رضية المتوكل رئيسة مواطنة: "هذا الهجوم الدامي لجماعة أنصار الله (الحوثيين) دليل إضافي لضرورة المساءلة والمحاسبة عن انتهاكات الجماعة بحق المدنيين طيلة خمس سنوات".
صنعاء – قالت مواطنة لحقوق الإنسان أن جماعة أنصار الله المسلحة (الحوثيين) شنت هجوماً على مجمع السجن المركزي في تعز يوم الأحد 5 أبريل/ نيسان 2020. قُتل في الهجوم خمس سجينات وطفلتان وشرطية، وجُرح تسعة مدنيين بينهم ست نساء وطفلتين ومدني. ويأتي هذا الهجوم بينما كانت سلطات السجن في تعز تحضر لإطلاق عدد من السجينات في اليوم التالي للهجوم 6 أبريل/ نيسان كجزء من الجهود للوقاية من فيروس كورونا.
في 5 أبريل/ نيسان، عند حوالي الساعة 4:20 مساءً، سقط ما لا يقل عن خمس قذائف على مجمع السجن المركزي ومحيطه بمدينة تعز جنوب غربي اليمن. وقعت قذيفتان على إصلاحية السجينات جنوب المجمع، وسقطت أخرى شرق مجمع السجن لتصيب مدنياً. فيما سقطت القذيفتان الأخيرتان في طريق السير المؤدي إلى الإصلاحية وخلفها.
قالت رضية المتوكل رئيسة مواطنة لحقوق الإنسان: “هذا الهجوم الدامي لجماعة أنصار الله (الحوثيين) دليل إضافي على ضرورة المضي قدماً في مساعي المساءلة والمحاسبة عن انتهاكات الجماعة بحق المدنيين طيلة خمس سنوات. بينما كانت السجينات يترقبن لحظة الإفراج واحتضان عائلاتهن، باغتتهن هذه القذائف المميتة”.
يقع السجن المركزي في الأطراف الغربية لمدينة تعز ويبعد مسافة ستة كيلو مترات عن مركزها، في منطقة الضباب بمديرية صبر الموادم، الخاضعة لسيطرة قوات حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي المعترف بها دولياً. ويضم مجمع السجن أربع مبان رئيسية، من بينها إصلاحية السجينات والتي تتكون من ثلاثة عنابر واسعة، في وقت الهجوم كانت الإصلاحية تضم 28 نزيلة، يرافق البعض منهن سبعة أطفال. وتتمركز مجموعات مسلحة تابعة لجماعة أنصار الله “الحوثيين” في الجهة الشمالية لمجمع السجن بشارع الخمسين الذي يبعد عن المجمع حوالي ثلاثة كيلو مترات تقريباً.
وبناءً على مقابلات مع شهود عيان وناجين، توصلت “مواطنة” إلى أن القذيفة الأولى سقطت عند حوالي الساعة 4:20 مساءً شرق البوابة الرئيسية لمجمع السجن المركزي.
وأحدثت القذيفة فجوة في الاسفلت وتطايرت شظاياها لتصيب الجهة اليمنى لشاحنة نقل متوسطة كان على متنها أربعة أشخاص أصيب أحدهم (24 سنة) بجروح مختلفة في قدمه اليمنى وذراعه. قال شاهد عيان (20 سنة) “بعد سقوط القذيفة الأولى بالقرب من الشاحنة سمعت صفير قذيفة فوق رأسي أتٍ من الناحية الشمالية وما هي إلا ثوان وسمعت دوي انفجار بداخل السجن”.
بين الساعة 4:24 و 4:30 مساءً، سقطت قذيفتان على إصلاحية السجينات – ضربت الأولى عموداً خرسانياً أمام العنبر رقم (3)، وسقطت الثانية في فناء الإصلاحية، أثناء تواجد بعض النزيلات. أودت القذيفتان بحياة 5 سجينات وشرطية وطفلتين تتراوح أعمارهن بين 5-7 سنوات. وقد فارقن الحياة بعد نقلهن إلى المستشفى إثر إصاباتهن. كما جُرح ست نساء أخريات وطفلتين. خلفت القذيفة حفرة قطرها نصف متر تقريباً وتسببت في أضرار لحقت بفناء الإصلاحية وعنابرها.
إنه هجوم مروع وغير مبرر تحت أي ظرف، ويستوجب محاسبة مرتكبيه والمسؤولين عنه وإنصاف الضحايا واتخاذ التدابير لمنع تكراره
قالت شاهدة عيان (25 سنة) لمواطنة:
كنت في الفناء بجوار صديقاتي نتجاذب أطراف الحديث قبل سماع انفجار أول قذيفة. أصابني القلق فقررت الذهاب لارتاح بداخل العنبر، فجأة وأنا بالداخل صم أذني انفجار ضخم وقع في الفناء حيث تتواجد صديقاتي. أمسكت برأسي وارتميت أرضاً وانتظرت قليلاً. انطلقت بعدها لأشاهد ما حدث. كان مشهداً مرعباً، أشلاء صديقاتي مبعثرة، رأس بنصف وجه ورجل مرمية على سطح الفناء. هرعنا مستغيثات باتجاه مبنى طبيب الطوارئ من أجل إسعاف من كانت لا تزال تتنفس.
وبعد 6 دقائق تقريباً، سقطت القذيفتان الأخيرتان في طريق السير المؤدي إلى مبنى الإصلاحية وخلفها.
وتضيف المتوكل: “إنه هجوم مروع وغير مبرر تحت أي ظرف، ويستوجب محاسبة مرتكبيه والمسؤولين عنه وإنصاف الضحايا واتخاذ التدابير لمنع تكراره “.
