قتل غير قانوني على ما يبدو والأولوية للعدالة في أي محادثات سلام مستقبلية
(صنعاء) – قالت “مواطَنة لحقوق الإنسان” و”هيومن رايتس ووتش” اليوم إن التحالف بقيادة السعودية والإمارات شنّ ثلاث هجمات في اليمن أواخر يناير/كانون الثاني 2022، في انتهاك لقوانين الحرب على ما يبدو، أدت إلى مقتل نحو 80 مدنيا، بينهم ثلاثة أطفال، وإصابة 156 بينهم طفلان.
بعد إحدى الغارات التي يبدو أنها استخدمت صواريخ موجهة بالليزر من تصنيع شركة “رايثيون” على منشأة احتجاز في صعدة، أجرى التحالف بقيادة السعودية والإمارات تحقيقا أفاد أن الهجوم كان على منشأة عسكرية. لكن مواطنة لحقوق الإنسان وهيومن رايتس ووتش لم تجدا أي دليل يدعم هذا الادعاء. قال شهود إن قوات الحوثيين التي كانت تحرس المنشأة أطلقت النار أيضا على محتجزين حاولوا الفرار، ما أدى إلى مقتل وإصابة عشرات. جاءت هجمات التحالف انتقاما على ما يبدو من هجمات الحوثيين على الإمارات في 17 يناير/كانون الثاني.
قالت لما فقيه، مديرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “بعد ثماني سنوات من النزاع الذي نَكَب حياة المدنيين في اليمن، يبدو أن الوضع يزداد سوءا. لتنجح مفاوضات السلام التي تدعمها الأمم المتحدة، يجب أن تكون نتائجها دائمة، ما يتطلب وضع العدالة بشأن الفظائع الماضية في صميم أي اتفاق سلام”.
في 1 أبريل/نيسان، أعلنت الأمم المتحدة أنها توسطت في اتفاق بين جماعة الحوثيين المسلحة والتحالف بقيادة السعودية والإمارات يتضمن وقفا لإطلاق النار لمدة شهرين يتزامن مع بداية شهر رمضان. في 7 أبريل/نيسان، نقل الرئيس عبد ربه منصور هادي سلطته الرئاسية إلى “مجلس القيادة الرئاسي” برئاسة السياسي اليمني رشاد العليمي، والذي يضم سبعة أعضاء آخرين. يعزز إعلان وقف إطلاق النار لشهرين محادثات السلام، مع إقرار التحالف والحوثيين بأنها خطوة نحو اتفاق سياسي لإنهاء النزاع.
قالت مواطَنة لحقوق الإنسان وهيومن رايتس ووتش إن الهجمات الأخيرة تؤكد الحاجة الملحة للسعي إلى المساءلة عن الانتهاكات الحقوقية وجرائم الحرب في اليمن من خلال الملاحقات القضائية. يجب تشكيل لجنة تحقيق دولية جديدة تحل محل لجنة التحقيق التي فوضتها الأمم المتحدة، وانتهت ولايتها في أكتوبر/تشرين الأول 2021.
يجب أن تتضمن أي مفاوضات واتفاقيات مقبلة إنشاء آلية دولية ذات مصداقية لضمان المساءلة عن الانتهاكات التي ارتكبتها جميع أطراف النزاع، ويجب تجنب المصادقة على أي قرارات عفو عن الجرائم الدولية الجسيمة. بموجب سياسات الأمم المتحدة، لا يمكن للمنظمة الأممية المصادقة على اتفاقيات السلام التي تعِد بالعفو عن الإبادة الجماعية، أو جرائم الحرب، أو الجرائم ضد الإنسانية، أو الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. مفاوضو السلام وموظفو المكاتب الميدانية ملزمون بعدم تشجيع أو التغاضي عن قرارات العفو التي تمنع مقاضاة المسؤولين عن الجرائم الخطيرة. يجب أن توفر الآلية المنشأة سبيلا لمحاكمة المسؤولين عن انتهاكات قوانين الحرب وتقديم تعويضات مناسبة للضحايا.
في 17 يناير/كانون الثاني، هاجمت قوات الحوثيين “شركة بترول أبو ظبي الوطنية” (أدنوك) في منطقة المصفح بأبو ظبي ومطار أبو ظبي الدولي. أفادت وسائل إعلام محلية أن الهجمات وقعت نحو الساعة 10 صباحا. أصاب الهجوم على شركة النفط ثلاثة صهاريج بترول وقتل ثلاثة أشخاص وجرح ستة آخرين. أسفر الهجوم على المطار عن حريق صغير.
أعلن المتحدث العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع الهجمات والأهداف في خطاب متلفز ذلك اليوم، مشيرا إلى أن قوات الحوثيين أطلقت خمسة “صواريخ باليستية ومجنحة” وطائرات مسيّرة استهدفت “مطاري دبي وأبو ظبي، ومصفاة النفط في المصفح في أبو ظبي، وعددا من المواقع والمنشآت الإماراتية الهامة والحساسة”. الهجمات التي تستهدف الأعيان المدنية، والهجمات العشوائية التي لا تميّز بين الأهداف المدنية والعسكرية محظورة بموجب قانون النزاعات المسلحة.
