انقضاء ثماني سنوات على بدء تنفيذ التحالف بقيادة السعودية والإمارات عملياته العسكرية في اليمن
بعد انقضاء ثماني سنوات على بدء تنفيذ العمليات العسكرية للتحالف بقيادة السعودية والإمارات في اليمن مارس/آذار 2015، قالت “مواطنة” إنها وثقت قرابة 1026 هجمة جوية عشوائية وغير متناسبة نفذتها مقاتلات التحالف، ألحقت هذه الهجمات أضرارًا جسيمة بالأعيان المدنية بما فيها المستشفيات والمراكز الصحية، وأوقعت آلاف الضحايا في صفوف المدنيين من بينهم الأطفال والنساء، قد ترقى بعض هذه الهجمات إلى جرائم بموجب القانون الدولي، بما في ذلك جرائم الحرب.
حشر النزاع المسلح الذي اندلع أواخر العام 2014 حينما سيطرت جماعة أنصار الله “الحوثيين” المسلحة المدعومة إيرانياً على العاصمة صنعاء، اليمن في نفق مظلم، إذ تحللت أطراف النزاع المختلفة من التزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، واستمرت طيلة ثمانية أعوام في ارتكاب انتهاكات جسيمة ما أسفر عن مقتل وإصابة آلاف المدنيين وضرب البنية التحتية المدنية الحيوية.
تحتفظ أطراف النزاع المختلفة في اليمن بملف حقوقي مخجل، حيث ارتكبت انتهاكاتٍ واسعة النطاق وممنهجة، بما في ذلك قتل وجرح عشرات الآلاف من المدنيين، وتدمير البنية التحتية الحيوية بما فيها المستشفيات والمدارس، ومارست الاحتجاز التعسفي، والاختفاء القسري والتعذيب، ومنعت وصول المساعدات الإنسانية، وجندت أطفالًا واستخدمتهم في العمليات القتالية، واحتلت مدارس ومستشفيات، واعتدت على عاملين في المجالين الصحي والإنساني، وقمعت الصحفيين والإعلاميين، وعملت على تضييق الحقوق والحريات العامة والشخصية، خاصة حقوق النساء.
ألحق النزاع المسلح ضررًا بحياة ومعيشة ملايين اليمنيين الذين يعيشون في واحده من أشد بلدان العالم فقرًا وتدنيًا لمستوى دخل الفرد، حيث تعاني الأمهات الرضع والأطفال من سوء التغذية وانعدام الأمن الغذائي وتفشي الأمراض المعدية. فيما يعاني ملايين السكان المتضررين من الأزمة الإنسانية في اليمن من استفحال الندوب النفسية، والتي تُعد أسوأ أزمة إنسانية في العالم منذ عقود حسب تقديرات الوكالات الدولية. كما يتكبد السكان المدنيين عناء نقص الوقود، وقطع الطرقات الرئيسية، وانقطاع المرتبات والخدمات الأساسية، بما فيها الوصول إلى الرعاية الصحة. كما تسبب النزاع المسلح في انهيار ما تبقى من شكل هش لمؤسسات الدولة.
وعلى الرغم من الأوضاع الاقتصادية والإنسانية المتردية التي خلفتها الحرب، يستفيد المدنيون مؤخرًا من مكاسب الهدنة التي رعتها الأمم المتحدة، والتي كانت سارية من شهر أبريل/نيسان وحتى أكتوبر/ تشرين الأول 2022، وينظرون باهتمام بالغ إلى التحركات الأخيرة للمبعوث الأممي الخاص إلى اليمن هانس غروندبرغ، وما قد يسفر عنها من اختراقات في سبيل الوصول إلى اتفاق شامل لإنهاء النزاع المدمر في اليمن، مثل هكذا اتفاق يمكن أن يساعد في دفع رواتب موظفي وموظفات الخدمة المدنية، والإفراج عن المختفين قسرًا والمحتجزين تعسفًا، وفتح الطُرقات الرئيسية في بعض المناطق والمدن، للتخفيف من المعاناة التي يعيشها المدنيون في تعز، ومأرب، والحديدة، والضالع، والمحافظات الأخرى.
