لدينا حاليًا 10 عاملين فقط في مجال الرعاية الصحية لكل 10000 شخص بدلًا من 22 عاملًا وهو ما يمثل المعيار في هذا الخصوص. فإذا تم اعتقال أو إصابة أو قتل عامل صحي واحد، سيكون لذلك تداعيات كبيرة.
استهدفت أطراف النزاع المتحاربة مستشفيات وأطباء في اليمن ما لا يقل عن 120 مرة، وفقًا لتقرير يقدم التحليل الأكثر
شمولًا حتى الآن للتأثير المدمر للحرب على نظام الرعاية الصحية في البلاد.
خلال الفترة ما بين مارس/آذار 2015 وديسمبر/كانون الأول 2018، حدثت 120 واقعة في 20 محافظة من محافظات اليمن البالغ عددها 22 محافظة، بما في ذلك الضربات الجوية، والهجمات البرية، والاحتلال العسكري للمرافق الصحية، والاعتداء على العاملين الصحيين، وغيرها من الانتهاكات كأعمال النهب وفرض القيود على المساعدات الإنسانية، وفقًا لتحليل نشرته منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان (PHR) بشكل مشترك مع مواطنة لحقوق الإنسان Mwatana يوم الأربعاء 18 مارس/ آذار 2020.
تأتي هذه النتائج بعد فترة من الهدوء النسبي التي يبدو أنها قد انتهت، فيما يستعد القطاع الصحي في اليمن المنهار أساسًا لاحتمال تفشي فيروس كورونا.
مثّل انهيار نظام الرعاية الصحية في اليمن عاملًا رئيسيًا مساهمًا فيما وصفتها الأمم المتحدة بأنها أسوأ أزمة إنسانية في العالم، حيث يعتمد ثلثا السكان البالغ عددهم 28 مليون نسمة على المساعدات للبقاء على قيد الحياة، ويعانون من الجوع وانتشار تفشي الكوليرا والدفتيريا.
قال أسامة الفقيه، مدير المناصرة في مواطنة، والتي شاركت في كتابة التقرير: “ما يوضحه تقريرنا هو الكيفية التي تم بها تجاهل القانون الدولي الإنساني بشكل صارخ في النزاع اليمني، كما أنه يوضّح التأثير طويل المدى وواسع النطاق الذي سبّبه الاعتداء على مرافق الرعاية الصحية بشكل خاص”.
“لقد أظهرت جميع الأطراف المتحاربة لامبالاة مستمرة بحياة المدنيين”.
وساعدت المقابلات التي تم إجراءها مع ما يقرب من 200 شخص من الناجين وشهود العيان في تحديد أنماط الهجمات والانتهاكات المحددة التي تسببت بمقتل 96 شخصًا على الأقل من المدنيين والعاملين في مجال الرعاية الصحية، وجرح 230 آخرين.
ويمكن استخدام هذا التقرير في تحقيقات مستقبلية ضد جرائم الحرب التي ارتكبها التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات لاستعادة الحكومة اليمنية المنفية، والمتمردون الحوثيون المدعومون من إيران، ومختلف الجماعات المسلحة الأخرى.
قامت مواطنة بتوثيق 35 هجومًا جويًا شنته قوات التحالف على مستشفيات وعيادات ومراكز تطعيم، حيث تعتبر هذه الهجمات “دليلًا على تجاهل “التحالف” لحالة الحماية التي تتمتع بها هذه الكيانات، وعدم رغبته في أو عدم قدرته على الامتثال لمبادئ التمييز والتناسب”.
كما ينتقد التقرير التحالف لعدم وجود شفافية في تنفيذ عملياته، مضيفًا أن “الاحتياطات التي اتخذها التحالف لتقليل الضرر على المرافق الصحية والعاملين في اليمن لا تزال غير واضحة”.
