انتهاك الطفولة والمستقبل
عند قرابة الساعة 5:00 من مساء يوم السبت، 30 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019 م، كان الطفل خليل محمد الهديبي (13 سنة)، برفقة عمه على متن شاحنة تحمل صهريج مياه (قلَّاب)، في وادي يفعان، عزلة يفعان، مديرية ذي ناعم، محافظة البيضاء، لحظتها انفجر لغم أرضي زرعه مقاتلو جماعة أنصار الله (الحوثيين) على جانب الطريق، وقد انفجر في الجزء الأيسر من "القلاب"، وهي الجهة التي كان يجلس فيها خليل.
أدى الانفجار إلى إصابة خليل بإعاقة دائمة؛ بُتر كعب قدمه اليسرى، وإصبع قدمه اليمنى مع كسرٍ في الساق اليمنى. تقول والدة الضحية، السيدة نبات المعمري (37 سنة): "ابني خليل يظل ملازمًا لعمه؛ كون والده مغتربًا في السعودية، وقد سُجن نتيجةَ خلافٍ مع كفيله، ومن ذلك الحين وعم ابني متكفل بعائلتي، وفي يوم الواقعة ذهب خليل كعادته مع عمه على متن "الوايت" لسقي مزارع الذرة في وادي يفعان (مديرية ذي ناعم)، وفي طريقهم انفجر بهم لغم أرضي زرعته جماعة أنصار الله (الحوثيين)، الذين قاموا بزراعة الألغام في كثير من الأماكن في القرية منذ سيطرتهم عليها قبل أكثر من سنتين".
تتابع: "عندما انفجر اللغم في ذلك اليوم تضرر إطار القلّاب من الجهة التي كان يجلس فيها ابني، وقد أطالت أضرار الانفجار ابني خليل فقط، كونه كان جالسًا في النصف المتضرر من المركبة؛ لقد بُتر كعب قدمه الأيسر، وكُسرت ساق قدمه الأيمن، وأيضا قطعت الأصبع الكبيرة من القدم الأيمن، عندها قام عمه (محمد الهديبي – 55 سنة)، باسعافه مباشرة إلى مستشفى الثورة العام في مركز محافظة البيضاء".
تكمل: "حين أتاني النبأ، صرت كالمجنونة، وانطلقت إلى المستشفى، وعند وصولي أخذت أحتضن ابني، بينما هو كان يبكي ويردد "لقد قُطعت أقدامي يا أمي.. أنا أتألم جدًا"، كان يبكي ويصرخ صرخات مؤلمة، وبعد ذلك أجريت له العديد من العمليات.. كانت ظروفنا صعبة وقاسية، وتكاليف المستشفى كانت باهظة رغم أنه مستشفى حكومي".
تستطرد: "مكثنا في المستشفى مدة شهر و10 أيام، كنا نعود إلى المستشفى بين حينٍ وآخر، وأجريت له فحوصات -بعد أن تحسنت حالته- في صندوق رعاية وتأهيل المعاقين في مركز محافظة البيضاء، ومنحوه طرفًا صناعيًا للقدم اليسرى، لكنه حاليًا أصبح غير مناسب لقدمه كونه في مرحلة نمو، ويحتاج طرفًا أطول؛ نحن ننتظر الفرصة المناسبة لتتحسن أوضاعنا، لنُغيِّر له طرفًا آخر".
منذئذٍ والطفل خليل يكابد مشقة العيش بإعاقة دائمة، وقدمٍ مبتورة، وطرفٍ صناعي لم يعد يفي بالغرض، يلازمه شعور دائم أن الحرب انتهكت طفولته ومعها أحلامه ومستقبله.
تطالب مواطنة لحقوق الإنسان جماعة أنصار الله “الحوثيين" بالوقف الفوري لزراعة الألغام بأنواعها المختلفة، وتسليم خرائط الأماكن الملوثة بالألغام والعمل على تطهيرها للحد دون سقوط المزيد من الضحايا المدنيين ، وتأمين حياة السكان العائدين إلى مناطقهم وبيئاتهم الأصلية، كما تدعو مواطنة المجتمع الدولي لاتخاذ خطوات فعالة للضغط على الجماعة للتوقف عن سلوكها في زراعة الألغام والإسراع في تطهير الأماكن الملوثة، وتشكيل آلية تحقيق دولية ذات طابع جنائي تضمن محاسبة المُنتهِكين ومساءلتهم، والانتصاف للضحايا.