مواطنة تُطلق دراسة ميدانية في إطار العمل من أجل عدالة انتقالية لما بعد النزاع المسلح في اليمن
أطلقت مواطنة لحقوق الإنسان، الاحد 22 سبتمبر / أيلول 2024، دراسة ميدانية حول متطلبات الإصلاح المؤسسي لقطاعيّ الأمن والعدالة نحو عدالة انتقالية لما بعد النزاع المسلح في اليمن، وتهدف الدراسة التي أعدتها مواطنة إلى تحليل البيئة المؤسسية والقانونية الحالية لقطاعيّ الأمن والعدالة، وتحديد الاختلالات الهيكلية والقانونية والاجرائية التي أسهمت في ارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان وعززّت الإفلات من العقاب منذ اندلاع النزاع المسلح في سبتمبر / أيلول 2014.
وركزت الدراسة على البيئة المؤسسية والاختلالات الهيكلية والقانونية والعملياتية لقطاعي الأمن والعدالة في كلا من صنعاء وعدن وحضرموت والحديدة بالإضافة إلى محافظتيّ تعز ومأرب، بالنظر إلى كون جزء من هذه المحافظات هي مقرات حصرية للمحاكم والنيابات الجزائية، أو إلى تمايز القضاء الجزائي في كلا منها، وأخذت بالاعتبار توزع العينة لتشمل مناطق سيطرة أبرز أطراف النزاع بما في ذلك جماعة أنصار الله (الحوثيين) ومجلس القيادة الرئاسي والحكومة المعترف بها دوليا والمجلس الانتقالي الجنوبي، لتسليط الضوء على الاختلالات والقيود والممارسات التي فرضتها هذه الأطراف على أجهزة العدالة والأمن في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
وقد استندت الدراسة في نتائجها إلى معلومات ميدانية أولية لحالات ونماذج وقائع محددة لانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان حدثت خلال فترة النزاع على أيدي موظفي قطاعيّ الأمن والعدالة، و17 مقابلة فردية مع الضحايا وذويهم ممن تعرضوا لانتهاكات على يد هذه الأجهزة، و٦ مقابلات معمقة مع منظمات ذات صلة استعرضت تجارب هذه الجهات والتحديات التي تواجهها في العمل مع أجهزة الأمن والعدالة، بالإضافة إلى عدد من التقارير الوصفية والاجرائية الميدانية، و٤ جلسات نقاش بؤري لمختصين وأكاديميين وأعضاء نيابة وقضاة، ومسؤولين أمنيين سابقين، وممثليّ مؤسسات مجتمع مدني، بالإضافة إلى مراجعة السجلات والأدبيات ذات الصلة والأطر القانونية المنظمة لعمل هذه الأجهزة على مختلف المستويات، وقد تلقى الفريق الميداني لمواطنة من المحاميات والمحامين ورشة تدريبية لغرض جمع البيانات والمعلومات اللازمة لإعداد الدراسة في الفترة من 7- 11 يناير / كانون الثاني 2024.
قالت رضية المتوكل رئيسة مواطنة لحقوق الانسان ، إن هذه الدراسة تأتي ضمن الجهود التي تبذلها المنظمة لتوفير مدخلات سليمة يمكن البناء عليها والاسترشاد بها في تصميم برامج العدالة الانتقالية في مرحلة ما بعد النزاع المسلح في اليمن، والتي يمكن من خلالها تصحيح الاختلالات الجوهرية التي تسببت بتورط أجهزة الأمن والعدالة في ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، على نطاق واسع، بهدف العمل على معالجتها وضمان عدم تكرار الانتهاكات وتمكين هذه الأجهزة من النهوض بالأدوار والمسؤوليات المنوطة بها في حماية الحقوق وصونها، وتعزيز سيادة القانون والعدالة في مختلف الظروف والحالات.
وقد خلصت الدراسة في النتائج التي قدمتها إلى تحديد مجموعة الاختلالات التي يعاني منها قطاعي الأمن والعدالة على المستويين القانوني والمؤسسي، وعلى رأسها الاختلالات المتعلقة بالنطاق المحدود لالتزام اليمن بالاتفاقيات والصكوك الدولية المتعلقة بحقوق الانسان، والفجوات بين النصوص القانونية والممارسة، والتناقضات والاختلالات التي تعاني منها النصوص القانونية واللوائح المنظمة لعمل هذه الأجهزة، وقصور التشريعات اليمنية في بعض الجوانب، وضعف الحوكمة والإدارة الجيدة، والإشكالات الهيكلية والبنيوية، وضعف النيابات العامة أمام الأجهزة الأمنية، وضعف آليات الرقابة بنوعيها الداخلية والخارجية، وانقسام المنظومة العدلية بفعل النزاع، وضعف البنية التحتية المادية لقطاعيّ الأمن والعدالة وافتقارها للحد الأدنى من الخدمات الأساسية والتجهيزات الفنية، ونقص الموارد البشرية من القضاة وأعضاء النيابات والموظفين الإداريين، والافتقار للأجهزة الفنية المساعدة في تسيير عمل هذه الجهات كالطب الشرعي، ومحدودية الموارد المخصصة لهيئات الأمن والعدالة، بالإضافة إلى الممارسات والقيود المستحدثة التي فرضتها أطراف النزاع والنتائج التي تمخّضت عنها بما في ذلك تسييّس القضاء، وتفشي التعيينات القضائية دون مراعاة معايير الكفاءة والنزاهة والاختصاص، وغير ذلك من الاختلالات.
وقدمت الدراسة مجموعة من التوصيات التي يُمكن من خلالها وضع تصورات لإصلاح الاختلالات التي تعاني منها أجهزة الأمن والعدالة بما في ذلك توصيات متعلقة بالإصلاحات التشريعية، والتدابير المؤسسية وتدابير عدم التكرار، والقواعد الاجرائية، وأدوار المجتمع المدني في تعزيز سيادة القانون.
ودعت مواطنة لحقوق الإنسان، أطراف النزاع، والفاعلين ومؤسسات المجتمع المدني والإعلام والباحثين والمختصين إلى الأخذ بمضامين هذه الدراسة عند التعاطي مع الاختلالات التي تعاني منها أجهزة الأمن والعدالة، ورؤى إصلاحها بما في ذلك البرامج والخطط والسياسات المتعلقة بالإصلاح المؤسسي ككل ومؤسسات العدالة والأمن على وجه الخصوص، ضمن برامج العدالة الانتقالية في مرحلة ما بعد النزاع.