تشكيلُ آليّةٍ جنائيّة دوليّة ضرورةٌ مُلِحَّة لليمن
قالت مواطنة لحقوق الإنسان، في بيانٍ أصدرته اليومَ، إنّ القوات السودانية التابعة للتحالف بقيادة السعودية والإمارات، اغتصبَتْ ستَّ فتياتٍ قاصرات وامرأة، واختطفَتْ فتاةً قاصرة وامرأة، واعتدَتْ عليهن جسديًّا، في مديرية حيران بمحافظة حَجّة، الواقعة على مقربة من الحدود اليمنية-السعودية (شمال غرب اليمن).
وأكّدت “مواطنة” أنّ التفاصيل المروعة التي وثّقتها لوقائع الاعتداء الجنسي، هي دليلٌ إضافيّ على الفظائع التي تعرّض لها المدنيون اليمنيّون في ظل استمرار انتهاك القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، واستمرار الإفلات من العقاب. تدعو “مواطنة” المجتمعَ الدولي إلى إنشاء آليّة دوليّة للمساءلة الجنائيّة على وجه السرعة في اليمن، تشمل ولايتها توثيق الانتهاكات، وتقديم تقارير عامّة عن أوضاع حقوق الإنسان في اليمن، فضلًا عن جمع الأدلة وحفظها، وبناء الملفات من أجل الملاحقة الجنائية في المستقبل. كما تدعو المجتمع الدولي إلى فتح تحقيق في وقائع العنف الجنسي هذه، وتقديم الجناة إلى العدالة، وتعويض الضحايا.
وقالت رضية المتوكل، رئيسة مواطنة لحقوق الإنسان: “إنّ وقائعَ العنف الجنسي، وخاصة ضد الأطفال والنساء، هي جزءٌ من سلسلة الانتهاكات المروّعة بحقّ المدنيين في اليمن. إنّ وضعَ حقوق الإنسان في اليمن يستدعي، وبصورة مُلِحّة، إنشاء آليّة دوليّة للمساءلة الجنائية، لا سيما مع انخراط جهات محلية وإقليمية ودولية فاعلة في النزاع المسلح، وضرورة إخراج القوات السودانية من المناطق السكنية المأهولة بالسكان المدنيين”.
وقد وثّقت “مواطنة” خلال العام 2022 فقط، ما لا يقل عن 6 وقائع اعتداء جنسي، ارتكبها جنودٌ من القوات السودانية ويتبعون التحالف بقيادة السعودية والإمارات، في مديرية حيران بمحافظة حَجّة، والتي تبعد عن الشريط الحدودي بين اليمن والسعودية قرابة 20 كيلو مترًا، وقد تم توثيق 6 وقائع اغتصاب، ضحيتها ست فتيات قاصرات، تتراوح أعمارهن بين 11 و16 سنة، تُوفّيَت إحداهن (11 سنة) نتيجة نزيف حادّ بعد تعرضها للإغتصاب. كما اغتصب الجنودُ السودانيون امرأةً بالغة، تبلغ من العمر 35 عامًا. كما قام الجنودُ بخطف فتاة عمرها 15 سنة، وامرأة أخرى عمرها 23 سنة، واعتدوا عليهن جسديًّا. تزامنت هذه الانتهاكات مع حملة إجبارية لتجنيد الأطفال في المديرية للقتال إلى جانب التحالف. وقالت “مواطنة”: “إنّ الوقائع الواردة في البيان، ما هي إلا نماذج على العنف الجنسي الذي ترتكبه أطراف النزاع في المنطقة. يظهر من خلال توثيق مثل هذه الوقائع أنّها تنطوي على عدة أنواع من الانتهاكات، حيث تبدأ بعض الحالات بالاختطاف والعنف الجنسي، وتنتهي بالزواج القسري، وكذلك التهجير القسري”.
