وأكد عبدالرشيد الفقيه المدير التنفيذي لمنظمة مواطنة لحقوق الإنسان “أن الهجوم الدامي الذي طال متظاهرين سلميين جريمة لا ينبغي أن تمر دون تحقيق مستقل وعاجل يؤدي إلى مساءلة من نفذ ومن أصدر الأوامر والمسؤولين عنها”.
تحمل منظمة مواطنة لحقوق الإنسان الرئيس عبدربه منصور هادي ورئيس الحكومة محمد سالم باسندوة ووزير الدفاع محمد ناصر أحمد مسؤولية الهجوم المميت من قبل جنود الجيش على تظاهرة سلمية في الأغلب الأعم والذي أدى إلى مقتل ستة متظاهرين ومسعف تابع لوزارة الصحة وجرح ما لا يقل عن سبعين متظاهراً بالرصاص الحي، ومهاجمة فرق طبية ومستشفى حكومي، وذلك يوم الثلاثاء الموافق 9 سبتمبر 2014م.
وأكد عبدالرشيد الفقيه المدير التنفيذي لمنظمة مواطنة لحقوق الإنسان “أن الهجوم الدامي الذي طال متظاهرين سلميين جريمة لا ينبغي أن تمر دون تحقيق مستقل وعاجل يؤدي إلى مساءلة من نفذ ومن أصدر الأوامر والمسؤولين عنها”.
وزارت المنظمة موقع الهجوم وجمعت شهادات وفحصت تسجيلات فيديو وصور من مصادر مختلفة، كما زارت المستشفيات واستمعت لأطباء ومسعفين على مدى يومين للوصول لرواية دقيقة حول الهجوم.
وقالت المنظمة إن جنوداً من الجيش المتواجدين في محيط مبنى رئاسة الحكومة وإذاعة صنعاء وعلى أسطحها أطلقوا الرصاص الحي بشكل عشوائي وسط آلاف المتظاهرين العزل وفي الهواء بشكل غير قانوني ودون اضطرار لذلك في انتهاك صارخ للحق في الحياة وللقانون الدولي لحقوق الإنسان وبالمخالفة للمبادئ الأساسية للأمم المتحدة بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية من جانب الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين .
وقال شهود عيان وجرحى لمنظمة مواطنة لحقوق الإنسان أن التظاهرة وصلت إلى شارع الإذاعة الموصل بين شارع العدل ومبنى رئاسة الحكومة ما بين الساعة العاشرة والنصف والحادية عشرة ظهراً واستوقف المظاهرة حاجز من جنود الجيش، وأن المتظاهرين توقفوا وبدأوا بترديد الهتافات.
وبعد دقائق بدأت مشادات كلامية بين متظاهرين في مقدمة المظاهرة وبين الجنود، تراجع الجنود لعدة أمتار ثم فتحوا النار في الهواء وباتجاه المتظاهرين بشكل عشوائي وكثيف، بدأ المتظاهرون بالهروب والبعض بالرد بالحجارة والزجاجات الحارقة “المولوتوف” ، كان هناك جنود ملثمون على أسطح البنايات الحكومية وأحد المنازل الخاصة كانوا يطلقون النار بشكل مباشر على المتظاهرين.. بعدها قام المتظاهرون بنصب ثلاث خيام كبيرة، وتزايد عدد جنود الجيش مع تعزيزات لاحقة من قوات مكافحة الشغب تدخلت بمدافع المياه والقنابل المسيلة للدموع.
وقال شهود أن إطلاق الرصاص الحي استمر لأكثر من نصف ساعة وبشكل متقطع بعد ذلك وأن مدرعات من الجيش شاركت في إطلاق النار من معدلات 12/7 .
وقال شهود من حي الإذاعة لمنظمة مواطنة لحقوق الإنسان إن الجنود قاموا بملاحقة المتظاهرين في الأزقة والأحياء وإطلاق النار بشكل مباشر أثناء الملاحقة، ما أدى لإصابة عدد من المنازل والخزانات وترويع السكان الحارات المجاورة لموقع الهجوم ، وأن جنوداً اعتدوا بأعقاب البنادق على متظاهرين بينهم كان بعضهم جرحى.