على الرغم من أن الهدنة مثلت لحظة استراحة للسكان المدنيين، غير أن “مواطنة” وثقت انتهاكات واعتداءات مختلفة غير قانونية ارتكبتها أطراف النزاع خلال فترة سريان الهدنة، وسقط على إثرها ضحايا مدنيون وألحقت أضرارًا في الأعيان المدنية. معظم الضحايا المدنيين سقطوا بسبب الألغام والأجسام المتفجرة ومخلفات الحرب والرصاص الحي والطائرات المسيرة، وغيرها من الانتهاكات على المناطق المكتظة بالسكان المدنيين. بينما توقفت مقاتلات التحالف بقيادة السعودية والإمارات عن شن غارات جوية في اليمن منذ دخول الهدنة حيز التنفيذ أوائل أبريل/نيسان 2022. لا يعني هذا التوقف المؤقت في الضربات الجوية نهاية الحرب، فيمكن للتحالف استئناف الضربات الجوية في أي وقت.
قالت رضية المتوكل، رئيسة مواطنة لحقوق الإنسان: “نتابع جهود السلام الأممية بتقدير، ونثمن كل ما حققته لصالح المدنيين حتى الآن. ونحثّ المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن والمجتمع الدولي على وضع مسائل حقوق الإنسان في صدارة مساعيهم النبيلة لوقف الحرب في اليمن”.
تواجه جهود إحالة المنتهكين للمساءلة تحديات متزايدة، منذ أن صوّت مجلس حقوق الإنسان في 10 أكتوبر/ تشرين الأول 2021 لإنهاء ولاية فريق الخبراء البارزين GEE في دورته الـ48، أدى قرار أعضاء مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بإنهاء ولاية فريق الخبراء البارزين – تحت ضغط شديد من المملكة العربية السعودية رغم استمرار الحرب – إلى تفاقم خطر إفلات المسؤولين عن انتهاكات القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان من العقاب، بعضها قد يرقى إلى مستوى الجرائم بموجب القانون الدولي. تدعو “مواطنة” بصفة ملحة المجتمع الدولي إلى إنشاء آلية دولية جنائية مستقلة لمحاسبة المنتهكين وإنصاف ضحايا مثل هكذا انتهاكات في اليمن.
وخلال شهر مارس/آذار الحالي، أجرى وفد تابع للحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا وآخر من جانب جماعة أنصار الله “الحوثيين” مفاوضات بشأن تبادل الأسرى والمعتقلين، في مدينة جنيف السويسرية برعاية مكتب المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، رئيس اللجنة الإشرافية للإفراج عن جميع المحتجزين والمختفيين قسريًا بناء على اتفاق استوكهولم الموقّع في 13 ديسمبر/كانون الأول 2018، حيث ما تزال أماكن الاحتجاز تعجّ بآلاف المحتجزين بسبب النزاع المسلح الدائر في اليمن، وقد تم التوقيع على اتفاق بين الجانبين في يوم الاثنين 20 مارس/ آذار، وتضمن الاتفاق خطة تنفيذية للإفراج عن 887 محتجزًا بعد مفاوضات استمرت 10 أيام، على أن يتم الافراج عنهم خلال مدة اسبوعان من تاريخ التوقيع. تشيد “مواطنة” بالجهود المثمرة التي بذلها المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن لإتمام عملية الافراج عن المحتجزين، وتدعو “مواطنة” الأطراف المتحاورة في سويسرا لبذل جهود إضافية من أجل إطلاق سراح بقية المدنيين المحتجزين على ذمة الحرب دون شرط أو قيد.
فيما تبعث الأمم المتحدة بشكل متكرر تحذيرات لتكثيف الجهود الدولية من أجل عملية إنقاذ طارئة للناقلة “صافر” التي تحمل حوالي 1.14مليون برميل من النفط الخام الخفيف، والراسية بالقرب من ميناء الحديدة غرب اليمن.
