إن سلطات جماعة أنصارالله (الحوثيين)، التي وقعت واقعة التعذيب ضمن النطاق الجغرافي لسيطرتها، مدعوة ابتداءً، لتعديل سلوكها في الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري والتعذيب، ومراجعة ممارساتها القمعية بحق المدنيين اليمنيين في سجونها وأماكن احتجازها، كي لا تكون الجريمة سياقاً عاماً ينطلق المجتمع في ممارستها أسوة بهم.
دار الكثير من الجدل مؤخراً عن دور منظمات المجتمع المدني في مناصرة قضية الشاب عبدالله الأغبري الذي قُتل في واقعة تعذيب بشعة تشير تفاصيلها إلى أنها ذات طابع جنائي، وعن كيفية مساندة مسار العدالة والانتصاف فيها.
هذا الجدل ليس وليد هذه اللحظة، مع وجود آلة إعلامية موجهة من شأنها الاستثمار في مآسي اليمنيين لإذكاء الحرب وجعل جذوتها متقدة، ولذا يتم عمداً الخلط بين ما هو حقوقي وسياسي وجنائي، بين ما هو خاص وعام. لكن من المهم أيضاً، إيصال صوتنا في منظمة “مواطنة” وبتجرد أيضاً، للشخص اليمني (المدني) الذي نستهدف في عملنا الضغط على جميع الأطراف المنتهكة لكف اليد عنه وعن مصالحه. فالسؤال المشروع الذي قد يطرحه الناس “ما هو دور المنظمات الحقوقية في مثل هذه الوقائع”؟
إن سلطات جماعة أنصارالله (الحوثيين)، التي وقعت واقعة التعذيب ضمن النطاق الجغرافي لسيطرتها، مدعوة ابتداءً، لتعديل سلوكها في الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري والتعذيب، ومراجعة ممارساتها القمعية بحق المدنيين اليمنيين في سجونها وأماكن احتجازها، كي لا تكون الجريمة سياقاً عاماً ينطلق المجتمع في ممارستها أسوة بهم.
إن مراقبة مسار الأحداث في قضية مقتل الشاب عبدالله الأغبري وقد أحيلت للجهات المختصة، لا يعني بأي حال عدم التضامن مع الضحية، والشعور بالخسارة ونحن نراه يطحن تحت آلة تعذيب وحشية، من قبل مجموعة من الذئاب البشرية. من المهم بالتوازي أيضاً، أن نحشد أصواتنا جميعاً، باتجاه مراقبة أطراف الحرب، التي دأبت منذ أكثر من خمس سنوات، على اقتراف جريمة التعذيب وممارسته في مأمن من المساءلة. وفي واقعة الأغبري تحديداً، تكمن مسؤولية المنظمات الحقوقية في متابعة سير الإجراءات للتأكد من عدم وجود تلاعب يحرف مسار القضية بطريقة لا تحقق العدالة للأغبري وأسرته المكلومة.
إن سلطات جماعة أنصارالله (الحوثيين)، التي وقعت واقعة التعذيب ضمن النطاق الجغرافي لسيطرتها، مدعوة ابتداءً، لتعديل سلوكها في الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري والتعذيب، ومراجعة ممارساتها القمعية بحق المدنيين اليمنيين في سجونها وأماكن احتجازها، كي لا تكون الجريمة سياقاً عاماً ينطلق المجتمع في ممارستها أسوة بهم.
وتنافس الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً والمجلس الانتقالي الجنوبي أنصار الله (الحوثيين)، حيث ينتشر التعذيب في المناطق التي تقع تحت سلطتهم. ومن الأجدر أن تكون المنافسة في مدى احترام هذا الطرف أو ذاك لحقوق الإنسان بدلاً من التنافس فيمن يكون الأسوأ. الثابت حتى اللحظة أن التعذيب في اليمن سلوك واحد تمارسه أطراف متعددة.
ومع حرصنا في مواطنة لحقوق الإنسان على متابعة سير الإجراءات القانونية لقضية الأغبري، لتمكين طرفي القضية من حقوقهما القانونية، إلا أن ما أثير خلال الأيام الماضية لم يحِد كثيراً عن مطالبنا الحقوقية التي لطالما كررناها في أدبيات عملنا ومخرجاته – التعذيب جريمة بشعة لا يجب التسامح معها ، وعلى من يمارسه التوقف فوراً.
ولذا من الأهمية بمكان، انتهاز الحراك الشعبي في هذا الجانب، للتذكير بمئات الوقائع التي وثقتها “مواطنة”، وفيها جملة من ممارسات التعذيب ومن ذلك المفضي إلى الموت بطريقة ممنهجة.