بعد تلك الهجمات، دمرت غارات التحالف في 17 يناير/كانون الثاني مبنيَيْن سكنيين، بما فيهما منزل العميد الحوثي عبد الله الجنيد، مدير كلية الطيران والدفاع الجوي في العاصمة اليمنية صنعاء، وألحقت أضرارا بأربعة مبان سكنية مجاورة. قال أحد الناجين وشاهدان آخران لـ هيومن رايتس ووتش إن الغارات الجوية قتلت الجنيد وتسعة أشخاص آخرين، بينهم امرأتان، قال الشهود إنهم مدنيون. قال الناجي إن تسعة مدنيين آخرين أصيبوا أيضا، بينهم ثلاث نساء.
في الأيام التالية، شن التحالف غارات جوية أخرى في شمال اليمن لم تسفر عن خسائر في صفوف المدنيين. في 18 يناير/كانون الثاني، أفادت وسائل إعلام حوثية أن غارات جوية استهدفت الكلية العسكرية ومباني مجلس النواب في صنعاء. في 19 يناير/كانون الثاني، أفادت وسائل إعلام حوثية أن غارات جوية استهدفت مطار صنعاء ومحيطه. في 20 يناير/كانون الثاني، أفادت وسائل إعلام حوثية أن غارات جوية استهدفت المنطقة المحيطة بمطار صنعاء، وهنجر للمواد الغذائية في منطقة التحرير، ومنطقة الصافية، ما أصاب منازل بأضرار.
في 20 يناير/كانون الثاني، الساعة 10:15 ليلا، أصابت غارة جوية للتحالف مبنى اتصالات في الحُديدة ودمرته، في هجوم غير متناسب على ما يبدو استهدف البنية التحتية الحيوية. أفادت منصات مراقبة الإنترنت أنه من حوالي الساعة 1 صباح 21 يناير/كانون الثاني حتى 25 يناير/كانون الثاني، كان هناك انقطاع شبه كامل للإنترنت في اليمن. قتل الهجوم خمسة مدنيين كانوا قريبين، بينهم ثلاثة أطفال، وأصاب 20 آخرين، بينهم طفلان، بحسب أقارب الضحايا الذين تحدثوا إلى مواطنة لحقوق الإنسان.
في 21 يناير/كانون الثاني، استهدفت الغارات الجوية للتحالف مركز احتجاز يسيطر عليه الحوثيون في محافظة صعدة. أظهر صحفي يمني زار موقع الهجوم لـ هيومن رايتس ووتش صورة بقايا إحدى الذخائر المستخدمة في الهجوم، والتي تضمنت علامات تشير إلى أنها صُنعت من قبل الشركة الأمريكية رايثيون.
في 8 فبراير/شباط، قال “الفريق المشترك لتقييم الحوادث”، الذي أنشأه التحالف للتحقيق في الانتهاكات، إن الضربة في صعدة استهدفت “معسكر أمني خاص… وهو هدف عسكري مشروع”، لكن الأدلة التي جمعتها هيومن رايتس ووتش ومواطنة لحقوق الإنسان تظهر بشكل متسق أن المنشأة المستهدفة كانت مركز احتجاز.
بعد الغارات الجوية على المنشأة، بحسب شهود عيان، أطلقت قوات الحوثيين التي تحرسها النار على المحتجزين الذين حاولوا الفرار من الموقع. قال عاملون طبيون في المستشفيات التي تستقبل المصابين لـ مواطنة لحقوق الإنسان إنهم عالجوا 162 جريحا واستقبلوا 82 جثة. بحسب الطاقم الطبي، أصيب 16 من القتلى و35 من الجرحى بطلقات نارية. قال محتجز نجا من الهجوم وساعد في عملية الإنقاذ لـ مواطَنة إن ثلاثة أطفال أصيبوا. أفاد المعتقَل أن المنشأة كانت تضم قسما للأطفال المحتجزين.
بموجب القانون الإنساني الدولي، أو قوانين الحرب، يجوز للأطراف المتحاربة استهداف الأهداف العسكرية فقط. عليهم اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتقليل الضرر اللاحق بالمدنيين، بما يشمل التحذير المسبق الفعال من الهجمات. الهجمات المتعمدة على المدنيين والأعيان المدنية محظورة. تحظر قوانين الحرب أيضا الهجمات العشوائية، والتي تشمل الهجمات التي لا تميز بين الأعيان المدنية والعسكرية أو التي لا تستهدف هدفا عسكريا. كما تُحظَر الهجمات التي يكون فيها الضرر المتوقع بالمدنيين والممتلكات المدنية غير متناسب مع المكسب العسكري المتوقع. الأفراد الذين يرتكبون انتهاكات جسيمة لقوانين الحرب بقصد إجرامي – أي عمدا أو بتهور – مسؤولون عن جرائم حرب.
على الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا ودول أخرى تعليق جميع مبيعات الأسلحة للسعودية والإمارات ليس إلى حين وقف الضربات الجوية غير القانونية في اليمن فحسب، بل أيضا التحقيق بمصداقية في الانتهاكات المزعومة. على الأطراف المتحاربة الامتناع عن استخدام الذخائر المتفجرة ذات الآثار الواسعة في المناطق المأهولة بالسكان، لأنها تسبب أضرارا فورية وطويلة الأجل بالسكان المدنيين. على الحكومات أيضا دعم إعلان سياسي قوي يعالج الضرر الذي تسببه الأسلحة المتفجرة للمدنيين ويلزم الدول بتجنب استخدام تلك التي لها آثار واسعة في المناطق المأهولة بالسكان.
لا توجد هيئة تحقيق دولية حاليا توثق انتهاكات حقوق الإنسان والهجمات غير القانونية من قبل أطراف النزاع في اليمن. في أكتوبر/تشرين الأول 2021، وتحت ضغط شديد من السعودية والإمارات، صوّت “مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة” بفارق ضئيل لصالح إنهاء ولاية “فريق الخبراء البارزين الدوليين والإقليميين بشأن اليمن”، ما أدى إلى إنهاء الهيئة الدولية المستقلة الوحيدة التي تحقق في الانتهاكات التي ترتكبتها جميع أطراف النزاع في اليمن.
تصاعدت الغارات الجوية للتحالف بعد ذلك، وفقا لموقع “مشروع بيانات اليمن” الذي ينشر إحصاءات عن غارات التحالف الجوية، حيث بلغ عدد الضحايا المدنيين أعلى معدل شهري له منذ أكثر من عامين. حثت مواطنة لحقوق الإنسان وهيومن رايتس ووتش الأمم المتحدة، على الإسراع إما عن طريق “الجمعية العامة” أو “مجلس حقوق الإنسان” بإنشاء آلية تحقيق لجمع الأدلة على جرائم الحرب المحتملة من قبل جميع الأطراف، وإعداد القضايا للمحاكمات الجنائية في المستقبل.
قالت رضية المتوكل، رئيسة مواطَنة لحقوق الإنسان: “يشكل قتل وجرح المدنيين في مثل هذه الهجمات الدموية واستهداف البنية التحتية الحيوية للبلاد نتيجة طبيعية للإفلات من العقاب على جرائم الحرب في اليمن. يمكن للدول الأعضاء في الأمم المتحدة تعزيز المساءلة عبر إنشاء آلية تحقيق دولية جديدة للمساءلة مع تفويض لتقييم المسؤولية الجنائية المحتملة”.
الهجمات على الإمارات في 17 يناير/كانون الثاني هي أحدث هجمات الحوثيين العشوائية على الإمارات والسعودية. أطلقت قوات الحوثيين صواريخ بشكل متكرر على مطارات مدنية في السعودية فيما يبدو أنه جرائم حرب. مؤخرا، في 10 فبراير/شباط، أصاب هجوم طائرة مسيّرة للحوثيين على مطار أبها الدولي في جنوب السعودية 12 شخصا. مطار أبها مدني ويبعد 110 كيلومتر عن الحدود السعودية مع اليمن و15 كيلومتر غرب قاعدة الملك خالد الجوية، إحدى أكبر القواعد الجوية العسكرية في السعودية. أشارت سلطات الحوثيين في مناسبات عديدة إلى أنها تعتبر المطارات المدنية أهدافا مشروعة، وهو تصنيف غير جائز.
في 17 يناير/كانون الثاني، شن التحالف غارات جوية على حي سكني مزدحم في صنعاء. قال شهود إن غارتين جويتين وقعتا حوالي الساعة 9:30 مساء. تؤكد صور الأقمار الصناعية أن الهجوم وقع بين الساعة 9:41 صباح 17 يناير/كانون الثاني و9:42 صباح 18 يناير/كانون الثاني. يظهر فيديو ليلي نشره على تلغرام “مركز أنصار الله الإعلامي” في 18 يناير/كانون الثاني الساعة 12:48 صباحا عمال الإنقاذ والسكان يبحثون بين الأنقاض وينقلون جثة. يظهر فيديو ليلي آخر أيضا نشرته على تلغرام “قناة المسيرة” الحوثية في 18 يناير/كانون الثاني رفات بشرية يجمعها مسعف في “جمعية الهلال الأحمر اليمني”. أجرى مراسل المسيرة مقابلة مع رجل في الموقع قال: “أصاب المكان صاروخان”، بما يتفق مع روايات الشهود.
أجرت هيومن رايتس ووتش ومواطنة لحقوق الإنسان مقابلات مع شخص تعرض منزله للقصف واثنين من الجيران سمعا وشعرا بالضربات وكانا في موقع الهجوم في صباح اليوم التالي. زار باحثو مواطنة لحقوق الإنسان الموقع في 18 يناير/ كانون الثاني وشاهدوا الأضرار وعمليات الإنقاذ. كما حللت هيومن رايتس ووتش صور الأقمار الصناعية، وأربع صور، وثمانية فيديوهات لمخلّفات الهجوم.