تواصل “مواطنة” توثيق الانتهاكات التي تقترفها أطراف النزاع على الأرض كجماعة أنصار الله “الحوثيين” المسلحة، وقوات الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، والقوات الموالية للتحالف سواء للسعودية أو الإمارات (مثل قوات المجلس الانتقالي الجنوبي والقوات المشتركة والقوات السودانية) وقوات حرس الحدود السعودية.
في هذا البيان، يقدم لمحة عامة عن بعض أنماط الانتهاكات التي ارتكبتها مختلف أطراف النزاع في اليمن على مدى السنوات الثماني المنصرمة.
الهجمات الجوية
وقد وثقت “مواطنة” منذ مارس/ آذار العام 2015 وحتى مارس/ آذار 2022، ما لا يقل عن 1026 هجمة جوية استهدفت مدنيين أو أعيانًا مدنية، وتسببت في مقتل 3599 مدنيًا، من بينهم 493 امرأة و1201 من الأطفال، وجرح 3622 مدنيًا، بينهم 459 امرأة و711 طفلًا. أتت الهجمات الجوية على أحياء سكنية، ومستشفيات، وقرى، وأسواق، وجسور، ومدارس، ومنشآت خدمية وتجارية، وأعيان المدنية الأخرى.
انتهاكات حرس الحدود السعودي
أقدمت قوات التحالف العسكرية أيضًا على شن هجمات برية عشوائية على مناطق آهلة بالسكان، حيث قصفت قوات حرس الحدود السعودي مدنًا وقرى وأسواقًا يمنية متاخمة للحدود البرية بين السعودية واليمن. وزادت وتيرة الانتهاكات على نحو غير مسبوق بحق المهاجرين الأفارقة واليمنيين من قبل قوات حرس الحدود السعودي، فيما يدفن القتلى في منطقة الخِلْس الحدودية، حيث تصل أعداد القتلى والجرحى من المهاجرين إلى المئات.
وقد وثقت “مواطنة” منذ مارس/ آذار العام 2015 وحتى مارس/ آذار 2023، ما لا يقل عن 105 وقائع انتهاك ضد مدنيين من بينهم مهاجرون أفارقة، كالقصف البري العشوائي والرصاص الحي في محافظتي صعدة وحجة، أودت بحياة ما لا يقل عن 93 مدنيًا ومهاجرًا، من بينهم 7 نساء و45 طفلًا، وجرح ما لا يقل عن 202 من المدنيين والمهاجرين، بينهم 18 امرأة و 80 طفلًا، ارتكبتها قوات حرس الحدود السعودية.
كما وثقت “مواطنة” واقعة تعذيب وقتل مهاجرين أفارقة ويمنيين داخل الأراضي السعودية، وأصدرت بيانًا خاصًا بهذه الواقعة في منتصف العام 2022.
انتهاكات القوات السودانية
وقد وثقت “مواطنة” منذ مارس/ آذار العام 2015 وحتى مارس/ آذار 2023، 17 واقعة ارتكبتها القوات السودانية التابعة للتحالف بقيادة السعودية والامارات المتواجدة داخل الأراضي اليمنية، بما فيها الهجمات البرية، والدهس بالعربات العسكرية، والعنف الجنسي، والاختفاء القسري، والاعتقال التعسفي، والاعتداء الجسدي وسوء المعاملة.
وقد أصدرت “مواطنة” في عام 2022 بيانًا لتسليط الضوء على وقائع العنف الجنسي التي ارتكبتها القوات السودانية في بلدة حيران الحدودية بمحافظة حجة شمال غرب اليمن.
الهجمات البرية
نفذت القوات البرية كقوات المجلس الانتقالي، والقوات المشتركة في الساحل الغربي المدعومتين إماراتيًا هجمات برية عشوائية، تسببت هذه الهجمات في خسائر بين المدنيين ودمرت أعيانًا مدنية.
