتقال أو السجن، وذلك بغرض منع وقوع أي حالات تعذيب. وقد صادقت اليمن في عام 1991 على اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
التعذيب بالحرمان من الرعاية الطبية:
تقوم السلطات المسيطرة على العاصمة صنعاء ممثلة بجماعة أنصار الله (الحوثيين) وقوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح، بحرمان معتقلين مصابين من الحصول على الرعاية الطبية اللازمة بعد تعرضهم للتعذيب في المعتقلات ومراكز الاحتجاز.
ووثقت “مواطنة” وقائع حرمت جماعة أنصار الله (الحوثيين) وقوات صالح محتجزون من الرعاية الطبية اللازمة لهم في محافظات تخضع لسيطرتها.
قدّم سلطان سيلان (37 سنة) في مقابلة مع “مواطنة”، إفادة عن اعتقال شقيقه عبدالإله (20 سنة) الناشط في حزب التجمع اليمني للإصلاح والأمين العام لنادي المستقبل الثقافي صباح الأربعاء 19 أغسطس/ آب 2015. قال سلطان إنه أثناء خروج أخيه عبدالإله من أحد مطاعم العاصمة صنعاء برفقة أحد أصدقائه، وبينما كان يهمّ بركوب سيارته، هاجمه أربعة أشخاص بلباس مدني كانوا يستقلون سيارة أجرة. ويضيف سلطان أن المهاجمين انهالوا على أخيه بالضرب، وقاموا بتكتيفه وحمله إلى سيارتهم، ثم غادروا مكان الواقعة إلى مكان غير معلوم. ولم يعرف سيلان مكان احتجاز شقيقه عبدالإله إلاّ بعد حوالي شهر ونصف، عندما أخبره أحد المقربين لأسرته بأن عبدالإله محتجز في جهاز الأمن السياسي بصنعاء، وبأن معاملته هناك غير جيدة.
وأكّد سلطان في إفادته أنه سُمح لهم بزيارة عبدالإله بعد أسبوعين من معرفة مكان احتجازه. وقال: “كان يظهر على أخي عبدالإله آثار إرهاق وتعب شديدين، وأخبرنا بأنه تعرض للتعذيب، وبأنه عُلّق مدة ثمان أيام على جدار زنزانته الضيقة، وشكا من آلام حادة في الظهر جراء الضرب. وحين حاول أن يرينا آثار الجروح على ظهره، منعه القائمون على المعتقل من ذلك”. وتابع: “يعاني عبدالإله من حُمّى التيفوئيد وفطريات في معدته. فقد منعوا عنه الرعاية الصحية… لم يعد عبدالإله كما كان، فقد صار شبيهاً بهيكل عظمي”.
وفي واقعة أخرى، ذكر سمير (اسم مستعار) (22 سنة) لـ”مواطنة” أنه تعرض للاعتقال عدة مرات من قبل جماعة أنصار الله (الحوثيين) في محافظة عمران التي سيطرت عليها الجماعة في يوليو/ تموز 2014، وقد تم احتجازه في أكثر من موقع. يقول سمير: “في كل مرة كان يتم فيها اعتقالي، كانوا يقومون بتكتيفي وربط عينيّ وضربي بأعقاب البنادق، رغم أني لم أكن أقاومهم. في إحدى المرات، وُضعت لمدة ثلاثة أسابيع في الملعب الرياضي، وبعد محاولة هروبي بعد قصف الملعب من قبل طيران التحالف العربي، قفزت فانكسرت رجلي. قاموا بضربي على رأسي بهراوة وتعليقي إلى السقف وجعلوا رأسي إلى أسفل، ثم صبّوا مياه المجاري على كامل جسدي. بعدها قاموا بإعطائي قليلاً من القطن ومادة تعمل على إيقاف النزيف تسمى تنتور (ميكروكروم)”. ويتابع سمير: “لا يتم إحضار الطبيب أو السماح بالذهاب إليه إلاّ عند وجود حالات حرجة في السجن. تورمت قدمي المكسورة بعد أسبوعين من الضرب اليومي، وعندما جاء الطبيب لأول مرة، وبعد المعاينة أفاد في تقريره بضرورة إخراجي من السجن لتلقي العلاج، إلاّ أن أحد مشرفي جماعة أنصار الله منع خروجي للعلاج بتاتاً”.
واختتم سمير إفادته بأن المعتقلات تفتقر إلى الحد الأدنى من المعاملة الإنسانية أو الرعاية الطبية.
تعذيب الصحفيين:
وثقت “مواطنة” وقائع تعرض بعض السجناء الصحفيين وسجناء الرأي، في معتقلات ومراكز احتجاز تابعة لسلطات جماعة أنصار الله (الحوثيين) وقوات صالح، للاعتداء والتعذيب وسوء المعاملة، وحرمان المصابين منهم من الحصول على الرعاية الطبية الملائمة.
وقد أصدرت منظمة مواطنة في 3 مايو/ أيار 2017 بياناً بعنوان: “صحافة اليمن تواجه خطر الاجتثاث”، يعرض جانباً واسعاً من الانتهاكات الجسيمة التي لحقت بمهنة الصحافة اليمنية والعاملين فيها على يد أطراف مختلفة، على رأسها جماعة أنصار الله (الحوثيون) وقوات صالح.
وأجرت “مواطنة” مقابلة مع الصحفيين توفيق المنصوري (29 سنة) وعبدالخالق عمران (30 سنة) المعتقلين في سجن الثورة الاحتياطي بصنعاء، بمعية سبعة صحفيين آخرين. ظهر الصحفيان بأجساد شاحبة شديدة النحول والضعف وعيون غائرة ولحىً طويلة، وكانت أصواتهم أثناء المقابلة واهية. وقد أفادا عن تعرضهما للتعذيب بربط أيديهما خلف ظهريهما وتعليقهما إلى السقف ليوم كامل. ووصفا المعتقل بأنه كان بارداً، وأنهما لم يريا الشمس إلا مرتين خلال ستة أشهر.
وتتنوع أنماط التعذيب التي وثقتها منظمة مواطنة، بما فيها الضرب والإيهام بالغرق والعنف النفسي بتهديد المعتقلين والمحتجزين بإلحاق الضرر بأهاليهم. كما كشفت تحقيقات “مواطنة” عن سوء ظروف المعتقلات وأماكن الاحتجاز، والتي تفتقر إلى النظافة وإلى الرعاية الطبية.
و تقول رضية المتوكل: “يجب أن تتوقف سياسة الإفلات من العقاب، وعلى المجتمع الدولي أن يقوم بدوره من أجل مساندة ضحايا التعذيب في اليمن من خلال الضغط بتشكيل آلية دولية مستقلة للتحقيق في انتهاكات جميع أطراف النزاع في اليمن”.