في بيان مشترك اليوم 5 مارس، طالب مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان ومواطنة لحقوق الإنسان سلطات الحوثيين بالإفراج الفوري وغير المشروط عن القاضي اليمني عبد الوهاب محمد قطران، والذي اعتقل في 2 يناير 2024 بعدما انتقد جماعة أنصار الله الحوثي (الحوثين) على مواقع التواصل الاجتماعي؛ بينما لم توجه له السلطات حتى الآن أي اتهامات رسمية، كما لم يتمكن قطران من الاتصال بمحاميه، في انتهاك واضح لحقه في المحاكمة العادلة.
تقول أمنة القلالي، مديرة البحوث بمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان؛ «أن دائرة القمع تتسع، فبعدما استهدف الحوثيون الصحفيين والنشطاء والأقليات الدينية بالاعتقالات والتعذيب؛ يلاحقون حاليًا قاض بارز لمجرد ممارسته حقه المشروع في حرية التعبير. هذا التصعيد ينبغي أن يتوقف فورًا.»
قبيل أيام قليلة من اعتقاله، انتقد القاضي قطران الحوثيين على وسائل التواصل الاجتماعي، بما في ذلك هجماتهم الأخيرة على سفن الشحن في البحر الأحمر ردًا على حرب غزة. كما أشار في واحدة من منشوراته على موقع «X»، لتعهد الحوثيين بمحاربة أمريكا قائلًا «ثلاثون مليون شخص لم يفوضوك لمحاربة أمريكا. محاربة الجوع والفقر والجهل والمرض ... الفساد والظلم ...».
وبحسب تصريحان نجل القاضي لمنظماتنا؛ اقتحمت قوات من جماعة الحوثيين والمخابرات المنزل في العاشرة من صباح 2 يناير 2024، دون إظهار مذكرة توقيف ودون التعريف بأنفسهم، واصطحبوا القاضي وأبنائه الثلاثة لمركبات عسكرية مختلفة كانت منتظرة أمام المنزل، حيث تم احتجازهم داخلها لساعات. وفي الساعة السادسة من مساء اليوم نفسه، سُمح لأبناء القاضي بمغادرة المركبات. فيما تعرض القاضي للإخفاء القسري؛ ولم يتم إبلاغ عائلته بمكان احتجازه حتى أعلنت السلطات، بعد ثلاثة أيام، أنه محتجز في مقر احتجاز الأمن والمخابرات في صنعاء. ولا يزال هناك حتى الآن.
وأثناء احتجاز الأبناء الثلاثة في المركبات العسكرية، تولت قوات الأمن والمخابرات تفتيش المنزل، ومصادرة هواتف الأسرة وأجهزة الكمبيوتر المحمولة والوثائق. كما أشار الأبناء إلى سيارة مليئة بزجاجات المشروبات الكحولية كانت واقفة أمام الحي الذي يقع فيه المنزل، وقد ادعت قوات الأمن أن هذه الزجاجات من ضمن المضبوطات داخل منزل القاضي. ووفقًا لمحامي الأسرة، احتجزت القوات أيضًا زوجة القاضي وأخريات في غرفة، وتم استجوابهن بشكل غير رسمي بشأن مزاعم شرب القاضي للكحوليات والاتجار بها. قبل أن يجبروا الزوجة على التوقيع على وثيقة دون السماح لها بقراءتها.
منذ اعتقاله قبل أكثر من شهرين، يقبع قطران في الحبس الانفرادي، حيث استقبل ثلاث زيارات من عائلته في 6 و28 يناير و17 فبراير. وقد صرح لابنه في الزيارة الثانية، التي لم تتجاوز دقائق معدودة، أنه يشعر بـ«قرب أجله». وفي 7 فبراير، تم نقله لزنزانة انفرادية جديدة بظروف أفضل، علمًا بأنه وفقًا للمعايير الدولية، قد يشكل الحبس الانفرادي لأكثر من 15 يومًا متصلة نوعًا من التعذيب.
من جانبه، تقدم محامي الأسرة بطلبات عدة للزيارة، بما في ذلك لمكتب المدعي العام، تم رفض جميعها. مؤكدًا أنه حتى الآن لم توجه أي اتهامات للقاضي، الأمر الذي يشكل انتهاكًا للمعايير الدولية لحقوق الإنسان، التي تمنح المشتبه بهم الحق في إبلاغهم فورًا بالتهم الموجهة إليهم، وضمان حقهم في الحصول على مساعدة قانونية من محام من اختيارهم أثناء جميع مراحل الإجراءات. كما قدمت الأسرة والمحامي شكاوى رسمية لمجلس القضاء الأعلى والنائب العام ووزارة حقوق الإنسان للمطالبة بالإفراج عن القاضي.
ووفقًا لقانون السلطة القضائية اليمنية لعام 1991، يتمتع القضاة بحصانة، تمنع اعتقالهم دون استصدار إذن من مجلس القضاء الأعلى. وبموجب هذا القانون، يتعين على وزير العدل أن يطلب تفويضًا من رئيس مجلس القضاء الأعلى لاعتقال قاض. وفيما لم يقتصر الأمر على اعتقال القاضي قطران دونما هذا الإذن؛ بل أن المدعي العام أبلغ محاميه في 10 فبراير برفع الحصانة القضائية عنه.
يأتي اعتقال القاضي قطران في إطار حملة الحوثيين المستمرة على الحقوق في اليمن، بما في ذلك الإختفاء القسري واحتجاز الصحفيين والاعتداء على النشطاء وتعذيبهم.
تقول رضية المتوكل، رئيسة مواطنة لحقوق الإنسان: «يجب على الحوثيين الإفراج فورًا عن القاضي عبد الوهاب قطران، والامتناع عن ارتكاب أي انتهاكات من شأنها تقويض النظام القضائي في اليمن، ومبدأ سيادة القانون»، مضيفة «هذا الانتهاك يساهم في استمرار تآكل ثقة اليمنيين في القضاء وفي جميع الكيانات والمؤسسات المنوط بها إنفاذ القانون وحماية الحقوق والحريات».