وثقت “مواطنة” منذ مارس/ آذار 2015 وحتى مارس/ آذار 2023، ما لا يقل عن 875 هجمة برية عشوائية أودت بحياة 799 مدنيًا، بينهم 128 امرأة و335 طفلًا، وجرحت ما لا يقل عن 1743 آخرين، بينهم 307 امرأة و575 طفلًا. تتحمل قوات التحالف والمدعومة من قبلها 144 هجمة برية، فيما تتحمل جماعة أنصار الله “الحوثيين” المسلحة المسؤولية في 534 هجمة برية، بينما تتحمل القوات الحكومية المعترف بها دوليًا مسؤولية 115 هجمة برية، بينما لم تستطع “مواطنة” تحديد الطرف المنتهك في 82 هجمة برية.
ويحظر القانون الدولي الإنساني الهجمات العشوائية، بما في ذلك الهجمات التي تستخدم أسلحة لا يمكن توجيهها إلى هدف عسكري محدد، أو التي تستخدم أساليب أو وسائل حربية لا يمكن توجيهها إلى هدف عسكري محدد. لا تميز هذه الهجمات بين الأهداف العسكرية والأشخاص أو الأعيان المدنية ؛ ولذلك ، فإنهم يشكلون انتهاكًا خطيرًا للقانون الدولي الإنساني.
تجنيد الأطفال
وثقت “مواطنة” وقائع تجنيد للأطفال من قبل مختلف أطراف النزاع في اليمن، واستخدامهم في المهام الأمنية أو اللوجستية أو القتالية كجزء من عملياتها العسكرية. ومنذ الفترة من مارس/آذار 2015 وحتى مارس/ آذار 2023، وثقت “مواطنة” 2615 واقعة تجنيد واستخدام لـ 3402 من الأطفال من بينهم فتيات، حيث تمت عملية التوثيق بواسطة أداتي المقابلة والمشاهدة.
جندت جماعة أنصار الله “الحوثيين” المسلحة ما لا يقل عن 2566 طفلًا، وجندت واستخدمت قوات التحالف بقيادة السعودية والإمارات والقوات الموالية لها 284 طفلًا، بينما وثقت مواطنة تجنيد واستخدام 552 طفلًا من قبل القوات الحكومية.
يحدد القانون الدولي سن 18 عامًا كحد أدنى لسن المشاركة في الأعمال العدائية المباشرة.
الألغام
منذ الفترة من مارس/آذار 2015 وحتى مارس/ آذار 2023، وثقت “مواطنة” ما يقارب 467 واقعة انفجار ألغام، راح ضحيتها 376 قتيلًا مدنيًا، بينهم 40 امرأة، و158 طفلًا. كما جُرح 541 مدنيًّا، بينهم 94 امرأة و222 طفلًا. تتحمل جماعة أنصار الله “الحوثيين” المسلحة مسؤولية زراعة هذه الألغام.
تواصل الألغام منذ اندلاع النزاع حصد أرواح اليمنيين وأطرافهم، وباتت تمثل حالة هلع ورعب يومي للمدنيين في المناطق الريفية، لا سيما في فترة سريان الهدنة بسبب العودة غير المحسوبة للمدنيين إلى مناطق سكنهم. وتُحظر الألغام كونها لا تفرق بين المدنيين والمقاتلين، كما أنها تواصل قتل وتشويه المدنيين لفترة طويلة حتى بعد انتهاء النزاع.
الاحتجاز التعسفي
وثقت “مواطنة” وقائع اعتقال تعسفي واختفاء قسري وتعذيب في سجون سرية أو رسمية تديرها أطراف النزاع منذ بدء النزاع المسلح في اليمن، فضلا عن تفشي الانتهاكات المرتبطة بالاحتجاز في جميع أرجاء اليمن كالاعتداءات الجسدية واللفظية.
