تهديد متصاعد لحقوق الإنسان والسلام في اليمن
قالت مواطنة لحقوق الإنسان، في بيان لها اليوم، إن الأنباء المتواترة بشأن قرار مُرتقب لإدارة بايدن يقضي برفع الحظر المفروض على مبيعات الأسلحة الأمريكية للأسلحة الهجومية إلى المملكة العربية السعودية، بعد ثلاثة أعوام من اتخاذ قرار الحظر في 4 فبراير/ شباط 2021، يعد خطوة غير مسؤولة تطلق العنان للتدفق غير المقيد للأسلحة لبلد متهم بارتكاب جرائم دولية بما في ذلك جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في اليمن. وعلى امتداد نحو عقد كامل من عمر الصراع لم يتخذ التحالف بقيادة السعودية والإمارات أي خطوات جدية لجبر ضرر الضحايا من المدنيات والمدنيين وأي خطوات جدية لمحاسبة المسؤولين عن أي من هجمات التحالف التي طالت المدنيات والمدنيين، أو الأعيان المدنية، أو مرافق البُنية التحتية، أو غيرها من انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها قوات التحالف خلال عملياتها في اليمن، منذُ بدء تلك العمليات في 26 مارس/ آذار 2015.
وأضافت مواطنة، أن توقف العمليات العسكرية التي ينفذها التحالف بقيادة السعودية والإمارات في اليمن منذ مطلع أبريل/ نيسان 2022، لا يعد سببًا كافيًا لاستئناف تصدير الأسلحة للسعودية ودول التحالف الأخرى؛ وذلك لأن السماح باستئناف تصدير الأسلحة إلى الدول بما في ذلك السعودية والإمارات يجب أن يستند إلى إثبات حسن سلوك هذه الدول في استخدام الأسلحة لأغراض مشروعة، وإلى خطواتها الجدية لجبر ضرر ضحايا انتهاكاتها، ومحاسبة المسؤولين عن ارتكابها، ولضمانات عدم تكرارها، وليس بالاستناد إلى توقف العمليات العسكرية التي تشنها فقط كما هو حال السعودية في اليمن، كونها أثبتت عدم التزامها باستخدام هذه الأسلحة وفقا للضوابط والقواعد المشروعة، وسبق لها استخدامها في ارتكاب انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان على نطاق واسع، مما يثبت أنماط سلوك هذه الدول في استخدام الأسلحة التي تحصل عليها، وبالتالي يمثل سبباً كافيا لحظر صادرات الأسلحة إليها.
وقالت رضية المتوكل، رئيسة مواطنة لحقوق الإنسان: "في كل يوم، يزداد تورط الولايات المتحدة الأمريكية في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المرتكبة في مختلف بلدان النزاع عامةً وفي اليمن تحديدا". وأضافت المتوكل: "في الوقت الذي تشهد فيه المنطقة تصعيداً يهدد الاستقرار الٌإقليمي والدولي، فإن سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تغذي الصراعات في المنطقة وتعمق الأزمة الإنسانية فيها، كما يشير بشكل واضح إلى عدم اكتراث السياسة الأمريكية بالاستقرار الأمني للمنطقة".
ودعت رئيسة مواطنة، كافة المؤسسات والأصوات الفاعلة داخل الولايات المتحدة الأمريكية إلى "العمل على منع استئناف تصدير الأسلحة الأمريكية بأنواعها إلى السعودية؛ لأن كافة الأسباب التي قامت عليها مطالب وقفها والتي أدت إلى تعليقها سابقاً لا زالت قائمة، وأن التغيير الذي طرأ فقط في المزاج السياسي لدى إدارة بايدن التي تراجعت على مدى أربع سنوات عن وعودها الانتخابية الخاصة باليمن، والسلام وحقوق الإنسان".
في الفترة من 26 مارس/ آذار 2015 حتى توقف الغارات الجوية للتحالف في مطلع أبريل/ نيسان 2022، وثقت مواطنة لحقوق الإنسان، ما لا يقل عن 1026 غارة جوية نفذتها قوات التحالف بقيادة السعودية والإمارات، وأسفرت عن مقتل 3599 مدنيًا، بينهم 493 امرأة و 1201 طفل، وإصابة 3622 مدني، بينهم 459 امرأة و 711 طفلا، في مختلف مناطق اليمن، وتسببت بأضرار واسعة للبنية التحتية والأعيان المحمية، بما في ذلك المدارس والمستشفيات والجسور والمنازل والمواقع الأثرية والتاريخية، حيثُ استخدمت في عدد كبير من هذه الهجمات أسلحة أمريكية الصنع، منها أسلحة صنعت في شركات لوكهيد مارتن و رايثيون وبوينغ وغيرها.
