مُعاناة مستمرة

سبعة أعوام على تفاقم النزاع في اليمن وبدء التحالف عملياته العسكرية

March 26, 2022

قالت مواطنة لحقوق الإنسان، إنه يتعين على أطراف النزاع في اليمن وقف ارتكاب الانتهاكات والاعتداءات الجسيمة بحق المدنيين والأعيان المدنية، بما فيها استهداف المنشآت الطبية. وذلك في بيان نشرته اليوم تزامنًا مع الذكرى السابعة لبَدْء تنفيذ العمليات العسكرية للتحالف بقيادة السعودية والإمارات في اليمن، حيث يشهد البلد مع كل عامٍ جديد للنزاع تكريسًا لسياسة الإفلات من العقاب.

منذ 26 مارس/ آذار 2015، تقود السعودية والإمارات تحالفًا عسكريًّا ضد جماعة أنصار الله (الحوثيين) التي استولت، مع وحدات عسكرية موالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح، على العاصمة اليمنية صنعاء في 21سبتمبر/ أيلول 2014 بقوة السلاح.

وبعد انقضاء سبع سنوات من عمر الحرب في اليمن، تواصِل مواطنة لحقوق الإنسان توثيق انتهاكات واعتداءات أطراف النزاع في اليمن، بما فيها قوات التحالف بقيادة السعودية والإمارات، والقوات والجماعات المسلحة المدعومة إماراتيًّا، وقوات جماعة أنصار الله (الحوثيين)، وقوات الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًّا.

في أكتوبر/ تشرين الأول 2021، صوّت مجلس حقوق الإنسان لإنهاء ولاية فريق الخبراء البارزين المعني باليمن (GEE) في دورته الـ48، ليبدو النضال الحقوقي في سبيل تحقيق المساءلة والإنصاف أكثر تحدّيًا في بيئة دولية مليئة بالعقبات أمام فرص تحقيق العدالة.

تدعو ”مواطنة” الجمعيةَ العامة للأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان إلى إنشاء هيئة مستقلة ومحايدة يمكن أن تحقق في أشدّ الانتهاكات والإساءات خطورةً المنصوص عليها في القانون الدولي، المرتكبة في اليمن، وأن ترفع تقارير علنية حولها، وفي الوقت نفسه، أن تعمل أيضًا على جمع وحفظ الأدلة وإعداد الملفات للمقاضاة الجنائية الممكنة في المستقبل.

أضحت حياة ملايين اليمنيين في جميع أنحاء اليمن جحيمًا مستعرًا نتيجة مُضيّ أطراف الحرب في ممارساتها اللاإنسانية، وارتكابها انتهاكات جسيمة بحقهم. كما لم تقم أطراف النزاع في اليمن بأيٍّ من التزاماتها بحسب القانون الدولي لجبر الضرر والتعويضات عن الانتهاكات التي ارتكبت خلال الفترة الماضية. لقد خلّفت هجمات أطراف النزاع المستمرة تأثيرًا مدمرًا على البنية التحتية المدنية الحيوية في كافة أنحاء البلاد. وخلال هذه الفترة المريرة يعاني المدنيون بشكل متواصل من النزوح الداخلي، والنقص الحاد في المشتقات النفطية، وانقطاع رواتب موظفي الخدمة العامة، ونقصان في الخدمات الأساسية بما فيها الرعاية الصحية والتعليم.

في 16 مارس/ آذار 2022، عقدت الأمم المتحدة -باستضافة من السويد وسويسرا- مؤتمرًا للمانحين في جنيف لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن، التي تقدّر احتياجاتها بنحو 4.3 مليار دولار أمريكي، وتهدف للاستجابة إلى تغطية احتياجات ما يقارب 17.2 مليون شخص من التغذية والرعاية الصحية والمياه والصرف الصحي والرعاية الصحية والتعليم في مختلف المحافظات اليمنية. تعهدت خلال المؤتمر 36 جهة بتقديم ما يقرب من 1.3 مليار دولار أمريكي فقط، وامتنعت الدول الأعضاء في التحالف بقيادة السعودية والإمارات عن تقديم أي تعهدات مالية خلال المؤتمر.