قال شهود لـ “مواطنة” أن المنطقة لم تشهد أي اشتباكات بين أطراف النزاع قبل سمع دوي الانفجارات التي طالت مجمع السجن المركزي.
زارت “مواطنة” صباح يوم الاثنين 6 أبريل/ نيسان ثلاث مستشفيات: هيئة مستشفى الثورة بتعز ومستشفى البريهي ومستشفى الصفوة. وحصلت على إحصائيات بأعداد الجرحى من مصادر طبية في المستشفيات وست شهادات وفاة للضحايا. وقامت بزيارة مجمع السجن المركزي ومقابلة ثلاث سجينات، وأجروا معاينة مباشرة للمنطقة المحيطة به. ولم يتمكن فريق “مواطنة” من الدخول إلى إصلاحية السجينات بسبب إغلاقها من قبل أفراد الأمن، ولكن تمكن من جمع أدلة فوتوغرافية بما في ذلك للفجوة التي أحدثتها القذيفة. وفي يوم 7 أبريل/ نيسان عاد الفريق لزيارة مستشفى البريهي لمتابعة حالتين حرجتين وضعتا في وحدة العناية المركزة، وأبلغ الطبيب المناوب الفريق بأنهما توفيتا متأثرتان بجراحهما.
تمكنت “مواطنة” من العثور على شظايا لبقايا القذيفة الأولى التي أحدثت الحفرة وللشظايا التي تسببت في تضرر شاحنة النقل. واستناداً إلى تحليل خبير الأسلحة، فإن البقايا تشير إلى أن الهجوم تم باستخدام قذيفة هاون أو نوع آخر من القذائف.
سقطت القذيفة الأولى على بعد 200 متر تقريبا، على الخط الأسفلتي المقابل لسور ست بنايات تابعة لدار الرعاية الاجتماعي الحكومي (رعاية الأحداث، رعاية الأيتام، ورعاية المعاقين). تبعد البنايات حوالي 300 متر عن إصلاحية السجينات. وبمقتضى وثيقة صادرة في 26 يناير/كانون الثاني 2020 (تحتفظ مواطنة بنسخة منها) وجه رئيس اللجنة الوطنية للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان، المشكلة بقرار من الرئيس هادي، بطلب لقائد محور تعز في القوات التابعة للحكومة، بإخلاء أربعة مباني في مجمع الرعاية الاجتماعي المجاورة للسجن المركزي، حيث تسيطر عليها قوات اللواء 17 ميكا واللواء 145 مشاه ضمن مباني دار الرعاية الاجتماعي وتستخدمها كمبنى إداري. من خلال ذلك، قاموا بتعريض المجمع للخطر بشكل غير قانوني. لم تتمكن “مواطنة” من تحديد ما إذا كان الأفراد العسكريون متواجدين في المجمع وقت الهجوم.
يحظر القانون الدولي الإنساني الهجمات العشوائية، بما في ذلك الهجمات غير الموجهة إلى هدف عسكري محدد أو التي تستخدم أسلحة لا يمكن توجيهها إلى هدف عسكري محدد. إن الأسلحة مثل قذائف الهاون والمدفعية والصواريخ، عند إطلاق الذخائر غير الموجهة، هي أنظمة غير دقيقة بشكل أساسي. قد تشكل الهجمات العشوائية جرائم حرب عند تنفيذها بنية إجرامية. يجب عدم استخدام الأسلحة المتفجرة غير الدقيقة بحيث لا يمكن توجيهها إلى أهداف عسكرية دون وجود خطر كبير على المدنيين في المناطق المأهولة بالسكان.
يجب على جميع أطراف النزاع في اليمن اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتجنيب المدنيين الخاضعين لسيطرتهم من آثار الهجمات، بما في ذلك تجنب نشر القوات في مناطق مكتظة بالسكان وإلى الحد الممكن عملياً لنقل المدنيين في محيط قواتهم العسكرية. يُحظر على القوات استخدام المدنيين لحماية الأهداف أو العمليات العسكرية من الهجوم. لا يزال يتعين على القوات التي تشن هجمات أن تأخذ في الاعتبار المخاطر التي يتعرض لها المدنيون حتى عندما تعرضهم القوات المعارضة لخطر لا داعي له.
وقد شنت جماعة أنصار الله “الحوثيين” مراراً هجمات برية عشوائية في عدد من المحافظات اليمنية وفي تعز بشكل خاص. وقد وثقت مواطنة لحقوق الإنسان في تقريرها “فصول من جحيم” عشرات الهجمات التي طالت مدنيين. وقد استخدمت أطراف النزاع في تعز أسلحة متنوعة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة، مثل الكلاشينكوف، والبندقية الآلية جي 3، وسلاح متوسط عيار 14.5، رشاشات عيار 12.7 (دوشكا)، سلاح مضاد للطيران عيار 23، قناصات عيار 12.7 وعيار 14.5، هاونات عيار 40 و60 و82 و120، قنابل دفاعية وهجومية، دبابات، وقذائف آر بي جي، ومضاد الطيران عيار 37، ومدافع ذاتية الحركة والتوجيه، ومدافع عيار 57، ومدافع بي 10، وصواريخ غراد.
تدعو مواطنة لحقوق الإنسان جماعة أنصار الله “الحوثيين” إلى الكف فوراً عن شن هجمات عشوائية والتوقف عن استخدام الأسلحة ذات الطبيعة العشوائية وأخذ التدابير لإنصاف ضحايا الهجمات غير القانونية ومحاسبة الجناة. وتدعو “مواطنة القوات التابعة للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً لإخلاء القوات المتمركزة بداخل أو بالقرب من أعيان مدنية، وتجنب نشر القوات في المناطق المكتظة بالسكان.