في أغسطس/ آب 2018، أعلنت قوات الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًّا، بدعمٍ من القوات البرية للتحالف، سيطرتَها على مركز مديرية حيران، التي كانت تخضع سابقًا لسيطرة جماعة أنصار الله المسلحة (الحوثيين). ومنذ ذلك الحين، تتمركز قوات التحالف، بما في ذلك القوات المسلحة السودانية، في منطقة حيران والقرى المجاورة، وكذلك في منازل المدنيين الذين فرّوا من المنطقة بعد اندلاع الأعمال العدائية هناك.
في عام 2022، جمعت “مواطنة” إفادات للضحايا ولأهاليهم وشهود عيان على وقائع العنف الجنسي في مديرية حيران. وبخصوص إحدى هذه الوقائع، أجرت “مواطنة” مقابلة في 19 يوليو/ تموز 2022، مع والد ضحية عنف جنسيّ إلى جانب الطفلة الضحية. ووثّقت “مواطنة” وقائعّ أخرى من خلال مقابلات مع أسر الضحايا وشهود عيان طوال عام 2022؛ إحداها كانت واقعة مروعة ارتكبها جنديٌّ سودانيّ، قام بصبّ البنزين على فتاة تبلغ من العمر 11 عامًا، وأضرم فيها النار أمام والديها؛ ما أدّى إلى وفاتها، وذلك بعد رفض وإدانة والد الضحية للانتهاكات من قبل القوات السودانية ضد الأطفال والنساء.
في سبتمبر 2022، وثّقت “مواطنة” قيامَ القوّات السودانية باختطاف واغتصاب فتاتين قاصرتين أثناء إحضارهما الحطبَ للطبخ. ونتيجةً لهذه الانتهاكات، تم تزويج الضحيّتين قسرًا من قبل عائلتيهما.
وفي واقعة أخرى، وثّقت “مواطنة” أيضًا اختطاف واغتصاب طفلة من قبل القوات السودانية في 28 مارس/ آذار 2022. ونتيجة لذلك، أُجبِرت عائلة الضحية على الفرار إلى منطقة أخرى، وقام والدها بتزويجها قسرًا من أحد أقربائها، خوفًا من وصمة العار.
كما وثّقت “مواطنة” في النصف الثاني من هذا العام، أن جنودًا سودانيين كانوا على متن مركبة عسكرية (تويوتا بيك أب) تعمدوا دهس صبي يبلغ من العمر 11 عامًا في إحدى القرى، بعد رفض السكان تجنيد أطفالهم في قوات التحالف.
وقد حرصت مواطنة لحقوق الإنسان، على إخفاء بيانات الضحايا حرصًا على سلامتهم.
وأضافت المتوكل: “يجب على الأمين العام للأمم المتحدة أن يعامل جميع أطراف النزاع بنفس المعايير. لا يوجد مبرر لشطب التحالف بقيادة السعودية والإمارات من قائمة العار، حيث يواصل انتهاكاته الجسيمة بحق الأطفال”.
تتجاوز حوادث العنف الجنسي ضد الأطفال الوضع الحالي للنزاع؛ لأنّها تؤثِّر على مستقبلهم. وبناءً على طبيعتها المروّعة وتأثيرها الشديد على مصالح الأطفال، حدّد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ستَّ انتهاكات جسيمة ضد الأطفال أثناء النزاع المسلح، بما في ذلك العنف الجنسي مثل الاغتصاب. وبما أنّ الإفلات من العقاب هو عامل رئيسي في استمرار العنف الجنسي ضد الأطفال، فقد أضاف مجلس الأمن، في قراره 1882 لعام 2009، هذا النوع من الانتهاك باعتباره محرِّكًا إضافيًّا لإدراج أطراف النزاع في التقرير السنويّ للأمين العام، عن الأطفال والنزاع المسلح. يُحظَر الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي حَظرًا مطلقًا، بموجب القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان في جميع الأوقات. وقد تُشكِّل أعمال العنف الجنسي جريمةَ حربٍ أو جريمةً ضدَّ الإنسانية، ولذلك يُوصَف العنف الجنسي في النزاعات المسلحة، مثل الاغتصاب في بعض الحالات، بأنه سلاح حرب و/ أو أسلوب من أساليب الحرب.