يجب إعادة المحاكمة أمام القضاء الطبيعي من أجل محاسبة المتورطين في قتل السنباني
قالت مواطنة لحقوق الإنسان، إنّ الحكم الهزيل، الصادر عن المحكمة العسكرية، في عدن، صباح الأربعاء، الموافق 11 أكتوبر 2023، والذي قضى منطوقه ببراءة أربعة من المتهمين، وإدانة خامس، في قضية مقتل عبدالملك السنباني (30 سنة)، في 8 سبتمبر/ أيلول 2021، بعد الاعتداء عليه، وتكبيل يديه وقدميه، بعد محاكمة، تفتقر للحد الأدنى من مبادئ المحاكمة العادلة، يساهم في تعزيز الإفلات من العقاب، ويشجّع على ارتكاب المزيد من الانتهاكات، التي تطال المدنيين، على يد العناصر المسلحة.
فبعد قرابة عامين، قضت المحكمة العسكرية الابتدائية، في محافظة عدن (جنوب اليمن)، ببراءة أربعة متهمين، فيما أدانت متهمًا خامسًا، حكمت بسجنه، مدة عام، مع وقف التنفيذ، مع دفع تعويض مالي، يقدر بأقل من ألفي دولار.
وكان عبدالملك السنباني (30 سنة)، قد قُتل على يد عناصر مسلحة تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، بعد توقيفه في نقطة (الفرشة)، التابعة لمديرية طور الباحة بمحافظة لحج، عند حوالي الساعة العاشرة، من صباح يوم الأربعاء 8 سبتمبر/ أيلول 2021، بينما كان في طريق زيارته لأسرته في صنعاء، بعد وصوله إلى مطار عدن الدولي، قادمًا من الولايات المتحدة الأمريكية، والتي كان يقيم فيها، منذ حوالي سبع سنوات.
وقالت رضية المتوكل، رئيسة مواطنة لحقوق الإنسان: "إنّ إسدال الستار، على قضية صدمت الشارع اليمني، وشغلت الرأي العام، بذلك الشكل الهزلي، تذكير إضافي، بالمدى الكارثيّ الذي بلغته تأثيرات الصراع في اليمن، على المؤسسات العدلية، وتعمد الأطراف تعطيلَها وتحويرها، ضدًّا على مسؤولياتها وواجباتها الأصيلة، لتحقيق العدل وإنفاذ سياد القانون". وأضافت المتوكل: " إنّ إصدار مثل هذا الحكم، من محكمة غير مختصة، يعكس مدى التهاون في حيوات الأفراد وحقوقهم، ويعزز سياسة الإفلات من العقاب، ويفتح بابًا واسعًا، لارتكاب المزيد من الانتهاكات الخطيرة".
وعلى امتداد سنوات الحرب، وثّقت مواطنة، ارتكاب نقاط التفتيش، التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، المنتشرة على امتداد الطرقات البرية، الرابطة بين المحافظات اليمنية، لأنماط عديدة من الانتهاكات، بحق المسافرات والمسافرين، من المدنيات والمدنيين، بما في ذلك: الاحتجاز التعسفي، والابتزاز المالي، والمنع من المرور، وصولًا إلى القتل.
وكانت تشكيلات مسلحة، تابعة للمجلس الانتقالي، في محافظة لحج، قد رفضت تسليم المتهمين بقتل السنباني، للنيابة العامة، وعوضًا عن ذلك، تم إحالة المتهمين لمحاكمة عسكرية، بدلًا عن تسليمهم للجهات القضائية المختصة، رغم أنّ التشكيلات المسلحة، التابعة للمجلس الانتقالي، مستقلة عن القوات المسلحة الرسمية، وبالتالي، فهي لا تخضع للقضاء العسكري القائم، والذي تنحصر ولايته، على منتسبي القوات المسلحة الحكومية.
يُعدّ حَقَّا الحياة والأمن من الحقوق الأصيلة للأفراد التي كفلتها مختلف القوانين الوطنية والدولية، والتي لا يجوز مصادرتها أو المساس بها في مختلف الحالات، ولا تبررها الظروف الاستثنائية كالحرب والطوارئ، كما أنّ حق الأفراد في التنقل والحركة أحد الحقوق الأساسية التي كفلها القانون الدولي لحقوق الإنسان، والذي يستمر سريانه في فترات النزاع المسلح؛ إذ ينـص الإعلان العالمـي لحقـوق القانـون -صراحةً- على حـق الفـرد فـي التنقـل وحريـة اختيـار محـل إقامتـه داخـل حـدود الدولـة.
ودعت مواطنة لحقوق الإنسان، مجلس القضاء الأعلى في عدن، إلى إعادة النظر في الحكم الصادر؛ لمخالفته القوانين الوطنية النافذة، وصدوره من محكمة غير مختصة، ولما يمثله من استهتار بحياة المدنيين، وإعادة المحاكمة أمام القضاء الطبيعي، وفقًا للقانون، وطبقًا لما ترتبه أنماط المسؤولية المختلفة، وبما يعزز المحاسبة، وإيقاع الجزاء اللازم بحق الجناة.
صباح الأربعاء، الموافق 11 أكتوبر 2023، أصدرت المحكمة العسكرية، حكمها في قضية الشاب عبدالملك السنباني (30 سنة)، والذي قُتل على يد عناصر مسلحة تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، بعد توقيفه في نقطة (الفرشة)، مديرية طور الباحة، بمحافظة لحج، صباح يوم الأربعاء، 8 سبتمبر/ أيلول 2021.
من خلال منطوق الحكم، يتضح أنّ المحكمة العسكرية، تعاملت، مع جريمة القتل، التي تمت بعد الاعتداء على الضحية، وتكبيل يديه وقدميه، كما لو أنها مخالفة مرورية، كسر فيها سائق، بالخطأ، إشارة جولة كالتكس، وبالمثل كانت جلسات المحاكمة، التي قاطعتها أسرة الضحية، بعد أن رفض المجلس الانتقالي إحالةَ ملف القضية، إلى النيابة الجزائية والقضاء الطبيعي، وعوضًا عن ذلك، سلّم المتهمين إلى النيابة العسكرية، ثم المحكمة العسكرية، من أجل حماية المتهمين من المحاسبة، طبقًا لمحددات العدالة والقوانين النافذة.