إن إعلان السعودية والإمارات الاكتفاء بما تم تقديمه نتيجة طبيعية لسياسة الإفلات من العقاب، ويشير بشكل واضح إلى سلوك أطراف النزاع في اليمن ورغبتها في التخلي عن مسؤوليتها ليست القانونية فحسب، بل والأخلاقية؛ لما ألحقته من دمار في هجماتها على الأعيان المدنية والبنية التحتية والأعيان التي لا غنى عنها للبقاء على قيد الحياة. وقد وثّقت ”مواطنة” في تقرير صناع الجوع كيف استخدم التحالف بقيادة السعودية والإمارات وأنصار الله (الحوثيون) التجويعَ كسلاح حرب خلال فترة النزاع المسلح.

قالت رضية المتوكل، رئيسة مواطنة لحقوق الإنسان: “على أطراف النزاع في اليمن مسؤولية حماية المدنيين والأعيان المدنية، كما أن تنصُّلها عن التزاماتها الأخلاقية لا تُسقِط مسؤوليتها القانونية في تقديم جبر الضرر والتعويضات عن الانتهاكات التي ارتكبتها طوال سنوات النزاع المسلح”.

خلال العام 2021، كثفت جماعة أنصار الله (الحوثيين) من هجماتها العسكرية على محافظة مأرب موطن المعارك العسكرية الأعنف، وفي منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، وجّه التحالف بقيادة السعودية والإمارات القوات المشتركة في الساحل الغربي بإعادة تموضع فصائله العسكرية من محافظة الحديدة في الساحل الغربي، والانتشار في ثلاث مديريات في محافظة شبوة الساحلية (جنوب اليمن)، وسرعان ما تبع ذلك التصعيد العسكري موجة جديدة من العنف في أجزاء مختلفة من البلاد.

ومنذ أواخر مارس 2015، وثّقت ”مواطنة” غارات جوية عشوائية وغير متناسبة نفّذها التحالف بقيادة السعودية والإمارات، أوقعت ضحايا مدنيين، بينهم أطفال ونساء، وألحقت أضرارًا جسيمة بالأعيان المدنية. كما وثّقت ”مواطنة” وقوع أضرار جسيمة على المدنيين والأعيان المدنية جراء الهجمات البرية في اليمن، بما في ذلك القصف العشوائي البري لأنصار الله (الحوثيين) وقوات التحالف والقوات الحكومية اليمنية المعترف بها دوليًّا على مناطق مكتظة بالسكان.

الهجمات الجوية

خلال السنوات السبع المنصرمة، شنّ التحالف بقيادة السعودية والإمارات مئات الغارات الجوية، ما أسفر عن مقتل وإصابة آلاف المدنيين وضرب البنية التحتية الحيوية بما فيها المستشفيات والمراكز الصحية، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني.

وقد وثقت “مواطنة” منذ مارس/ آذار العام 2015 وحتى مارس/ آذار 2022، ما لا يقل عن 822 هجمة جوية استهدفت مدنيين أو أعياناً مدنية، تسببت في مقتل 2304 مدنياً، من بينهم 331 امرأة و 875 طفلاً، وجرح 2331 مدنياً، بينهم 295 امرأة و 782 طفل. أتت الهجمات الجوية على أحياء سكنية وقرى وأسواق وجسور ومدارس ومنشآت خدمية وتجارية.

إن نتائج التوثيق التي خلصت إليها “مواطنة”، تبيّن أن بعض الهجمات العشوائية وغير المتناسبة التي نفّذها التحالف بقيادة السعودية والإمارات قد ترقى إلى جرائم حرب. على الرغم من ذلك، لا تزال عدد من الدول مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا مستمرة في تصدير الأسلحة وأشكالٍ أخرى من الدعم العسكري للتحالف بقيادة السعودية والإمارات؛ ما ساهم في إطالة أمد النزاع في اليمن، بالتوازي مع جهود تلك الدول لإعاقة جهود التحقيق والمساءلة الجنائية الدولية في اليمن.

وقد أطلقت ”مواطنة” في 14 ديسمبر/ كانون الأول 2021، بالشراكة مع الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان ومرصد الأسلحة ومركز الخليج لحقوق الإنسان ورابطة لحقوق الانسان، تقريرًا خاصًّا بعنوان “مبيعات الأسلحة: فرنسا والإمارات العربية المتحدة، شركاء في الجرائم المرتكبة في اليمن”. يهدف التقرير إلى شد انتباه المجتمع الدولي نحو حجم مبيعات الأسلحة الفرنسية لدولة الإمارات العربية المتحدة، والتي ترتكب انتهاكات جسيمة في اليمن، بشكل مباشر أو غير مباشر، عبر الجماعات المسلحة على الأرض التي تدعمها كالمجلس الانتقالي الجنوبي والقوات المشتركة في الساحل الغربي.

