قالت "مواطنة"، إن الأطراف المتحاربة ارتكبت انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان وسط تصعيد عسكري واسع النطاق في مأرب شمال شرق اليمن.
قالت مواطنة لحقوق الإنسان في بيان الأربعاء 26 أكتوبر / تشرين الأول 2021، إن الأطراف المتحاربة ارتكبت انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان وسط تصعيد عسكري واسع النطاق في مأرب شمال شرق اليمن. تتحمل جماعة أنصار الله (الحوثيين) المناوئة لقوات الحكومة المعترف بها دولياً مسؤولية العدد الأكبر من الانتهاكات التي وثقتها.
وتدعو (مواطنة) جماعة أنصار الله (الحوثيين) والتحالف بقيادة السعودية والإمارات وقوات الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً الكف فوراً عن الهجمات العشوائية وغير المتناسبة ضد المدنيين والأعيان المدنية بما فيها المنشآت الطبية.
وقالت رضية المتوكل رئيسة مواطنة لحقوق الإنسان: “إن استهداف المدنيين والمنشآت المدنية والطبية المحمية وكذلك الترويع الذي يطال المدنيين وغيرها من انتهاكات القانون الدولي في مأرب، يعكس درجة عدم اكتراث أطراف النزاع بحياة المدنيين، إذ إن إخفاق المجتمع الدولي في الاستجابة وإنشاء آليات دولية للتحقيق يعزز سياسة طويلة الأمد لإفلات الجناة من العقاب”، وأضافت: “هذا الوضع مشين ويجب أن ينتهي بخلق مسارات مساءلة شاملة تردع المنتهكين وتنصف الضحايا وتحقق عدالة أوسع”.
ومنذ أوائل العام 2021 اشتدت وتيرة النزاع المسلح في محافظة مأرب، حيث وثقت (مواطنة) هجمات برية وجوية وزراعة ألغام، ارتكبت من قبل جماعة أنصار الله (الحوثيين) وقوات التحالف بقيادة السعودية والامارات وقوات الحكومة المعترف بها دولياً.
وتورطت جماعة أنصار الله (الحوثيين) وقوات الحكومة المعترف بها دولياً في ارتكاب أنماط متعددة من الانتهاكات على الأرض شملت ممارسات الاختفاء قسري والاحتجاز التعسفي للمدنيين، مع تصاعد انشطة التعبئة والتحشيد والتجنيد العسكري للأطفال، واستهداف المنظمات الإنسانية بفرض قيود ومضايقات أثرت على عملياتها وتدخلاتها الضرورية تجاه المدنيين العالقين وسط حدة القتال المتصاعد.
وكانت مواطنة لحقوق الإنسان، قد قامت خلال العام 2021 بتوثيق، 8 هجمات برية شنتها جماعة أنصار الله (الحوثيين) طالت أعيان مدنية، قتل فيها ما لا يقل عن 10 مدنيين بينهم ستة أطفال، فيما جُرح 39 مدنياً آخرين بينهم 13 طفل و10 نساء.
في أحدث الهجمات البرية؛ شنت جماعة أنصار الله المسلحة (الحوثيين) هجوماً بثلاث قذائف على منزل مدني وسط حي الروضة السكني في مدينة مأرب، عند حوالي الساعة 3:40 من مساء يوم الأحد 3 أكتوبر/ تشرين الأول 2021.
في ذلك الهجوم الدامي تحققت (مواطنة) من مقتل ثلاثة أطفال (3 – 5 سنوات) وامرأة على الأقل كما جُرح ما لا يقل عن 26 مدنياً من بينهم سبعة أطفال تتراوح أعمارهم ما بين (5-17 سنة) وثمان نساء، إذ سقطت اثنتان من القذائف على المنزل مباشرة، بينما سقطت القذيفة الثالثة على منطقة باتجاه الشمال بمسافة تبعد حوالي 800 متر.
ولحقت أضرار بثمانية منازل مدنية مجاورة لمكان الهجمة، منزلان منهما أصيبا بدمار كلي. وتؤكد المعلومات التي وثقتها (مواطنة) أنه تعاقب سقوط القذيفة الأولى والثانية بفارق زمني يقدر بـ45 ثانية، بينما سقطت القذيفة الثالثة بعد حوالي ثلاث الى أربع دقائق.