قال شاهدان لـ مواطنة لحقوق الإنسان إن الهجوم شمل ضربتين بفاصل دقيقتين إلى خمس دقائق. أصابت الضربات الجوية منزل العميد عبد الله الجنيد، مدير كلية الطيران والدفاع الجوي، فقتلته وتسعة آخرين بينهم زوجته، وابنه البالغ، وجارين أتيا إلى مكان الحادث لمساعدة الناجين من الضربة الأولى.
قالت إحدى بنات الجنيد البالغات، والتي كانت في المنزل أثناء الهجوم، إن شقيقها كان يبلغ من العمر 25 عاما وعاد لتوه إلى اليمن من ماليزيا، حيث كان يدرس العلاقات الدولية. قالت إن تسعة مدنيين آخرين أصيبوا، بينهم ثلاث نساء:
عندما وقعت الغارة الجوية الأولى، انحنيت لحماية ابنتي الصغيرة البالغة من العمر شهرين. دام ذلك 10 ثوان. ثم، عندما رفعت رأسي لأرى ما حدث، رأيت السقف والجدار مدمّرَيْن. انتظرت أن يأتي أحد ليساعدني. بعد ذلك، ظهر شخصان – عرفت لاحقا أنهما جيراننا – وهما يضعان مصابيح على رأسيهما قادمين للمساعدة ويصيحان سائلين عما إذا كان هناك أي ناجين. ثم وقعت الغارة الجوية الثانية. لم أستطع معرفة مكان سقوطها لكن المنزل اهتز أكثر وسقط جزء آخر من الغرفة. لم أتحرك عندما وقعت الغارة الجوية الثانية. لاحقا، اكتشفت أن الجارين اللذين رأيتهما نجيا، لكن جارين آخرين جاءا للمساعدة قُتلا في الغارة الجوية الثانية.
قال الأشخاص الذين تمت مقابلتهم إن الغارات الجوية دمرت منزل الجنيد وتسببت بأضرار جسيمة بخمسة مبان مجاورة. لم يقل أي من الشهود إنهم تلقوا أو سمعوا بأي إنذارات إخلاء قبل الضربات.
راجعت هيومن رايتس ووتش صور الأقمار الصناعية قبل الهجوم وبعده. يبدو في صورة القمر الصناعي في 18 يناير/كانون الثاني أن مبنيين سكنيين على الأقل متعددي الطوابق دُمِّرا. يبدو أن أربعة مبان سكنية مجاورة على الأقل تضررت نتيجة للهجوم. كما أظهرت لقطات مصورة بطائرة مسيرة صورتها وسائل إعلام حوثية في 18 يناير/كانون الثاني تضرر ستة مبان على الأقل.
في تحليلها لصور الأقمار الصناعية، حددت هيومن رايتس ووتش أيضا هدفا عسكريا على بعد 15 متر على الجهة الأخرى من الشارع مقابل المساكن التي قُصفت وهي قاعدة “الفرقة الأولى مدرع”. القاعدة، التي تخضع لسيطرة الحوثيين منذ 2014، لم تتعرض للقصف ولم تتضرر.
في 14 مارس/آذار، كتبت هيومن رايتس ووتش إلى التحالف تطلب معلومات عن الهجوم، وما إذا كان هناك تحقيق للتحالف لتقييم الأضرار المدنية الناتجة عنه، أو خطوات اتخذها التحالف لضمان المساءلة والإنصاف. لم يرد التحالف ولم يُظهر بطريقة أخرى أن المكاسب العسكرية المتوقعة من الهجمات فاقت الضرر المتوقع للمدنيين والممتلكات المدنية.
يجب أن يأخذ التحقيق في الهجوم في الاعتبار ما إذا كانت قوات التحالف قد استهدفت هدفا عسكريا، وإذا كان هناك هدف عسكري مشروع، وما إذا تم اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتقليل الضرر بالمدنيين، وما إذا كانت المكاسب العسكرية المتوقعة تفوق الخسائر المتوقعة في أرواح المدنيين. أي هجوم غير قانوني مُنفّذ بنيّة إجرامية – عمدا أو بتهور – يشكّل جريمة حرب.
قال السكان إنه في 20 يناير/كانون الثاني، حوالي الساعة 10:15 ليلا، استهدفت غارة جوية للتحالف مبنى “المؤسسة العامة للاتصالات”، الخاضعة لسيطرة الحوثيين، في منطقة مكتظة بالسكان بمدينة الحديدة. زار باحثو مواطنة لحقوق الإنسان الموقع صباح 21 يناير/كانون الثاني ورصدوا الأضرار. كما حللت هيومن رايتس ووتش صور الأقمار الصناعية، وصورا، ومقاطع فيديو لآثار الهجوم.