وفي الوقت الذي تواصل فيه قوات التحالف بقيادة السعودية والإمارات، دعم عدد من التشكيلات المسلحة المحلية، في مختلف مناطق اليمن، والتي لا زالت تواصل ارتكاب انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، مما يشير إلى أن قوات التحالف بقيادة السعودية والإمارات، لا زالت مُنخرطة في النزاع، وفي انتهاكات حقوق الإنسان، من خلال الأطراف المحلية، وهو دعم قد يهدد باستئناف العمليات العسكرية في اليمن، وارتكاب انتهاكات جديدة لحقوق الإنسان أو القانون الدولي الإنساني أو المساهمة في زعزعة الاستقرار في اليمن.
وعلاوة على تعارض قرار رفع الحظر مع القواعد الدولية المنظمة لتجارة الأسلحة، والتي تنص على حظر توريد الأسلحة للدول المتورطة بارتكاب انتهاكات لاتفاقيات جنيف والقانون الدولي الإنساني، فإن قرار إدارة بايدن برفع الحظر عن تصدير الأسلحة الهجومية إلى السعودية، بعد سلسلة من الخطوات العملية التي اتخذتها إدارة بايدن في نفس الاتجاه، يناقض القانون الأمريكي الذي ينص على أنه يتعين على الحكومة مراقبة الأسلحة الأمريكية المنقولة إلى دول أخرى، لضمان الامتثال للشروط المتفق عليها فيما يتعلق باستخدامها وحراستها، ويمنع نقل الأسلحة إلى دول ثالثة لا تتعقب ما إذا كانت الأسلحة الأمريكية تستخدم لإيذاء المدنيين أو انتهاك القانون الدولي، ويتعارض مع سياسة نقل الأسلحة التقليدية للولايات المتحدة الأمريكية التي تنص على منع عمليات نقل الأسلحة التي قد تساهم بطريقة أو بأخرى في انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، وتأخذ في الاعتبار ما إذا كانت عملية نقل الأسلحة لإحدى الدول قد تترتب في المساهمة في عدم الاستقرار أو الاستبداد أو القمع العابر للحدود الوطنية (المساهمة في إفلات قوات الأمن من العقاب) أو تقويض الحكم الديمقراطي أو سيادة القانون، وهي السياسة التي ما زالت تنتهجها قوات التحالف في اليمن حتى اللحظة.
يذكر أن فريق الخبراء الدوليين والإقليميين البارزين بشأن اليمن أكد في تقاريره الأربعة (2018-2021) تورط قوات التحالف بقيادة السعودية والإمارات بارتكاب انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني، بما في ذلك جرائم دولية محتملة، كما أكد أن الدول الثالثة المستمرة في تصدير الأسلحة إلى الدول المشاركة في النزاع في اليمن -بما في ذلك دول التحالف- يسهم في إدامة الصراع ويحول دون تحقيق السلام، ويرقى إلى درجة المساعدة على الأفعال غير المشروعة.
ودعت مواطنة في بيانها الولايات المتحدة الأمريكية إلى الالتزام بالقواعد المنظمة لتجارة ونقل الاسلحة وفقًا للقانون الأمريكي والقوانين الدولية، والتراجع عن قرار رفع الحظر المتوقع، الذي يعزز سياسة الإفلات من العقاب، ويشجع على الاستمرار في ارتكاب انتهاكات القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان. كما دعت المجتمع الدولي إلى اتخاذ خطوات حقيقية لمساءلة المتورطين في ارتكاب الانتهاكات بما في ذلك الدول والشركات المصنعة للأسلحة والخدمات العسكرية، والذي من شأنه وضع حد لارتكاب الانتهاكات والفظائع حول العالم، ويؤسس لالتزام حقيقي ومسؤول تجاه الالتزام بمبادئ حقوق الإنسان وصونها.
تقرير يوم القيامة
تقرير عدنا إلى الصفر