خلال مارس/آذار 2015 وحتى مارس/ آذار 2023، وثقت “مواطنة” 2524 ضحية احتجاز تعسفي لمدنيين من بينهم عاملون صحيون ونساء وأطفال. اعتقلت قوات التحالف والقوات الموالية لها 474 ضحية مدنيًا. كما أقدمت جماعة أنصار الله “الحوثيين” المسلحة في المحافظات التي تسيطر عليها على اعتقال 1477 ضحية مدنيًا، بينما اعتقلت القوات الحكومية اليمنية 573 ضحية مدنيًا في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
الاختفاء القسري
خلال مارس/آذار 2015 وحتى مارس/ آذار 2023، وثقت “مواطنة” 1239 ضحية اختفاء قسري من بينهم عاملون صحيون ونساء وأطفال. قامت قوات التحالف والقوات الموالية لها بإخفاء قسري لـ 431 ضحية مدنيًا. كما أقدمت جماعة أنصار الله “الحوثيين” المسلحة في المحافظات التي تسيطر عليها على إخفاء قسري لـ 591 ضحية مدنيًا، بينما قامت القوات الحكومية اليمنية بإخفاء قسري لـ 217 ضحية مدني في المناطق التي تسيطر عليها.
التعذيب
خلال مارس/آذار 2015 وحتى مارس/ آذار 2023، وثقت “مواطنة” 421 ضحية تعذيب في مراكز الاحتجاز من بينهم عاملون صحيون ونساء وأطفال. قامت قوات التحالف والقوات الموالية لها بتعذيب 172 ضحية مدنيًا. كما أقدمت جماعة أنصار الله “الحوثيين” في المحافظات التي تسيطر عليها على تعذيب 146 ضحية مدنيًا، بينما عذبت القوات الحكومية 103 من الضحايا المدنيين في المناطق التي تسيطر عليها.
يحظر القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة أو العقاب، حيث لا يوجد ما يبرره تحت أي ظرف من الظروف.
الانتهاكات ضد النساء
وثقت “مواطنة” عشرات الوقائع التي ارتكبتها جماعة أنصار الله “الحوثيين” المسلحة ضد النساء، منها ممارسات واعتداءات تمييزية تحول دون حصول المرأة على حقوقها الأساسية، كالحرمان من السفر بدون “محرم” عبر مطار صنعاء الدولي، واشتراط موافقة ولي الأمر في التنقلات البرية الداخلية بين المحافظات، وتقييد حقها في العمل، وإغلاق النوادي والمساحات الترفيهية بدواعي الاختلاط بين الجنسين. في حين مارست جماعة الحوثي المسلحة تدابير ضد المحالّ التجارية لحرمان النساء من ارتداء بعض الملبوسات، وفرضت أزياء معينة تتلاءم مع “الهوية الإيمانية” وفق زعمها. كما وجهت بمنع الاختلاط في ندوات الأبحاث وحفلات التخرج في عددٍ من الجامعات، إلى جانب إثارة خطاب عام في المناطق التي تستحوذ عليها عبر منصات مختلفة، لكراهية النساء والتقليل من أهليتهن للعمل في الشأن العام.
في ظل تكريس الأدوار التنميطية للمرأة وعدم التعامل معها على قدم المساواة كالرجل، تدعو “مواطنة “جماعة أنصار الله “الحوثيين” المسلحة كسلطة أمر واقع في مختلف المناطق التي تسيطر عليها لاتخاذ كافة التدابير للقضاء على أشكال التمييز ضد المرأة في مجالات الحياة المختلفة، واحترام الحريات الأساسية التي يمارسها المدنيون في أنحاء اليمن.
منع وصول المساعدات الإنسانية
وثقت “مواطنة” خلال الفترة من مارس/ آذار 2015 وحتى مارس/ آذار 2023، 473 واقعة ارتكبتها الأطراف المتنازعة حالت دون وصول المساعدات الإنسانية والاحتياجات الأساسية لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة، بما فيها منع وصول المساعدات ونهب المعدات والمواد الطبية المخصصة للمراكز الصحية. وتتحمل جماعة أنصار الله “الحوثيين” المسلحة 408 واقعة منع وصول مساعدات، وما لا يقل عن 28 واقعة منع وصول مساعدات إنسانية قامت بها قوات التحالف بقيادة السعودية والإمارات والقوات الموالية لها، كما ارتكبت القوات الحكومية 37 واقعة منع وصول مساعدات إنسانية.
