مواطنة تبدأ حملة “رمضانهم بين أهلهم”
للسنة السابعة، يأتي شهر رمضان، بينما مئات الأسر اليمنية تعيش عذابات تذكُّرِ أحِبّائها المحتجزين أو المغيبين على ذمة النزاع. وفي الطرف الآخر، تعيش قيادات الأطراف المنتهِكة -على تعددها- في حالة من اللامبالاة والإنكار، من أنهم بين أسرهم في رغد من العيش، ولا يُقِرّون بهذا الحق لمن يحتجزونهم.
ومع بداية شهر رمضان، تُطلق مواطنة لحقوق الإنسان حملة “رمضانهم بين أهلهم”، التي من شأنها تسليط الضوء على معاناة هؤلاء المحتجزين تعسفيًّا والمختفين قسريًّا، والظلم الواقع عليهم، ومعاناة أسرهم التي تقع كثيرٌ منها بين فكّي كماشة؛ الحرب واحتجاز مُعيلها، فضلًا عن الأوقات الطويلة من الوعود الكاذبة للأطراف، والترقب والشوق والحنين.
تستمر الحملة طيلة شهر رمضان، وتنشر خلالها مجموعة من المواد البصرية التي تركّز على الهُوية الشخصية لضحايا الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري، في أقبية جماعة أنصار الله (الحوثيين)، الجماعات المسلحة المدعومة إماراتيًّا، وتحديدًا قوات المجلس الانتقالي الجنوبي والقوات المشتركة، وكذا القوات والجماعات التابعة للحكومة المعترف بها دوليًّا، ومن ضمنها الجماعات المحسوبة على حزب الإصلاح.
وتُذكّر مواطنة -في بداية هذه الحملة- أن الأمر لا يحتاج إلى حسابات معقدة، لتسأل قيادات الأطراف نفسها، كيف لهم أن يقعدوا على طاولة السحور والإفطار بين أطفالهم، دون مراجعة للنفس أو وخزٍ في الضمير، بينما هناك أشخاص وأسر رهن المعاناة الرهيبة تحت مسؤولياتهم، ممن صارت أيامهم ضربًا من الترقب والانتظار. هذه الحملة لتذكير البقية الباقية من الإنسانية في الضمير الفردي والجمعي للأطراف المتعددة في هذا البلد وقادتها، لتحسس ما في ضمائرهم من تقريع أو عذاب.
فبينما يشعر قادة الأطراف بالحب والترحاب وهم يترقبون قدوم أيام الشهر الكريم، وربما أتيحت الفرصة لأخذ أسرهم في نزهة أو التسوق وشراء حاجيات الصيام، وتوديع أيام الإفطار بمآدب طعام زاخرة، يتوجب عليكم -كقيادات بيدها مصائر آلاف الناس- عدم نسيان من تحتجزونهم تعسفيًّا وتخفونهم قسريًّا فقط لأنهم لا يتفقون مع ما أنتم عليه من سلطة، والأنكى من ذلك أنكم لا تعرفون، في الأغلب الأعم، لماذا تحتجزونهم أصلًا، سوى غياب سيادة القانون وغيبوبة الضمائر، كغطاء لهذه الانتهاكات المخزية والمنتقِصة للإنسانية.
سيأتي الشهر الكريم، ومنازل قادة الأطراف عامرة، والأضواء تزين سقوفها وأقواسها، وأينما كنتم على موائدكم تنتظرون أذان المغرب أو في أعمالكم، لكم في النهاية حق اختيار الطعام الذي ستتناولونه، وقد يخطر ببالكم أن تقوموا بمكالمة لأحد أبنائكم لتخصّوهم بالعناية والاهتمام. تفاصيل الحياة العادية يجب أن نعيشها على حد سواء، إن لم يكن هناك من مسوغ قانوني يحول دونها، لكنكم -كقادة أطراف- تمنعون كلَّ هذا عن يمنيين آخرين، كما لو أنكم لا تمتلكون المشاعر نفسها، أو تقرروا للآخرين لحظات لا ترتضونها -بدون شك- لأنفسكم وأحبائكم.
تقول رضية المتوكل، رئيسة مواطنة لحقوق الإنسان: “نؤمن بأن كلَّ محتجزٍ تعسفيًّا أو مختفٍ قسريًّا، يستحق رمضانًا مختلفًا، لا حرية مسلوبة فيه ولا قضبان، لا ظُلمة ولا ظالم”.
ومع أن مواطنة لحقوق الإنسان تشيد بكل الجهود المبذولة مؤخرًا في سبيل إطلاق سراح ما يقارب من 2200 محتجز، تأمل أن تتم هذه الصفقة قبل قدوم شهر رمضان، وبما يخفف الألم عن هؤلاء الضحايا وأسرهم، ويعيد البهجة المستلبة إلى منازلهم.
وتدعو “مواطنة” لأن تكون هذه الإفراجات غير مشروطة، حتى لا يترتب عليها انتهاكات جديدة للمحتجزين وأسرهم. فخلال السنوات الماضية تضمنت صفقات تبادل المحتجزين قيودًا، طالت من لا تنطبق عليهم شروط محتجزي الحرب، ما حرمهم ميزة اعتبارهم مدنيين (محميين بشكل كامل)، وتقرير مصيرهم على النحو الذي يريدونه.
فكثير من المدنيين الذين ضمّتهم أطراف النزاع إلى لوائح صفقات التبادل، تم ترحيلهم قسرًا عن مناطق عيشهم وسكنهم. هذا الأمر انتهك حقهم في السفر والوصول، وفرّق شملهم مع أسرهم، إلى جانب إبعاد بعضهم عن مصالحهم وأعمالهم السابقة ومصادر رزقهم.
مع ذلك، فإن العديد من المدنيين المحتجزين لم تشملهم أي صفقات تبادل، ولا يزالون يرزحون في عذاباتهم خلف جدران مظلمة، إذ لطالما ظل ملف المحتجزين تعسفيًّا والمختفين قسريًّا من أقسى الملفات الذي تشاركت في صناعته جميع أطراف النزاع.
يجب أن يتم إطلاق سراح كل المحتجزين والكشف عن مصير جميع المختفِين، فورًا، دون قيد أو شرط، لينالوا حريتهم المكفولة ويقضوا رمضانهم بين أهلهم.