تُظهر صور الأقمار الصناعية المسجلة في 23 يناير/كانون الثاني عدة مواقع اصطدام على مجمع الاتصالات. السطح والواجهة الشمالية تضررا بشكل واضح، كما يظهر مسجد على بعد 10 أمتار شرقا أضرارا في السقف، ويبدو أيضا أن قسما من الجدار يقع على الجانب الأيمن من البوابة الرئيسية قد تضرر. كما يمكن رؤية مواقع اصطدام إضافية وحطام في مجمع الاتصالات.
عقب الهجوم، قال السكان إنهم واجهوا صعوبات كبيرة في الوصول إلى شبكات الاتصالات. انقطاع شبكات الهاتف المحمول والإنترنت أثّر على الخدمة في جميع أنحاء البلاد تقريبا لمدة أربعة أيام، ما أثر فعليا على كل جوانب الحياة، بما فيها عمليات الإنقاذ الطارئة، وتحويل الأموال، والعمل الإنساني.
تحدثت هيومن رايتس ووتش في 22 مارس/آذار مع عاملَي إغاثة يمنيين من منظمتين مختلفتين تعملان في محافظتي تعز ومأرب، قالا إن انقطاع الهاتف والإنترنت أثر على قدرتهما على التواصل، بما في ذلك مع الزملاء الآخرين والمانحين. وأضافا أن الاضطرابات أدت إلى تأخير المشاريع وتعطيل الأنشطة الإنسانية العاجلة، ما فاقم الاحتياجات الإنسانية للفئات المتضررة. أهمية الاتصالات بالنسبة لصحة السكان المدنيين ورفاههم ربما جعلت الهجوم غير متناسب.
أفادت “كشف وتحليل انقطاع الإنترنت” (IODA)، وهي أداة لقياس حركة مرور الشبكة، أنه بين الساعة 1 صباحا بالتوقيت المحلي في 21 يناير/كانون الثاني وصبيحة يوم 25 يناير/كانون الثاني كان هناك انقطاع للإنترنت في اليمن. أفادت مجموعة مراقبة الإنترنت “نيتبلوكس” أيضا أنه في حوالي الساعة 1 صباحا بالتوقيت المحلي يوم 21 يناير/كانون الثاني، فقد مستخدمو الإنترنت الاتصال وشهد اليمن “انقطاعا شبه كامل للإنترنت” لمدة أربعة أيام. “تقرير الشفافية من غوغل“، وهي خدمة تتعقب حركة استخدام الإنترنت من منتجات وخدمات غوغل، أبلغت أيضا عن خلل في حركة استخدام الإنترنت حوالي الساعة 12:30 صباحا بالتوقيت المحلي في 21 يناير/كانون الثاني حتى حوالي الساعة 12:30 صباح يوم 25 يناير/كانون الثاني.
قال شاهدان تحدثا مع “مواطنة لحقوق الإنسان” إن الهجوم أسفر عن مقتل خمسة مدنيين، بينهم ثلاثة أطفال، وإصابة 20 مدنيا، بينهم طفلان، كانوا قد تجمعوا في منطقة مفتوحة أمام المجمع للعب كرة القدم. هذه المنطقة المفتوحة، على بعد حوالي 20 متر من المبنى، تُستخدم كثيرا لمباريات كرة القدم، حيث يجذب بعضها مئات المتفرجين. تظهر صورة نُشرت على تويتر في 30 يناير/كانون الثاني أطفالا يلعبون كرة القدم مجددا أمام المبنى المدمر.
قالت هيومن رايتس ووتش ومواطنة لحقوق الإنسان إن أربعة من أقارب ثلاثة أطفال قُتلوا، واثنين من أقارب طفلين مصابين، بينهم اثنان شهدا الغارات وما أعقبها. قال رجل قُتل ابنه البالغ من العمر ثماني سنوات وأصيب هو نفسه:
ذلك المساء، طلب مني ابني اصطحابه لمشاهدة مباراة كرة القدم التي تجري في الباحة المجاورة لمبنى الاتصالات، وذهبنا. بعد انتهاء المباراة، وبينما كنا على وشك المغادرة، فجأة، بينما كنت أتحدث مع حارس الأمن عند مخرج الباحة، أسقطني انفجار هائل ولم أستطع السمع من هول دويّه… المبنى كله سقط على الأطفال وعليّ ووصلت قطع من المبنى إلى الرصيف في الجانب الآخر …
نهضت غير قادر على الرؤية بسبب الغبار وكان الظلام حالكا. ثم بدأتُ البحث عن ابني. وجدت عدة أطفال مصابين تحت الأنقاض. أنقذتهم بينما أصيبت رجلي اليمنى وقطع إصبعان من يدي اليسرى… بعد حوالي ساعة من البحث عن ابني، قيل لي إنهم عثروا عليه على الرصيف الآخر. ركضت وساقي اليمنى مكسورة إلى المستشفى للاطمئنان على ابني، لكنه قُتل في نفس لحظة الهجوم.
