تعمل مواطنة لحقوق الإنسان على تقديم الدعم القانوني لضحايا الاحتجاز التعسفي منذ العام 2016، ووثقت حتى ديسمبر 2021، 1928 واقعة احتجاز تعسفي. وخلال العام 2021 فقط، وثقت مواطنة احتجاز 291 شخصا، من بينهم 12 طفلاً، حيث أقدمت جماعة أنصار الله- الحوثيون في المحافظات التي تسيطر عليها باحتجاز 126 شخصا، في محافظات: ذمار، وعمران، والبيضاء، والمحويت، وحجة، والضالع، وصعدة، وأمانة العاصمة، والحديدة، وتعز، وإب، ومأرب، وريمة، والجوف وصنعاء.
يقصد بالاحتجاز التعسفي، عملية احتجاز الأفراد بحيث لا يكون هناك أي دليل أو اشتباه بإقدامهم على أي عمل يخالف القوانين المحلية النافذة أو لم تكن عملية الاحتجاز جزء من العملية القانونية. أو هو الحرمان من الحرية خارج نطاق القانون، أو عملية اعتقال أو احتجاز الأفراد خارج نطاق القانون.
ووثقت مواطنة -أيضاً- في العام 2021، قيام القوات الحكومية باعتقال 80 شخصا، في محافظات: مأرب، وشبوة، وتعز، ولحج، وعدن، والضالع، وحضرموت، بينما تقع المسؤولية على قوات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيًا في اعتقال 57 شخصًا في محافظات: عدن، ولحج، وأبين، والضالع، وحضرموت. كما أقدمت القوات المشتركة في الساحل الغربي المدعومة إماراتيا على اعتقال 5 أشخاص في محافظتي تعز والحديدة. كما وثقت مواطنة خلال العام 2021 قيام النخبة الحضرمية المدعومة إماراتيا باعتقال 22 شخصا في محافظة حضرموت. إضافة إلى أن حصاد العام 2021 شمل توثيق حالات احتجاز تعسفي بحق 12 امرأة من القوات الحكومية في محافظتي مأرب وتعز، وجماعة أنصار الله (الحوثيين) في محافظتي حجة وعمران، وقوات المجلس الانتقالي في محافظة عدن، وقوات النخبة الحضرمية في محافظة حضرموت.
وكانت دراسة أجرتها “مواطنة” لحقوق الإنسان حول وضع مرافق الاحتجاز خلصت إلى أنها مكتظة وغير صحية، وبدون تهوية كافية، أو دورات مياه، أو مرافق استحمام، ولا يتمكن المحتجزون -غالبًا- من الوصول إلى مواد مثل الصابون. كما لا تتوفر رعاية صحية روتينية، وفي بعض الحالات يتم حرمان جميع المحتجزين من هذه الخدمة. وليس لدى إدارات السجون القدرة على استيعاب كل هذه الأعداد من المحتجزين أو الإمدادات الطبية أو المواد اللازمة لمواجهة جائحة سريعة الانتشار مثل فيروس (كوفيد- 19). هذا الأمر يزيد من مخاطر تعرض المحتجزين لمخاطر الإصابة، وما قد يترتب على ذلك من خسائر في الأرواح.
وفي حين أن ظروف الاحتجاز في جميع أنحاء اليمن، بما في ذلك في مواقع الاعتقال الرسمية، غالبًا ما تكون مروعة، تثير مواقع الاحتجاز غير الرسمية قلقًا خاصًا نظرًا لأن وصول المراقبين المستقلين والعائلات يكون عادة محدودًا أو غير متاح، كما أن التعذيب وغيره من أشكال المعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة منتشرة في هذه الأماكن بشكل خاص، وتستخدم العديد من هذه المواقع لإخفاء الأفراد لفترات طويلة.
في يوم السبت 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2016، قام مسلحون يرتدون ملابس مدنية باعتقال عثمان عبده (21 سنة) من فناء المسجد المجاور لمنزله في منطقة ضلاع، مديرية همدان، محافظة صنعاء. ونقل على متن سيارة لا تحمل لوحات معدنية إلى مكان مجهول. لم تعلم أسرة عثمان بمكان تواجده حتى تلقت اتصاًل هاتفيًّا منه بعد أربعة أشهر من اختفائه ليخبرهم أنه محتجز في الأمن السياسي بصنعاء. وبعد محاولات كثيرة لأقاربه تم السماح لهم بزيارته.
أجرى فريق مواطنة لحقوق الإنسان الميداني بحثًا استقصائيًّا استطاع من خلاله مقابلة والدة عثمان التي وصفت زيارتها الأولى لولدها في المحتجز. تقول والدته، حفصة يحيى (55 سنة):
"رأيته لأول مرة، كانت حالته يرثى لها، كان من الواضح أنه تعرض للتعذيب. لقد تعرض لخلع في معصمه وهو يعاني من آلام في مفاصله وظهره".
ويقول أقارب لعثمان إنه يواجه معاملة سيئة في المركز الاحتجاز، وأن الظروف هناك سيئة أيضًا، وأنه بحاجة ماسة للرعاية الطبية، وهذا ما لم يسمح به القائمون على المحتجز. كما أفادت والدته أنها اضطرت لبيع منزل العائلة لمواجهة نفقات متابعة القضية وتوفير احتياجات ولدها في المحتجز.
ويضيف أقارب عثمان أنه تم التحقيق معه واتهامه بالتخابر مع التحالف وحكومة هادي، وتم تحويل ملف عثمان إلى النيابة الجزائية المتخصصة ضمن مجموعة من 36 محتجزًا، وقد وجهت لهم "تهم باطلة ودعاوى كيدية"، حسب قول والدته.
ويحظر كلٌّ من القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان الاحتجاز التعسفي. وتنص المادة التاسعة من المعاهدة الدولية للحقوق المدنية والسياسية (اليمن من الموقعين عليها)، على أنه “لا يجوز توقيف أي شخص أو احتجازه تعسفيا أو حرمانه من حريته إلا لأسباب ينص عليها القانون وطبقا للإجراءات المقررة فيه”. وصرحت لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة أنه لا يحق للدولة فرض حالة الطوارئ لتبرير الاحتجاز التعسفي. ولا بد من وجود سبب مبرر لكل من الاحتجاز المبدئي واستمرار هذا الاحتجاز لمنع الاحتجاز التعسفي، كما يجب إبلاغ الشخص عن أسباب القبض عليه وعرضه فورا على القضاء لكي يحصل على فرصته للطعن في مشروعية احتجازه. ويُعد حرمان الشخص من الحق بمحاكمة عادلة جريمة حرب.