محمد قحطان .. سياسي وعائلته “في الظلام”

قحطان .. للعام الثالث خلف القضبان

April 11, 2018
محمد قحطان
محمد قحطان

4 أبريل/نيسان 2018

لم تكن عائلة محمد قحطان ولا أحد آخر يتخيل أن الرابع من أبريل 2015 سيكون آخر يوم يرون فيه وجهه و يدركون يقيناً أنه بخير، في نهار ذلك اليوم داهمت قوة عسكرية تابعة لجماعة الحوثي -التي استولت بالقوة على السلطة في صنعاء أواخر سبتمبر من العام 2014- منزل القيادي في حزب التجمع اليمني للإصلاح ” محمد قحطان” ، أخذوه من بين عائلته جسداً و روحاً و قذفوا به في قلب الغياب التام.

الأربعاء الموافق 4 أبريل 2018 أكمل الإختفاء القسري لقحطان عامه الثالث، عام كامل و سلطة الحوثي ترفض الكشف عن مصيره، لا زيارة ، لا اتصال ، ولا حتى معلومة يمكن الاستناد عليها للاطمئنان على صحته ، جريمة إختفاء قسري بحق سياسي على مشارف عقده السادس و بحق عائلة لا تعرف إن كان فلذة كبدها ينام في مكان لائق بمنأى عن الأذى أو أنه يعاني بعيداً عن الرعاية و الإهتمام.

في فبراير 2015 م كان مسلحون من جماعة الحوثي في نقطة تفتيش بمحافظة إب قد أوقفوا محمد قحطان حين كان في طريقة إلى مدينة تعز، ثم أعادوه إلى منزله في صنعاء و وضعوه تحت الإقامة الجبرية حتى يوم اعتقاله في إبريل ، ثم سمحوا لأحد ابنائه بزيارة يتيمة في أول أيام اعتقاله ، و كان حينها معتقلاً بمنزل أحد القيادات السياسية الذي سيطر عليه الحوثيون بعد دخولهم صنعاء  وحولوه إلى معتقل،  منعت بعدها جماعة الحوثي الزيارة عنه ، و امتنعت عن تقديم إيضاحات عن مصيره إلى جانب معتقلين آخرين مارست بحقهم و بحق عائلاتهم ذات الجريمة ، معيدةً إلى الأذهان شبح فترات سياسية مريرة ، فللاختفاء القسري في اليمن تاريخ طويل و شديد القساوة ، و مازال عدد ممن غيبتهم الأنظمة في الشمال والجنوب منذ 1962 مختفون و مجهولة مصائرهم حتى اليوم.

لمحمد محمد قحطان خمس بنات و أربعة أبناء، و يشغل عضوية الهيئة العليا للإصلاح منذ 2007 بعد سنوات قضاها رئيساً للدائرة السياسية في حزبه، و قد روت ابنة قحطان التي تبلغ من العمر  ثلاثة وعشرين عاماً في مقابلة مع ” مواطنة ”  جانباً من تفاصيل اعتقال والدها قائلة إن قوة على متن سيارتين من نوع هايلوكس يرتدي أفرادها بزة الحرس الجمهوري قدمت عند الواحدة ظهراً يوم 4 أبريل 2015 إلى منزلهم الواقع في حي النهضة بصنعاء بحثاً عن أبيها.

وأضافت: كان أبي نائماً عندما جاء الحوثيون فمنعهم أخي وزوجي من الدخول إلى البيت وعندما أيقظنا أبي، توضأ وخرج ليخبر الحوثيين بأنه سيصلي الظهر أمامهم في ساحة المنزل وسيذهب معهم لكنهم منعوه وأخذوه معهم.

و تصور الإبنة الحالة التي مرت بها عائلتها عقب الإعتقال بالقول “ظللنا في الظلام لا نعلم أين أبي” .

هذه اللمحة الباهتة التي قدمتها ابنته بشأن ظروف اعتقال والدها هي كل ما كان ممكناً أن تقوله، هكذا هي جريمة الاختفاء القسري تترك أسرة المختفي بلا تفاصيل وبلا أفق، لهذا لم يكن بإمكان زوجته أن تجيب على سؤالنا عنه إلا بكثير من الدموع الصامتة التي مازالت تتدفق منذ ذاك اليوم.

الاختفاء القسري جريمة ممتدة تطال الضحية و ذويه ، و ليست أسرة محمد قحطان فقط التي تمر بهذه المعاناة ، فقد قامت جماعة الحوثي منذ سبتمبر 2014 و حتى اليوم بجملة من الاعتقالات التعسفية مرت أغلبها بمراحل متفاوتة من الاختفاء القسري ، و مازال عدد منهم مختفون قسرياً حتى اليوم ، و سواء كان المختفون قسرياً داخل معتقل مظلم أو يتسرب إليه الضوء، فالثابت أن عائلاتهم تعيش في الظلام.

ينبغي على جماعة الحوثي أن تكشف عن مصير قحطان و جميع المختفين قسرياً لديها و تفرج عنهم ، و أن تتذكر بأن الاختفاء القسري أحد الجرائم ضد الإنسانية المنصوص عليها في المواثيق الدولية، و تنص الاتفاقية الدولية لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري كما ينص إعلان الأمم المتحدة لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري ” أنه لا يجوز التذرع بأي ظرف استثنائي كان، سواء تعلق الأمر بحالة حرب أو التهديد باندلاع حرب، أو بانعدام الاستقرار السياسي الداخلي، أو بأية حالة استثناء أخرى، لتبرير الاختفاء القسري.

وفي الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، يُعرف الاختفاء القسري للأشخاص بأنه “الاعتقال أو الاحتجاز أو الاختطاف أو أي شكل من أشكال الحرمان من الحرية يتم على أيدي موظفي الدولة، أو أشخاص أو مجموعات من الأفراد يتصرفون بإذن أو دعم من الدولة أو بموافقتها، و يعقبه رفض الاعتراف بحرمان الشخص من حريته أو إخفاء مصير الشخص المختفي أو مكان وجوده، مما يحرمه من حماية القانون.”

و يدرج نظام روما الأساسي للمحكمة الجناية الدولية المعتمد في روما  يوم 17 يوليو 1998 الاختفاء القسري ضمن الجرائم ضد الإنسانية.