قال شاهد آخر قُتل شقيقه البالغ من العمر 10 سنوات في الهجوم:
كان أخي يلعب كرة القدم عندما وقعت الغارة الجوية. سقطتُ من الضغط الهائل للانفجار ولم أستطع السمع أو الرؤية بسبب كثافة الغبار الذي غطى الشارع. لم أعرف ما حدث لأخي حتى ذهب والدي إلى المستشفى. قيل لأبي إن أخي نُقل إلى المستشفى وتوفي متأثرا بجروح أصيب بها في رأسه وبطنه. والدتي انهارت عندما سمعت الخبر.
تحققت هيومن رايتس ووتش من تسع صور وخمس مقاطع فيديو منشورة على تويتر أو فيسبوك أو تلغرام بين الساعة 10:48 مساء يوم 20 يناير/كانون الثاني و3:03 فجر يوم 21 يناير/كانون الثاني أظهرت آثار الهجوم ومقاطع فيديو صُوّرت من داخل مستشفى. يظهر مقطعا فيديو وصورتان جثة شخص بالغ يُنتَشَل من تحت الأنقاض، وثمانية بالغين مصابين بينهم مسنان على الأقل، وجثة صبي، وخمسة صبية مصابين.
في صورة نشرت على تويتر الساعة 10:48 ليلا بالتوقيت المحلي في 20 يناير/كانون الثاني، ظهر عمود دخان كبير قرب مبنى المؤسسة العامة للاتصالات وهو ما يتوافق مع روايات الشهود.
هذه الصور والفيديوهات التي حللتها هيومن رايتس ووتش تتوافق مع الضرر المرئي عبر صور الأقمار الصناعية. وتُظهِر مبنى المؤسسة العامة للاتصالات المدمر المكون من ثلاثة طوابق والأضرار التي لحقت بسقف المسجد القريب.
لم تجد هيومن رايتس ووتش ومواطنة لحقوق الإنسان أي دليل على وجود هدف عسكري في موقع الضربات أو بالقرب منه أثناء التحقيق. أي هجوم غير موجه إلى هدف عسكري محدد هو غير قانوني. لم يقدم التحالف معلومات تبرر الهجوم.
في 11 مارس/آذار، كتبت هيومن رايتس ووتش إلى التحالف تطلب معلومات عن الهجوم، وأي تحقيق أجراه التحالف لتقييم الأضرار المدنية الناتجة عنه، وأي خطوات اتخذها التحالف لضمان المساءلة والإنصاف. لم يرد التحالف ولم يصدر أي تصريحات بخصوص الهجوم، ولم يظهر أن المكاسب العسكرية المتوقعة من الهجمات فاقت الضرر المتوقع بالمدنيين والممتلكات المدنية.
الهجوم هو واحد من عدة غارات جوية للتحالف ضد مرافق اتصالات في جميع أنحاء اليمن في يناير/كانون الثاني.
المؤسسة العامة للاتصالات، الخاضعة لسيطرة الحوثيين، توفر الاتصالات الخلوية، بما فيها خدمات الصوت، والرسائل النصية، وخدمات الإنترنت عبر الهاتف المحمول، للسكان في جميع مناطق اليمن تقريبا. شبكات الاتصالات التي تستخدمها القوات المسلحة والجماعات المسلحة هي أهداف عسكرية عرضة للهجوم.
في حين أن الأعيان ذات الاستخدام المزدوج مثل مرافق الاتصالات هي أهداف مشروعة بشكل عام في الحرب، وجدت هيومن رايتس ووتش ومواطنة لحقوق الإنسان أن الهجوم على مبنى الاتصالات في الحديدة ربما كان غير متناسب – أي أن الضرر المدني المتوقع يبدو مفرطا مقارنة بالمكاسب العسكرية المتوقعة.
أي تحقيق في الهجوم يجب أن ينظر في ما إذا اتُخذت جميع الاحتياطات الممكنة لتقليل الضرر بالمدنيين، وما إذا كانت المكاسب العسكرية المتوقعة تفوق الخسائر المتوقعة في أرواح المدنيين وغيرها من الأضرار التي تلحق بالمدنيين.
في 21 يناير/كانون الثاني، شنت قوات التحالف غارات جوية على مركز للحبس الاحتياطي (ما قبل المحاكمة) يسيطر عليه الحوثيون في مدينة صعدة في شمال اليمن. قال الشهود إن الغارات الجوية كانت حوالي الساعة 2:40 صباحا… تؤكد صور الأقمار الصناعية أن الهجوم وقع بين الساعة 10:11 صباحا في 20 يناير/كانون الثاني و10:34 صباحا يوم 21 يناير/كانون الثاني.
صور القمر الصناعي المسجلة بعد ذلك تُظهر بنايتين مدمرتين على الأقل شرقي مركز الاحتجاز. يبدو أن أحد المباني قد تعرض لـ “انهيار الفطيرة”، أي انهارت الأرضيات عموديا فوق بعضها. يظهر هذا في لقطات بطائرة بدون طيار نُشرت على قناة المسيرة على تلغرام في 21 يناير/كانون الثاني.
