تعمل مواطنة لحقوق الإنسان على تقديم الدعم القانوني لضحايا الاحتجاز التعسفي منذ العام 2016، ووثقت حتى ديسمبر 2021، 1928 واقعة احتجاز تعسفي.
تعمل مواطنة لحقوق الإنسان على تقديم الدعم القانوني لضحايا التعذيب منذ العام 2016، ووثقت حتى العام ديسمبر 2021، 429 واقعة تعذيب، منها 83 حالة وفاة في مكان الاحتجاز.
وخلال العام 2021 فقط، وثقت مواطنة احتجاز 291 شخصا، من بينهم 12 طفلاً، حيث أقدمت جماعة أنصار الله- الحوثيون في المحافظات التي تسيطر عليها باحتجاز 126 شخصا، في محافظات: ذمار، وعمران، والبيضاء، والمحويت، وحجة، والضالع، وصعدة، وأمانة العاصمة، والحديدة، وتعز، وإب، ومأرب، وريمة، والجوف وصنعاء.
ويقصد "بالتعذيب" أى عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد، جسديا كان أم عقليا، يلحق عمدا بشخص ما بقصد الحصول من هذا الشخص، أو من شخص ثالث، على معلومات أو على اعتراف، أو معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في انه ارتكبه، هو أو شخص ثالث أو تخويفه أو ارغامه هو أو أى شخص ثالث - أو عندما يلحق مثل هذا الألم أو العذاب لأى سبب يقوم على التمييز أيا كان نوعه، أو يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه موظف رسمي أو أي شخص يتصرف بصفته الرسمية ولا يتضمن ذلك الألم أو العذاب الناشئ فقط عن عقوبات قانونية أو الملازم لهذه العقوبات أو الذي يكون نتيجة عرضية لها.
وخلال العام 2021 وثقت مواطنة تعذيب 63 شخصًا، من بينهم ثلاثة أطفال. تتحمل جماعة أنصار الله- الحوثيون المسؤولية في تعذيب 22 حالة في محافظات: إب، والبيضاء، وأمانة العاصمة، وحجة، وذمار، وصعدة، وصنعاء، وعمران. كما تتحمل القوات الحكومية المسؤولية عن 16 حالة تعذيب بحق مدنيين في محافظات: تعز، وحضرموت، وشبوة، وعدن، ولحج، ومأرب، فيما ارتكبت التكوينات المسلحة التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي المسنودة إماراتيًا 19 حالة تعذيب بحق مدنيين في محافظات: عدن، والضالع، ولحج، وأبين، وحضرموت، بينما تتحمل قوات النخبة الحضرمية المسؤولية في تعذيب 3 أشخاص في محافظة حضرموت، كما تتحمل قوات التحالف المسؤولية في تعذيب 3 أشخاص في محافظة أبين وحضرموت
في مساء الجمعة 16 سبتمبر/أيلول 2016، قام سبعة جنود يرتدون زيًّا عسكريًّا ومقنعين بوشاحات سوداء يستقلون عربة عسكرية تتبع الحزام الأمني المدعوم من الإمارات بالقبض على صالح (اسم مستعار - 26 سنة) في منطقة جعار، مديرية خنفر، محافظة أبين. أخرج المسلحون صالح معصوب العينين إلى العربة العسكرية، واقتادوه إلى جهة مجهولة. وظل مختفيًا قسرًا حتى علمت أسرته بوفاته بعد عام وثلاثة أشهر.
قام فريق “مواطنة” لحقوق الإنسان بمقابلة والدة صالح (46 سنة)، والتي أفادت: "بحثت عنه في أهم مراكز الاحتجاز وسجون وإدارات الأمن في أبين وعدن، سألت من أعرفهم من قيادات الحزام الأمني في أبين، جميعهم أنكر وجود ابني منذ اختطافه، ولم أدرِ ما التهمة المنسوبة إليه".
وفي مقابلة لاحقة مع “مواطنة” تقول والدة صالح: "بعد عام وثلاثة أشهر تقريبا من اختفائه اتصلت بي والدة محتجز تم إطلاق سراحه لتخبرني بأن ولدها لديه معلومات عن ولدي، أحسست وقتها بأني سأطير من الفرح”، بدأت والدة صالح بالبكاء، وقالت: “حكى لي شهود عيان أن ولدي وجهت له العديد من التهم، من بينها أنه المسؤول المالي للقاعدة، وأنا أعلم أن لا علاقة
لصالح بذلك".
