شهادة شفوية أمام اللجنة القضائية بمجلس الشيوخ الأمريكي

بعد عشرين عامًا من بَدْء الولايات المتحدة عمليات القتل السرية وغير الخاضعة للمساءلة في اليمن في نهاية المطاف يجب على الولايات المتحدة أن تتغير نحو مسار تحترم فيه الحقوق.

February 9, 2022
Radhya Al-Mutawakel, the chairperson of Mwatana for Human Rights
Radhya Al-Mutawakel, the chairperson of Mwatana for Human Rights

للتحميل كنسخة PDF

9 فبراير/ شباط 2022

رضية المتوكل، رئيسة مواطنة لحقوق الإنسان

أعضاء اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ، أشكركم على دعوتي للتحدث إليكم جميعًا اليوم.

اسمي رضية المتوكل، وانضم إليكم من اليمن، بلدي، الذي يعرف اليوم بأسوأ أزمة إنسانية- من صنع الإنسان- في العالم.

أنا رئيسة مواطنة لحقوق الإنسان.

بالإضافة إلى جميع المخاطر التي يواجهها اليمنيون اليوم- من الضربات الجوية للتحالف الذي تقوده السعودية والإمارات، إلى القصف العشوائي من قبل أنصار الله- الحوثيين، وصولًا إلى التجويع- لا يزال اليمنيون يواجهون خطر قيام الولايات المتحدة بشن هجمات مميتة على أحبائهم باسم مكافحة الإرهاب.

أود أن أشارككم تأثير هذه الهجمات اليوم، بحسب تجربتي وما شهده الفريق الميداني. وثّقت لأول مرة النتائج المدمرة للعمليات الأمريكية في اليمن في العام 2013، حين وثقت مع عبد الرشيد الفقيه، المدير التنفيذي لمنظمة مواطنة تسع هجمات أمريكية أسفرت عن مقتل 26 مدنياً وإصابة 13 مدنياً بين عامي 2012 و2014.

استحضر حينها ما قاله لنا والد قُتل ابنه المدني في غارة أمريكية: “إنهم يقتلون فقط. إنهم لا يعرفون الخراب الذي أحدثته صواريخهم. إنهم غير مدركين للمعاناة التي تسببها لعائلاتنا “.

وبعد حوالي عشر سنوات، قال والد آخر لمدني آخر قتلته الولايات المتحدة في اليمن لباحث مواطنة: “لقد حاولنا أكثر من مرة أن نُسمع صوتنا.. نطلب من الولايات المتحدة أن تأتي وتفحص.. لكن لم يرغب أحد في سماعنا”.

في العام الماضي، نشرت مواطنة لحقوق الإنسان تقريراً استقصائيا جديدًا حول العمليات الأمريكية المميتة في اليمن بين عامي 2017 و2019، تمت مقابلة 69 شاهدًا وناجيًا وأفراد عائلاتهم من قبل باحثي وباحثات مواطنة، قاموا أيضا بجمع الصور ومقاطع الفيديو والسجلات الطبية والوثائق الحكومية. وجدنا أن 12 عملية أمريكية قتلت 38 مدنيًا على الأقل- بينهم 13 طفلا- وتسببت تلك العمليات العسكرية أيضًا في أنماط أخرى من الأضرار الفادحة وطويلة الأمد.

في محاولة لتحقيق العدالة، أرسلت مواطنة لحقوق الإنسان بالاشتراك مع عيادة حقوق الإنسان في كلية الحقوق بجامعة كولومبيا إلى القيادة المركزية الأمريكية، ما يزيد عن 150 صفحة من الأدلة التي تسلط الضوء على الأضرار المدنية للهجمات الأمريكية.

كانت ردود القيادة المركزية الأمريكية- التي جاءت بعد عدة أشهر من تقديمنا- غير كافية تمامًا. من بين جميع الأضرار المدنية التي وثقتها (مواطنة)، اعترفت القيادة المركزية الأمريكية بسقوط ضحية واحدة جديدة في صفوف المدنيين. لم يحدد الجيش الأمريكي هذا المدني بالاسم، لكننا عرفنا من هو: صالح القيسي، أب لستة أطفال، قُتل أثناء زيارته لمنزله.

من الصعب معرفة ما الذي سيكون كافياً لإقناع الجيش الأمريكي بمعالجة الأضرار المدنية الذي تسبب به في بلدان مثل اليمن.  سنوات قضاها باحثونا في جمع الأدلة، مواجهين مخاطر كبيرة في مناطق نائية. بعد كل ذلك، رفض الجيش الأمريكي معظم القضايا ورفض تقديم أي تعويضات أو مساءلة على الإطلاق.

بعد أن سمعنا رد الجيش الأمريكي، اتصلنا بأسر الضحايا. كانت خيبة الأمل تهدر في أصواتهم. كان علينا أن نخبر نجل صالح القيسي أنه بينما أقرت الولايات المتحدة بأن والده كان مدنياً، فإنها لن تفعل شيئاً حيال ذلك. لا اعتذار علني ولا تعويضات ولا عدالة.

أدت العمليات العسكرية الأمريكية في اليمن- هجمات الطائرات بدون طيار أو المداهمات البرية- إلى مزيد من الفقر في أكثر المناطق فقراً في اليمن. هذه المناطق ليس بها مستشفيات أو مدارس مناسبة. كثير منهم ليس لديهم حتى الكهرباء أو الوصول المنتظم إلى الماء. وقد تساءلوا: كيف يمكن للولايات المتحدة أن تصل إلينا بأحدث التقنيات العسكرية، قبل أن تصلنا حتى الكابلات الكهربائية؟

إن تأثير العمليات العسكرية الأمريكية أكبر مما يمكن أن تظهره الأرقام. هناك صور مؤلمة ستظل محفورة في ذهني وأذهان الفريق لبقية حياتنا. جدة يغمى عليها بعد رؤيتها لجثة حفيدها البالغ من العمر 17 سنة، ويقوم ابن في سن البلوغ بجمع أشلاء والدته، بينما يهرع زوج إلى نقل زوجته الحامل إلى المستشفى، ويراقبها، وهي تموت أمام عينيه، ويعثر على أم قد فارقت الحياة وهي تحتضن طفلها.

وأم أخرى وجدت جثة ابنها البالغ من العمر 14 عامًا، تأكلها النيران.

هناك عشرون عامًا من قصص كهذه.

في جميع المقابلات التي أجرتها منظمة مواطنة تقريبًا، يطالب الضحايا وعائلاتهم بالتحقيق والمساءلة، وما زالوا ينتظرون.

وبغض النظر عن الرئيس أو الحزب الذي سيطر على البيت الأبيض، فإن الولايات المتحدة لم تقم أبدًا بإجراء تحقيق كامل في الكلفة المدنية لعملياتها في اليمن، ولم تقدم أبدًا للضحايا المدنيين ما يدينون لهم به من اعتراف واعتذار وتعويضات.

بعد عشرين عامًا من بَدْء الولايات المتحدة عمليات القتل السرية وغير الخاضعة للمساءلة في اليمن في نهاية المطاف يجب على الولايات المتحدة أن تتغير نحو مسار تحترم فيه الحقوق.

شكرا  لاستماعكم.