وتمكنت قوات الجيش بعد نحو ثلاث ساعات من كسر التظاهرة وتفريقها بحصيلة سبعة قتلى وأكثر من سبعين جريحاً بالرصاص الحي بالإضافة لعشرات الإصابات باختناقات .
وقال مُسعف لمنظمة مواطنة لحقوق الإنسان إن جنوداً حاولوا منعه من نقل جرحى للمستشفى وصوبوا أسلحتهم نحوه، وأن عدداً من المسعفين تعرضوا لمضايقات من الجنود بسبب إسعاف الجرحى من المتظاهرين ونقلهم للمستشفيات .
وقُتل مسعف آخر اسمه ” محمد سعيد النمر” (30 عاماً) بطلق ناري في رأسه قالت أسرته للمنظمة أنه قتل في أول أيام عمله لدى وزارة الصحة بينما كان يقوم بنقل المصابين إلى المستشفيات.
وبحسب إفادة أطباء اقتحم أحد جنود الجيش مستشفى الكويت الحكومي الساعة الثانية والنصف ظهراً بعد نقل قتلى وجرحى إليه، وذلك للحاق بأحد المتظاهرين الذي لجأ إلى المستشفى هرباً، وقام أمن المستشفى باحتجاز الجندي قبل أن يقتحم عشرات الجنود المستشفى وكسر بوابته الرئيسية بإحدى مدرعات الجيش بعد إطلاق الرصاص بكثافة، وانسحبوا بعد دقائق من احتلال المستشفى وتحرير الجندي المحتجز.
وأحصت منظمة مواطنة، وفقاً لمصادر طبية؛ ستة قتلى إضافيين، هم: عبدالله حسين السياغي (40سنه)، عبدالله أحمد جعدان ( 22سنه)، محمد سعيد النمر (30 سنه )، إسماعيل البخيتي (30سنه)، محسن أحمد شاطر (30سنه)، وسيم الخطيب (35سنه )، وشخص لم تعرف هويته حتى إصدار هذا البيان .
وقال طبيب في مستشفى المؤيد للمنظمة أن أحد القتلى أصيب بطلق في الجهة الأمامية من الرأس بفتحة ( 3 سم ) ، فيما إصابات بقية القتلى الذين وصلوا المستشفى كانت في الوجه والرأس والبطن.
وقال طبيب في مستشفى الكويت أن إصابات الثلاثة القتلى الذين وصلوا إلى المستشفى كانت في القلب والرأس والظهر ، وقال أطباء في مستشفى المؤيد ومستشفى الكويت ومستشفى الثورة التقت بهم المنظمة أن الإصابات بالطلقات النارية بالنسبة للجرحى توزعت بين الرأس والصدر والبطن والأطراف ، وأن هناك إصابات بليغة.
وتؤكد منظمة مواطنة لحقوق الإنسان أنه يتوجب على السلطات اليمنية وقف استهداف التظاهرات بالقوة المميتة وإصدار توجيهات علنية واضحة وصارمة تحظر استخدام الرصاص الحي في مواجهة المتظاهرين وإطلاق تحقيق فوري ومحايد ومحاسبة من أطلق النار ومن وجه بذلك والمسؤولين عنه.
وجاءت التظاهرة في سياق المرحلة الثالثة من الخطوات التصعيدية التي أعلنتها جماعة أنصار الله ( الحوثيين)، التي ترعى الاحتجاجات المناوئة للحكومة.
وكان اثنان من المتظاهرين قد قتلوا وأصيب خمسة آخرون بجروح في هجوم لقوات الأمن على مخيم الاعتصام في الجراف الأحد الموافق 7 سبتمبر 2014 م.