وكان لإغلاق التحالف للموانئ الجوية والبرية والبحرية في اليمن تأثيرًا معيقًا لإيصال المساعدات الإنسانية، ولقدرة المدنيين على الحصول على الغذاء والدواء والوقود؛ وهي مقتضيات لا غنى عنها لبقاء السكان على قيد الحياة. حيث تعتمد اليمن بشكل كبير على السلع المستوردة. كما أبقى التحالف مطار صنعاء الدولي مغلقا أمام الرحلات الجوية التجارية منذ 2016 وحتى أبريل/نيسان 2022. مع ذلك، تم إعادة فتح المطار بشكل محدود فقط أمام الرحلات التجارية ولوجهات معينة سلفاً.
بموجب القانون الدولي الإنساني، يجب على أطراف النزاع المسلح تسهيل المرور السريع للمساعدات الإنسانية للمدنيين المحتاجين وعدم التدخل بشكل تعسفي فيها.
الاعتداء على الرعاية الصحية
طوال الفترة من مارس/آذار 2015 وحتى مارس/آذار 2023، وثقت مواطنة لحقوق الإنسان 179 واقعة اعتداء على المستشفيات والمراكز الصحية والطواقم الطبية بأنماط مختلفة من الانتهاكات كالهجمات الجوية، والبرية، والرصاص الحي، والاقتحام المسلح، والاعتداء الجسدي على الطواقم الطبية، ما تسبب بإلحاق أضرار مادية جسيمة بالمستشفيات والمراكز الصحية، وحرمان السكان المدنيين من الوصول إلى الرعاية الصحية. وبحسب الوقائع التي وثقتها “مواطنة”، فقد ارتكبت قوات التحالف بقيادة السعودية والإمارات والقوات الموالية لها 69 واقعة، وتتحمل جماعة أنصار الله “الحوثيين” المسؤولية في 64 واقعة اعتداء على منشآت طبية، فيما تتحمل القوات الحكومية مسؤولية ارتكاب 46 واقعة.
الاعتداء على الحريات العامة والشخصية
تؤثر الاعتداءات على الحريات العامة والشخصية على شرائح واسعة من المجتمع اليمني، وقد وثقت مواطنة منذ مارس/ آذار 2015 ممارسات ارتكبتها أطراف النزاع تحدّ من الحريات الأساسية وعمل منظمات المجتمع المدني، وحضور المرأة في الشأن العام والنوادي والمساحات العامة، كالاستراحات وغيرها. كما استخدمت قوات الأمن التابعة لمختلف أطراف النزاع القوة القاتلة لقمع الاحتجاجات والتجمعات السلمية وإقامة الفعاليات والإضرابات.
كما وثقت “مواطنة” الانتهاكات التي تنال من الحق في حرية التعبير بما في ذلك الاعتقال التعسفي، والإخفاء القسري، والاعتداءات الجسدية والتعذيب، وإجراء المحاكمات غير العادلة ضد الصحفيين أو الناشطين والناشطات. ولا تزال جماعة أنصار الله “الحوثيين” المسلحة مستمرة في احتجاز 4 صحفيين بشكل تعسفي، حيث يواجه الصحفيون الأربعة عقوبة الإعدام بعد محاكمتهم بصورة جائرة في المحكمة الجزائية المتخصصة في صنعاء في أبريل/ نيسان 2020. ولا يزال الصحفي وحيد الصوفي مخفيًا قسريًا منذ 2015.
المساءلة وجبر الضرر
ضمن جهود تحقيق المساءلة وجبر الضرر، تدعو مواطنة لحقوق الإنسان المجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى إنشاء آلية تحقيق دولية مستقلة ذات تركيز جنائي في اليمن على وجه السرعة، تتمتع بصلاحية تعزيز المساءلة الجنائية عن الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، والتي من المحتمل أن ترقى إلى جرائم بموجب القانون الدولي. يجب أن تجمع هذه الآلية الأدلة وتحفظها، وتحلل هذه الأدلة لإعداد ملفات قضائية من أجل دعم عمليات المساءلة الجارية أو المستقبلية، وكذلك إصدار تقارير عامة عن حالة حقوق الإنسان في اليمن.