طفل على ذمة أنصار الشريعة
في بداية العام 2011، سيطرت جماعة أنصار الشريعة، الجناح المحلي المسلّح لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، على أجزاء من محافظة أبين، وبدأت بحشد جهودها لممارسة سلطة الأمر الواقع، لكن الأثر العرضي لسياساتها كان كارثيًا.
الخضر ثائر عبدالله الجعدي (16 سنة)، من أهالي محافظة أبين، بدأت قصته في العام 2014، عندما كان يمارس حياته الطبيعة في سوق القات، إذ قدمت عربة عسكرية (طقم)، يتبع أنصارالشريعة وقامت باحتجازه، بطريقة مشهودة أمام الناس، ومن ثم نقله إلى مديرية أحور شرق المحافظة.
بعد فترة وجيزة من احتجازه، حاولت أسرته البحث عنه ومعرفة مكانه، وما التهم الموجّهة إليه، لكن قادة التنظيم احجموا عن مساعدتها، والكشف عن مصير الشاب، وهكذا في كل مرة كانوا يعودون أدراجهم حزنى ومنكسرين، ويوم عن يوم بدأ اليأس يتغلغل في قلوب أسرته، حتى استسلموا.
مضت ثمانية أشهر من الاختفاء القسري للخضر، غير أن شائعات سرت بأنه تم احتجازه بتهمة وضع شرائح تتبُع، للطيران المُسيّر، لاستهداف العناصر المسلحة هناك. وفي يوم من الأيام، وبينما كان خال الشاب الضحية متواجد في مزرعته، جاء إليه شخصان مجهولان، يرتديان زي أنصارالشريعة، ويعتمران أسلحة.
شعر الخال بالخوف، وتوقع أن هناك نذير شؤم قادم إليه، وبدت الحيرة تطغى على ملامحه. سألوه فيما إذا كان هو خال الخضر، فقال لهم: نعم. وعندما سأل عن ابن اخته، أخبروه أنه لديهم، وقدموا إلى الحقل بناء على طلب الضحية مقابلة خاله.
وقف الخال ساهمًا، لا يدري ما الذي يفعله، غير أنه استسلم لهم، وتوجّه معهم إلى مديرية لودر. وهناك، أدخلوه إلى أحد مقرّاتهم، وبعد لحظات أحضروا الخضر، مكبل من يديه ورجليه ورقبته، وقاموا بإرغامه على تسجيل فيديو عبر الهاتف المحمول يقول إنه بخير، ولا يعاني من شيء.
بعد الانتهاء من التصوير، ناولوا الفيديو لخال الضحية، ومن ثم أعادوه إلى مزرعته، وطلبوا منه أن يسلمه لأسرته؛ أي أسرة الخضر، وهو ما تم بالفعل.
وبعد أيام، جاء إلى أسرة الخضر شخصان (تحتفظ مواطنة باسم أحدهما)، وبدأوا يسألون أم الخضر وأخته الكبرى، عن أين يخبئ الضحية شرائح القتل المستهدف، وعندما ردّت عليه الأم والأخت بعدم معرفتهما بالأمر، غضبا غضبًا شديدًا، واتهمهما بالتواطؤ، ما زاد من خوف وقلق الأسرة، ثم غادرا.
لا يزال الخضر مختفٍ قسريًا، حتى يومنا هذا، ولا أحد يعرف أين هو ولا ما هو مصيره. قصة تبدو للوهلة أنها قصيرة وسريعة، لكنها تلخص واقع اليمنيين مع الجماعات المسلحة، وتهمها الجاهزة، وممارساتها اللإإنسانية، وقبل كل ذلك غياب دولة النظام والقانون.