عزلة "اليوسفين": المزارعون يهجرون أرضهم
تعد منطقة "اليوسفين" التابعة لمديرية القبيطة، محافظة لحج، إحدى أكثر مناطق محافظة لحج تلوثًا بالألغام والأجسام المتفجرة من مخلفات الحرب. حيث إن تلك المنطقة تُعدُّ جبلية ويعتمد غالبية السكان فيها على الزراعة ورعي الماشية كمصدر دخل أساسي. كما أنها تعد منطقة تماس واشتباكات منذ قرابة سبعة أعوام حتى الآن بين جماعة أنصار الله (الحوثيين)، وقوات المجلس الانتقالي، الأمر الذي ألقى بضرره على السكان المحليين من جراء ذلك، إلى جانب أن جماعة أنصار الله (الحوثيين) قامت بزراعة الألغام الأرضية بشكلٍ عشوائي في الخطوط الأمامية لتحصين مواقعها الدفاعية.
أثناء مواسم الأمطار، تجرف مياه السيول تلك الألغام والأجسام المتفجرة ومخلفات الحرب نحو الوديان والأراضي الزراعية، الأمر الذي جعل حياة المدنيين في خطر وضاعف معاناتهم بشكلٍ كبير، حيث أصبح السكان المحليين غير قادرين على القيام بالعمل في أرضهم الزراعية، وهو ما ضيَّق عليهم أسباب معيشتهم ودخلهم.
عدنان عبده (50 سنة)، أحد أهالي المنطقة، يقول: "أصبح الجميع في المنطقة في خطر عند ممارسة أعمالهم في رعي الماشية والزراعة وباقي الأعمال اليومية، وذلك نتيجة تلوث المنطقة بالألغام والأجسام المتفجرة وبقايا الأسلحة التي لم تنفجر، خاصة التي تجلبها السيول إلى أرضنا الزراعية ومراعي الماشية".
وتابع: "هناك عدد من المزارعين في المنطقة من الذين تلوثت أرضهم الزراعية بالألغام التي تجرفها السيول، اضطروا للنزوح وغادروا المنطقة".
وأضاف: "من بين الأهالي الذين لم ينزحون من المنطقة ظلوا يمارسون أعمالهم بالرغم من تلك المخاطر، كما لم تقم أي جهة بالتدخل لنزع الألغام وبقايا الحرب، إذْ ما تزال المنطقة حتى الآن ملوثة بالألغام".
كان من بين ضحايا الألغام التي تجرفها السيول إلى الأراضي الزراعية بتلك المنطقة، المزارع حمود أحمد محمد (62 سنة)، وزوجته ولاية محمد سالم (58 سنة).
كانت تلك الواقعة في مطلع فبراير/ شباط 2022، عندما كان الضحيتان يقومان بحراثة أرضهم الزراعية، وأثناء ذلك انفجر بهما أحد الألغام التي كانت السيول قد جرفتها إلى أرضهم الزراعية، وأسفر الانفجار عن مقتل الضحيتين جراء إصابتهما بالشظايا، كما أدى الانفجار إلى نفوق الثور الذي كان الضحيتان يستخدمانه في حرث الأرض لحظة وقوع الانفجار.
كانت مأساة هزت مشاعر أهالي الضحايا والسكان المحليون، ولا يعلم أهالي المنطقة كم عدد الألغام التي جرفتها السيول إلى مناطقهم، وأراضيهم الزراعية، وأصبحت تهددهم بشكل دائم.
وتطالب مواطنة لحقوق الإنسان كافة أطراف النزاع بالتوقف الفوري عن زراعة الألغام بمختلف أشكالها، والبدء في خطوات جادة لتطهير الأماكن الملوثة بالألغام بما فيها المناطق التي شهدت هجرة للألغام بفعل السيول للحيلولة دون سقوط المزيد من الضحايا المدنيين، وتدعو المجتمع الدولي لتشكيل آلية تحقيق دولية ذات طابع جنائي تضمن محاسبة المُنتهِكين ومساءلتهم، والانتصاف للضحايا.