ياسين المتوكل.. ضحية أخرى للقوات الحكومية
تتحدث إشراق محمد المتوكل، والعَبرة تخنق صوتها، حزنًا على أخيها ياسين المتوكل (48 سنة)، الذي قامت قوات تتبع الحكومة المعترف بها دوليًّا، باحتجازه وإخفائه قسريًّا، في محافظة مأرب، دونما تهمة إلا من لقبه.
تقول إشراق أنّ أخاها أخبرها برغبته في التوجه إلى حدود سلطنة عمان من أجل أن يشتري له سيارة، وأنها تفاجأت بقراره، إذ حذرته من أن الطريق خطير، وقد يعتقل بسبب لقبه (المتوكل)، لكنه رد عليها بنبرة واثقة: "أنا لم أشارك في الحرب، ولا يربطني أي شيء بالحوثيين؛ فلماذا أخاف؟!".
وفي السادس من مايو/ أيار 2021، الموافق 23 رمضان من ذلك العام، انطلق عن طريق ذمار- البيضاء- مأرب، تقول إشراق:
"كنت أتواصل معه على طول الطريق، كل نصف ساعة، وأشعر بانقباض في قلبي، حتى وصل حدود منطقة رداع في البيضاء، وانقطع الاتصال به؛ لأنّ تلفونه كان مغلقًا حينها. كنت أحدّث نفسي وأتوتر عندما لا يرد عليّ لمدة عشر دقائق، فيتملكني الرعب، لكن هذه المرة، مرت عشرة أيام، وتلفونه على حاله".
مرت كل ليالي إشراق كوابيس، إذ كان ليلها كنهارها، تبكي طوال الوقت، حتى مرّ رمضان وأتى العيد. أصيب شقيقها الكبير بجلطة، بسبب الضغط النفسي الذي ولّده اختفاء أخيه، وأصبح لا يستطيع الحركة ولا الكلام.
وبعد فترة، خرج أحد معارف الأسرة من سجون القوات الحكومية بمأرب، عن طريق صفقة تبادل أسرى، فتواصلت معه إشراق، وسألته عن ياسين، فأكد لها: "نعم، كان معي في عنبر واحد"، وقال لها ناصحًا: "ابحثي لأخيك عن بديل، ليتم مبادلته به".
توجهت إشراق إلى وزارة حقوق الإنسان التابعة لسلطة أنصار الله (الحوثيين)، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، ووعدوها بالمساعدة، لكن لم يستطع أحد أن يساعد في النهاية. تقول إشراق:
"حتى ولدي، لا يستطيع أن يذهب ليتابع قضية خاله، بسبب لقبه وخوفًا من أن يقابل المصير ذاته. أمرّ بظروف نفسية سيئة، بسبب قلقي الدائم على أخي، ولم يتبقَّ غير اللجوء إلى الله والدعاء. حتى عرفت مؤخرًا من بعض المصادر أن أخي أصيب بالسل الرئوي، بسبب التغذية السيئة في السجن؛ لأنه لم يكن -حتى وهو في صنعاء- يأكل أي شيء، وإنما يحرص على أن يكون طعامه نظيفًا.
أصبت بمرض ارتفاع ضغط الدم، بسبب الخوف والحزن، على أخوَيّ الاثنين، ولم أعد أدري مع من أتواصل، أو ما الذي أفعله. لقد تخلى عنا طرفا الحرب".
تواصل ياسين بأسرته كأول مرة في 17 أغسطس/ آب 2023، وأخبر أسرته أنه دخل المستشفى للعلاج، على رغم أنّ إشراق تقول: "صوته لا يزال متعبًا"، فإنّها فرحت بسماع صوته.