وكانت جماعة أنصار الله “الحوثيون” قد دعت إلى اعتصام مفتوح في منطقة الجراف، في أحد الشوارع المؤدية إلى المطار بالقرب من ثلاث وزارات ” وزارة الاتصالات، وزارة الكهرباء، وزارة الداخلية” ابتداء من يوم الجمعة ٢٢ أغسطس ٢٠١٤ حتى يتم تنفيذ مطالبها الثلاثة: إسقاط الحكومة، إسقاط الجرعة “تحرير أسعار المشتقات النفطية”، تنفيذ مخرجات الحوار، وصعدت الجماعة من احتجاجاتها على عدة مراحل بالتزامن مع تواجد مجاميع مسلحة تابعة لها في محيط العاصمة صنعاء.
وتنص المبادئ الأساسية للأمم المتحدة بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية من جانب الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين على أنه لا يجوز لمسؤولي إنفاذ القوانين استخدام الأسلحة النارية ضد الأفراد ما عدا في حالات الدفاع عن النفس أو الدفاع عن الآخرين ضد تهديد وشيك بالموت أو بالإصابة الخطيرة، أو لمنع ارتكاب جريمة بالغة الخطورة تنطوي على تهديد خطير للحياة، أو للقبض على شخص يشكّل خطرا من هذا القبيل ويقاوم سلطتهم، أو لمنع فراره (أو فرارها)، وذلك فقط عندما تكون الوسائل الأخرى الأقل عنفا غير كافية لتحقيق هذه الأهداف.
ولا يسمح عموما باستخدام الأسلحة النارية القاتلة عن قصد إلا عندما يتعذر تماما تجنبها من أجل حماية الأرواح (المبدأ 9). “عندما يتسبب استخدام القوة والأسلحة النارية من جانب الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين في إصابة أو وفاة، ينبغي عليهم تقديم تقرير إلى رؤسائهم حول الحادثة دون إبطاء. وعلى الحكومات أن تكفل المعاقبة على الاستخدام التعسفي للقوة أو إساءة استخدامها من جانب الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين، باعتبار ذلك جريمة جنائية بمقتضى قوانينها (المبدأين 6 و7 من المبادئ الأساسية). كما يجب أن »يتاح للأشخاص الذين يلحق بهم ضرر من استخدام القوة والأسلحة النارية، أو لممثليهم القانونيين، إتباع إجراءات مستقلة تشمل إقامة دعوة قضائية. وفي حالة وفاتهم، ينطبق هذا الحكم بالتالي على عائلاتهم « (المبدأ 23 من المبادئ الأساسية). ” ولا يجب فقط محاسبة الضالعين مباشرة باستخدام القوة بل أيضا كبار المسؤولين إذا »كانوا على علم، أو كان يتوجب عليهم أن يعلموا، بأن الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين العاملين تحت إمرتهم يقومون أو قد قاموا بالاستخدام غير المشروع للقوة أو الأسلحة النارية دون أن يتخذوا كل ما في وسعهم اتخاذه لمنع هذا الاستخدام أو وقفه أو الإبلاغ عنه « (المبدأ 24 من المبادئ الأساسية(.”
وبحسب المقرر الخاص المعني بعمليات الإعدام خارج نطاق القضاء في الأمم المتحدة فإنه من حيث المبدأ ” لا يجوز إطلاق النار عشوائيا على التجمعات، ولا يسمح بإطلاق النار إلا لاستهداف شخص محدد أو أفراد يشكلون خطرا يؤدي إلى الموت أو الإصابة الخطيرة. ولا يمكن تبرير استخدام الأسلحة النارية فقط لمجرد عدم قانونية تجمع معين أو وجوب تفريقه، أو بحجة حماية الممتلكات ” ويضيف ” تقوم المظاهرات العفوية أيضا دون أية فرصة لتقديم إشعار مسبق أو طلب للحصول على تصريح. وفي هذه الحالة، يجب اعتبار التجمع قانونيا وبالتالي يجب حمايته. ولا يعترف العهد الدولي سوى بالحق في »التجمع السلمي « ، بموجب المادة 21. ومع ذلك، » لا يفقد الفرد الحماية المتأتية عن هذا الحق عند نشوب أعمال عنف متفرقة أو معزولة داخل الحشد ” .