لم يتح للناس الاطلاع على تسجيلات حية لهذه الممارسات، لكن ذلك لا يعني أن ما يمارس داخل الأقبية والسجون والزنازين يقل بشاعة وسادية مما رأيناه، هذا إذا لم يكن أكثر من ذلك، إلى درجة تفوق التصور. هؤلاء أيضاً، ينتظرون منّا وقفة حاسمة وإعادة تسليط الضوء لإنهاء معاناتهم ومعاناة ذويهم وعمل حد لمثل هكذا فظاعات.
لقد كان عملنا في الفترة الماضية، ولايزال، يحاول نقل ما تخفيه أطراف النزاع من تنكيل بالمدنيين. ولطالما كنا نبحث جميعاً عن عين ترقب هذا الاستهتار بالمدنيين وحياتهم، يمكننا إعادة تقريب كاميرتنا إلى أقرب مسافة، لرؤية نزر يسير مما تمارسه هذه الأطراف. وهي فرصة لتذكيرها بانتهاكاتها لتعلم أنه حانت ساعة الحقيقة لإدراك أن اليمنيين شبوا عن الطوق، ولم تعد أي من هذه الأعمال مقبولة أبداُ.
تعرض محتجزين للاعتـداء الجنسـي، وحرق الأعضاء التناسلية، والتفتيـش المهيـن، والترويع باستخدام الكلاب، والحقن بمواد مجهولة، ومنع استخدام دورات المياه، ومنع التواصل مع الأقارب. والركل، والضـرب بالسـياط، والحـرق بأعقـاب السـجائر، وإدخـال قضبـان حديديـة فـي الشرج، والإجبار على شرب البول، والحرق بأعقاب السجائر.
وفي تقريرها “في العتمة” الصادر في يونيو/ حزيران 2020، وثقت “مواطنة” طرق مختلفة للتعذيب استخدمتها أطراف النزاع والسلطات المختلفة في اليمن في سجونها الرسمية وغير الرسمية. ومن بين وسائل التعذيب التي وثقتها “مواطنة” بما في ذلك مراكز الاحتجاز المذكورة في هذه المدونة نزع الأظافر، والضرب المبرح والصدمات الكهربائية، عدم السماح للمحتجزين بالتعرض لأشعة الشمس، وعدم تقديم حصص كافية من الطعام والمياه الصالحة للشرب، ومنع الرعاية الطبية والتعليق باليدين، ومصادرة الملابس.
ومن طرق التعذيب الموثقة أيضاً إخراج محتجزين إلى الساحة ليلاً في فصل الشتاء، وانعدام منافذ للتهوية أو الضوء، واستخدام المثقـاب الكهربائـي، والتعرية القسـرية، والتهديـد بالاغتصـاب أو اغتصاب الأقارب، والحرمان من النوم، واستخدام مكبرات الصوت لإحداث ضجيج، والصلـب مـع إبقـاء الأرجـل إلـى الأعلـى، والحرمان من تأدية الشعائر الدينية.
وبحسب شهادات وثقتها “مواطنة”، فقد تعرض محتجزين للاعتـداء الجنسـي، وحرق الأعضاء التناسلية، والتفتيـش المهيـن، والترويع باستخدام الكلاب، والحقن بمواد مجهولة، ومنع استخدام دورات المياه، ومنع التواصل مع الأقارب. والركل، والضـرب بالسـياط، والحـرق بأعقـاب السـجائر، وإدخـال قضبـان حديديـة فـي الشرج، والإجبار على شرب البول، والحرق بأعقاب السجائر.
في تقريرها في “العتمة” الصادر في يونيو/حزيران 2020، تحققــت منظمة “مواطنــة” لحقــوق الإنسان ممــا لا يقــل عــن 32 واقعــة تعذيـب فـي جهـاز الأمـن والمخابـرات “جهـازي الأمن القومـي والسياسـي سـابقاً” الذي تديره جماعة “أنصارالله” الحوثيون بالعاصمـة صنعـاء.
وقال محتجز سابق لــ”مواطنة” إن هناك قسما يسمى (الجناح الغربي) وبطلق عليه (قسم المختفين) ويتم فيه عزل بعض المحتجزين ومنعهم من الاختلاط ببقية نظرائهم، لكيلا تتسرب أخبار احتجازهم إلى ذويهم.
وفي قاعة وضاح، التي يديرها المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيًا ويتخذ منها محتجزاً غير رسمي حتى مطلع العام 2020، تحققـت “مواطنـة” ممـا لا يقـل عـن 18 واقعـة تعذيـب، وواقعتـي وفــاة فــي مــكان الاحتجــاز فــي قاعــة وضــاح، خـلال الفتــرة مــن مايــو/ أيــار 2016 إلــى أبريل/نيســان 2020.
