يأتي تقرير "صنّاع الجوع" بعد عمليات تحقيق استمرت لمدة عام بشأن هجمات وأفعال أخرى نفذها التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات من جهة، وجماعة أنصار الله (الحوثيين) المسلحة من جهة أخرى، والتي أثرت على إمكانية وصول السكان المدنيين إلى الغذاء والمياه في اليمن.
صنعاء/ لاهاي– قالت مواطنة لحقوق الإنسان ومؤسسة الامتثال للحقوق العالمية (GRC)، في تقرير جديد نُشِر اليوم، أن الأطراف المتحاربة في اليمن تعمّدت طوال فترة النزاع حرمان المدنيين من الأعيان الضرورية لبقائهم على قيد الحياة؛ مما أدّى إلى تجويعهم؛ حتى الموت في بعض الحالات.
يأتي تقرير “صنّاع الجوع” بعد عمليات تحقيق استمرت لمدة عام بشأن هجمات وأفعال أخرى نفذها التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات –وهو التحالف الذي ينفّذ عملياته العسكرية في اليمن بموافقة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًّا ويقاتل في صفوف القوات الحكومية الموالية للرئيس هادي– من جهة، وجماعة أنصار الله (الحوثيين) المسلحة من جهة أخرى، والتي أثرت على إمكانية وصول السكان المدنيين إلى الغذاء والمياه في اليمن. وخلصت مواطنة ومؤسسة الامتثال للحقوق العالمية (GRC) في هذا التقرير إلى احتمالية ارتكاب التحالف وجماعة أنصار الله انتهاكات للمحظورات المنصوص عليها في القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، واللذان قد يكون أعضاؤهما ارتكبوا جريمة حرب متمثلة في استخدام التجويع كأسلوب من أساليب الحرب.
وقالت رضية المتوكل، رئيسة مواطنة لحقوق الإنسان: “لقد كنّا ولا نزال نقول منذ سنوات بأن اليمنيين لا يجوعون، وإنما يتم تجويعهم من قبل الأطراف المتحاربة في اليمن. يجب على الدول في الوقت الحالي ونيابة عن اليمنيين، اتخاذُ إجراءات البَدْء بالدفع باتجاه إنشاء آليةِ تحقيقٍ دولية، تركز على الجوانب الجنائية”.
يوثّق هذا التقريرُ الهجماتِ الجويةَ التي شنّها التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات، على الأعيان التي لا غنى عنها لبقاء المدنيين على قيد الحياة، مثل: المزارع، ومرافق مشاريع المياه، وقوارب ومعدات الصيد الحرفي، والتي دمرتها و/ أو أضرت بها هذه الضربات و/ أو جعلتها عديمة الفائدة، وبشكل خاص المناطق الزراعية ومشاريع الري والثروة الحيوانية والمواد الغذائية والبنية التحتية للمياه وقوارب ومعدات صيد الأسماك. كما يوثّق التقريرُ أفعالَ جماعة أنصار الله (الحوثيين) المتمثلة في شدة تقييد وصول المدنيين إلى الغذاء والماء، من خلال فرض قيود على أعمال الإغاثة الإنسانية، وكذا استخدامهم للألغام الأرضية على نطاق واسع وبشكل عشوائي في مناطق تصنف على أنها مدنية بالكامل.
وفي الوقت نفسه، قامت أطراف النزاع بفرض إجراءات اقتصادية تقييدية إلى جانب إجراءات أخرى، من بينها الحصار الفعلي للمنافذ البحرية والجوية؛ ما أثر سلبًا على إمكانية الوصول إلى الغذاء والماء.
وقام أعضاء التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات وأعضاء جماعة أنصار الله بارتكاب هذه الأفعال، على الرغم من علمهم الكامل بالوضع الإنساني المزري في اليمن؛ حيث يموت العديد من الأشخاص، ومن بينهم الأطفال، من الجوع. فلا بد أنهم قد تعمّدوا تجويع المدنيين أو أنهم كانوا على علم بشكلٍ مؤكدٍ بأن تجويع المدنيين سيحدث في المسار العادي للأحداث؛ أي بدون تدخل إنساني.
وقالت كيت فيغـنـيسواران، كبيرة المستشارين القانونيين في مؤسسة الامتثال للحقوق العالمية (GRC): “من الصعب أن نتخيل أن المسؤولين عن تجويع المدنيين لم يكونوا على علم بأن أفعالهم ستؤدي إلى مثل هذه العواقب الوخيمة”.
يحظر القانون الدولي الإنساني استخدامَ التجويع كأسلوب من أساليب الحرب. كما يعتبر هذا الاستخدام للتجويع جريمةَ حرب بموجب القانون الجنائي الدولي في ظل النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية. وسيكون استخدام التجويع كأسلوب من أساليب الحرب في النزاعات المسلحة غير الدولية ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية بموجب تعديل نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (ICC) المعتمد في عام 2019، عند دخوله حيّز التنفيذ.
ويختتم التقرير بمجموعة شاملة من التوصيات الموجهة إلى أطراف النزاع والدول الأخرى والجهات المعنية في الأمم المتحدة، بهدف منع ارتكاب انتهاكات مستقبلية للقانون الدولي، ومحاسبة الجناة، وضمان إنصاف الضحايا.
وتدعو “مواطنة” ومؤسسة الامتثال للحقوق العالمية (GRC) أطرافَ النزاع إلى وقف جميع انتهاكات القانون الدولي الإنساني وانتهاكات وتجاوزات القانون الدولي لحقوق الإنسان وجرائم الحرب، واتخاذ خطوات جادّة لحماية المدنيين والأعيان المدنية، بما في ذلك المواد التي لا غنى عنها لبقاء المدنيين على قيد الحياة، وتسهيل الوصول إلى المساعدات الإنسانية بالكامل، بما في ذلك الغذاء والماء. كما تطالب مجلس الأمن الدولي بإحالة الوضع في اليمن إلى المحكمة الجنائية الدولية ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لدعم إنشاء آلية تحقيق دولية تركز على الجوانب الجنائية لجمع الأدلة وتوحيدها وحفظها وتحليلها، وإعداد ملفات القضايا من أجل تسهيل وتسريع الإجراءات الجنائية العادلة والمستقلة.
يأتي هذا التقرير بعد عدة سنوات من البحث والتوثيق الميداني في جميع أنحاء اليمن، حيث قامت “مواطنة” بإجراء مقابلات مع آلاف الضحايا والأسر وشهود العيان والعاملين في المجال الإنساني والمسعفين. وأجرت “مواطنة” من أجل هذا التقرير 101 مقابلة إضافية في أربع محافظات تتعلق بآثار هجمات وأفعال معينة على وصولهم إلى الغذاء والماء.
وتواصل “مواطنة” توثيق هجمات وأفعال الأطراف المتحاربة التي تؤثر على وصول اليمنيين إلى الغذاء والماء في جميع أنحاء البلاد.
لمزيد من المعلومات، برجاء التواصل مع:
علي جميل، مدير المساءلة والإنصاف:
ajameel@mwatana.org، (+967772844655 “واتساب/سيجنال”)
مواطنة لحقوق الإنسان، صنعاء، اليمن.
كيت فيغـنيسواران، كبيرة المستشارين القانونيين:
katevigneswaran@globalrightscomplicance.co.uk، (+31624894664 “واتساب/سيجنال”)
مؤسسة الامتثال للحقوق العالمية، لاهاي، هولندا.