ويلزم القانون الدولي الإنساني الأطراف المتحاربة على التمييز بين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية، والتحقق من أن عملياته العسكرية المنفذة موجهة نحو أهداف عسكرية، والقيام بالتدابير اللازمة لضمان تخفيف الضرر الذي قد يُصيب المدنيين.

الهجمات البرية

على الأرض، وثّقت ”مواطنة” بصفة مستمرة قيام أطراف النزاع بإطلاق مقذوفات بشكل عشوائي وغير متناسب على مناطق آهلة بالسكان المدنيين. وقد نفّذت جماعة أنصار الله (الحوثيين) بشكل متكرر هجمات قصف على مناطق يمنية مكتظة بالسكان في أجزاء متفرقة من البلاد، وكان لها تأثيرٌ شديد بشكل خاص على محافظتي تعز ومأرب،حيث نفّذت الجماعة 19 واقعة قصف بري بصواريخ بالستية وقذائف على مدينة مأرب الآهلة بالسكان و النازحين منذ مارس 2021 حتى اليوم.

كما أقدمت قوات التحالف البرية أيضًا على شن هجمات برية عشوائية على مناطق آهلة بالسكان، وقصفت قوات حرس الحدود السعودي مُدنًا وقرى وأسواقًا يمنية متاخمة للحدود البرية بين السعودية واليمن. كما نفّذت قوات المجلس الانتقالي الجنوبي والقوات المشتركة في الساحل الغربي، المدعومتان إماراتيًّا، هجمات برية عشوائية أدّت إلى خسائر في أرواح المدنيين ودمّرت أعيانًا مدنية.

وثقت “مواطنة” منذ سبتمبر/ أيلول 2014، مع دخول أنصار الله (الحوثيون) صنعاء، وحتى مارس/ آذار 2022، ما لا يقل عن 742 هجمة برية عشوائية أودت بحياة 724 مدنياً، بينهم 310 طفلاً و 117 امرأة، وجرحت ما لا يقل عن 1758 آخرين، بينهم 729 طفلاً و 278 امرأة. تتحمل قوات التحالف والقوات المدعومة إماراتياً المسؤولية في 112 هجمة برية، فيما تتحمل جماعة أنصار الله “الحوثيون” المسؤولية في 430 هجمة برية، بينما تتحمل القوات الحكومية المعترف بها دولياً مسؤولية 94 هجمة برية.

ويحظر القانون الدولي الإنساني الهجمات العشوائية، بما في ذلك الهجمات التي تستخدم أسلحة لا يمكن توجيهها إلى هدف عسكري محدد.

تجنيد الأطفال

منذ تصاعد النزاع في مارس/ آذار 2015، وثّقت ”مواطنة” وقائع تجنيد أطراف النزاع في اليمن، لا سيما أنصار الله (الحوثيين)، للأطفال واستخدامهم في المهام الأمنية أو اللوجستية أو القتالية. ومنذ الفترة من مارس/ آذار 2015 وحتى مارس/ آذار 2022، ووثقت “مواطنة” 1501 واقعة تجنيد قامت بها جماعة أنصار الله “الحوثيون”، كما وثقت “مواطنة” ما لا يقل عن 380 واقعة تجنيد واستخدام لأطفال من قبل الجماعات المسلحة المدعومة إماراتياً، وبلغ عدد الوقائع التي وثقتها مواطنة 339 واقعة لأطفال جُنّدوا من قبل قوات الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً.

يحدد القانون الدولي سن 18 عامًا كحد أدنى لسنّ المشاركة في الأعمال العدائية المباشرة. كما يعد تجنيد واستخدام الأطفال دون سن 15 كمقاتلين جريمة حرب وانتهاك جسيم للقانون الدولي الإنساني.

الألغام

ومنذ الفترة من مارس/ آذار 2015 وحتى مارس/ آذار 2022، وثقت “مواطنة” ما يقارب 334 واقعة انفجار ألغام، راح ضحيتها 283 قتيلًا مدنيًا، بينهم 120 طفلًا، و 34 امرأة. كما جرح 477 مدنيًّا، بينهم 220 طفلًا و 87 امرأة. تتحمل جماعة أنصار الله (الحوثيين) مسؤولية زراعة هذه الألغام.