في زيارة ميدانية لموقع الهجمة البرية، عاينت (مواطنة) الأضرار واسعة النطاق التي لحقت بالمنطقة، كما نفذت زيارات ميدانية إلى مستشفى مأرب العام ومستشفى كرى الريفي في مدينة مأرب من أجل الحصول على معلومات عن الضحايا والناجين.
ويقع حي الروضة شمال مدينة مأرب التي تخضع لسيطرة الحكومة المعترف بها دولياً، ويبعد الحي عن مركز المحافظة مسافة تقدر بحوالي اثنين كيلو متر، ويعتبر حي الروضة أحد أكثر الاحياء اكتظاظاً بالسكان في مأرب.
وثقت “مواطنة” أيضاً، هجمة برية واحدة على الأقل شنتها قوات الحكومة المعترف بها دولياً على منطقة علفا، مديرية الرحبة جنوب محافظة مأرب في 12 سبتمبر/ أيلول 2021 أدت الى مقتل شخصين بينهم امرأة وجرح أخر.
كما وثقت “مواطنة” في 16 يوليو/ تموز 2021، واقعة رصاص حي ارتكبتها قوات الحكومة المعترف بها دولياً في منطقة خيلات المشيريف، مديرية رحبة، محافظة مأرب، وتحققت من مقتل رجل وطفلته (4 سنوات) وجرح امرأة.
ووفقاً لإفادات الشهود فإن الرصاص الذي أطلق على منزل الأسرة تم إطلاقه من موقع (ذراع دحان) التابع للقوات الحكومية والذي يقع شمال شرق المنزل بمسافة 300 متر، كما لم تكن تتواجد مواقع عسكرية تابعة لجماعة أنصار الله (الحوثيين) بالقرب من المنزل.
كما تُنسب الهجمات البرية في انتهاكات القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان في المنطقة إلى جماعة أنصار الله. حيث وتعرض مرفق طبي مدعوم من منظمة أطباء بلا حدود، في يوم الأربعاء 13 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، لهجمة برية في مديرية العبدية، شمال غرب محافظة مأرب، حيث أطلقت الجماعة ثلاث قذائف وقعت شرق المستشفى.
وأفاد باحث (مواطنة) في مأرب انه تم اخراج المرضى من المستشفى وإعادتهم إلى منازلهم، بينما نقلت الجماعة الجرحى إلى مناطق سيطرتها.
إلى ذلك، وثقت (مواطنة) ما لا يقل عن 5 وقائع انفجار ألغام زرعتها جماعة أنصار الله (الحوثيين) وأجسام متفجرة في مأرب تسببت في مقتل طفلان وجرح خمسة أطفال وامرأة في مديريات رحبة وماهلية والعبدية جنوب محافظة مأرب وفي مديرية صرواح غرباً ومديرية مجزر شمال غرب المحافظة منذ فبراير/ شباط وحتى يوليو/ تموز 2021.
فيما وثقت مواطنة لحقوق الإنسان مقتل خمسة مدنيين بينهم ثلاثة أطفال على الأقل وجرح خمسة مدنيين آخرين بينهم طفل إثر هجمتين جويتين شنها التحالف بقيادة السعودية والإمارات.
واستهدفت إحدى الغارات الجوية مديرية رحبة جنوب المحافظة في الثاني من إبريل/ نيسان 2021، قتل على إثرها مدني وجرح خمسة آخرين بينهم طفل (12 سنه) أثناء تواجدهم أسفل إحدى أشجار الأراك في منطقة الحدا (آل مفتاح).
يطالب القانون الدولي الإنساني الأطراف المتحاربة بالتمييز في جميع الأوقات بين المقاتلين والمدنيين وبين الأهداف العسكرية والأعيان المدنية، ويحظر الهجمات التي قد تسبب ضررًا غير متناسب للمدنيين. على نطاق أوسع، يجب على الأطراف المتحاربة اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتقليل الضرر اللاحق بالسكان المدنيين. في كل من هذه الهجمات، أخفقت الأطراف المتحاربة في الوفاء بهذه الالتزامات، وتسببت في أضرار لا داعي لها للمدنيين اليمنيين.