وأضــاف أن ثلاثة محتجزيــن علــى الأقــل أصيبــوا بوبــاء الكوليــرا وتوفــوا فــي المعتقــل دون أن يتــم إسـعافهم أو تقديـم رعايـة طبيـة لهـم، بحسـب شـهادات لمحتجزيـن آخريـن. وقـد وثقـت “مواطنـة” وقائـع تعذيـب محتجزيـن فـي سـجن “قاعـة وضـاح” صفـد فيهـا المحتجـزون ثـم تـم رميهـم بالحجـارة.
وفي مدينة الصالح، شمال مدينة تعز، والتي تحكم جماعة “أنصارالله” الحوثيين السيطرة عليها، تحققــت “مواطنــة” ممــا لا يقــل عــن 4 وقائــع تعذيـب، وواقعتـي وفـاة فـي مـكان الاحتجـاز، خـلال الفتـرة مـن مايـو/ أيـار 2016 إلـى أبريل/نيسـان 2020.
وعلمـت “مواطنـة” أن غرفـة احتجـاز واحـدة علـى الأقل تسـمى “الضغاطـة – قِدر الضغـط”، وهـي غرفـة فـي قبـو أحـد المبانـي مسـاحتها 3×2 متـر ، وهـي مغلقـة تمامـا ولا يدخلهـا الضـوء، ويحتجـز فيهـا من 4 إلى 12 محتجزاً دون دورة مياه.
وخلال فترات طويلة بيـن العـام 2016 والعـام 2019، تحفظـت إدارة المعتقـل عـن مصيـر المحتجزيـن فـي مدينـة الصالـح ولـم تسـمح لهـم بالتواصـل مـع ذويهـم.
وعلمـت “مواطنـة” أن ضحيـة واحـد علـى الأقـل توفـى فـي مدينـة الصالـح بسـبب تدهـور حالتـه الصحيـة وعـدم حصولـه علـى أي رعايـة طبيـة.
أما في معسكر الجلاء التابع للمجلس الانتقالي المدعوم إماراتياً، تحققـت “مواطنـة” ممـا لا يقـل عن 17 واقعة تعذيـب فـي معسـكر الجـلاء، خـلال الفتـرة مـن مايـو/ أيـار 2016 إلـى أبريل/نيسـان 2020.
وتحــدث محتجــزون ســابقون لــ “مواطنــة” أن القبــو الــذي تــم احتجازهــم فيــه كان شــديد الرطوبــة والحـرارة ولـم يكـن هنـاك منافـذ للهـواء والضـوء، وأن محتجزيـن تعرضـوا للتعذيـب. بطرق مختلفة.
تحـدث ذوو المحتجزيـن لــ “مواطنـة” أنهـم لـم يسـتطيعوا التواصـل مـع أبنائهـم المحتجزيـن، وأن إدارة الأمـن السياسـي ترفـض الاسـتجابة لمذكـرات إطـلاق السـراح، بمـا فـي ذلـك المذكـرات الصـادرة عـن وزارة الداخليـة والنيابـة العامـة.
وفي معسكر التحالف بالبريقة، عدن، والتابع للتحالف بقيادة السعودية والإمارات، تحققــت “مواطنــة” مما لا يقــل عــن 8 وقائــع تعذيـب فـي معسـكر التحالـف، خلال الفتـرة مـن مايـو/ أيـار 2016 إلـى أبريل/نيسـان 2020.
وتم في هذا المكان إيداع المحتجزيــن فـي حاويـات للبضائـع، وأن كل حاويـة فيهـا مـا يقـارب مـن 7 إلـى 21 محتجـزًا. ويقـوم بالتحقيـق مـع المحتجزيـن فـي معسـكر التحالـف ضبـاط وجنـود إماراتيـون. وتحـدث محتجـزون سـابقون بـأن التكييـف فـي تلـك الحاويـات هـو نـوع مـن التعذيـب، حيـث يخضـع المحتجـزون لدرجـة حـرارة منخفضـة جـداً.
تحققــت “مواطنــة” من 4 وقائــع تعذيـب و3 وقائـع وفـاة فـي مـكان الاحتجـاز فـي الأمـن السياسـي بمأرب، والذي تديره قوات حكومية محسوبة على حزب الإصلاح، خلال الفتـرة مـن مايـو/ أيـار 2016 إلـى أبريل/نيسـان 2020.
