ست سنوات ولا إجابة

مصطفى المتوكل

April 10, 2023

ست سنوات الآن، وعائلة الدكتور مصطفى المتوكل، تعيش في ظلمة غيابه، وتعاني من قسوة عدم عثورها على إجابات. لماذا كل هذا؟ وخلال رحلة الانتظار الطويل، فقدت العائلة الأم وأحد أبنائها الشباب.

ففي 26 مارس/ آذار 2023، أُعلن عن وفاة الدكتورة إلهام المتوكل، إذ أنه لا يمكن أن نفصل بين الأوقات العصيبة التي عاشتها، والانتكاسة الصحية التي ألمت بها. وكان آخر منشور كتبته الراحلة على مواقع التواصل الاجتماعي، شكوى من عدم تضمين زوجها في لائحة تبادل المحتجزين.

في 27 أبريل/ نيسان 2017، وبينما كان الدكتور مصطفى المتوكل عائداً من سيئون بعد سفره للمشاركة في مؤتمر بالمغرب، صعد جنود موالون لحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي في نقطة الفلج بمأرب إلى الحافلة التي كان يستقلها، وأخذوه إلى مكان مجهول، ولم يسمحوا لعائلته بزيارته أو التواصل معه.

سافر الدكتور مصطفى إلى المغرب للمشاركة في المؤتمر السنوي للهيئات الاستثمارية، بعد تلقيه دعوة باعتباره رئيساً للهيئة العامة للاستثمار في صنعاء. تقول عائلته إنه مر من المناطق التي تسيطر عليها حكومة هادي، وسافر من مطار سيئون وعاد منه، واستقل حافلة عمومية بثقة لأنه شخصية أكاديمية ومدنية ولم يتوقع أن يتم اعتقاله.

لم يترك لعائلة الدكتور حتى الحق في الفجيعة عليه، حيث رافق احتجازه حملات إعلامية واسعة تتبع أطرافاً سياسية، تتشفى به وتحرض على استمرار إخفائه، رغم أن الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري جرائم لا يمكن تبريرها تحت أي ظرف.

في 15 مايو/ أيار 2017 سافرت زوجته الأستاذة الجامعية إلهام المتوكل إلى مأرب، رافقها فريق قانوني من أجل المطالبة بحقها القانوني في زيارته والاطمئنان عليه، وكان برفقتها في الزيارة أيضاً ثلاثة من أعضاء نقابة هيئة التدريس بجامعة صنعاء، من بينهم رئيس النقابة، تضامناً مع زميلهم.

في مبنى محافظة مأرب تم استقبالها كمذنبة، هي الباحثة عن زوجها المختفي. تقول إلهام: “لم أتصور تلك المعاملة السيئة من بعض المسؤولين في مأرب، حيث تم التعامل معي وكأني عبد الملك الحوثي، بينما أنا لست سوى زوجة مفجوعة باختفاء رفيق حياتها ومنع أي تواصل به”.

ورغم تكبدها مشقة السفر الطويل بين صنعاء ومأرب، أوصدت في وجهها الأبواب، ولم تعثر على ما يخفف معاناتها.

قبل مغادرتها مأرب تلقى محاميها اتصالاً من هاتف محظور الرقم. أخبرهم المتصل أن الدكتور لم يعد موجوداً في مأرب، مؤكداً أنه قد تم تسليمه للسعودية. ثم أضاف: “لا تتعبونا ولا نتعبكم، الأفضل أن تغادروا”. وهو ما قررته إلهام بعد أسبوعين من الزيارة.

لدى الدكتور مصطفى المتوكل ثلاث بنات وولدين، توفى أحد أبنائه في ماليزيا بسبب خطأ طبي بعد تعرضه لحادث سيارة. كانت الوفاة بعد أشهر من اختفاء أبيه القسري، قضاها الحسين في حسرة على والده حسب إفادة أسرته. تقول إحدى بناته: “كان عاماً كارثياً بالنسبة لنا، اختفاء والدنا القسري ثم موت شقيقي المؤلم”. تضيف:” اضطررنا إلى تهريب جثمانه عبر عُمان خوفاً من احتجازه في مأرب مثلما حدث مع والدي”.

على حكومة هادي والتحالف بقيادة السعودية والإمارات إطلاق سراح الدكتور مصطفى المتوكل وجميع المعتقلين والمختفين قسرياً.

يرفض إعلان الأمم المتحدة لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري، التذرع بأي ظروف استثنائية مثل الحروب أو عدم الاستقرار السياسي لتبرير الاختفاء القسري. والذي تم إدراجه ضمن الجرائم ضد الإنسانية في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية عام 1998.

والاختفاء القسري هو احتجاز أو اختطاف شخص، يعقبه رفض الاعتراف بحرمان الشخص من حريته أو إخفاء مصير الشخص المختفي ومكان وجوده، مما يحرمه حماية القانون، كما تعرفه الاتفاقية الدولية لحماية جميع الاشخاص من الاختفاء القسري.

ومع اندلاع الحرب في اليمن ارتفعت نسبة جرائم الاختفاء القسري بشكل ملحوظ، وهي جريمة تشترك فيها جميع أطراف النزاع في اليمن.