على الجانب الغربي، تظهر ثلاثة اصطدامات إضافية على صورة القمر الصناعي، أثر أحدها على السطح والواجهة الغربية لأحد المباني، واصطدام آخر مجاور له، دمر السطح والواجهة الشرقية والفناء. تشير الصور إلى أن المنشأة تعرضت للقصف خمس مرات على الأقل. تعكس صور من 18 يناير/كانون الثاني الضرر السابق بالمنشأة، من هجوم في عام 2016.
باحثو منظمة مواطنة لحقوق الإنسان زاروا الموقع الساعة 10 صباح يوم 21 يناير/كانون الثاني وتفقدوا الأضرار. كما توجهت مواطنة لحقوق الإنسان إلى الموقع عدة مرات في الأيام التي أعقبت الغارة لمقابلة الجرحى وأفراد أسر الضحايا والشهود. التقط باحث في مواطنة لحقوق الإنسان صورا للدمار، وراقب عمليات الإنقاذ التي نُقلت خلالها الجثث والمصابون إلى المستشفيات المحلية.
في 24 يناير/كانون الثاني، قابل باحثو مواطنة لحقوق الإنسان محتجزا نجا من الهجوم، وممرضة تعمل في قسم الطوارئ في مستشفى قريب من موقع الهجوم، وموظفا إداريا سابقا في مستشفى في صعدة. في 25 يناير/كانون الثاني، قابل الباحثون طبيبا عالج الضحايا وأبا قُتل ابنه في الهجوم.
قابلت هيومن رايتس ووتش أيضا صحفيا محليا، وعاملين في المجال الإنساني، وحللت صور الأقمار الصناعية، وست صور، وسبعة فيديوهات لتداعيات الهجوم. قدم الصحفي صورة التقطها في موقع الغارة لبقايا ذخيرة قال إنه وجدها هناك.
تحققت هيومن رايتس ووتش من مقطع فيديو نُشر على قناة المسيرة على تلغرام الساعة 10:07 صباحا بالتوقيت المحلي يوم 21 يناير/كانون الثاني. الفيديو، المصوّر ليلا، يظهر عمال إنقاذ، ورافعة، ومعدات حفر مزودة بأضواء كاشفة كبيرة. ويؤكد الفيديو أقوال الشهود إن الهجوم وقع ليلا. في الفيديو شوهدت جثتان على الأقل، وعمال الإنقاذ يخرجون جريحا واحدا على الأقل من تحت الأنقاض.
نشرت وسائل إعلام حوثية على يوتيوب فيديو من الموقع بعد الهجوم في 22 يناير/كانون الثاني، يظهر الدمار، ورجالا يبحثون عن جثث، ورجالا في زي عمال الإنقاذ يسحبون الجثث من تحت أنقاض المبنى المنهار، ومقابلة مع أحد عمال الإنقاذ يشرح عملية الإنقاذ، ورجلا يعرض بقايا ذخيرة ويوضح أنها أمريكية الصنع.
قال محتجز شهد إطلاق النار إن قوات الحوثي التي تحرس مركز الاحتجاز أطلقت النار عقب الغارات الجوية على محتجزين كانوا يحاولون الفرار. قال عاملون طبيون من المستشفيات التي تستقبل المصابين لـ مواطنة لحقوق الإنسان إنهم عالجوا 162 جريحا وإن 82 آخرين قُتلوا. تعرفوا على 64 من القتلى و143 من الجرحى بالاسم. وبحسب المسعفين فقد قُتل 16 شخصا وأصيب 35 من الجرحى بالرصاص.
وُضِعت حوالي 50 جثة وغُطيت بملاءات بيضاء في شارع خارج مقبرة صعدة على بعد ثلاثة كيلومترات من مركز الاحتجاز، كما يظهر في فيديو نُشر على تلغرام في 25 يناير/كانون الثاني.
كما قال المعتقل في المركز والذي نجا من الغارة لـ مواطنة لحقوق الإنسان إن من بين المصابين ثلاثة أطفال. وزارة الصحة التابعة للحوثيين أفادت بمقتل 91 محتجزا وإصابة 236 آخرين.
قال المعتقل الناجي:
[بعد الغارة الأولى] هز صوت الانفجار المكان، وفتح النوافذ، وجعل الزجاج يتطاير… بدأنا بالجري وبعد دقيقتين ونصف، وقعت غارة جوية أخرى، وركضنا جميعا إلى الجانب المعاكس… لكنني توقفت قليلا وذهبت للانضمام إلى عملية الإنقاذ – لم أستطع المغادرة مع هذا المشهد …
روى المحتجز سماعه صراخ المحتجزين بعد الغارة الثالثة التي أسقطت السقف فوقهم: “تقطعت حوالي 50 جثة إلى أشلاء وتناثرت. كان يمكنك أن تشم رائحة الجلد المحترق على الجثث”.