تسببت هذه الهجمات في موجة إضافية من الأذى للمجتمع الكبير من النازحين داخليًا الذين يعيشون في مأرب. ومنذ بدء النزاع المسلح في اليمن في سبتمبر/ أيلول 2014، ارتفع عدد السكان في مأرب نظراً لازدياد موجات النزوح الداخلي إليها، حيث تعد مركز استقبال للنازحين من مختلف محافظات البلاد، إذ نزح داخلياً ما لا يقل عن مليوني نازح. فر الكثير منهم إلى مأرب.
وعقب العمليات العسكرية المتصاعدة في المحافظة، شهدت منذ منتصف يناير/ كانون الثاني 2020 حتى أواخر أغسطس/ آب 2020 مديريات مجزر ومدغل شمال مأرب موجات نزوح واسعة، بالإضافة إلى مخيمات صرواح (مخيم ذنه- ومخيم الهيال – ومخيم الصوابين). العديد من هؤلاء الأفراد – وخاصة أولئك الذين يعيشون في مخيمات صرواح، سبق أن نزحوا من قبل وأجبروا مرة أخرى على الفرار بحثًا عن الأمان.
وحسب مصفوفة حركة النزوح الخاصة بمنظمة الهجرة الدولية التي تمتلك إمكانية الوصول إلى سبع مديريات من 14 مديرية في محافظة مأرب، فإنه قد نزح ما يقرب 10 آلاف شخص في شهر سبتمبر/ أيلول 2021، وهي أعلى المعدلات المسجلة في مأرب خلال شهر واحد من هذا العام 2021.
بالإضافة إلى الاعتداء على المدنيين، فرضت جماعة أنصار الله (الحوثيين) حصاراً مطبقاً على مديرية العبدية منذ 21 سبتمبر/ أيلول 2021 حتى اقتحامها لمركز المديرية يوم الجمعة 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، مما تسبب في المزيد من الأذى في صفوف المدنيين. ووفقاً لمنظمة الهجرة الدولية فإن ذلك قد أعاق حركة السكان والإمدادات الأساسية. وتعتبر المنطقة واحدة من أكبر المديريات في محافظة مأرب، ويقدر عدد سكانها بحوالي أكثر من 31 ألف نسمة، بحسب السلطات المحلية. فيما بات الوضع مزرياً أيضاً في مديريات حريب والجوبة والرحبة، حيث يُقدر أن ما يقارب من 5 آلاف نازح داخلياً قد فروا هذا الشهر، ذهب معظمهم إلى مناطق أكثر أمانًا في منطقتي الجوبة ومأرب الوادي، وإلى المناطق الحضرية المكتظة بالسكان في مدينة مأرب.
وحثت رضية المتوكل الأطراف في مأرب وعلى رأسهم جماعة أنصار الله (الحوثيين) “التعامل بمسؤولية تجاه سلامة وحياة عشرات الآلاف من النازحين الذين أرغمتهم جولات الإحتراب على النزوح والتشرد بحثاً عن ملاذ آمن وتجنيبهم ويلات جديدة”.
ودعت المتوكل إلى “فتح ممرات آمنة وتسهيل الوصول الفوري وغير المشروط للمساعدات الإغاثية والطبية إلى جميع المناطق دون استثناء”.
وتجدد مواطنة لحقوق الإنسان الدعوة لجماعة أنصار الله (الحوثيين) والتحالف بقيادة السعودية والإمارات وقوات الحكومة المعترف بها دولياً إلى وقف شن الهجمات ضد الأعيان المدنية والمدنيين، وغيرها من انتهاكات القانوني الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الانسان؛ إذ يتحمل المدنيين الكلفة الأكبر نتيجة النزاع المسلح، ولم يروا بعد أي تحولات نحو المساءلة.
مع استمرار تصاعد أعداد الضحايا، يجب على الأطراف المتحاربة وضع حد فوري للانتهاكات المروعة للقانون الدولي التي يرتكبونها ضد السكان المدنيين في مأرب واليمن على نطاق أوسع. كما يجب على المجتمع الدولي أن يقف لمساندة ضحايا هذه الهجمات ومحاسبة مرتكبيها ووضع حد لسبع سنوات من الإفلات من العقاب.