قربانُ الفُرَقاء في مذبح الحرب
قالت مواطنة لحقوق الإنسان، في بيانٍ لها اليوم، بالتزامن مع اليوم العالمي لحرية الصحافة، الذي يصادف الثالث من مايو/ أيار من كل عام، أنّ سلوك القمع والانتهاكات بحقّ الصحفيين، منذ بداية النزاع المسلح في اليمن في سبتمبر 2014، ما زال مستمرًّا ومتفاقمًا بعد أن أصبحت مهنة الصحافة رديفًا للتهمة في تصورات أطراف الصراع المختلفة، حيث وثقت مواطنة، منذ بداية الحرب، 63 واقعة انتهاك، طالت صحفيين يمنيين، من بينها وقائع احتجاز تعسفي، واختفاء قسري وتعذيب، وإصدار أحكام إعدام في حقّ عددٍ من الصحفيين في مناطق سيطرة جماعة أنصار الله (الحوثيين).
قالت رضية المتوكل، رئيسة مواطنة لحقوق الإنسان: "ليست حرية الصحافة محض حقٍّ من حقوق الإنسان وحسب، بل هي قوام النزاهة والرقابة العامة في أيّ مجتمعٍ ديمقراطي، من حيث كونها تعزّز المساءلة والشفافية، وتتيح تدفق المعلومات بحرية، وتساهم في بناء رأي عام واعٍ ومدركٍ للوجهة التي يسير فيها، ولا سيما أنّ العالم يشهد إرهاصًا معلوماتيًّا غير مسبوق، يواكبه تعدّدٌ في وسائط المعرفة ووسائل الإعلام، لكنها في المقابل لم تبرأ من لوْثة التضليل والإشاعات، عن عمدٍ تارة، وعن جهلٍ تارة أخرى".
وأضافت رضية المتوكل: "منذ نحو عقد، يكابد الصحفيّون في اليمن واقعًا لم يسبق له مثيل منذ إعلان قيام الجمهورية اليمنية، ترافقًا مع اندلاع الصراع الذي يدخل عامه العاشر، والذي اتسم بالقمع والتنكيل وخنق مساحة الحريات إلى أضيق الحدود، تعرض فيه الصحفيون لجُملة من الانتهاكات، وصلت غير مرّة إلى الاستهداف المباشر والقتل، إلى الحدّ الذي أصبح فيه نسبة معتبرة من الصحفيين المستقلين يتوارون في الإفصاح عن مهنتهم خشية البطش أو الرقابة".
وكانت مواطنة قد أصدرت تقريرًا بعنوان "صحافة اليمن تواجه خطر الاجتثاث: الصحفيون يحتاجون إلى الدعم"، شمل عددًا من وقائع الانتهاكات التي ارتُكِبت في حق الصحفيين من قبل أطراف الصراع في اليمن.
وقد أفضى الخصام السياسي لدى أطراف الصراع، إلى جعل الحقيقة ضحيةً أخرى للصراع الذي تطور حاملًا معه الصراع الميداني إلى صراع موازٍ في حقل الصحافة التي انزلقتْ -بفعل الواقع الطارئ- بعيدًا عن مهمتها الحقيقية، حيث أدَّى الصراع والاستقطاب السياسي إلى حرْف بوصلة الأداء المهني للصحافة اليمنية، التي تحوَّلت إلى متغيرٍ تابع لمزاج النخبة السياسية، وأصبحت أداةً مرنة للتحريض والقمع، والتضليل؛ الأمر الذي جعل الحقيقة مشوهة وبعيدة عن الواقع.
واليمن طرف في سبعٍ من المعاهدات الدولية الأساسية التسع لحقوق الإنسان، بما في ذلك الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية، التي تضمن في المادة 19 الحقَّ في اعتناق الآراء دون تدخل، وفي حرية التعبير، وبصفتها طرفًا في تلك الصكوك، فاليمن ملزمة قانونيًّا باحترام وحماية وإِعمال حقوق الإنسان للأشخاص الخاضعين لولايتها.
تجدّد منظمة مواطنة لحقوق الإنسان، تأكيدها الدائم على ضرورة نزع القيود التي تكبِّل الصحفيين والصحفيات، وتمنعهم من أداء واجبهم في نقل الحقيقة دون خوفٍ من سوط الرقيب ومزاجه العنيف، وخلق بيئة إعلامية حُرّة ونزيهة، تساهم في بناء مستقبل أفضل للجميع، كما طالبت المنظمة جميعَ أطراف الصراع في اليمن، بالكف عن سلوك القمع والانتهاكات بحق الصحفيّين، وإطلاق سراح جميع الصحفيين المحتجزين تعسفيًّا والمختفِين قسرًا.