قال إن إجراءات القوات على الأرض زادت عدد الإصابات:
كانت المأساة أنه بعد الغارة الجوية الثالثة أطلق حراس السجن ذخيرة حية استهدفت الفارين لقرابة ساعتين… كانوا يطلقون النار عليهم عمدا مستهدفين رؤوسهم أو سيقانهم. استُهدف أكثر من 50 معتقلا، بعضهم كان يتسلق الجدار، فجعلهم [إطلاق النار] يسقطون ويموتون لأن الجدار مرتفع جدا… أصيب العديد من الأطفال المحتجزين في سجن الأطفال الذي كان فيه 40 طفلا…
أصدر التحالف بيانا في 28 يناير/كانون الثاني زعم فيه أن الهجمات على المنشأة كانت مشروعة وأشار إلى أن الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية لم تقدم إحداثيات المنشأة إلى قائمة التحالف للمواقع التي لا يجب مهاجمتها. وقال المتحدث باسم التحالف العميد الركن تركي بن صالح المالكي إن أقرب سجن لموقع الغارة كان على بعد 1.8 كيلومتر، وأن الغارات استهدفت “معسكر الأمن الخاص” في صعدة، والذي قال إنه هدف عسكري مشروع وإن الحوثيين استخدموه لدعم جهودهم العسكرية.
كما قال المالكي إن التحالف بدأ تحقيقا وإنه سيشارك نتائجه مع الفريق المشترك لتقييم الحوادث، و”مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية” في اليمن، و”اللجنة الدولية للصليب الأحمر”. وفقا لتقارير إعلامية من 28 يناير/كانون الثاني، خلص الفريق المشترك لتقييم الحوادث إلى أن الغارة في صعدة استهدفت “معسكر الأمن الخاص… وهو هدف عسكري مشروع”.
العديد من الأشخاص الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش ومواطنة لحقوق الإنسان عارضوا ادعاء التحالف، وأكدوا أن الموقع كان منشأة احتجاز. قال عاملون في المجال الإنساني إن مركز الاحتجاز كان يستخدم سابقا كمعسكر من قبل قوات الأمن المركزي التابعة للحوثيين (قوات الأمن الخاصة) ولكنه أصبح مركز احتجاز عام 2020. الطبيب الذي قابلته مواطنة لحقوق الإنسان قال أيضا إن المنشأة أصبحت سجنا منذ عام ونصف.
قال الطبيب، الذي عمل في صعدة لمدة 13 عاما، “لقد صدمت من استهداف هذا السجن [نظرا إلى] أنه معروف جيدا للمنظمات الإنسانية الدولية… اعتادت “المنظمة الدولية للهجرة” العمل في هذا السجن وتقديم المساعدة الطبية [هناك] قبل مغادرتها صعدة في عام 2021″. قال إن المستشفى الذي يعمل فيه نفذ إجراءات أمنية جديدة خوفا من استهدافه بغارة جوية للتحالف. كما أصدرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر تقريرا في 21 يناير/كانون الثاني أشارت فيه إلى أن المنشأة كانت مركز احتجاز.
في 28 يناير/كانون الثاني، قال “مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان”: “خلال زيارتنا الأخيرة، لم نر أي دلائل تشير إلى أن هذا الموقع، الذي كان سابقا ثكنة، ما يزال يؤدي وظيفة عسكرية”. هيومن رايتس ووتش تحدثت أيضا إلى صحفي محلي حقق في الغارات وقال إنه أثناء تواجده في موقع الغارة يوم 22 يناير/كانون الثاني، أظهر له طفل بقايا ذخيرة، فصوّرها. قال إن الطفل وجد البقايا بالقرب من مخبز السجن. ظهرت بقايا الذخيرة نفسها لاحقا في مقطع فيديو بثته وسائل إعلام الحوثي.
هيومن رايتس ووتش تعرفت على البقايا كجزء من زعنفة توجيه لقنبلة جي بي يو-12) 12 (GBU-الموجهة بالليزر تزن 500 رطل. طُبعت وحدة الذخيرة هذه في المصنع برمز تصنيع فريد يحددها على أنها مجموعة توجيه ليزر”بايفوي”(Paveway) أنتجتها شركة تصنيع الأسلحة الأمريكية رايثيون. بعثت هيومن رايتس ووتش برسالة إلى شركة رايثيون في 10 مارس/آذار تطلب معلومات عن النتائج، لكنها لم ترد. كتبت هيومن رايتس ووتش إلى التحالف في 11 مارس/آذار للحصول على معلومات حول الهجوم وما إذا كان التحالف يقيِّم الضرر الناجم عن المدنيين، وتسأل عن أي خطوات اتخذها التحالف لضمان المساءلة والإنصاف، لكنه لم يرد أيضا.
الفريق المشترك لتقييم الحوادث، الذي أنشأه التحالف في عام 2016، لم يفِ بالمعايير الدولية المتعلقة بالشفافية والحياد والاستقلالية، ما يؤكد الحاجة إلى هيئة تحقيق دولية لتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان والهجمات غير القانونية من قبل أطراف النزاع في اليمن.
لم تجد هيومن رايتس ووتش ومواطنة لحقوق الإنسان أي دليل على وجود هدف عسكري في موقع الغارات أو بالقرب منه. الهجوم غير الموجه إلى هدف عسكري محدد هو غير قانوني. لم يقدم التحالف معلومات تبرر الهجوم.