وتحــدث محتجــزون ســابقون لــ “مواطنــة” أن مــكان الاحتجــاز يقــع فــي قبــو لا توجــد فيــه وســائل للتهويــة، وأن إدارة الأمــن السياســي فــي مــأرب تســتخدم معهــد “الصالــح” كمركــز احتجــاز احتياطــي عنـد خـروج سـجن الأمـن السياسـي عـن الطاقـة الاسـتيعابية. ووثقـت “مواطنـة” وقائـع تعذيـب فيه.
وتحـدث ذوو المحتجزيـن لــ “مواطنـة” أنهـم لـم يسـتطيعوا التواصـل مـع أبنائهـم المحتجزيـن، وأن إدارة الأمـن السياسـي ترفـض الاسـتجابة لمذكـرات إطـلاق السـراح، بمـا فـي ذلـك المذكـرات الصـادرة عـن وزارة الداخليـة والنيابـة العامـة.
أما جهاز الأمن والمخابرات “جهازي الأمن القومي والسياسي سابقاً”، في مدينة الحديدة، والذي تديره جماعة “أنصارالله” الحوثيين، فقد تحققــت “مواطنــة” ممــا لا يقــل عــن 7 وقائــع تعذيــب وقعت فيه خـلال الفتــرة مــن مايــو/ أيــار 2016 إلــى أبريــل/ نيســان 2020.
وفي كلية المجتمع، ذمار، والتي تتخذ جماعة “أنصارالله” الحوثيين من بعض مبانيها محتجزاً غير رسمي، تحققــت “مواطنــة” ممــا لا يقــل عــن وواقعتــي تعذيــب، وواقعــة وفــاة فــي مــكان الاحتجــاز خــلال الفتــرة مــن مايــو/ أيــار 2016 إلــى أبريل/نيســان 2020.
وقابلـت “مواطنـة” محتجزيـن سـابقين أفـادوا بـأن ظـروف الاحتجـاز كانـت سـيئة للغايـة وغيـر ملائمـة
لمتطلبـات العيـش الصحـي، وأن أمراضًـا معديـة انتشـرت بيـن المحتجزيـن كالسـل والجـرب.
وفي سجن الريان، الذي يديره التحالف بقيادة السعودية والإمارات وقوات النخبة الحضرمية التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، تحققـت “مواطنـة” ممـا لا يقـل عـن 10 وقائـع خـلال الفتـرة مـن مايـو/ أيـار 2016 إلـى أبريل/نيسـان 2020.
كمـا أوضـح محتجز سابق لــ “مواطنـة” حالهـم فـي هـذا المحتجـز، حيـث كانـت أعينهـم معصوبـة، وأيديهـم وأرجلهـم
مقيـدة طـوال الوقـت فـي زنازيـن لا يصلهـا الضـوء، وأنهـم منعـوا مـن اسـتخدام دورات الميـاه، وأجبـروا علـى السـجود لعلـم دولـة الإمـارات.
وفي سجن 14 أكتوبر، الذي يديره الحزام الأمني التابع للمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيًا، تحققــت “مواطنــة” ممــا لا يقــل عــن 29 واقعــة تعذيـب، و4 وقائـع وفـاة فـي مـكان الاحتجـاز فـي سـجن 7 أكتوبـر، خـال الفتـرة مـن مايـو/ أيـار 2016 إلـى أبريل/نيســان 2020.
وفي حالات أخرى أدخــل محتجــزون ليلاً فــي بــرك إســمنتية فيهــا ميــاه بــاردة جــدا وأجبــروا علــى البقـاء فيهـا حتـى فقـدوا وعيهـم. كمـا وثقـت “مواطنـة” وقائـع تعذيـب ذي طابـع جنسـي ، ووقائـع أخـرى لمـوت فـي مـكان الاحتجـاز بعـد التعـرض للتعذيـب. وتـم إلقـاء جثـث لمحتجزيـن فـي فنـاء مستشـفى الـرازي، بجعـار، مديريـة خنفـر.
وفي جهاز الأمن والمخابرات “جهازي الأمن القومي والسياسي سابقا”، في إب، الذي تديره جماعة “أنصارالله” الحوثيون، تحققــت “مواطنــة” ممــا لا يقــل عن 5 وقائــع تعذيــب خــلال الفتــرة مــن مايــو/ أيــار 2016 إلــى أبريل/نيســان 2020.
قـال محتجـزون سـابقين لـ”مواطنـة” إنهـم تعرضـوا للتعذيـب وضـروب أخـرى مـن المعاملـة السـيئة فـي غُرف الاحتجـاز الانفراديـة، مثـل الضـرب بالسـوط وأعقـاب البنـادق، والصعـق بالكهرباء.
على جميع أطراف النزاع والسلطات المختلفة الكف فوراً عن استخدام التعذيب، وعليها أن تتذكر أن مثل هذه الانتهاكات لا تسقط بالتقادم.