من حربِ لأخرى بدأت محنة كمال سعيد (اسم مستعار- 40 عامًا) وأسرته منذ سنة الحرب الأولى في 2015، حينما وجدوا أنفسهم محاصرين في منزلهم المتواضع الذي يقع في منطقة تماس المتحاربين في قرية الحود، عزلة المدارين، مديرية الصلو بمحافظة تعز.
تقول زوجة الضحية (33 سنة):
“كنت أنا وزوجي وابنائي نعيش في منزلنا المتواضع ببساطة وراحة وأمان ودفء عائلي حتى نشبت الحرب في 2015، وبسبب قربنا من مناطق التماس تعرض المنزل للقصف، ثم محاصرتنا بداخله لمدة ثلاثة أيام عندما اشتدت المعارك.
كان الرصاص يدخل إلى الغرف، وكانت أصوات الانفجارات والقذائف مرعبة، ولم نجرؤ على مغادرة المنزل ومن شدة الرعب والخوف اُصيب ابني محمد ذو الخمسة أعوام بمرض السكر.
تعرض زوجي للاعتقال أكثر من مرة من قبل أفراد قوات الحكومة (المعترف بها) أثناء اقامتنا في منزلنا في الصلو، وبعد عدة مساعي تم الافراج عنه، وأمام كل ذلك لم نجد من مناص سوى ترك المنزل والنزوح أنا وزوجي وابنائي الثلاثة الى مناطق أخرى لعلنا ننعم فيها بشي من الأمان.
نزحنا أولاً الى مديرية دمنة خدير وأقمنا في منزل أحد اقاربنا في مدينة الراهدة لأكثر من ثمانية أشهر بسبب تردي أوضاعنا المادية، حتى تمكن زوجي من الحصول على عمل واستطعنا استئجار منزل متواضع، ضمَّنا لما يقرب من أربعة أعوام، عشناها في شظف حقيقي، حيث كان ما يحصل عليه زوجي من عمله بالكاد يكفي لإيجار المنزل وتكاليف علاج ابننا محمد.
أثناء اقامتنا في منطقة الراهدة تعرض زوجي للاعتقال، وهذه المرة من قبل جماعة انصارالله (الحوثيين)، وتم احتجازه لأكثر من ثلاثة أشهر، وتمكنا من الافراج عنه بعد وساطة العديد من الأشخاص. انتقلنا بعدها إلى مفرق الصلو.
قبل حوالي ستة أشهر من الآن وتحديدا أبريل/ نيسان 2021 تمكن زوجي من تحقيق حلمه، وقام باستئجار محل في مديرية التعزية في منطقة سوق دارس وفتح مخبز خاص به وبعدها بفترة قصيرة تمكن من فتح فرع آخر لذلك المخبز في منطقة الخشبة في مديرية التعزية، وتحسنت أوضاعنا المادية نوعا ما؛ لكن ذلك لم يدم طويلا حيث تعرض زوجي للاعتقال مرة ثالثة. وهذه المرة من قبل جماعة أنصارالله (الحوثيين) أيضاً.
ففي يوم الجمعة 22 أكتوبر/ تشرين الأول 2021 قام ثلاثة أشخاص بلباس مدني باعتقال زوجي عند حوالي الساعة السابعة مساء، اثناء وجوده في مكان عمله في المخبز وقاموا بمصادرة هاتفيه ومن ثم اقتياده بالقوة على متن سيارة الى مبنى الأمن والمخابرات، في مدينة الصالح أمام مرأى ومسمع العمال الذين كانوا في المخبز، وبدون تهمة واضحة”.
تضيف الزوجة:
“منذ اعتقال زوجي وأوضاعنا تزداد سوءً، خصوصاً بعد قيام شقيق زوجي بالاستحواذ على المخبز وحرماننا من ريعه، بحجة أن على المخبز ديون، ولم يكتف بذلك فقد قام في أحد الأيام بالاعتداء بالضرب على ابني الكبير البالغ من العمر ثلاثة عشر عام، وأوضاع ولدي محمد تزداد سوءً، بسبب عجزنا عن شراء الأدوية وحاليا يرقد محمد في العناية المركزة بحالة صحية بالغة السوء، ويقوم فاعلو خير بدفع تكاليف علاجه، ولم نجرؤ على إخبار والده المعتقل بذلك، حتى لا تتأثر حالته النفسية.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد فنحن اليوم مهددين بالطرد أنا وأبنائي من المنزل، بعد عجزنا عن دفع تكاليف إيجاره بسبب فقداننا لعائلنا الوحيد.”