"رائحة البارود والدم ملأت أنفي"

لغم بشكل صخرة

November 27, 2024

في الساعة الثانية من بعد ظهر يوم 23 أبريل/ نيسان 2024، انفجر لغمٌ أرضي في منطقة جربان، مديرية بيحان، محافظة شبوة، متسببًا في إصابة طفلين إصاباتٍ بليغة. حيث أصيب الطفل أحمد علي العواضي (14 سنة)، ببترٍ في يده اليمنى ورجله اليمنى أيضًا، وتلف كامل لعينه اليسرى، وشظايا في جمجمته، بينما أصيب الطفل ليث ناصر سالم العواضي (15 سنة)، بشظايا في الرأس.

يروي الطفل ليث -الذي كان أخف ضررًا من أحمد- تفاصيل ما حدث، قال: كنت أنا وأحمد ومعنا عمنا ناصر عائدين إلى بيتنا من رعي الأغنام في ذلك الوقت، حيث كنا قريبين من البيت ولا يفصلنا عنه سوى الوادي عبر الطريق الذي نمرُّ منه كل يوم حين نذهب ونعود من رعي الأغنام.  

كان الماء ما يزال يجري في الوادي بعد الأمطار، حينها كان أحمد يمشي أمامي والغنم تسير أمامنا، بينما كان عمي ناصر يتبعنا في الخلف، ما إن وصلنا إلى الوادي حتى وتوقفت الأغنام لتشرب من الماء.. نزل أحمد أيضًا ليشرب من الماء ويغسل وجهه، وتبعته أنا لأشرب.. رأي أحمد تحت الماء جسمًا أسود طويلًا يشبه الحجر به رأس صغير، وحين هَمَّ بالمشي داست قدمه على ذلك الجسم (اللغم) لينفجر في الحال، ودفعني الانفجار إلى الخلف وسقطت على ظهري، شعرت بالدوار والألم في رأسي، وبعدها لم أشعر بشيء، وعندما افقت وجدت نفسي في المستشفى مع أحمد الذي أصيب بجروح بالغة في يده ورجلهِ وفقد إحدى عينيه. رائحة البارود والدم ملأت أنفي، وصوت الانفجار صمَّ أذني.. قال لي الأطباء في المستشفى إن هناك شظايا في رأسي من جرّاء الانفجار ولا يستطيعون عمل شيء لإزالتها!

أما أحمد فقد كانت نصف يده ورجله من تحت الركبة مبتورتين، ووجهه مصابٌ بشظايا، كانت عينه قد فُقئت بسبب شظية دخلت فيها، ليتم إسعافُه في ذلك الوقت إلى مدينة عتق، بينما بقيتُ في المستشفى إلى بعد المغرب، وبعد أن عالجوني في المستشفى عدت إلى البيت".

  قال والد أحمد: كانت تلك اللحظات المؤلمة صدمة لأهالي بيحان، ستظل صدمة هذا الحادث تلقي بظلالها علينا لفترة طويلة، لكننا سنتجاوزها بإرادتنا القوية وتماسكنا العائلي؛ معنا الله، وحسبنا الله ونعم الوكيل على من زرع الألغام، ليكون حصادها إعاقاتٌ أبدية لفلذات أكبادنا...".

تعد مخاطر الألغام في مديرية بيحان خطرًا حقيقيًا على البشر والحيوانات والأراضي الزراعية والممتلكات الشخصية. تؤثر الألغام بشكلٍ خطير على حياة السكان المحليين، وتعرضهم للإصابة والموت، وتؤثر على التنوع البيولوجي والإنتاج الزراعي، وتتسبب في خسائر مالية كبيرة. إن استمرار حصد أرواح المواطنين بفعل الألغام يعد خطرًا يجب التخلص منه لضمان حياة الناس ومزاولتهم لحياةٍ طبيعية.

تطالب مواطنة لحقوق الإنسان كافة أطراف النزاع  بالتوقف الفوري عن زراعة الألغام بمختلف أشكالها، والبدء في خطوات جادة لتطهير الأماكن الملوثة بالألغام بما فيها المناطق التي شهدت هجرة للألغام بفعل السيول للحيلولة دون سقوط المزيد من الضحايا المدنيين، وتطالب المجتمع الدولي بتشكيل آلية تحقيق دولية ذات طابع جنائي تضمن محاسبة المُنتهِكين ومساءلتهم، والانتصاف للضحايا.