تمكنت “مواطنة” لحقوق الإنسان من إجراء مقابلات مع شهود عيان كانوا محتجزين مع صالح وشهدوا تعذيبه، يقول شاهد عيان (24 سنة): "كنت في قاعة وضاح مع صالح، كنا سبعة في زنزانة واحدة ضيقة للغاية ودون تهوية كافية. في أوقات متفرقة من فترة الاحتجاز، كان جنود يأخذون صالح لياً ويغيب عنا لساعتين أو ثلاث ساعات، يتم التحقيق معه وتعذيبه خلالها".
وأضاف شاهد العيان: "أخبرني صالح أن جنديين أو ثلاثة ملثمين كانوا يطلبون منه الاعتراف بصلته بالقاعدة وكانوا يضُربونه بأعقاب البنادق ويركلونه بالأحذية العسكرية، ويعذبونه بالكهرباء. كانت آثار التعذيب واضحة على ظهره وبطنه، كان وجهه “متورمًا” و”مزرقًا” باستمرار".
وتابع الشاهد: "مرت عليه (صالح) أيام كان لا يستطيع فيها الكلام من شدة الألم، وفي مرات عديدة لم يكن يستطيع المشي فكان يأخذه الجنود حماً إلى غرفة التعذيب. طلبنا في أحد الأيام من الجنود أخذه إلى المستشفى فقال أحدهم: يمنع خروج أي سجين أو دخول أي طبيب، هذا السجن كأنه غير موجود".
وواصل الشاهد شهادته بالقول: "في إحدى الليالي أخذ جنود صالح إلى غرفة التعذيب عند حوالي الساعة 10:00 مساء وعلقوه على كلاليب (خطافات) حديدية، وعذبوه بالكهرباء، قُلعت أظافره، ونتف شعر رأسه، وضُرب بطريقة وحشية بعدها استمر معلقا".
تابع الشاهد: "كاد قلبي يتمزق حين أمرنا الجنود بإنزاله وحفر قبر له، دفناه عند الساعة 04:00 فجرًا في فناء قاعة وضاح. لم يكن صالح أول من يموت تحت التعذيب. هناك مقبرة في فناء قاعة وضاح".
توفي صالح في مكان الاحتجاز يوم الثلاثاء، 2 يناير / كانون الثاني 2018. وأُجبر معتقلون آخرون على دفن صالح في فناء قاعة وضاح. لم يُسمح لهم بأداء أي طقوس دينية كجزء من الدفن، وكانت والدة أحد هؤلاء المعتقلين هي التي أبلغت عائلة صالح بوفاته. ظل صالح مختفيًا قسرًا لأكثر من عام.
تقول والدة صالح: "لقد عذبوا ولدي وقتلوه ودفنوه وأنا لم أره ولم استلم جثته، لماذا يقتلون أبناءنا بدون محاكمة وبدون تهم واضحة؟!".
يُحظر التعذيب تحت أي ظرف وفي أي وقت بما في ذلك خال أوقات الصراع، وهو حظر جوهري لا شيء يبرره. تفرض المادة الثالثة من اتفاقية جنيف الرابعة للعام 1949 تحديدا حماية الأشخاص الواقعين تحت السيطرة، سواء كانوا مدنيين أو محاربين مأسورين، "من الاعتداء على الحياة والسامة البدنية وبخاصة القتل بجميع أشكاله، والتشويه، والمعاملة القاسية، والتعذيب"، وكذلك "الاعتداء على الكرامة الشخصية، وعلى الأخص المعاملة المهينة المحُطِة بالكرامة". وتضع اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (وهي اتفاقية اليمن عضو فيها) سلسة من المطالب التي على الدول منعها، والتحقيق فيها ورفع دعاوى قضائية بها، وضمان استدراك التعذيب. وكذا يُحظَر الاغتصاب وكل أنواع العنف الجنسي بموجب قانون حقوق الإنسان الدولي والقانون الإنساني الدولي.