تلاشى أثره إلا مِنْ نظَّارةٍ وحذاء

(شمسان) السبعيني الذي طواه الإختفاء القسري في عدن

August 30, 2024

أحمد صالح شمسان (72 سنة، اسم مستعار)، الرجل الذي قَدِمَ قبل زمن من شمال صنعاء -وتحديدًا من منطقة همدان- إلى مدينة عدن، قاصدًا الحصول على عمل.

كان شمسان -كغيره من أبناء البلاد- يرى في كل ذرةٍ من رمال الوطن أملاً يوطِّد مستقبله ومستقبل أبنائه الذين عرفوا عدن وأحبوها، واعتبروها مدينتهم الأم وحاضنتهم التي تعانقهم شمسُها التي تكوي جباههم السمراء كل يوم، بيد أنهم لم يتوقعوا أن هذه المدينة سوف تأخذ منهم والدهم الذي أبى مغادرتها.

في العاشر من شهر رمضان، الموافق 27 يونيو/ حزيران 2015، وهي الفترة التي اندلعت فيها الحرب بين الأطراف اليمنية بمشاركة "التحالف"، والتي أعقبها تصاعد خطاب الكراهية وحملات الاحتجاز التعسفي بحق الشماليين في مدن جنوب اليمن، كان أحمد شمسان (البالغ من العمر آنذاك 63 سنة) عائداً من صلاة الفجر في مسجد "الحمزة" الكائن في "كابوتا"، مديرية المنصورة – عدن، ليختفي قسرياً منذ ذلك الحين تاركاً نظارته وفردة من حذائه ملقاتين على الأرض، وهما آخر ما تبقى من أثره قبل اختفائه القسري الذي مر عليه تسع سنوات حتى الآن؛ خلالها بحثت أسرته عنه لدى كافة الأجهزة والتشكيلات دون جدوى.

تقول أماني (اسم مستعار) (ابنة شمسان): "سلكنا طريق القانون لعلنا نجد عبره من يقودنا لبصيص أمل؛ قدَّمنا بلاغات فقدان إلى نيابة المنصورة، عرضنا قصتنا على الصحف، ناشدنا الجميع في وسائل التواصل الاجتماعي، لكن دون فائدة؛ فلم نصل إلى نتيجة ملموسة، والأكثر قساوة من كل ذلك، أن يُقال لكَ: عظم الله أجرك في والدك دون مراعاة لمشاعرك!".

في المحصلة، أًصبح أحمد شمسان (والد أماني)، الذي يناهز خريفه الثاني والسبعين، ضحية اختفاء قسري، ومعه أسرته وأحباؤه، وربما أضيف إلى سجل طويل من المواطنين والعمال الذين نالهم شؤم حظهم العاثر، لمجرد انتمائهم الجغرافي.

يتوجب على النائب العام في عدن، والمجلس الإنتقالي الجنوبي، ومجلس القيادة الرئاسي، والحكومة المعترف بها دولياً، والتحالف بقيادة السعودية والإمارات، الكشف عن مصير جميع المختفيين قسراً ، وإنهاء جريمة الاختفاء القسري التي لا زالت تطاله وتطال أسر وأحبه الضحايا ، والإفراج عنهم ، وجبر ضررهم وإنصافهم، وإنهاء جرائم الإختفاء القسري الأخرى في محافظة عدن، وكافة المناطق اليمنية الخاضعة لسيطرة المجلس الإنتقالي الجنوبي، ومجلس القيادة الرئاسي، والحكومة المعترف بها دولياً، وقوات التحالف بقيادة السعودية والإمارات.