وتواصل الألغام منذ اندلاع النزاع حصد أرواح المدنيين وتتسبب في بتر أطرافهم، كما باتت تمثّل حالة هلع ورعب يوميّ للمدنيين والمدنيات، خصوصًا في المناطق الريفية. ويحظر القانون الدولي استخدام الألغام المضادة للأفراد؛ كونها لا تفرّق بين المدنيين والمقاتلين، كما أنها تُحدث إعاقات دائمة حتى بعد انتهاء النزاع.

الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري والتعذيب

وثّقت ”مواطنة” وقائع احتجاز تعسفي واختفاء قسري وتعذيب في سجون رسمية أو أماكن احتجاز غير رسمية أو سرية تديرها أطراف النزاع منذ بدء النزاع المسلح في اليمن، فضلًا عن تفشي الانتهاكات المرتبطة بالاحتجاز في جميع أرجاء اليمن.

خلال مارس/ آذار 2015 وحتى مارس/ آذار 2022، وثقت “مواطنة” 496 واقعة احتجاز تعسفي من بينهم عاملين صحيين و381 واقعة اختفاء قسري و187 واقعة تعذيب قام بها التحالف والقوات المدعومة إماراتياً. كما أقدمت جماعة أنصار الله “الحوثيون” في المحافظات التي تسيطر عليها على ارتكاب 1102 واقعة احتجاز تعسفي و 477 واقعة اختفاء قسري و 163 واقعة تعذيب، كما وثقت “مواطنة” 378 واقعة احتجاز تعسفي و132  واقعة اختفاء قسري و90  واقعة تعذيب وسوء معاملة نفّذتها قوات الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً.

يحظر القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني التعذيبَ وغيرَه من ضروب المعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة، كما لا يمكن تبريره تحت أي ظرف من الظروف. ويحظر القانون الدولي أيضًا الاختفاء القسري.

منع وصول المساعدات الإنسانية

وثّقت ”مواطنة” خلال الفترة من مارس/ آذار 2015 وحتى مارس/ آذار 2022، عشرات الوقائع التي ارتكبتها الأطراف المتنازعة حالت دون وصول المساعدات الإنسانية والاحتياجات الأساسية لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة.

وتتحمل جماعة أنصار الله “الحوثيون” المسؤولية عن 360 واقعة منع وصول مساعدات، وما لا يقل عن 25 واقعة منع وصول مساعدات إنسانية قامت بها التحالف بقيادة السعودية والإمارات والجماعات المسلحة المدعومة إماراتياً، كما تتحمل قوات الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً المسؤولية عن 25 واقعة.

لا يزال أنصار الله (الحوثيون) يغلقون المنافذ الشرقية لمدينة تعز. كما كان لإغلاق التحالف للموانئ الجوية والبرية والبحرية في اليمن تأثيرًا معيقًا لإيصال المساعدات الإنسانية، وكذلك على قدرة المدنيين على الحصول على الغذاء والدواء والوقود؛ وهي مقتضيات لا غنى عنها لبقاء السكان على قيد الحياة. في حين أن اليمن تعتمد بشكل كبير على السلع المستوردة. كما لا يزال التحالف والحكومة اليمنية مستمرة في إغلاق مطار صنعاء الدولي أمام الرحلات الجوية التجارية منذ 2016.

بموجب القانون الدولي الإنساني، يجب على أطراف النزاع تسهيل المرور السريع للمساعدات الإنسانية للمدنيين المحتاجين وعدم التدخل بشكل تعسفي فيها.

الاعتداء على مرافق الرعاية الصحية

طوال الفترة من مارس/ آذار 2015 وحتى مارس/ آذار 2022، وثّقت مواطنة لحقوق الإنسان وقائع اعتداء متكررة على المستشفيات والمراكز الصحية والطواقم الطبية بأنماط مختلفة من الانتهاكات، وبحسب الوقائع التي وثّقتها ”مواطنة” وبحسب الوقائع التي وثقتها “مواطنة” ارتكبت قوات التحالف بقيادة السعودية والإمارات 37 هجمة جوية وهجمة برية واحدة كما ارتكبت الجماعات المسلحة المدعومة إماراتياً 14 واقعة اعتداء على طواقم طبية واقتحام منشآت صحية ونهب معدات طبية. وتتحمل جماعة أنصار الله (الحوثيين) المسؤولية في 100 واقعة اعتداء على منشآت طبية، فيما تتحمل القوات الحكومة المعترف بها دولياً مسؤولية 63 واقعة.