خطوات إيجابية جديرة بالتفاؤل ويتوجب البناء عليها
رحَّبت مواطنة لحقوق الإنسان بمبادرات فتح الطرقات أمام المركبات والمسافرين، في الحوبان(تعز) ومأرب - البيضاء، وطريق عقبة ثره أبين - البيضاء، وطريق حيفان-عدن، بعد زهاء10 سنوات من الإغلاق والمعاناة التي ذاق علقمَها المسافرون طيلةَ تلك المدة.
وتأتي هذه المبادرات، كثمرة لنجاح وساطات محلية عملت على إقناع أطراف النزاع، للإستجابة للمطالبات الشعبية التي تعالى صوتها خلال الأشهر الأخيرة بإعادة فتح الطرق الرئيسية بين المحافظات، ولاسيما الطرق إلى محافظتي تعز ومأرب، اللتين أصبح الوصول إليها ضربًا من المعاناة؛ عبر طرق فرعية وعرة وخطرة وتمتد لعدة ساعات.
واعتبرت مواطنة لحقوق الإنسان، أن إعادة فتح طرقات رئيسية في تعز ومأرب -بعد نحو عِقد من إغلاقها وإخراجها عن الخدمة خلال سنوات الحرب الفارطة- خطوات إيجابية في المسار الصحيح، وبادرة تبعث على التفاؤل في تحقيق مزيد التقارب بين أطراف النزاع بما من شأنه التخفيف من معاناة المدنيات والمدنيين، ودعت مواطنة، إلى مواصلة الجهود النبيلة من أجل فتح جميع الطرق المقطوعة، في أكثر من محافظة يمنية، باعتبارها مقدمة لفتح القنوات السياسية للحوار المشترك والوصول إلى أرضية مشتركة للسلام بين غرماء النزاع السياسي في البلاد.
وكانت استراتيجية قطع الطرق من أهم الوسائل التي استخدمتها أطراف النزاع في اليمن منذ بداية الاحتراب المسلح في مارس/ آذار 2015، وانتهجتها كأداة لانتهاك حقوق المدنيين في غير محافظة يمنية، وفي القلب منها مُحافظة تعز التي يقدر عدد سكانها بنحو 7 ملايين نسمة.
ومنذ عام 2015، قامت جماعة أنصار الله الحوثيين بقطع الحركة عبر الطريق الشرقي الرئيس من وإلى المدينة، وتحديدًا في مدينة الحوبان (شمالي تعز)، الأمر الذي أجبر المسافرين على عبور طرق وعرة تصل إلى ساعات، في الوقت الذي كان من الممكن العبور عبر الطريق الرئيسية في وقتٍ لا يتعدى 10 دقائق.
ويضطر الناس إلى عبور ممرات وطرق فرعية ضيقة وخطرة عوضًا عن الطرق الرئيسية عبر سلسلة جبيلة تمتد الرحلة فيها ساعات، وقد تنتهي بتبعات لا يحمد عقباها.
وكانت مواطنة قد نددت غير مرة بسياسة قطع الطرقات ومضاعفة معاناة اليمنيين، علمًا أن موضوع فتح الطرقات في اليمن ودعوة أطراف الصراع إلى ذلك ظل محط تنديد على المستوى الرسمي والشعبي، والمحلي والدولي طيلة 9 سنوات متواصلة، دون استجابة.
وقد عمق إغلاق الطرقات معاناة المدنيات والمدنيين على عدة أصعدة، وتسبب في خلق أزمات متعددة، لا تقتصر على مشقة السفر والتنقل بين المحافظات اليمنية، إنما أيضًا ارتدت بجملة من الأثار الجانبية على الجانب الاقتصادي، الذي لا ينفك عن تعقيدات الأزمة الإنسانية في البلاد، حيث أدى ذلك الواقع وتعقيدات التنقل وفرض الجبايات المرهقة على التجار إلى ارتفاع قياسي في أسعار السلع والمواد الأساسية والخدمات، على نحو جعلها بعيدة عن متناول السواد الأعظم من اليمنيات واليمنيين، ترافقًا مع ضعف قدرتهم الشرائية وانقطاع المرتبات وتعذر أغلب الخدمات في مناطق شتى من اليمن.
يضاف إلى ذلك، ارتفاع معدل الحوادث التي تتكرر بشكل شبه يومي في الطرق والمنحدرات الخطرة والضيقة وغير المهيأة أساسًا لعبور الشاحنات ومركبات النقل الثقيل، الأمر الذي ينجم عنه أعداد تصاعدية من الضحايا، وتعطل حركة في تلك الطرق لساعات طويلة، وإتلاف كميات كبير من البضائع.
وبالإضافة إلى الطرق الكثيرة التي أغلقتها الحرب، لا يزال منفذ حرض الحدودي، مع السعودية، وهو أكبر منفذ حدودي بري لليمن، (يقع في الشمال الغربي من اليمن – محافظة حجة)، مُغلقاً، وقد أدى إغلاقه للعام التاسع على التوالي، إلى سلسلة من المعاناة لا تقتصر على المسافرين والمغتربين وحسب، بل حتى على قطاعات واسعة من السكان في تلك المناطق ممن كانوا يعتمدون بشكل رئيس في دخلهم على نشاطاتهم القائمة على حركة المنفذ، قبل أن تتحول المدينة إلى أطلال أُحيط قلبها (قلب المدينة) بأسوار من الألغام الأرضية والمتارس القتالية، منذ أن أصبحت ساحة حرب.
يضمن "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، واليمن طرف فيه، الحق في حرية التنقل، كما أن المادة 13 من "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان" تكفل "لكل فرد حق في حرية التنقل وفي اختيار محل إقامته داخل حدود الدولة"، كما يُلزم القانون الإنساني الدولي أطراف النزاع بالسماح بمرور المساعدات الإنسانية المحايدة بسرعة ودون عوائق إلى المدنيين المحتاجين وتسهيل حركتها في جميع الظروف.