ومن بين توصيات التحقيق أن على بريطانيا، والولايات المتحدة الأمريكية، وكندا، وفرنسا، وغيرها من الدول التي تقوم حاليًا بتقديم السلاح والدعم للتحالف أن توقف مبيعاتها له على الفور احترامًا للقانون الدولي الإنساني بشأن عمليات التحالف في اليمن والجهود الشاملة للتحقيق في الجرائم والانتهاكات المزعومة ضده.
وقال التقرير إن استخدام قذائف الهاون والمدفعية من قبل الحوثيين وغيرهم من الجهات غير الحكومية في مناطق مكتظة بالسكان، أدى إلى الإضرار بمرافق الرعاية الصحية وتدميرها، في حين أشار إلى أن احتلال الحوثيين لمثل هذه المباني يعتبر انتهاكا متعمّدًا بدرجة أكبر لوضع الحماية التي تتمتع بها هذه المرافق.
وقال الفقيه إن الهجمات على المستشفيات والعيادات أغلقت أكثر من نصف منشآت اليمن قبل الحرب، كما أن التهديد المستمر بالاستهداف يجعل من الصعب على الأطباء والممرضات القيام بأعمالهم.
كان مستشفى الثورة في تعز هدفًا لما لا يقل عن 45 هجومًا موثّقا من قبل عدة أطراف، بما في ذلك الهجمات الأرضية والتوغلات المسلحة وعمليات النهب. ففي أغسطس 2015 تم استهداف هذه المنشأة ثماني مرات، حيث أصيبت بـ 22 قذيفة خلال يومين.
قال الفقيه: “حتى تلك المستشفيات التي لا تزال مفتوحة تفتقر إلى الأطباء الأخصائيين والمعدات والأدوية. لدينا حاليًا 10 عاملين فقط في مجال الرعاية الصحية لكل 10000 شخص بدلًا من 22 عاملًا وهو ما يمثل المعيار في هذا الخصوص. فإذا تم اعتقال أو إصابة أو قتل عامل صحي واحد، سيكون لذلك تداعيات كبيرة”.
“هناك متخصصون في مجال الرعاية الصحية يتمتعون بشجاعة فائقة ويعملون في اليمن الآن. وحتى لو لم يتحدثوا عن مدى تعبهم، إلا أن ذلك بادٍ على وجوههم وأعينهم”.
يأتي تحليل حالة البنية التحتية للرعاية الصحية في اليمن وسط قتال عنيف في محافظة الجوف بعد أشهر من الهدوء النسبي الذي كان يأمل الكثيرون بأن يؤدي إلى تهدئة دائمة للنزاع.
شنَّ التحالف غارات جوية في الجوف، ردًّا على إسقاط الحوثيين لطائرة حربية، أسفرت عن مقتل أكثر من 30 مدنيًّا الشهر الماضي. وفي 1 مارس/ آذار استولى الحوثيون على مدينة الحزم، عاصمة محافظة الجوف، مما أدى إلى فرار عشرات الآلاف من الأشخاص إلى محافظة مأرب المجاورة لها.
وأفادت وسائل إعلام سعودية يوم الثلاثاء أن التحالف دمر زورقين محملين بالمتفجرات في البحر الأحمر تم إطلاقهما والتحكم فيهما عن بعد من قبل الحوثيين من منطقة الحديدة الساحلية.
كما تتزايد المخاوف أيضًا من التأثير الكارثي الذي يمكن أن يسببه انتشار فيروس كورونا “Covid-19” في المجتمعات الضعيفة في اليمن.
هذا وقد أطلقت لجنة الإنقاذ الدولية (IRC) هذا الأسبوع حملة طارئة لجمع 30 مليون دولار (25 مليون جنيه استرليني) لمساعدة اللاجئين والنازحين في بلدانهم والذين يعيشون في دول ذات أنظمة صحية ضعيفة على التصدي لوباء فيروس كورونا.
حيث قال ديفيد ميليباند، رئيس لجنة الإنقاذ الدولية، إن الفيروس “يمكن أن ينتشر في مناطق الحرب النشطة مثل اليمن وسوريا، مما يزيد من تعرض حياة الآلاف من المدنيين للخطر”.